الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

إن في القلب لشعث .



قال ابن قيم الجوزية

رحمه الله تعالى:

( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه ، وفيه نيران حسرات لايطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدا ).

مدارج السالكين (2/333)

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

أغرب حالة وفاة !




أغرب حالة وفاة
ونعوذ بالله من موت الفجأة


الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فبينما كنت أتنقل بين مواقعي المفضلة على الشبكة العنكبوتية لمحت عنواناً، يبدو عادياً، وليس من نوعية الأخبار التي تستوقفني، لكن لا أعرف لماذا توقفت عنده وقررت أن أضغط عليه لأقرأ باقي الخبر.

عنوان الخبر: أغرب حالة وفاة في مطار القاهرة.

فلما فتحت العنوان وقرأت، تفاصيل الخبر، انخلع قلبي من تفاصيل الحكاية، وتذكرت الحقيقة التي لا أعرف كيف أنساها وينساها الناس.

يقول الخبر المنشور على موقع شبكة محيط:

حدثت حالة وفاة غريبة بمطار القاهرة، حيث كان ركاب الطائرة السعودية المتجهة إلى جدة الجمعة قد فوجئوا أثناء إنهاء إجراءات سفرهم ببكاء مستمر لطفلة تبلغ من العمر 6 شهور تحتضنها والدتها، وبالوقوف على الأمر تبين أن الأم في حالة إغماء ولا تتحرك، فتم على الفور استدعاء طبيب الحجر الصحي بالمطار الذي أكد وفاتها بسبب هبوط حاد بالدورة الدموية.

وقد قامت السلطات الأمنية بالمطار بالاتصال بأهل المتوفاة التي تدعى هدى محمد "28 سنة" عن طريق رقم الهاتف المدون على تذكرة سفرها، وكانت المفاجأة أن الرقم يخص شقيقها الذي كان في وداعها بالمطار منذ لحظات والذي عاد إلى المطار وهو غير مصدق لما حدث، حيث تم تسليم الطفلة إليه، في حين تم نقل جثمان الأم إلى مستشفى هليوبوليس تمهيدا لتسليمها إلى ذويها لدفنها ببلدتها.

يالله،،، اللهم إنا نعوذ بك من موت الفجأة الذي هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: موت الفجأة أخذة آسف، يالله،،، كأني بهذه المسكينة وقد وقفت في الصباح أمام المرآة وارتدت ملابسها وهى لا تعلم أنها ليست التي ستخلعها بل المغسلة، كأني بها وهى تستيقظ في فراشها الدافئ النظيف، وهى لا تدرى إن هذه آخر نومة لها فى فراشها، وأن نومتها القادمة في بيت الدود، تصوروا هذه المسكينة -وكلنا هي- التي تخاف من الظلام، وترتعد من الوحدة، هي الآن في بيت الوحشة والظلمة، كأني بها وهى تخرج من بيتها وهى لا تدرى أنها آخر مرة تخرج من بيتها، كأني بها وهى جالسة على مقعدها في المطار وقد سرحت بخيالها بعيداً وهى تنظر إلى طفلتها وتتصور نفسها وهى تزفها إلى زوجها، فبينما هي في أحلامها إذ حانت ساعة الحقيقة وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد، ما هذا؟ وعكة مفاجئة؟؟ هبوط عارض؟؟ ما هذا؟ معقول؟ يالله أنا أموت!! لا لا، أنا ما زلت صغيرة، أنا لست مريضة، أنا لم أستعد، أنا لم أوصى، على ديون، هذه الصغيرة من سيربيها؟ من سيعتني بها؟ من سيغطيها من البرد؟ ومن سيتذوق اللبن قبل أن تشربه، يالله!! معقول؟ هكذا؟ في غمضة عين؟ من هؤلاء؟ ملائكة الموت؟ لا إله إلا الله، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، فجأة نزل الموت بساحتها، واستل روحها بدأت السكرات، وشريط حياتها يمر أمام عينيها، يالله.

ياليتني قدمت لحياتي، يالله قتل الإنسان ما أكفره، يالله يالله، من التالي؟ يالله متى سأموت؟ وكيف وأين سأموت؟ وعلى أي شيء سأقبض؟ وما شكل خاتمتي؟ اللهم إني أسألك حسن الخاتمة، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، اللهم اجعل قبري روضة من رياض الجنة، اللهم نور لي قبري.

