الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

الأعداء

يجب أن نحدد من هو العدو الحقيقي لنا ؟.. فليس كل من تقول الحكومة أنه عدو هو كذلك, ولا من تقول أنه صديق وحليف هو كذلك!

# قد يكون انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم شيئا طيبا في بعض الأحيان! . فقد جرّب آباؤنا عهدا سابقا ساق فيه الحاكم شعبه نحو الهاوية وهم يهللون له ويمجدون قراراته المحاربة للإسلام الناصرة للمنهج الاشتراكي المصبوغ في الشيوعية والإلحاد, فماذا كانت النتيجة غير ضياع ذلك الجيل بعد أن ورّثنا نكساته وهزائمه.

أما وجود القليل من الشك في قرارات الحكومة والحاكم فيخلق نوعا من الانتباه واليقظة يكون خداع الشعب معه عسيرا وإن كان ممكنا.

وهكذا تفقد تصريحات الحاكم عن هوية العدو والصديق مصداقيتها, ويبدأ عقل العامة – إن لم يتم شغله في أمور أخرى فرعية! – في بحث صحة أو خطأ هذه التصريحات. وفي التاريخ رأينا أن مصلحة العالم كانت في نشر الإسلام في أوربا وإخراج الناس من ضيق عبوديتهم للخلق إلى رحاب عبوديتهم للخالق الحق, لكن ما حدث هو أن أعلن الباباوات والملوك الغربيين لشعوبهم أن الخطر الحقيقي هو الإسلام وأن المسلمين هم العدو ويجب استئصالهم فكانت الحملات الصليبية. واليوم أيضا يخوّف بوش الأمريكان من "إرهاب" المسلمين مع أننا في حالة ضعف لا تخفى على أحد! .. نفس السيناريو يتكرر.

هل فرنسا وأمريكا وبريطانيا دول "صديقة" لنا كما تقول عناوين جرائدنا الرسمية في حين أن غزة وسوريا والسودان والصومال تمثل خطرا على أمننا القومي !! .

قبل أن نحاول تصنيف الدول والجماعات لعدو وصديق يجب أولا تحديد من نحن وما هي هويتنا الحقيقية. هل نحن قوميون عرب أم مصريون فراعنة أم متأمركون أم مسلمون ؟ . فقط بالإجابة على سؤال الهوية يتحدد الحليف والخصم .. وأشياء أخرى.

السير في المحل

مشكلة العديد من شباب الصحوة أن زمننا انعدم فيه (الأمان الفكري). بمعنى أن مناقشة الرأي والرأي الآخر صارت طريقة غير نافعة في التمييز بين الصحيح والخطأ. وسبب هذا أن البضاعة الفكرية المعروضة غالبها فاسد وسيطرة العدو على إعلامنا تمنع فضح الفساد. لذلك يتمسك بأول رأي سليم يلقاه - لاسيما لو كان قديما مأثورا عن عالم مشهود له - ويفر من أي جديد معروض ويفضل الشك فيه وعدم مناقشته لعدم ثقته - وعنده حق - في قدرته على الفصل بين الجيد والرديء .. فالزمن زمن فتنة, والأعمى الذي يصر على عبور الطريق الخطير بمفرده هو أحمق يلقي بنفسه إلى التهلكة. يعترض البعض على هذا المنهج ويصفه بأنه غير صحي - وإن كان يحمينا من الفتن - فهو لا يتقدم بنا للأمام.. فأقول لهم: هل نحتاج الآن أصلا للتقدم للأمام قبل أن نعيد بناء أسسنا المنهارة ؟!

# دائما هناك تلك الفئة الصغيرة الباقية على الحق حتى في أحلك عصور الفتنة والضياع لتكون حجة على من يتعللون بالضعف وعدم جدوى مقاومة العدو الجبار. لكن حتى داخل هذه الفئة قد نجد بعض السلبيات الناتجة عن تأثير المجتمع السيئ فيهم, حيث أن العزلة التامة غير ممكنة عمليا إلا بصعوبة ولأفراد قلائل, أما غالبية شباب الصحوة الإسلامية فمضطرون للتعامل مع الوسط الفاسد كل يوم وهكذا تنتقل بعض الأمراض عن طريق الاختلاط.

