الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

الخدعة

عندما يستعصى أمر على فهم أحد العامة, لقلة المعلومات المتاحة أو لتعقد جوانب الموضوع أو حتى لعدم تقبل ذهنه للتفسير البديهي (أو نتائجه!) - كحالة النكران عند سماعك خبر موت من تحب - فهو إما يبتدع تفسيرا خرافيا غير منطقي أو يتجاهل ويتناسى - عمدا - بعض الحقائق ليخرج باستنتاج يريحه وإن كان غير متوافق مع المعطيات, أو - وهذا الغالب على عصرنا الذي ضاعت فيه فضيلة التأني في التفكير لأسباب مادية كثيرة ليس هذا موضع مناقشتها - يتقبل أول تفسير يسمعه ويستسيغه وإن جاء من مصدر معروف عنه الخداع وتلفيق الحقائق! .. ومثال ذلك: الأحداث السياسية كالاغتيالات, والأحداث الاجتماعية كالكوارث. فـ 11 سبتمبر وأسباب حرب العراق واغتيالات لبنان وحربها وحوادث القطارات والسفن والطائرات واشتباكات الحدود بين مصر وإسرائيل, كل هذا وأمثاله مما تنشره الجرائد اليومية له أسباب وملابسات ودوافع حقيقية غير معلنة. لكن التفسير الحكومي الأول - رسميا أو عن طريق شائعات تسربها الحكومات!- تكن له سطوته مهما كان مهلهلا أو غير معقول. لذا تحرص السلطة على فرض وجهة نظرها سريعا والأحداث ساخنة حتى لا تسيطر الشائعات أو الحقائق التي لا تريد لها الظهور. وقد يستلزم الأمر سنوات لانقشاع الضباب - بنشر مذكرات المقربين من موقع الحدث - لكن بعد أن تكون الكذبة قد أدت دورها المرسوم. وقد يتحول الأمر لمؤامرة طويلة الأمد تتوارثها الحكومات المتعاقبة وتغذي التفسير المراد وتشوش كل ما يعارضه, وهذا في الأحداث الهامة التي شكلت مصير الشعوب كالثورات العسكرية والثورات الفكرية.

# أظن أن هذه الفكرة تبيّن – بطريقة مفهومة – أسلوب التضليل الإعلامي المتبع حديثا, ولها إشارات في بروتوكولات صهيون وفي سياسة النازية للتحكم بالرأي العام الألماني أيام الحرب العالمية الثانية. طبّق هذا على كل خبر تسمعه من الآن فصاعدا لترى بنفسك حجم الخداع.

التعليم الجهنمي

انفصمت الصلة بين المعلم والطالب, فأصبح المدرس يميل- بسبب تكدس الفصول - إلى توحيد أسلوبه في التعامل وجعله في متناول الطالب المتوسط, فتجاهل المتفوق وظلم المتأخر.

# وهذا عيب آخر خطير في طريقة "التعليم بالجملة" التي تعامل عقول الطلاب كمنتجات في مصنع. لقد خدعونا بالتدريج عندما أوهمونا أن هدف الوزارة هو "التربية والتعليم" فأرسل الآباء أبناءهم طوال النهار بعيدا عن جو البيت الذي هو أساس التربية, فالتقطوا سوء الأخلاق من زملائهم في بيئة لا وجود فيها لأحد أفراد عائلتهم ليحميهم ويوجههم ويخاف فعلا على مصلحتهم دون أن يكون عمله هذا وظيفة يتقاضى المال مقابلها كما هو حال المعلم. ثم أن زيادة الأعداد – بدعوى تعليم الجميع إلزاميا – جعلت الأستاذ لا يعرف حتى أسماء من يُفترض أنه "يربيهم ويعلمهم" !.. وبما أن التعليم أساسا "مضروب", فالنتيجة النهائية هي أن لا تعليم ولا تربية في وزارات التعليم والتربية في بلادنا العربية !

يكاد لا يكون عندي شك أن من وضع هذا النظام التعليمي الجهنمي هو شيطان قلبه ملآن حقدا على شباب وفتيات المسلمين, ويكره أن يراهم في مرتبة عقلية تفوق مرتبة ذوات الأربع.

العلم والجهل

إن الحشو والتطويل في المناهج التعليمية ليس مجرد خطأ في الأسلوب بل هو هدف عند واضعي سياسات التعليم!. وغرضهم من ذلك: 1- زرع أفكار معينة في العقول بتكرارها والتركيز عليها 2- عدم إتاحة الفرصة لأي رأي آخر مضاد أن يؤثر في الشباب. فالحشو هدفه سحق وقت الفراغ. والعقول التي أطعموها قمامة, لا يخرج منها إلا قمامة.