يالله!! هكذا في غمضة عين، يرحل المرء عن الدنيا، وينزل حفرة مظلمة، فيجزى المحسن على قدر إحسانه، ويجزى المسيء على قدر إساءته.

أفق يا عبد الله، انتبهي يا أمة الله، أفق يا من تأكل الربا، ويا من تترك الصلاة، ويا من تعق والديك ويا من تنظر إلى الحرام، ويا من تقبل الرشوة، أفيقي أيتها المتبرجة، أفيقي يا من تصاحبين الرجال، وتخضعين بالقول، وتنشزين على زوجك، أفيقوا فالموت أقرب إليكم من شراك نعالكم، أفيقوا فربما هذه هى الفرصة الأخيرة، توبوا الآن لا بعد ثانية، توبوا واندموا واعزموا على عدم العودة، توبوا وقدموا لحياتكم، توبوا قبل يوم يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرأ منهم يومئذ شأن يغنيه.

توبوا قبل نزع الروح، وسكرات الموت، وغرغرة النفس، وضمة القبر، وتطاير الصحف، توبوا قبل أن تقفوا بين يدي الجبار فتُسألون عن كل شيء، ثم تنصرفون إلى جنة أو إلى نار، توبوا فلا شيء يستحق، لو جمعت مال الدنيا فأنت عنه راحل، ولو بلغت من المنصب والجاه أن سجد لك الناس فسيموت الساجد والمسجود له.

توبي أيتها المتبرجة فلن ينفعك أن يقولوا عنك أنك أجمل امرأة في الدنيا، وجهك في النهاية طعام للدود، وبشرتك التي تبالغين في الاعتناء بها ستكون قيحاً وصديداً، وملامحك الحسناء ستتشوه في القبر، ولا تظنين ذلك بعيداً فربما اليوم أو غداً على كرسي المطار، أو أمام شاشة تلفاز، أو وأنت تهاتفين شاباً ساقطاً. توبوا جميعاً، ردوا المظالم، لينوا لإخوانكم، كفى اقتتالاً على الدنيا، كفى قطيعة للأرحام والجيران لأجل توافه الدنيا، أيها المؤمنون لعل الله يرحمكم.

توبي يا نفسي فلا شيء يستحق، المال إلى غيرك، والجاه والمنصب إلى زوال.

اللهم هون علينا سكرات الموت، وهون علينا ضمة القبر، وارزقنا حسن الخاتمة.

منقول
كتبه :خالد الشافعي
طريق الإسلام

السبت، 4 ديسمبر 2010

أقسام لو ....




سؤال عن


أقسام استعمال (لو)

~~~*~~~*~~~
فضيلة الشيخ: هل كلمة (لو) أو (لولا) جائزة مطلقاً أم ممنوعة مطلقاً أم هناك تفصيل، خصوصاً أنها قد وردت بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على الجواز وبعض الأخبار تدل على عدم ذلك؟

الجواب
~~~~
استعمال (لو) أو (لولا) على أقسام:
القسم الأول: أن تكون لمجرد الخبر، فهذه لا بأس بها ولا حرج فيها، مثل أن تقول: لولا أني مشغول لزرتك، وهذه ليس فيها شيء إطلاقاً؛ لأنها مجرد خبر، إن كان صدقاً فهو صدق وبر، وإن كان كذباً فله أحكام الكذب.

القسم الثاني: أن تكون للتمنّي، فهذه حسب ما يتمنّاه الإنسان، إن تمنى خيراً فخير، وإن تمنى شراً فشر، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل الفقير الذي قال: لو عندي ما لفلان لعملت به مثلما عمل، وكان فلان يعمل بماله في الخير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فهو بنيته فهما في الأجر سواء ) والثاني قال: لو أن لي ما لفلان لعملت به مثلما عمل فلان، وكان فلان يعمل في ماله بالشر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فهو بنيته فوزرهما سواء ).(1)
القسم الثالث: أن تكون للندم على ما فات وللتحسر، فهذه منهي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان ) (2)
فهذه أقسام (لو) كما رأيت.





للشيخ /ابن عثيمين رحمه الله

منقول


(1)(رواه ابن ماجة / حققه الألباني / صحيح سنن ابن ماجة /كتاب الزهد / باب النية / حديث رقم 4228 / صحيح
(2) (رواه ابن ماجة / حققه الألباني / صحيح سنن ابن ماجة /كتاب الزهد / باب التوكل واليقين/ حديث رقم 4168 / صحيح

الخميس، 2 ديسمبر 2010

من أصول عقيدة التوحيد والولاء والبراء .