لكن ما عنيته في هذه الفكرة هو نوع آخر الأمراض سببه المغالاة في الابتعاد عن الطرف الفاسد حتى الوصول من النقيض للنقيض أي الهروب من أقصى اليسار لأقصى اليمين بعيدا عن المركز الذي يمثل الاعتدال. وسبب هذا كما أظن هو انعدام "القدوة الحية" أي المثال الذي يؤدي إتِّباعه إلى الخروج من المأزق. فالأمثلة الصالحة نقرأ عنها في كتب التاريخ والسير ولا نراها. وبما أن الزمان قد اختلف وتغيرت الظروف وطرأت مشاكل جديدة تحتاج للتحليل والدراسة قبل الحكم عليها فإن هؤلاء الشباب لا يكفيهم ما يقرءونه بل يريدون أن يروا التطبيق العملي وطريقة التعامل مع المشكلات العصرية من قِبل أناس يثقون فيهم. وحيث أن هذا نادر اليوم لما تقوم به الحكومات من تجفيف لأية منابع قد تُخرج مثل هذه الشخصيات القدوة, يكون رد فعل الشباب هو ذلك الانغلاق الذي تحدثنا عنه في البداية, وبذلك تتعطل مسيرة الإصلاح المتعثرة أصلا.

إذن .. هل نتقدم مخاطرين أم نحافظ على مواقعنا حتى يأتينا المدد ؟ . ليس لي أن أجيب على هذا السؤال الصعب, فكل حالة تختلف عن الأخرى وكل امرئ أدرى بنفسه وقدراته, فما تراه صالحا لك افعله. وعلى كل الأحوال فكلا الأمرين أفضل ألف مرة من خيار التقهقر والسير مع التيار والانسحاب الذي فضلته الأغلبية الساحقة.. أليس كذلك؟!

شهوات ومكاره

المعضلة في الدنيا هي: الموازنة بين ما نريد وما نحتاج. فكم من شيء نريده و تخدعنا نفوسنا بحاجتنا إليه في حين أننا لا نحتاجه. وما نحتاجه فعلا وهو في صالحنا تجعلنا النفس نكرهه فلا نرغب فيه. ولقد عبر الرسول عن هذا المعنى بصورة أفضل حين أخبرنا أن الطريق إلى النار محفوف بالشهوات, والطريق إلى الجنة محفوف بالمكاره.

# الحاجات الحقيقية للبشر في زماننا تختلف كثيرا عما يرونه هم أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه!, وعدم التوازن هذا نابع من خطة قديمة مستمرة غرضها فرض ثقافة استهلاكية متهالكة على المتعة لمصلحة منتجي ومروجي وسائل هذه المتعة. فالراديو والتلفاز مثلا كانا أساسا أداتين إعلانيتين للدعاية للمنتجات أما المسلسلات والبرامج فكان هدفها هو استقطاب الجماهير للتأكد من مشاهدتهم للإعلان مرة بعد أخرى. لقد أصبح التأثير في عقول العامة عن طريق التكرار لإقناعهم بشراء منتجات- هم أصلا ليسوا في حاجة إليها - علما يتم تدريسه في جامعات متخصصة تحت مسمى فن الدعاية وهو في الحقيقة فن الخداع!

إنها حرب يومية بين الإرادة الحرة ومعرفتك لمصلحتك وحرصك عليها من جهة, وبين عصابة المتلاعبين بالعقول محركي الشهوات مبتزي الأموال من جهة أخرى. وللأسف لا أرى كثيرين منا خرجوا منتصرين من هذه المعركة!

ولو احترتَ في أمرك ولم تعرف كيف تفرق بين ما تريده فعلا وبين ما تم خداع عقلك ليظن أنه يريده اسأل نفسك: ما الذي تميل إليه أكثر ثم افعل العكس تماما !.. فالنفس البشرية تميل للأسهل أما السلامة فتتطلب معاناة ومجاهدة للرغبات المستعرة داخلك. إن المسألة هي الاختيار بين شطيرة الهامبرجر الأمريكية لذيذة المذاق قليلة النفع كثيرة الضرر, وبين شطيرة من الجبن الأبيض أو البيض تقوم بإعدادها في مطبخك أمام عينيك بلا مكونات خفية أو مكسبات طعم مسرطنة. ولك الاختيار أولا وأخيرا..

الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

كن مختلفا

لم يعد رأي الغالبية أو ما تعارف عليه الناس, هو المقياس السليم في هذا الزمان. فلا تخف من أن تختلف !

# لا أحب أن يُفهم هذا الكلام على علاته, فرأي الناس عنك مهم, وكل إنسان يريد أن تكون له سمعة طيبة وسط مجتمعه. الخطأ هو التقدير الزائد لأهمية الصورة التي يرسمها الآخرون عنك في نفوسهم بحيث يصير إرضاؤهم هدفا في حد ذاته, ومن المعروف أن ذلك الأسلوب يؤدي في النهاية للضياع والتشتت. فلن يستطيع فرد واحد أن يُرضي كل الناس على مختلف أهوائهم. الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم اختلف عليه الناس, فمنهم من آمن ومنهم من كفر, مع أنه كان يحسب حسابا لما سيقوله الآخرون أو يظنونه تجاه فعل معين,خوفا على سمعة الإسلام أو خوفا من دخول بعض الظنون والشبهات على قلوب ضعيفي الإيمان. وندلل على صحة هذا الكلام من السيرة النبوية والحديث الشريف بمثالين: كان النبي يودِّع إحدى زوجاته ليلا خارج مسجده الذي يعتكف فيه فمر بهما رجل من المسلمين فناداه الرسول ليوضح له أن من معه هي زوجته صفية فقال الرجل : سبحان الله ! لينفي متعجبا أن ذرة واحدة من الشك أو الظن قد داخلت قلبه بخصوص الموقف, لكن الرسول يقول في حكمة "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم", فيوضح لنا أهمية نفي الشبهة عن نفوسنا وأعمالنا قدر ما نستطيع ولا نهمل ذلك بحجة أنه مادامت النية صادقة فكلام الناس وظنهم لن ينفع أو يضر.

ومثال آخر يبين أهمية أن نأخذ في الاعتبار ما قد يقوله العدو الخارجي المتربص كرد فعل على أفعالنا: فقد وصل الخبر للنبي بأن رأس المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول قال قولة عظيمة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم واصفا إياه بالذلة وأن العزيز في المدينة هو ابن سلول, وهنا قام عمر بن الخطاب ليستأذن الرسول في قتل هذا المنافق فمنعه النبي قائلا: دعه, لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه, وفي رواية أخرى: لا يتحدث الناس أن محمدا كان يقتل أصحابه. أي أن الرسول كان يخشى أن ينتهز الكفار الفرصة وينشروا في أجهزة دعايتهم أن المسلمين صار يقتل بعضهم بعضا وأن الخلافات والاضطرابات اشتعلت بينهم. والرواية الأخرى تعبّر بذكاء عن اهتمام الرسول بصورة المسلمين التاريخية أمام الأجيال المستقبلية! . هل بعد كل هذا يقول البعض أن الإسلام لا يهتم بما يقوله الآخر عنا ولا يحسب له حسابا ؟! . كم آية جاءت في القرآن تنفي صفات السحر والكذب والجنون والشعر عن الرسول الكريم ردا على الدعايات المغرضة الكاذبة التي بثها اليهود وكفار مكة عن الدين في بداياته؟!

# بما أن رأي الأغلبية لم يعد مقياسا سليما للحكم على صحة الأمور أو خطئها, إذن الاستنتاج المنطقي هو أن كل تلك الأنظمة المسماة ديمقراطية في دول العالم قائمة على أساس فارغ. فهذه الأنظمة – حتى في أنقى صورها البعيدة عن الفساد – تأخذ قراراتها بالأكثرية العددية, فشيخ حكيم مثلا له صوت انتخابي واحد فقط على قدم المساواة مع فتى طائش أو فاسق .. فأين العدل والحكمة هنا ؟! . هذا غير أن التطبيق العملي أثبت سهولة التأثير في الجموع عندما تريد الحكومات توجيه قلوب الجماهير وجهة معينة, فتغطي الهوجة الإعلامية على أصوات العقل القليلة المعترضة. فخير تعريف للديمقراطية هو: ظلم الأقلية !

