الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

حكم الاختلاط في العمل ؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم الاختلاط في العمل
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~
السؤال :
هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال ؟ علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان .
الجواب :
الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية ، فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة للرجال ، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجل من النساء ، ولا حياء عند النساء من الرجال .

وهذا ( أعني الاختلاط بين الرجال والنساء ) خلاف ما تقضيه الشريعة الإسلامية ، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح ، ألم تعلم أن النبي جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد ، لا يختلطن بالرجال ، كما في الحديث الصحيح أن النبي حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن ، وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي ، أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعنه من رسول الله .

ثم ألم تعلم أن النبي قال : ( خير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها ، وخير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ) ؟! وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف ، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة ، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة ؟!! فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط .

والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط ، وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال ، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ، فنحن والحمد لله - نحن المسلمين - لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ويجب أن نحمد الله سبحانه وتعالى أن منَّ علينا بها .
ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد ، ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله عز وجل وعن شريعة الله فإنهم على ضلال ، وأمرهم صائر إلى الفساد ، ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا ، ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد !
نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة .
أجاب عليه فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله .
المصدر : فتاوى إسلامية ( 3/ 93-94 )



الأحد، 3 أكتوبر 2010

وهو اللطيف الخبير .


قال العلاَّمة السعدي
- رحمه الله -:

في تفسير قوله - تعالى -:
{وهو اللطيف الخبير}
من معاني اللطيف:

"أنه الذي يلطُف بعبده ووليِّه
فيسوق إليه البرَّ والإحسان من حيث لا يشعر،
ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب،
ويرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب
لا تكون من العبد على بال".