من أصول عقيدة التوحيد الولاء والبراء


الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ............ وبعد فمن أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم أن يوالي أهل الإسلام ويعادي أعداءه فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم ويبغض أهل الشرك ويعاديهم فالناس في الولاء والبراء

على ثلاثة أقسام :-

القسم الأول : من يجب محبتهم محبة خالصة لا معاده فيها ، وهم المؤمنين الخلص من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم زوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته الطيبين وصحابته الكرام ثم التابعين والقرون المفضلة وسلف هذه الأمة وأئمتها كالأئمة الأربعة ، ولا يبغض الصحابة وسلف هذه الأمة من في قلبه إيمان وإنما يبغضهم أهل الزيغ والنفاق وأعداء الإسلام كالرافضة والخوارج ، فالمؤمنين أخوه في الدين والعقيدة وأن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم متحابون يقدي أخرهم بأولهم ويدعون بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض .

القسم الثاني : من يجب بغضهم ومعادتهم بغضا ومعاده لا محبه ولا موالاة معهما : وهم الكفار الخلص والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين على اختلاف أجناسهمكما قال تعالى : { لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (المجادلة 22) .

القسم الثالث : من يجب محبتهم من وجه وبغضهم من وجه : فتجتمع فيهم المحبة والعداوة وهم عصاة المؤمنين يحبون لما فيهم من الإيمان ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك ، ومحبتهم تقضي مناصحتهم والإنكار عليهم فيؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالضوابط الشرعية حتى يكفوا عن معصيتهم ويتوبوا من سيئاتهم ، ولكن لا يبغضون بغضاً خالصاً ويتبرأ منهم ولا يحبون حباً ويوالون حباً وموالاة خالصين وإنما يعتدل في شأنهم
وهو مذهب أهل السنة والجماعة .

والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان كما جاء في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أوثق عرى الإيمان المولاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله )(1) .

وحقاً قد تغير الوضع وصار غالب موالاة الناس ومعاداتهم لأجل الدنيا فمن كان عنده شيئا من مطامع الدنيا والوه وإن كان عدواً لله ورسوله ولدين الإسلام ومن لم يكن عنده شيئا من مطامع الدنيا عادوه ولو كان ولياً لله ولرسوله عند أدنى سبب وضايقوه واحتقروه ويغفل هؤلاء أن معاداة أولياء الله هي معاداة لله تعالى كما قال سبحانه في الحديث القدسي ( من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ) (2)
وفي رواية فقد أذنته بالحرب .

فيجب على كل المسلم موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله
فإن هذا من لوازم
(لا إله إلا الله)

كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله
" إن تحقيق شهادة لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ولا يوالي إلا لله ولا يعادي إلا لله ،وأن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله " أهـ .


(1) (حققه الألباني /صحيح الجامع / حديث رقم 2539 / صحيح )
(2) ( حققه الألباني / السلسلة الصحيحة / حديث رقم 1640 / صحيح )

منقول بتصرف
موقع طريق السلف

من أحكام السواك .




من أحكام السواك


عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما- على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنا مسندته إلى صدري – ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به – فأَبَدّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم– بصره، فأخذت السواك فَقَضِمْتُه وطيبته، ثم دفعته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن به، فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استن استناناً أحسن منه، فما عدى أن فرغ رسول الله رفع يده أو إصبعه، ثم قال: (في الرفيق الأعلى) ثلاثاً: ثم قضي عليه، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي، وفي لفظ: (فرأيته ينظر إلىّ، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت آخذه لك، فأشار برأسه: أن نعم)(1).

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: (أتيت النبي - صلى الله عليهوسلم- وهو يستاك بسواك رطب، قال: وطرف السواك على لسان، وهو يقول أُعْ، أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع)(2).

في هذين الحديثين عدد من الوقفات، نستعرضها فيما يلي:
الأولى: قول عائشة - رضي الله عنها- (ومع عبدالرحمن سواك رطب يستنبه) أي يمر السواك على أسنانه كأنه يحددها.وقولها - رضي الله عنها- (فَأبَدّه): بتخفيف الباء وتشديد الدال، والمراد مدّ إليه بصره وأطاله.وقولها: مات بين حاقنتي وذاقنتي، الحاقنة ما بين الترقوتين وحبل العانق، والذاقنة، طرف الحلقوم الأعلى.وقولها: فقضمته – بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة -، أي مضغته بأسنانها ليلين.

