الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

أنت المسئول

الأمة العظيمة عليها مسئوليات عظيمة, فلما تركنا واجبنا أخذه من لا يستحقه ولا يحسن القيام به. ونحن محاسبون على عجزنا. ومع كل صباح نستيقظ لنحمل عبئا جديدا تجاهلناه: 1- لا خلافة تجمعنا منذ 1924م 2- كل يوم آلاف الملحدون يموتون في قارات الدنيا دون أن تصلهم رسالة الله على حقيقتها غير مشوهة. فمن المسئول عنهم غير خير أمة أُخرجت لمصلحة الناس ؟!

# مقارنة سريعة بين العالم قديما عندما قاده المسلمون, والعالم اليوم بقيادة أمريكا الصهيونية, تغنينا عن دبج المقالات موضحين "كم خسر العالم بانحدار المسلمين" .

# أما بخصوص الخلافة وسقوطها فهو الهم الشاغل للباحثين الإسلاميين الصادقين, على الرغم من سخرية الصحف وتناسي العامة أو جهلهم. فالتاريخ يُرينا بوضوح أنه طالما كانت الخلافة قائمة – حتى ولو على فساد وظلم – فإمكانية الإصلاح قريبة ويسيرة. فمع قليل من الصبر كانت "ميكانيكية الإصلاح الداخلية" للنظام تُعيد الأمور لنصابها. فوضوح طريق الحق والقدرة على تجميع الجماهير والمتحمسين وتحريك علماء الشرع لقلوب الناس..كل هذه أمور يسهل وقوعها في ظل بيئة تحكمها قوانين الشريعة ولو اسميا وبالتالي تزداد احتمالية وقوع حركة إصلاحية, أما تحت حكم دستور علماني وقانون وضعي معقد البنود يصعب وجود أي تحرك نحو الإصلاح لانعدام الهدف الواضح ولضعف سلطة رجال الدين على الجماهير. ومَن حاربوا الإسلام وأسقطوا الخلافة كانوا يعلمون هذا عندما وضعوا خطتهم ونفذوها بنجاح. إن وجود خليفة للمسلمين - حتى ولو في أضعف صورة – كان يمثل خطرا دائما على هدفهم الساعي لتفتيت العالم لدويلات متصارعة, لذا أزاحوه من طريقهم أولا ليخلوا لهم المجال.

أبدا لم يتم إذلال كرامة المسلمين لهذه الدرجة الحالية حين جمعتنا راية الخلافة لأكثر من 1300 عام, من عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى عهد عبد الحميد الثاني العثماني آخر الخلفاء الأقوياء. والسلطان عبد الحميد هذا هو الرجل الذي دافع عن مقام الخلافة والمسلمين ضد أطماع أوربا والصهاينة ورفض بيع فلسطين مقابل أن ينقذه اليهود من ضائقته المالية, فعزلوه وحبسوه حتى مات. ولم يتمكنوا من الخلافة إلا بعده, اقرأ عنه وترحم عليه.

من جنس العمل

قديما قالوا: لا يعقل أن تبيع البقرة وتظل تملك حليبها!. كحالنا بعد تخلينا عن شرائع ديننا وقضايانا المصيرية. فلماذا يتوقع الناس أن تنصلح الأمور, ويطلبون الأجر وهم لم يعملوا ؟! 
 
 # من أبسط قواعد المنطق السليم أن الجزاء من جنس العمل. فلو رأيت أحدهم يزرع صبارا ويتوقع أن يخرج منه شجر تفاح فاعلم أنه مجنون.
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ - الرعد 11 . قالها الله لنا صريحة, ومع ذلك نتواكل ونتكاسل على المستوى الفردي والجماعي. ننتظر الفرَج ولم نعمل لنستحقه, كقصة الذي صلى ركعتين خفيفتين وسأل الله أن يزوجه بحور العين !

سحرة فرعون

لقد صار التحكم بعقول الجماهير وتوجيه مداركهم - في زمن الضلالات هذا - هو أساس السياسة, بل هو فن وحرفة لها رجالها الذين يحيطون بالحاكم طوال اليوم وهم بعيدون عن الأضواء , مهمتهم تتلخص في إقناع الناس أن ما يحدث هو تنفيذ لرغبة الأغلبية, بل يصل التلاعب لدرجة إقناع الناس بالتلذذ بالحاصل والرضا به في حين أنه شر كله. أي أنهم يسقونك السم وأنت تظن أنه مجرد دواء مر. نفس سياسة فرعون مصر وسحرته في التلبيس على الناس بإيهامهم أن الحبال ثعابين وحيات.