وذكر الشيخ الدكتور عبد الرزاق البدر حفظه الله
~~~***~~~***~~~***~~~
في كتابه
(فقه الأسماء الحسنى):

"ولطف الله بعبده وله باب واسع ، يتفضل الله تعالى بما شاء منه على من يشاء
من عباده ممن يعلمه محلا لذلك وأهلا :
• فمن لطفه بعباده المؤمنين أنه جل وعلا يتولاهم بلطفه فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي
إلى نور العلم والإيمان والطاعة.

•ومن لطفه بهم أنه يقيهم طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء
ويوفقهم لنهي النفس عن الهوى ،
ويصرف عنهم السوء والفحشاء
مع توافر أسباب الفتنة وجواذب المعاصي والشهوات ؛
فيمنّ عليهم ببرهان
لطفه ونور إيمانه فيدعونها مطمئنة لتركها نفوسهم ،
منشرحة بالبعد عنها صدورهم.

•ومن لطفه بعباده أنه يقدر لهم أرزاقهم بعلمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتِهم؛
فقد يريدون شيئا وغيره أصلح ؛
فيقدر لهم الأصلح
وأن كــرهوه لــطفاً بهم.
قال تعالى: " الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز"

•ومن لطفه جل وعلا بهم : أنه يقدر عليهم أنواعا من المصائب وضروبا
من البلايا والمحن سوقاً لهم إلى كمالهم وكمال نعيمهم.

•ومن لطفه بعبده -سبحانه- أن يقدر له
أن يتربى في ولاية أهل الصلاح والعلم والإيمان ،
وبين أهل الخير ليكتسب من أدبهم وتأديبهم.
وأن ينشأ كذلك بين أبوين صالحين ،
وأقارب أتقياء ، وفي مجتمع صالح.

•ومن لطفه بعبده أن يجعل رزقه حلالاً في راحة وقناعة
يحصل به المقصود ولايشغله
عما خلق له من العبادة والعلم والعمل به ،
بل يعينه على ذلك.

•ومن لطفه بعبده أن يقيض له إخوانا صالحين
ورفقاء متقين يعينونه على الخير ويشدون من أزره
في سلوكه سبيل الاستقامة
والبعد عن سبل الهلاك والانحراف.

•ومن لطفه-جل وعلا- بعبده أن يبتـليه ببعض المصائب
فيوفـقه للقيام
بوظيفة الصبر فيها ،
فيُـنيله رفيع الدرجات وعالي الرتب .

•ومن لطفه سبحانه بعبده أن يكرمه بأن يوجد في قلبه
حلاوة روح الرجاء وانتــظار الفرج وكشف الضر؛
فيخف ألمه وتنشط نفسه.

قال ابن القيم- رحمه الله- في نونيته:
وهــو اللطيف بــعبده ولــعبده *** والـلـطف في أوصـافه نـوعـانِ
إدراك أســرار الأمــور بخُـبره *** والـلـطف عند مواقع الإحـسـانِ
فيــُريك عزته ويُـبدي لطـــفه *** والعبد في الغفلات عن ذا الشانِ


منقول

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

اجعل قلبك كالزجاجة ولا تجعله كالإسفنجة .


قال ابن القيم رحمه الله:

وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جَعَلْتُ أُورِد عليه إيرَادًا بعد إيرَاد - : لا تَجعل قَلْبَك للإيرَادات والشُّبُهَات مثل السفنجة فَيَتَشَرّبها ، فلا يَنْضَح إلاَّ بها ، ولكن اجْعَله كالزُّجَاجة الْمُصْمَتَة تَمُرّ الشُّبُهات بِظاهرها ولا تَسْتَقِرّ فيها ، فَيَرَاها بِصَفائه ، ويدفعها بِصلابته ، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كل شبهة تَمُرّ عليها صار مَقَرًّا للشُّبُهَات .
أو كما قال .
فما أعلم أني انتفعت بِوَصِية في دَفْع الشُّبُهَات كَانْتِفَاعِي بذلك . اهـ .

منقول
منتدى الإرشاد للفتاوى الشرعية

الخميس، 30 سبتمبر 2010

القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة .

بسم الله الرحمن الرحيم
القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة

في الحديث الثامن يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
" كَانَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي
صَلَاةِ الْفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ ‏ ‏وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ "(1)

هذه في صلاة الفجر يوم الجمعة والمناسبة ظاهرة؛
لأنه في السورتين ما يدل على شيء مما حدث ويحدث في هذا اليوم العظيم،

جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على أنه كان يديم ذلك، بمعنى أنه لا يخل به إلا نادراً، وهذه السنة تكاد تكون مهجورة في كثير من المساجد، لا سيما إذا كان الإمام لا يحفظ هاتين السورتين، أو كان المأموم يتضايق من قراءة هاتين السورتين، لا سيما وأن الناس قد ربوا على عدم الإطالة، على تخفيف الصلوات بما فيها صلاة الفجر التي هي مشهودة {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) سورة الإسراء أية 78 .

تشهده الملائكة، وأيضاً كما جاء في الحديث: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر، إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة"(2)
ومع الأسف أن كثير من الأئمة لا يحتمل هذا التطويل، وعود الناس على التخفيف، بحيث صاروا يتضايقون لو زيد فيها آية واحدة. طالب:........
يديم ذلك جاء في أسانيد لا بأس بها، لكن الدوام معناه الغالب،
هم يقولون: من باب أن لا تشبه بالواجبات، لا يداوم عليها، والمستحبات ينبغي أن لا يداوم عليها من هذا الباب؛ لئلا تشبه بالواجبات، فيظنها العامة أنها واجب، ولا بد من تمرين العامة على السنن، ولا بد من إطلاعهم على السنن؛

لأنه في عصر مضى يعني قبل خمسين سنة، وقف رجال الحسبة على عمال يعملون في بستان، قبيل زوال الشمس في يوم الجمعة، فلما نوقشوا ما عرفوا أن هذا يوم جمعة؛ لأن الإمام ما قرأ هاتين السورتين في صلاة الفجر، إذا عودوا على هذا خلاص اعتادوه، بحيث لو لم يقرأ ناموا وتركوا صلاة الجمعة، فلا بد من تعويدهم على هذا، وأيضاً ترك هذا في بعض الأحوال؛ ليعرفوا أن هذا سنة وليس بحتم.
المصدر: شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (12)
منقول
موقع الشيخ
عبد الكريم الخضير
****************************
(1) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح/ كتاب الجمعة
/باب‏ سجدة تنزيل السجدة‏/ حديث رقم 1006
(2) حققه الألباني / السلسلة الصحيحة / حديث رقم 2814/ صحيح.

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

البعد يولد الجفاء




البعد يولد الجفاء
خاطرة
أعجبتني
فوددت أن أنقلها إليكن

~~~*~~~*~~~*~~~*~~~*
قد لا يكون بيننا في الأصل شيء، لكن البعد - حقيقة - يورث الجفاء، فأنت قد تظن أن بعض الناس لا يريدك، أو أن في نفسه عليك شيئاً، فيستثمر الشيطان ذلك الوارد، ويستغل ذلك الخاطر، ويوسوس في الصدر، فيزداد بذلك الشقاء ويحصل به الجفاء، وتحل القطيعة والبغضاء،

ويكون الرابح في الختام هو من جعل الله الشقاء حليفه، والطرد شعاره، واللعنة دثاره، والنار مصيره، ألا وهو إبليس قبحه الله، ويكون الخاسر في الختام هو أنت أيها الأخ الكريم، لـمَّا طاوعت شيطانك، وسرت على خطى الوهم والهذيان، فكنت لأخيك مبغضاً، ولقربه مفارقاً، ولأنسك به مخالعاً، فتكون الهوة سحيقة، والفراق بعيداً، والصفاء نادراً وقليلاً، فتعيش وحيداً شريداً، تتحسس من كل شيء، وتقلب الأمور على كل وجهه، تتربص به لظنك أنه بك متربصاً.