الثانية:
قول أبي موسى الأشعري: (وهويقول: أُع، أع) بضم الهمزة وسكون العين المهملة.
وقوله: كأنه يتهوع، التهوع، التقيء بصوت.
الثالثة: يدل الحديث على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - للسواك محبة عظيمة، حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة،تتوق نفسه إلى السواك، وهذا يدل على أن للسواك فضلاً عظيماً.

الرابعة: يدل الحديثان على مشروعية التسوك بالمسواك الرطب، بل هو أولى من الجاف؛ لأنه يؤذي، وإنقاؤه أكمل، كما تشرع المبالغة في السواك، كما يشرع استعمال السواك في اللسان،حيث جاء في حديث أبي موسى: (وهويستاك بسواك رطب، قال: وطرف السواك على لسانه، وهو يقول أُع، أُع،والسواك في فيهكأنه يتهوع) (3).
الخامسة: ذكر أهل العلم أن السواك يستحب أن يكون بعود من شجر الأراك، وإن كان يصح من غيره إذا أدى الغرض المطلوب، وتخصيص شجر الأراك لأنه كان سواك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: كنت أجتني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكاً من أراك(4).

لكن إن لم يجد عوداً من أراك فيستعمل كل ما أدى إلى الغرض، بل ذكر بعض الفقهاء - رحمهم الله- أنه يحص بالإصبع الخشن، وعليه فمن باب أولى أن تدخل الفرشة والمعجون في السواك؛ لأدائها للغرض المطلوب، لكن ينبغي أن لا يترك السواك بعود الأراك إلا إذا لم يجده، وإذا جمع بينهما فهو أكمل وأولى.

ومن الأمور التي ينبغي التنبيه إليها أن السنة أن يستاك بيده اليسرى، بادئاً بشقه الأيمن، فيستاك في الأسنان عرضاً، وفي اللسان طولاً، ومما ينبغي التنبه له أيضاً أن كثيراً من الناس يبالغ في استعمال السواك في كل وقت، وهذا في الجملة مستحب، ويتأكد الاستحباب في مواضع وحالات سبق ذكرها، لكن يكره استعمال السواك في أوقات أخرى، كأن يكون في وقت حديث مع شخص آخر، أو في قاعة الدرس والتعليم، ونحو ذلك، فاستعمال السواك في هذه المواضع ونحوها من سوء التصرف، وبالتالي يكون من سوء الأدب، فينبغي أن نراعي هذه الآداب ونقدرها.

السادسة: ذكر في هذين الحديثين بعض الأحوال
التي يستحب فيها السواك. أذكر ما تيسر منها:
---------------------------------
أولاً: عند الوضوء، فقد جاء في هذه الرواية:
( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) وفي رواية للبخاري: (عند كلوضوء)، وفي رواية لأحمد في المسند: (مع الوضوء)(5).
فهذه الروايات تدل على أن السواك مستحب عند الوضوء.
ثانياً: عند الصلاة، والصلاة هنا مطلقة، سواء كانت صلاة الفريضة أو النافلة، يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرواية المذكورة معنا: (عند كلصلاة) ، وكل من ألفاظ العموم، فيعم الاستحباب للسواك عند كل صلاة أيّاً كانت،وغيره عن سلمة عن زيد بن خالد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد، وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استن، ثم ردّه إلى موضعه)(6).

وروى ابن أبي شيبة عن صالح بن كيسان أن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه- وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يروحون والسواك على آذانهم.فعرفنا من هذه النصوص أنه يستحب عند كل صلاةٍ، فريضة كانت أو نافلة.

ثالثاً: عند القيام من النوم، وهذا ما يدل عليه حديث حذيفة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك(7)، وتقدم معنا يشوص أي يدلك.عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكه وطهوره،فيبعثه الله ما يشاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ثم يصلي)(8).
وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- أنه رقد عند النبي - صلى الله عليه وسلم– فاستيقظ، وتسوك،وتوضأ وهو يقول: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ)فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين(9). إلى آخر الحديث.
رابعاً: عند تغير رائحة الفم، فيستحب السواك عند تغيره، سواء كان بسبب أكل ماله رائحة كريهة،أو بسبب طول السكوت، أو كثرة الكلام، فالسواك مطهرة للفم.
خامساً: عند دخول المنزل، روى الإمام أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، وغيرهما عن المقدم بن شروع عن أبيه أنه قال:(سألت عائشة - رضي الله عنها- قلت: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته، قالت:بالسواك)(10).
سادساً: ومما ذكره أهل العلم أيضاً أنه يستحب السواك عند قراءة القرآن، والحكمة في ذلك أن الملك يضع فاه على فم القارئ، ويتأذى بالرائحة الكريهة، فسن السواك لأجل ذلك.