# أخذ بعض الفقهاء العرف مصدرا للفتوى إن لم يوجد نص أو اجتهاد في المسألة, لكن بعد التشويه الذي حدث لفطرة الناس وميولهم على مر السنين يصعب علينا الثقة في العرف الاجتماعي كميزان للتصرفات. وبالتالي يجب على العاقل ألا يخشى أن يصير شاذا في جماعته طالما هو على الحق, وعليه أيضا ألا يرضخ للسير مع القطيع وهو يعلم أن نهاية الطريق هلاك محقق.

# هناك حالة اجتماعية مَرَضية نعاني منها تسمى (ضغط الجماعة) وهي حاجة الفرد لأن يصبح - ولو ظاهريا – متناسقا مع من حوله وما حوله من ظروف وتغيرات خوفا من الاتهام بالعزلة والاختلاف, ومثال ذلك أصدقاء السوء وتأثيرهم السلبي على الفرد. إن الجماعة من حولك تمارس ضغطا لا إراديا عليك لتصبح جزءا منها وإلا نبذتك لعدم إمكانية إدماجك في القطيع. والحل هو العيش في وسط آخر يلائمك مع أناس آخرين – ولو في مقابل تضحيات مادية ومعنوية – حيث لا تشعر بضرورة التكلف والتظاهر بما ليس فيك طوال الوقت. لكن تنبه إلى أن المهم هو ألا يكون الاختلاف لمجرد حب الاختلاف أو لإثبات الذات بل نتيجة طبيعية لإيحاء داخلي (عقلي وقلبي) وروية في اتخاذ القرار بلا تهور قد يتبعه ندم.

خلاصة السياسة

على طاولة السياسة الغربية لا حليف دائم إلا الشيطان والمصلحة ولا عدو أبدي إلا الإسلام !. وكل ما عدا ذلك قابل عندهم للتفاوض, فيظل (صدّام) صديقا طالما ينفذ المرسوم له ويحارب إيران ويفزع الخليجيين لكن عندما ينتهي دوره فلا مجال لاستبقاء أية حسابات قديمة مفتوحة بل التصفية هي الإجراء المتبع. والتحذير لرؤسائنا الذين يرون أمريكا ركنا قويا يعصمهم من ثورة شعوبهم عليهم,وأكاد أراهم الآن بعين الخيال مشدوهين حيارى حين ينهار ذلك الصرح الذي استندوا إليه لسنوات أمام أعينهم فجأة, إذ الإمبراطوريات الظالمة مصيرها لزوال كما رأينا عبر التاريخ, خاصة وقد انتشر السرطان اليهودي في حكومة أمريكا وإعلامها يحركها ويستغل قوتها في تحقيق مخططه القديم حتى يستنزفها تماما كمصاص دماء لا يشبع من ضحيته إلا مع آخر قطرة ونبض حياة في عروقها. فقد فعل اليهود هذا من قبل مع إمبراطورية الإنجليز حتى وصل دزرائيلي لرئاسة وزراء بريطانيا كلها يوما ما!, ونفس الشيء في روسيا أيام الثورة الشيوعية البلشفية حيث سيطر اليهود عددا وقوة على السوفييت بعد أن اخترعوا الشيوعية بكتاب اليهودي كارل ماركس ووصل الأمر أن زوجة ستالين نفسه كانت يهودية!.. فأين اليوم بريطانيا العظمى التي كانت تحكم الهند ومصر والعراق وأمريكا؟, وأين الاتحاد السوفيتي الذي كان قوة عظمى؟. فاليهود لا يخلصون حتى لأهل عقيدتهم فما بالك بإخلاصهم للأمريكان! وما تمويلهم هتلر ليقتل يهود أوربا لإجبارهم على الهجرة لإسرائيل ببعيد, وحادثة السفينة التي ادعوا أن اليهود فجروا أنفسهم بداخلها احتجاجا على عدم السماح لهم بدخول لإسرائيل, ولا تفجير مبنى التجارة وحتى حرب لبنان الأخيرة.. كل شيء مباح في حربهم للوصول لحكم العالم والعلو الكبير في الأرض .عبد الناصر كان له دور يخدمهم في نشر الإلحاد والإباحية بمصر وتعذيب ومطاردة المتدينين فلما أنهاه كانت النكسة وذهب للقاء ربه بعمله السيئ. والسادات ذهب للحرب مرغما وتحت ضغط مظاهرات الطلبة لكن تجنب أي تدخل لتحرير أرض فلسطين والقدس واقتصر على سيناء, وحتى هذا النصر المنقوص أضاعه برضاه على مائدة المفاوضات التي حرص على أن يرأسها نصراني (بطرس غالي) وأعلن أن هذه هي آخر الحروب وشغل الناس عن القضية برمتها بأن ألهاهم بسياسة الانفتاح التي دمرت اقتصادنا حتى وصل لما صرنا إليه, وبعد كل هذه الخدمات التي قدمها لهم تم اغتياله في ذكرى انتصار المسلمين على اليهود!. واستراح بال اليهود بعد أن ضمنوا أن المصريين - خير أجناد الأرض - صاروا محايدين بل تابعين ولا خطر منهم بعد اليوم, وكانت النتيجة أننا لم ندخل أي حرب شريفة منذ عشرات السنين ,بل رسخت في قلوبنا العقيدة التي حذرنا منها الرسول وأنها ستكون سبب هلاكنا, (حب الدنيا وكراهية الموت) وصرنا (غثاء كغثاء السيل). فالويل لنا إن لم ننفض ضعفنا ونربي شبابنا على الموت بدلا من أن نربيهم على الخضوع للنظام ليعيدوا نفس أخطائنا .
    # فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ  -  المائدة 52.