# لو كنتَ قد تساءلت يوما أين تذهب موارد الدولة فالجواب هو أنها تذهب لتمويل هؤلاء وأعمالهم. فالحكام يعلمون أهمية هذه الفئة المتلاعبة بالعقول والتي لديها القدرة على تبرير الرأي ونقيضه خلال نفس الجلسة وتقنعك بصحة كلامها في الحالتين !. إنهم كالحرباء التي تتلوّن تبعا للوسط المحيط, ولو استفادوا من عقولهم الخصبة النيرة هذه في المصلحة الحقيقية للجموع لكان الحال غير الحال. سحرة فرعون آمنوا برب موسى, فهل هناك أمل في هؤلاء ؟

(مثال لهؤلاء من يسمى مصطفى الفقي! وهو سياسي مصري تستخدمه الحكومة في تبرير سياستها للناس على قناة الجزيرة وغيرها..فانتبه له مستقبلا)

الوجود المزيف

تفكير , أم لا تفكير .. هذه هي المسألة !!

# لم تعد المسألة كما قالها (هاملت) : أكون أو لا أكون. فنحن هنا كائنون وسنبقى بإذن الله, المعضلة الحقيقية هي ألا نجعل وجودنا مثل عدمه عن طريق غلق منابع الفكر داخلنا مقابل أن نحيا نتنفس ونأكل ونتزوج!. ولكي نخرج من حالة الوجود المزيف يجب تقديم الكثير من التضحيات والأرواح والمعاناة إلى أن يضيء بيننا فكر مستقل سليم ينبع من هويتنا الإسلامية واحتياجاتنا الحقيقية. نعم سنكابد آلام الطلق والمخاض لكن كل هذا ستزول ذكراه في نفس اللحظة التي سنسمع فيها أول صرخة لهذا المولود الجديد.

الخدعة

عندما يستعصى أمر على فهم أحد العامة, لقلة المعلومات المتاحة أو لتعقد جوانب الموضوع أو حتى لعدم تقبل ذهنه للتفسير البديهي (أو نتائجه!) - كحالة النكران عند سماعك خبر موت من تحب - فهو إما يبتدع تفسيرا خرافيا غير منطقي أو يتجاهل ويتناسى - عمدا - بعض الحقائق ليخرج باستنتاج يريحه وإن كان غير متوافق مع المعطيات, أو - وهذا الغالب على عصرنا الذي ضاعت فيه فضيلة التأني في التفكير لأسباب مادية كثيرة ليس هذا موضع مناقشتها - يتقبل أول تفسير يسمعه ويستسيغه وإن جاء من مصدر معروف عنه الخداع وتلفيق الحقائق! .. ومثال ذلك: الأحداث السياسية كالاغتيالات, والأحداث الاجتماعية كالكوارث. فـ 11 سبتمبر وأسباب حرب العراق واغتيالات لبنان وحربها وحوادث القطارات والسفن والطائرات واشتباكات الحدود بين مصر وإسرائيل, كل هذا وأمثاله مما تنشره الجرائد اليومية له أسباب وملابسات ودوافع حقيقية غير معلنة. لكن التفسير الحكومي الأول - رسميا أو عن طريق شائعات تسربها الحكومات!- تكن له سطوته مهما كان مهلهلا أو غير معقول. لذا تحرص السلطة على فرض وجهة نظرها سريعا والأحداث ساخنة حتى لا تسيطر الشائعات أو الحقائق التي لا تريد لها الظهور. وقد يستلزم الأمر سنوات لانقشاع الضباب - بنشر مذكرات المقربين من موقع الحدث - لكن بعد أن تكون الكذبة قد أدت دورها المرسوم. وقد يتحول الأمر لمؤامرة طويلة الأمد تتوارثها الحكومات المتعاقبة وتغذي التفسير المراد وتشوش كل ما يعارضه, وهذا في الأحداث الهامة التي شكلت مصير الشعوب كالثورات العسكرية والثورات الفكرية.

# أظن أن هذه الفكرة تبيّن – بطريقة مفهومة – أسلوب التضليل الإعلامي المتبع حديثا, ولها إشارات في بروتوكولات صهيون وفي سياسة النازية للتحكم بالرأي العام الألماني أيام الحرب العالمية الثانية. طبّق هذا على كل خبر تسمعه من الآن فصاعدا لترى بنفسك حجم الخداع.

التعليم الجهنمي

انفصمت الصلة بين المعلم والطالب, فأصبح المدرس يميل- بسبب تكدس الفصول - إلى توحيد أسلوبه في التعامل وجعله في متناول الطالب المتوسط, فتجاهل المتفوق وظلم المتأخر.