سابعاً: مما يستفاد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قاعدة عظيمة تلكم هي:أن دور المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقد سبق الكلام عليها في الحديث الذي قبله.


(1) رواه البخاري في كتاب المغازي، باب مرض النبي ووفاته 3/1340 رقم 4438.(2) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب السواك، 1/98 رقم 244، ومسلم في كتاب الطهارة، باب السواك 1/490 رقم 45.(3) سبق تخريجه.(4) رواه الإمام أحمد في مسنده 1 رقم 420، 3 رقم 386.(5) سبق تخريجه.(6) رواه أبو داود / تخريج الألباني / صحيح سنن أبي داود / كتاب الطهارة/ باب السواك/ حديث رقم 47 / صحيح (7) سبق تخريجه.(8) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل والوتر 2/369 رقم 139.(9) رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك والتهجد 1/491 رقم (10) رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك 1/489 رقم 43.

منقول
كتبه أ.د / فالح بن محمد بن فالح الصغير

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

الخاطرة التاسعة الإخلاص.


الخاطرة التاسعة
من سلسلة سلامة القلب
الإخلاص

الإخلاص في اللغة :-
~~~*~~~*~~~*~~~
خَلَصَ الشيءُ بالفتح يَخْلُصُ خُلوصاً، أي صار خالِصاً. أي صفى وزال عنه شوبه
وخَلَصَ إليه الشيءُ: وصَلَ.
وخلَّصْتُهُ من كذا تَخْليصاً، أي نجّيته فتَخَلَّصَ.
وخُلاصَةُ السمنِ بالضم: ما خَلَص منه.
والمصدر منه .الإخلاصُ (ا.هــ) ( لسان العرب )
فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه من الأخلاط والأوشاب.
والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية.
وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء.
وقال الفيروز أبادي: أخلص لله ترك الرياء.
كلمة الإخلاص كلمة التوحيد، والمخلصون هم الموحدون والمختارون ،
وأما تعريف الإخلاص في الشرع:- فكما قال ابن القيم –رحمه الله -:
هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أن تقصده وحده لا شريك له.
وتنوعت عبارات السلف فيه، فقيل في الإخلاص:
أن يكون العمل لله تعالى، لا نصيب لغير الله فيه.
إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.
تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
تصفية العمل من كل شائبة.
وقيل: هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
( خاطرة الإخلاص ،الدكتور أحمد فريد )
إذاً المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عزوجل،
ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله. قال تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) البينة من الآية : 5 ،

وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي) الزمر14.
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162 (ا.هـــ)
(1)

أهمية الأخلاص:-


لا يقبل الله عز وجل عملاً من الأعمال حتى يتوفر فيه
شرطان فالأول: هو الإخلاص وهو شرط الباطن،
والثانى: هو متابعة سنة الرسول- صلى الله عليه وسلم - وهو شرط الظاهر،
ودل على هذا المعنى كتاب
الله المنزل وسنة النبى المرسل -
صلى الله عليه وسلم.قال الله تعالى:
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا}الملك من الآية :2
قال الفضيل بن عياض ،رحمه الله:- هو أخلصه واصوبه فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل,
وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل .وقال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}الكهف من الآية :110
فالعمل الصالح هو الموافق للسنة وعدم الشرك هو الإخلاص.
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ}النساء من الآية : 125فإسلام الوجه هو الإخلاص،والإحسان هو متابعة سنة النبى – صلى الله عليه وسلم. والإخلاص شرط لقبول العمل الصالح الموافق لسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -وقد أمرنا الله عز وجل به فقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}البينة من الآية : 5 وعن أبى أمامة قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ :- "أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ " لَا شَيْءَ لَهُ "فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "‏ ‏لَا شَيْءَ لَهُقَالَ "‏ ‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ "(2)

وعن أبى سعيد الخدرى – رضى الله عنه - عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال فى حجة الوداع:
" ‏ نَضَّرَ ‏ ‏ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا ‏ ‏يُغِلُّ ‏ ‏عَلَيْهِنَّقَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ " .(3)والمعنى: أن هذه الثلاثة تستصلح بها القلوب، فمن تخلق بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.ولا يتخلص العبد من الشيطان إلا بالإخلاص
لقول الله عز وجل: {إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}ص الأية :83 . (ا.هــ)
(4)


و قال ابن الجوزي رحمه الله ، في صيد الخاطر:
(ومتى نظر العامل إلى التفات القلوب إليه فقد زاحم الشرك نيته؛ لأنه ينبغي أن يقنع بنظر من يعمل له، ومن ضرورةالإخلاص ألا يقصد التفات القلوب إليه، فذاك يحصل لا بقصده بل بكراهته لذلك... فأما من يقصد رؤية الخلق بعمله فقد مضى العمل ضائعاً؛ لأنه غير مقبول عند الخالق ولا عند الخلق؛ لأن قلوبهم قد ألفتت عنه، فقد ضاع العمل، وذهب العمر ) صيد الخاطر ص 122(ا.هـ)

عزة الإخلاص وصعوبة تحصيله


مما لا شك فيه أن تخليص الأعمال من شوائب حظوظ النفس من الرياء ، والتسميع ، وحب المدح والثناء ..
غيرها من الآفات والشهوات أمر شاق على النفوس ،
ولهذا قيل : أشد شيء على النفس الإخلاص
لأنه ليس لها فيه نصيب .
وقيل : تخليص الأعمال على العمّال أشد عليهم من جميع الأعمال . أن تحقيق الإخلاص عزيز ، لذا فإنه يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناءه ، وبعده،حتى يكون عمل العبد لله.فالمخلصون كما ذكر ابن القيم-:"أعمالُهم كلُّها لله، وأقوالُهم لله، وعطاؤهم لله، ومنعُهم لله، وحبُّهم لله، وبُغضُهم لله؛ فمعاملتُهم ظاهراً وباطناً لوجهِ الله وحدَه لا يريدون بذلك من الناسِ جزاءً ولا شكوراً، ولا ابتغاءَ الجاهِ عندَهم، ولا طلبَ المحمدةِ والمنزلة في قلوبِهم، ولا هرباً من ذمِّهم. بل قد عَدُّوا الناسَ
بمنزلةِ أصحابِ القبورِ؛ لا يملكون لهم ضرّاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً. فالعملُ لأجلِ الناسِ وابتغاء الجاهِ والمنزلة عندهم ورجائهم للضرِّ والنفعِ منهم لا يكون من عارِفٍ بهم البتة؛ بل من جاهلٍ بشأنِهم وجاهلٍ بربِّه؛ فمن عرفَ الناسَ أنزلَهم مَنازلَهم، ومن عَرفَ اللهَ أخلصَ له أعمالَه وأقوالَه وعطاءَه ومنعَه وحُبَّه وبُغضَه". (ا.هــ) (5)