    الجمعة، 12 نوفمبر 2010

    مما ورد في فضل صيام يوم عرفة .


    مما ورد في فضل صيام يوم عرفة
    ~~~*~~~*~~~*~~~


    قال‏ ‏يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ‏ ‏وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏جَمِيعًا ، ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حَمَّادٍ ‏ ، ‏قَالَ ‏ ‏يَحْيَى ‏ ، أَخْبَرَنَا ‏ ‏حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، ‏ ‏عَنْ ‏ ‏غَيْلَانَ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ ‏ ، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي قَتَادَةَ ‏ :-

    " رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ كَيْفَ تَصُومُ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَلَمَّا رَأَى ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏غَضَبَهُ قَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ‏ ‏وَبِمُحَمَّدٍ ‏ ‏نَبِيًّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ فَجَعَلَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ فَقَالَ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ أَوْ قَالَ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ ذَاكَ صَوْمُ ‏ ‏دَاوُدَ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ قَالَ وَدِدْتُ أَنِّي ‏ ‏طُوِّقْتُ ذَلِكَ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ صِيَامُ يَوْمِ ‏ ‏عَرَفَةَ ‏ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ "


    ( أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الصيام / باب استحباب صيام
    ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عرفة / حديث رقم 1976/ صحيح )

    الخميس، 11 نوفمبر 2010

    حول دفع قيمة الأضحية للجمعيات الخيرية .للشيخ العثيمين رحمه الله .


    حول دفع قيمة الأضحية للجمعيات الخيرية
    للشيخ العثيمين رحمه الله

    واعلموا أن الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، لأنها شعيرة من شعائر الله، وليس المقصود منها مجرّد اللحم الذي يؤكل ويفرّق بل أهم مقصود فيها ما تتضمنه من تعظيم الله - عزَّ وجل - بالذبح له وذكْر اسمه عليها .

    ولقد أصاب الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة من السنين أصابهم مجاعة وقت الأضحى ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بترك الأضحية وصرف ثمنها إلى المحتاجين بل أقرَّهم على الأضاحي وقال لهم: مَنْ ضحَّى منكم فلا يُصبحنَّ بعد ثالثة في بيته شيء، فلمّا كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا في العام الماضي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلوا وأطعِموا وادخروا؛ فإن ذلك العام كان في الناس جهد فأردت أن تعينوا فيها»(9) رواه البخاري ومسلم .