# وهذا عيب آخر خطير في طريقة "التعليم بالجملة" التي تعامل عقول الطلاب كمنتجات في مصنع. لقد خدعونا بالتدريج عندما أوهمونا أن هدف الوزارة هو "التربية والتعليم" فأرسل الآباء أبناءهم طوال النهار بعيدا عن جو البيت الذي هو أساس التربية, فالتقطوا سوء الأخلاق من زملائهم في بيئة لا وجود فيها لأحد أفراد عائلتهم ليحميهم ويوجههم ويخاف فعلا على مصلحتهم دون أن يكون عمله هذا وظيفة يتقاضى المال مقابلها كما هو حال المعلم. ثم أن زيادة الأعداد – بدعوى تعليم الجميع إلزاميا – جعلت الأستاذ لا يعرف حتى أسماء من يُفترض أنه "يربيهم ويعلمهم" !.. وبما أن التعليم أساسا "مضروب", فالنتيجة النهائية هي أن لا تعليم ولا تربية في وزارات التعليم والتربية في بلادنا العربية !

يكاد لا يكون عندي شك أن من وضع هذا النظام التعليمي الجهنمي هو شيطان قلبه ملآن حقدا على شباب وفتيات المسلمين, ويكره أن يراهم في مرتبة عقلية تفوق مرتبة ذوات الأربع.

العلم والجهل

إن الحشو والتطويل في المناهج التعليمية ليس مجرد خطأ في الأسلوب بل هو هدف عند واضعي سياسات التعليم!. وغرضهم من ذلك: 1- زرع أفكار معينة في العقول بتكرارها والتركيز عليها 2- عدم إتاحة الفرصة لأي رأي آخر مضاد أن يؤثر في الشباب. فالحشو هدفه سحق وقت الفراغ. والعقول التي أطعموها قمامة, لا يخرج منها إلا قمامة.

# عند الحديث عن التشويه المستمر الحادث لأنظمة التعليم في بلادنا تتجلى المؤامرة على الإسلام بأبشع صورها. إنه نتاج عمل سنوات طوال بدأ مع الاحتلال الإنجليزي لمصر مرورا بسياسة القس دنلوب التعليمية وأتباعه كسعد زغلول وطه حسين. ثم تم الهجوم على الأزهر وتخريبه من داخله وبعدها تم فصل كل صلة بين الحياة العملية والمناهج الدراسية, فصار الرجل يتخرج – وأقول رجلا إشارة لما تسرقه سنوات التعليم الطويلة المملة من أعمار شبابنا – وهو صفر اليدين ليبدأ التعلم من جديد إن أراد أن يكون منتجا نافعا لنفسه ومن حوله. (اقرأ موسوعة مقدمات العلوم والمناهج للأستاذ أنور الجندي رحمه الله إن أردت المزيد)

واليوم يتركون أمريكا تُملي علينا معايير التعليم بل ومحتويات المناهج تحت ضغط المساعدات والمعونة.

النظام أساسه فاسد لا ينفع معه ترقيع وتحسينات بل الهدم من الجذور ثم إعادة البناء. فنظرية التعليم بالجملة وشرح نفس المنهج لملايين الطلاب هي قمة المهزلة والاستخفاف بالعقول, ومخالفة لفكرة التخصص التي قامت عليها الحضارة الإسلامية. فمبادئ العلوم فقط هي ما يجب أن يكون مشتركا (قرآن – لغة عربية – أصول الحساب), أما بعد ذلك فللطالب أن يختار فرع تخصصه مبكرا ليتعلم حرفة على يد شيخ ماهر في الصنعة أو يتخصص في علم معين (كيمياء, بلاغة, فقه, طبيعة) فيرى ويسمع ويتعلم بطريقة عملية. وعن طريق مبدأ "الانتخاب الطبيعي" سيسقط الضعفاء من المضمار ويتحولون لفروع وحرف أخرى, في حين يبقى الأقوياء ليكونوا أساتذة لجيل جديد يُكمل مسيرة التطور. أما ما يحدث اليوم والموافقة عليه بحجة انعدام البديل فهو "استسهال" وجريمة في حق أنفسنا وأبنائنا تظهر نتائجها مع كل نكسة وخذلان تمر به أمة الإسلام. (اقرأ كتابا قيما للغاية على الإنترنت بعنوان "كيف انحرف العالم" تحدث أفضل مني عن الموضوع وأمور أخرى كثيرة إن كنت مهتما بمعرفة كيف يدور العالم فعلا من حولنا http://khayma.com/Alhkikh)

# العلم فرض كفاية, لو لم يقم به أحد كما ينبغي لوقع الإثم على الأمة كلها!.. فكم من علم نحتاجه ونترك زمامه لأعدائنا يتفضلون علينا بفتات منه ويخفون أسراره ليُضعفونا بها فيما بعد! ونحن عاجزون عن الرد أو أن نكون ندا قويا لهم طالما هذا النظام المدرسي – الذي هو أقرب للفوضى منه للنظام – يخنق مواهب أبنائنا مع طلوع كل شمس.