(1) (سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الإخلاص)
(2) ( رواه النسائى/ كتاب الجهاد/ باب من غزا يبتغي الأجر والذكر/ وحققه الألبانى / السلسلة الصحيحة /برقم 52 / حسن ).
(3) (رواه الترمذى / كتاب العلم عن رسول الله / باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع / وصححه الألبانى/ صحيح الترمذي / برقم2658 / صحيح ) .
(4) موضوع الإخلاص / للدكتور : أحمد فريد
(5) الإخلاص نجاة للأبد :- ماهر السيد .







إن شاء الله

من تتبع الرخص فقد تزندق .



مَنْ تَتَبَّعَ الرُّخَصْ فَقَدْ تَزَنْدَقْ

للشيخ/ عبد الكريم الخضير

((وإنْ أفتاك النَّاسُ وأفْتَوْك)) (1)عملت عملاً توقَّعت أنَّ فيه جزاء أو كفَّارة، ثُمَّ ذَهَبْتَ تَسْأَلْ، فَبَانَ لَكَ بِقَرَائِنْ أَنَّ هذا الشَّخص الذِّي اسْتَفْتَيْتَهُ من المتساهلين في الفتوى، فقال لا شيء عليك، ما زالت النَّفس يتردد فيها هذا الأمر؛ لكن لو سألت شخص من أهل التَّحري وأنت من العوام فرضُك التَّقليد وتبرأ ذمَّتُك بتقليد أهل العلم، إذا اسْتَفتيت من تبرأ الذِّمَّة بتقليده يكفي؛ لكن كونك تذهب إلى هذا المُتساهل ثم يُفتيك بأنَّهُ لا شيء عليك، لا بد أنْ يبقى في نفسك ما يبقى، فضلاً عن كونك تسأل أهل التَّحري والتَّثبُّت؛ فيُلْزِمُونك بالكَفَّارة، ثُمَّ تذهب إلى المُتساهلين؛ لكي يُعفُوكَ منها! واللهُ المُستعان، وكثير من النَّاس يسأل أكثر من عالم، نعم، بعض النَّاس؛ لِيَطمئنَّ قلبُهُ استفتَى فقيل لهُ ما عليك شيء، فما ارتاح ذهب ليطمئنّ، يسأل ثاني ثالث ليطمئن لكنْ إذا قيل لهُ عليكَ كفَّارة، ثُم ذهب ليسأل عَلُّهُ أنْ يجد من أهل التَّسامُح والتَّساهل من يُعْفِيهِ من هذهِ الكَفَّارة هذا هو الإثم! حتَّى لو قيل لهُ فعلتَ كذا وسألت الشيخ الفُلاني فقال عليك كفَّارة فقيل لك إن في مذهب أبي حنيفة أو الشَّافعي ما عليك كفَّارة، فتقول أبو حنيفة إمام من أئِمَّة المُسلمين تبرأ الذِّمَّة بِتقلِيدِهِ، ثُمَّ في مسألةٍ أخرى تُلزم بشيء، تُلزم بقضاء، ثم يُقال لك مالك ما يُلزمك بالقضاء، تقول: مالك إمام في أئمَّة المُسلمين، ثُمَّ في مسألة ثالثة تسأل، فيُقال: عليك كذا، ثُمَّ يُقال لك: مذهب الشَّافعي ما عليك شيء، تقول: الشَّافعي إمام من أئِمَّة المُسلمين تبرأ الذِّمَّة بتقليده!، هذا تَتَبُّع الرُّخَصْ، الذِّي قال أهلُ العلم فيهِ مَنْ تَتَبَّعَ الرُّخَصْ فَقَدْ تَزَنْدَقْ، كيف يتزندق؟! مُسلم يقتدي بإمام من أئِمَّة المُسلمين! نقول: نعم، يخرُج من الدِّين بالكُلِّيَّة وهو لا يَشْعُر! لأنَّ هذه المذاهب فيها المُلزم وفيها المُعفي؛ لكنْ في مسألةٍ أخرى العكس، هذا الذِّي أعفاك يُلزمُك والذِّي ألْزَمَك هنا يُعْفِيكْ هُناك؛ لكن كونك تبحث عن الذِّي يُعفِيك في جميع المسائل!!! معناه أنَّك تخرج من الدِّين بالكُلِّيَّة، تبحث عمَّا يُعْفِيك في جميع مسائل الدِّينْ؛ إذنْ ما تَدَيَّنْتْ بدين!!!

ولم تَتَّبِعْ ما جاء عن الله وعن رسُولِهِ، ولم يَكُنْ هواك تَبَعاً لما جاء بِهِ النبي -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-؛ إنَّما الذِّي يَسُوقُك ويُشَرِّعُ لك هواك! هذا وجهُ قولهم: (مَنْ تَتَبَّعَ الرُّخَصْ فَقَدْ تَزَنْدَقْ)، وأنتم تسمعُون مِمَّا يُطْرَح الآن وبِقُوَّة على السَّاحة من التَّساهُل في الفتوى، وفقه التَّيسير على النَّاس من هذا الباب،