فما هو إلا لقاء واحد، ومجلس يؤلف بينكما، فإذا ما كان في النفس غثاء، وما جال في الفكر هباء، وكان البلاء من الشيطان والنفس، وإذا بالجفاء ينقلب إلى صفاء، فتنقلب وأنت في سعادة وهناء، وتقول معها في ندم على ما مضى نعم البعد جفاء. فما أجمل الإئتلاف وما أقبح الفرقة والاختلاف.

ولو أنا تقاربنا لكنَّاإلى العلياء دوماً في تسام

ولكنـا تجافينا فكـ ـان البعد منا في تنام

إخواني: إن من أعظم ما أمتن الله به على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعد منته عليه بنعمة الإسلام هي منته عليه بنعمة الإجتماع والألفة قال تعالى:
( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:63].

وختاماً: أحذرك أخي من إساءة الظن وكثرة الظنون فقد حذر - صلى الله عليه وسلم -

من إساءة الظن وبين أنه أعظم الكذب فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا»(1) أخرجه البخاري ومسلم

والحمد لله رب العالمين
كتبه
ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان
منقول
صيد الفوائد
(1)أخرجه البخاري/كتاب الأدب / باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر/ حديث رقم 5604 / ومسلم برقم4646.
- عذراً الخطاب للمذكر فهذا من كاتب الخاطرة
ولكنها إليكن أخواتي-
لأنها تحمل معنى نحتاج إليه فأحببت أن أنقلها إليكن

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

المؤمن كالجمل الأنف




أنقل إليكن هذا الحديث مع شرحه
نفعنا الله وإياكم

قال ابن ماجة في سننه:
حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ ،‏ ‏وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّوَّاقُ ‏ ‏قَالَا : حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُعَاوِيَةَبْنِ صَالِحٍ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ ‏: ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ :

وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَوْعِظَةً ‏ ‏ذَرَفَتْ ‏ ‏مِنْهَا الْعُيُونُ ‏ ‏ وَوَجِلَتْ ‏ ‏مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ، قَالَ ‏:- " ‏قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا ‏ ‏يَزِيغُ ‏ ‏عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا ‏ ‏بِالنَّوَاجِذِ ‏ ‏وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ ‏ ‏حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ"(1)
شرح الحديث
من شرح سنن ابن ماجة للسندي
‏قَوْله ( عَلَى الْبَيْضَاء ) ‏‏أَيْ الْمِلَّة وَالْحُجَّة الْوَاضِحَة الَّتِي لَا تَقْبَل الشَّبَه أَصْلًا ، فَصَارَ حَال إِيرَاد الشُّبَه عَلَيْهَا كَحَالِ كَشْف الشُّبَه عَنْهَا وَدَفْعهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ لَيْلهَا كَنَهَارِهَا ‏ ‏قَوْله ( فَإِنَّمَا الْمُؤْمِن ) ‏‏أَيْ شَأْن الْمُؤْمِن تَرْك التَّكَبُّر وَالْتِزَام التَّوَاضُع فَيَكُون ‏‏كَالْجَمَلِ الْأَنِف ‏كَكَنِف أَيْ بِلَا مَدٍّ وَكَصَاحِبِ أَيْ بِالْمَدِّ وَالْأَوَّل أَصَحّ وَأَفْصَحُ أَيْ الَّذِي جُعِلَ الزِّمَام فِي أَنْفه فَيَجُرّهُ مَنْ يَشَاء مِنْ صَغِير وَكَبِير إِلَى حَيْثُ يَشَاء ‏‏حَيْثُمَا قِيدَ ‏‏أَيْ سِيقَ ،وَاللَّهُ أَعْلَم (ا.هـ)