    أيها الناس، إنني وجدت إعلانًا على شركة الراجحي لِمَن أراد أن يضحّي أن يدفع قيمتها ويضحّى، وإني أقول لكم: لا تفعلوا ذلك، ضحّوا في بلادكم؛ فإن الأضحية في البلد أفضل، وكون الإنسان يتولاها بنفسه أفضل إذا كان يحسن الذبح وإلا وَكِّلْ مَن يذبحها وحضرها؛ فإن ذلك أفضل وأطيب وأقوم لشعائر الله، وما أصابكم من الجهد والعناء والتوزيع فإن ذلك كلّه أجر لكم، وأنتم - أيها المسلمون - لا تظنّوا أن المقصود بالأضاحي هو اللحم، إنّما هي عبادة عظيمة مقرونة في كتاب الله بالصلاة ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162] .

    إن هذا المبدأ؛ أعني: مبدأ إعطاء الدراهم لِمَن يضحي ولا يُدرى كيف يضحي، إن هذا المبدأ أخشى أن يكون مبدأً سيئ العاقبة، أخشى أن يكون ذلك وسيلة إلى ترك الأضاحي في البلدان فتصبح البلدان قفْرًا من هذه الشعيرة العظيمة؛ لذلك أنا أحثّكم حثًّا بالغًا ألا تعطوا أحدًا يذبح ضحاياكم لا الراجحي ولا غيره، ضحّوا أنتم بأنفسكم في بيوتكم يشاهدها أولادكم، يشاهدون شعيرة الله تُقام في هذا اليوم العظيم يوم النحر، يوم الحج الأكبر، لا تحرموا أنفسكم أيها الإخوة، واللهِ إنكم ستموتون وسيتمنّى الواحد منكم أن يكون له مثقال ذرة في حسناته، لا تحرموا أنفسكم الخير، لا تتكاسلوا، لا تتهاونوا، ضحّوا أنتم بأنفسكم أمام أولادكم وأهليكم حتى تقوم هذه الشعيرة العظيمة .

    أما الهدي وإعطاء شركة الراجحي أو المعيصم أو غيرهما فإن هذا قد يكون له وجهة نظر؛ لأن الإنسان في مِنى إذا ذبح الأضحية تركها تأكلها النار أو تذهب هباءً، فإذا أُعطي هؤلاء فقد يكون ذلك أجدى وأنفع، أما الأضاحي فلا وجه لإعطائهم إطلاقًا .

    فاتّقوا الله في أنفسكم، وأقيموا شعائر الله، وأرجو من إخوتي القائمين على شركة الراجحي أن يخلعوا هذا الإعلان من الباب، وألا يفتحوا هذا الباب أبدًا للناس بل يتركوا الناس يُقيمون شعائر الله في بلاد الله .

    أيها المسلمون، لا تذبحوا ضحاياكم إلا بعد انتهاء صلاة العيد وخطبتيها الثنتين؛ فإن ذلك أفضل وأكمل اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يذبح أضحيته بعد الصلاة والخطبة، قال جندب بن سيفان البجلي رضي الله عنه: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ثم خطب ثم ذبح» (10) رواه البخاري، ولا يجزئ الذبح قبل تمام صلاة العيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدَّمه لأهله وليس من النسك في شيء» (11) وفي حديث آخر: «مَن ذبح قبل أن يصلي فلْيعد مكانها أخرى» (12).

    منقول

    موقع الشيخ العثيمين رحمه الله

    ~~~*~~~*~~~*~~~*~~~*~~~

    (9) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأضاحي] رقم [5143]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأضاحي] رقم [3648]، من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه .
    (10)
    أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] من حديث جندب رضي الله تعالى عنه، رقم [932] .
    (11)
    أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، رقم [912]، وأخرجه في كتاب [الأضاحي] رقم [5119]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأضاحي] من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، رقم [3627] .
    (12)
    أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأضاحي] من حديث جندب بن سفيان اليحلي رضي الله تعالى عنه، رقم [5136]