# عند الحديث عن التشويه المستمر الحادث لأنظمة التعليم في بلادنا تتجلى المؤامرة على الإسلام بأبشع صورها. إنه نتاج عمل سنوات طوال بدأ مع الاحتلال الإنجليزي لمصر مرورا بسياسة القس دنلوب التعليمية وأتباعه كسعد زغلول وطه حسين. ثم تم الهجوم على الأزهر وتخريبه من داخله وبعدها تم فصل كل صلة بين الحياة العملية والمناهج الدراسية, فصار الرجل يتخرج – وأقول رجلا إشارة لما تسرقه سنوات التعليم الطويلة المملة من أعمار شبابنا – وهو صفر اليدين ليبدأ التعلم من جديد إن أراد أن يكون منتجا نافعا لنفسه ومن حوله. (اقرأ موسوعة مقدمات العلوم والمناهج للأستاذ أنور الجندي رحمه الله إن أردت المزيد)

واليوم يتركون أمريكا تُملي علينا معايير التعليم بل ومحتويات المناهج تحت ضغط المساعدات والمعونة.

النظام أساسه فاسد لا ينفع معه ترقيع وتحسينات بل الهدم من الجذور ثم إعادة البناء. فنظرية التعليم بالجملة وشرح نفس المنهج لملايين الطلاب هي قمة المهزلة والاستخفاف بالعقول, ومخالفة لفكرة التخصص التي قامت عليها الحضارة الإسلامية. فمبادئ العلوم فقط هي ما يجب أن يكون مشتركا (قرآن – لغة عربية – أصول الحساب), أما بعد ذلك فللطالب أن يختار فرع تخصصه مبكرا ليتعلم حرفة على يد شيخ ماهر في الصنعة أو يتخصص في علم معين (كيمياء, بلاغة, فقه, طبيعة) فيرى ويسمع ويتعلم بطريقة عملية. وعن طريق مبدأ "الانتخاب الطبيعي" سيسقط الضعفاء من المضمار ويتحولون لفروع وحرف أخرى, في حين يبقى الأقوياء ليكونوا أساتذة لجيل جديد يُكمل مسيرة التطور. أما ما يحدث اليوم والموافقة عليه بحجة انعدام البديل فهو "استسهال" وجريمة في حق أنفسنا وأبنائنا تظهر نتائجها مع كل نكسة وخذلان تمر به أمة الإسلام. (اقرأ كتابا قيما للغاية على الإنترنت بعنوان "كيف انحرف العالم" تحدث أفضل مني عن الموضوع وأمور أخرى كثيرة إن كنت مهتما بمعرفة كيف يدور العالم فعلا من حولنا http://khayma.com/Alhkikh)

# العلم فرض كفاية, لو لم يقم به أحد كما ينبغي لوقع الإثم على الأمة كلها!.. فكم من علم نحتاجه ونترك زمامه لأعدائنا يتفضلون علينا بفتات منه ويخفون أسراره ليُضعفونا بها فيما بعد! ونحن عاجزون عن الرد أو أن نكون ندا قويا لهم طالما هذا النظام المدرسي – الذي هو أقرب للفوضى منه للنظام – يخنق مواهب أبنائنا مع طلوع كل شمس.

خط الدفاع

في المعتاد, فإنه لا يمكن لعادة أن تنتشر بين الناس وتصبح عالمية إلا لو توافر لها شرطان: 1- أن تحمل شيئا يتفق مع رغبة مشتركة عند غالبية البشر 2- أن ترعاها قوة كبيرة كبلد استعماري مثلا. كرة القدم وشرب الشاي نشرتهما بريطانيا في الدول التي احتلتها عسكريا كمصر. والسجائر والجينـز نشرتهما أمريكا التي تحتل العالم ثقافيا والآن عسكريا. فالمغلوب يميل لتقليد الغالب إن لم تكن عنده عقيدة قوية تحميه.
# ولا ينطبق هذا على العادات فقط بل يتعداه لمختلف مناحي الحياة. فالناس كلهم لديهم قابلية للشر بحكم فطرتهم, لذا عندما يدفع العدو الخارجي ملايين الدولارات لإفساد أمة.. يسهل عليه تحقيق مأربه.
لكن خط دفاعنا الأول والأخير للحماية هو الدين وبخاصة العقيدة. فيخبرنا التاريخ أن الهجمة الثانية للتتار أيام المماليك قد نجحت بقيادة تيمورلنك في هزيمة المسلمين عسكريا, لكنها سرعان ما اندمجت في المجتمع الإسلامي ودخل جند التتار في الإسلام!. إذن المسألة هي قدرتنا على صد أفكار العدو وإذابتها أم لا, حتى وإن فاقنا جندا وسلاحا. فلنتذكر أن المسلمين الأوائل لم ينتصروا بكثرة العدد بل بقوة عقيدتهم وفضل الله بعد أن أعدُّوا ما استطاعوا من قوة. الدين أولا والدين أخيرا.. هذا هو ملخص الكلام.