وقال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير:
( قد تركتكم على البيضاء) وفي رواية عن المحجة البيضاء وهي جادة الطريق مفعلة من الحج القصد والميم زائدة (ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا) فيه من معجزاته الإخبار بما سيكون بعده من كثرة الاختلاف وغلبة المنكر، وقد كان عالما به جملة وتفصيلا لما صح أنه كشف له عما يكون إلى أن يدخل أهل الجنة والنار منازلهم، ولم يكن يظهره لأحد بل كان ينذر منه إجمالا ثم يلقي بعض التفصيل إلى بعض الآحاد، (فعليكم) الزموا التمسك (بما عرفتم من سنتي) أي طريقتي وسيرتي القديمة بما أصلته لكم من الأحكام الاعتقادية والعملية الواجبة والمندوبة، وتفسير السنة بما طلب طلبا غير لازم اصطلاح حادث قصد به تمييزها عن الفرض (وسنة) أي طريقة (الخلفاء الراشدين المهديين) والمراد بالخلفاء الأربعة والحسن رضي الله عنهم فإن ما عرف عن هؤلاء أو بعضهم أولى بالاتباع من بقية الصحب (عضوا عليها بالنواجذ) أي عضوا عليها بجميع الفم كناية عن شدة التمسك ولزوم الاتباع لهم، والنواجذ الأضراس والضواحك والأنياب أو غيرها (وعليكم بالطاعة) أي الزموها (وإن كان) الأمير عليكم من جهة الإمام (عبدا حبشيا) فاسمعوا له وأطيعوا
(فإنما المؤمن كالجمل الأنف) أي المأنوف وهو الذي عقر أنفه فلم يمتنع على قائده .(حيثما قيد انقاد)

~~~~*~~~~*~~~~*~~~~*~~~~*~~~~
*~~~~
(1) أخرجه ابن ماجة في سننه /المقدمة /‏اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين‏/
حققه الألباني/ صحيح سنن ابن ماجة/ برقم43/ صحيح.

اللهم يسر لي جليساً صالحاً


"اللهم يسر لي جليساً صالحـاً "


‏عَنْ ‏ ‏عَلْقَمَةَ ‏ ‏قَالَ :-
قَدِمْتُ ‏ ‏الشَّأْمَ ‏ ‏فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ :- "اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا "
فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟
قَالُوا : ‏ ‏أَبُو الدَّرْدَاءِ ‏ ، ‏فَقُلْتُ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي .
قَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ، قُلْتُ : مِنْ ‏ ‏أَهْلِ الْكُوفَةِ ‏
‏قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ‏ ‏ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ‏ ‏صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ ،
وَفِيكُمْ ‏ ‏الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ ‏ ‏مِنْ الشَّيْطَانِ ‏ ‏يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏،
‏أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ
. (1)

" اللهم يسر لي جليساً صالحـاً "
هذه هي مسألة أولئك الأخيار ، وهذا كان من دعائهم
إن البحث عن جليس صالح في تلك الأزمنة الفاضلة
والقرون الخـيِّرة ليس بالأمر العسير بل هو أمر ميسور ، لكثرة الأخيار وقلّة الأشرار .
أما في زماننا هذا فلو قلّبت ناظريك فيمن جلس إليك – في مكان عام – لرأيت أنك أحرى بهذا السؤال ،
وبهذه المسألة :
" اللهم يسر لي جليساً صالحـاً "
إن الجليس الصالح ربما كان أندر من الغُراب الأعصم
كما أن جلساء السوء " أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَـا " !
وليت رأس جليس السوء عليه ريشة حتى يُعرَف ويُحذر !
وقديما قيل : الوِحدة خيرٌ من جليس السّوء .
وذلك أن صاحب الوِحدة يُحدّث نفسه ، وحديث النفس معفوٌّ عنه ، وجليس السوء يأمر بالسوء ،
فله نصيب مِن وَصْف ( يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء ) .
قال أبو الدرداء : لَصَاحِبٌ صالح خير من الوِحدة ، والوحدة خير من صاحب السوء ،
ومُمْلِي الخير خير من الساكت ، والساكت خير من مُمْلِي الشر .

قال ابن حبان : العاقل لا يُصاحب الأشرار ، لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار ،
تُعْقِب الضغائن ، لا يَستقيم وِدُّه ، ولا يَفِي بعهده .
وقال أيضاً :
من يَصحب صاحب السوء لا يَسْلَم ،
ما أن من يدخل مداخل السوء يُتَّهَم .
ومِن علامات جليس السّوء :
أنه لا يُذكِّرك إذا غَفَلْت
ولا يُعينك إذا ذَكَرْت
ولا يأمرك إذا قصّرت
ولا ينهاك إذ أخطأت
ولا يُقوّمك إذا اعوججت
فلا يأمرك ولا ينهاك
بل هو موافق لك فيما فعلت
ساكت عما قصّرت فيه أو تَرَكْت
تاركك وهواك
فهو ساع في هلاكك
مسرع بك إلى رَداك
فهو يَتركك وهَواك ! زاعما أنه اختار لك الراحة ، وقد اختار لك العَطَب !

تَرْكُ نفسك يوما وهواها = سعي لها في رداهـا
وهذا النوع من الناس يصدق فيهم قول ابن القيم رحمه الله :
إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر .
وكم سَلَبَت المخالطة والمعاشرة من نِعمة ؟
وكم زرعت من عداوة ؟
وكم غرست في القلب من حزازات تَزُول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ؟!

ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة ،
وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة .

منقول
كتبه الشيخ / عبد الرحمن بن الله السحيم
(1) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب المناقب / باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما / حديث رقم 3495