الدواء المر

كما يؤجل الطالب مذاكرته إلى الشهر الأخير قبل الامتحان, نجد العربي يتفادى مواجهة مشاكله قدر المستطاع أو يحاول ترقيع الخرق بدلا من تجديد الثوب, حتى تأتي اللحظة الأخيرة التي تنسد فيها سبل كل الحلول البديلة التي توهمها من قبل, فيلجأ -مضطرا - إلى الحل الأمثل الوحيد, فيلملم ذاته ويجمع شتاته. تلك الطريقة في التفكير تسيطر على الشعوب العربية منذ قرون, وتظهر بالذات في مجتمعنا المصري, في حين أن أوربا مثلا يسرع أفرادها لاقتناص الفرص والتصرف الفوري الذي قد يتطور فيصير تهورا.. وخير الأمور الاعتدال, فلا تهور ولا كسل. ولننظر للتاريخ فنرى أن دويلات العرب تقاتلت وكادت تهلك نفسها حتى دهمها العدو من الداخل والخارج, فاحتل الشيعة الفاطميين مصر واحتل النصارى الصليبيين الشام, فاضطر المسلمون لتوحيد كلمتهم والتجمع تحت راية صلاح الدين فكان الفتح على يديه بحمد الله. والعبرة هنا هي أن الشعوب وقتها كانت تريد الاتحاد فعلا وكان على صلاح الدين أن يزيل فقط بعض الملوك المتمسكين بعروشهم الرافضين للمشاركة. لكن حال الشعوب اليوم ليس هكذا, فالسعودي يحتقر المصري والليبي يكره السعودي والكويتي يشمئز من سيرة العراقي, إلخ .. فما أراه هو أن جمع هؤلاء المتنافرين سيكون عن طريق شيئين: 1- كارثة تصيبنا فتعجل بصحوتنا وتفيقنا من غفلتنا 2- قائد شرس له ميول توسعية يجبر البلاد العربية المسلمة على الوحدة تحت قيادته فتكون خطوة أولى نحو قيام الخلافة الجديدة. والأمران "بشائرهما" تلوح في الأفق لمن يراقب ويحلل.
# إن الله قد ينصر هذا الدين بالفاسق!.. فالبشارات القرآنية والحديثية تؤكد توحد المسلمين يوما وتمكنهم من الأرض, فإن لم نتحد بالحسنى والتراضي قد يحدث هذا قهرا وغصبا! مثل الذين وصفهم الرسول بأنهم يدخلون الجنة بالسلاسل أي يقعون منهزمين في أسر المسلمين وبعدها يهديهم الله للإسلام.

الجهاد

لقد أتى الحين حيث (السلامة في الموت, والموت في السلامة). فالسلام المزعوم مع العدو فيه موتنا على يديه.. والتضحية ببعض منا في سبيل الله فيها حياة بقيتنا. والسعيد من خرج من الدنيا شهيدا. 
 
# وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ   .. آل عمران 169
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ   .. محمد 7
«يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قلنا: يا رسول الله، أمِنْ قلة بنا يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوّكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قلنا: وما الوهن؟ قال: حبُّ الحياة، وكراهية الموت». مسند أحمد
وإن لم يكن من الموت بد  ..  فمن العجز أن تموت جبانا        (المتنبي)

التوهان

كلنا واقعون تحت تأثير عملية تشتيت انتباه واسعة النطاق, بالثانوية العامة تارة وبمباريات الكرة تارة أخرى. وكلما هدأت الأوضاع قليلا والتفت الناس لرؤية مشاكلهم الحقيقية, تسارع الحكومة بصرف انتباهنا لجهة أخرى. هل كنت تظن أن الحكومات عاجزة عن محاولة الإصلاح والقضاء على الغلاء وجلب الازدهار؟!, بل هم يريدون أن يبقى الوضع كما هو عليه حتى لا نستقر ونفيق ونخلعهم من مناصبهم التي وضعهم فيها أسيادهم الأمريكان. وما أسهل تضليلهم لنا.. فالصحف في أيديهم والمرتبات يتحكمون بها في العباد, وتلفازهم ينشر الوهم 24 ساعة في اليوم.

# لعلك لاحظت وقوع حادثة ما في بلادنا فتُفرد لها صفحات الجرائد وتعليقات البرامج أياما وأياما, في حين يتزامن هذا – مصادفة؟! – مع اجتياح إسرائيلي جديد, أو عملية "تطهير" واسعة النطاق في بغداد !

إنها شبكة تشتيت على نطاق أوسع من حدود تصورك وتصوري معا. الكل مشترك فيها سواء بعلمه أو دون إدراكه للدور الذي يلعبه في المنظومة.