تجده يقول لماذا نقول بقول الجُمهُور مثلاً: يُلزمُون النَّاس بالبقاء والمُكْثْ في منى إلى أنْ تَزُول الشَّمس، الحمد لله قال أبو حنيفة يجُوز الرَّمي يوم النَّفر الأول، والرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: ((ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما))، (2) نقول: نعم، ((الرسُول ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيْسَرَهُما))، ((والدِّين يُسْر، ولن يُشَادَّ الدِّينَ أحدٌ إلاَّ غَلَبَهُ)) (3)، ((اكْلَفُوا من العمل ما تُطِيقُونْ)) (4)، لا شكَّ أنَّ الدِّينَ يُسْر؛ لكنْ أيضاً هو دِينْ تَكالِيفْ، فيهِ الحلال وفيه الحرام، فيهِ الإلْزَام أيضاً، والجنَّة حُفَّتْ بالمَكَارِهْ، ((ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما)) هذا قبل اسْتِقْرَار الحُكم، أمَّا إذا اسْتَقَرَّ الحُكم، فَلَيْسَ للمُسْلِمِ أنْ يَخْتَار؛ إنَّما يجبُ عليهِ أنْ يعمل بالقولِ الرَّاجِح، فإنْ كان مِمَّنْ يَسْتَطِيع الوُصُول إلى القولِ الرَّاجِحْ بِدَلِيلِهِ بِنَفْسِهِ؛ تَعَيَّنَ عليهِ،
وإلاَّ فعليهِ أنْ يَسْأَلْ ويختار أهل العلم مع الدِّينِ والوَرَعْ ،

لا بُدَّ من توافُرِ ثلاثة أُمُور:


وليْسَ في فَتْوَاهُ مُفْتٍ مُتَّبَعْ
مَا لَمْ يُضِفْ للعِلْمِ والدِّينِ الوَرَعْ

إذا أفْتَاك من تبرأ ذمَّتُك بتقلِيدِهِ الحمدُ لله، لا أحد سيقول لك الْزِمْ نفسك بأشَدِّ الأقوال في كُلِّ مسألة – لا - ، المسألة راجِح ومَرْجُوحْ، فَعَليكَ أنْ تَعْمَل بالرَّاجِحْ سَواءً ألْزَمَكَ أوْ أَعْفَاكْ، وعلى كُلِّ مُسْلِم أنْ يَعْمَلْ بالقولِ الرَّاجِحْ، سَواءً كان مِنْ أهلِ النَّظر في المسائل العِلْمِيَّة بحيث يَصِلْ إلى القولِ الرَّاجحْ بِنفْسِهِ، هذا يَتَعَيَّنْ عليهِ، أوْ كان من فَرْضُهُ التَّقليد، عليهِ أنْ يَسْأل أهل العلم المَوْثُوقِينْ، أهل العلم والتَّحَرِّي والتَّثَبُّتْ والوَرَعْ، لا يَبْحَثْ عن الرُّخَصْ وعن المُتَساهِلِين – لا – كونُ الدِّينْ يُسْر – نعم يسر – الحمدُ لله الدِّينْ يُسْر، ما أَلْزمنا بخمسين صلاة في اليوم واللَّيلة! يُسْر، ألْزَمنا خمس صلوات؛ لكن هل تستطيع أنْ تقول الدِّين يُسر وأنا لن أُصلِّي إلاَّ أربع صلوات؟! هل يُمكن أنْ يُقال مثل هذا الدِّين يُسْر؟ أبي أصلي فرض وأترُك فرض والدِّين يُسْر والله الحمد، نقول: لا يا أخي هل يُمكن أنْ يُقال الدِّين يُسْر بدل ما تُصلِّي أربع ركعات الظُّهُر تُصلِّي ثلاث؟! نقول: لا يا أخي، فبعضُ النَّاس يسمع بوصفِ الشَّريعة باليُسْر، هي يُسْر بلا شك؛ لكنْ إذا قَارَنَّا هذه الشَّريعة بغيرها من الشَّرائع؛ تَبَيَّن لنا يُسْر هذهِ الشَّرِيعة ((بُعِثْتُ بالحَنِيفِيَّة السَّمْحَة)) (5)، ((خمسُ صلوات كَتَبَهُنَّ الله في اليوم واللَّيلة، هُنَّ خمس، وهُنَّ خمسُون)) (6) {لا يُبدَّلُ القولُ لَدَيَّ}، في العمل خمس، وفي الأجر خمسين، خمسُون صلاة؛ لكنْ هل يجُوز أنْ يَتَرَخَّص الإنسان في تَرْكِ شيءٍ من الخَمْسْ؟! بِنَاءً على أنَّ الدِّين يُسْر! أبداً، هل للإنسان مندُوحة على أنْ لا يَصُوم شهر رمضان لأنَّ الصِّيام فيهِ مَشَقَّة؟! نعم فيهِ مَشَقَّة، التَّكاليف كُلَّها فيها مَشَقَّة؛ لأنَّها على خِلافِ ما تَهْوَاهُ النُّفُوسْ ((والجَنَّةُ حُفَّتْ بالمَكَارِهْ)). (7)


منقول
موقع الشيخ / عبد الكريم الخضير
حفظه الله

(1) رواه الإمام أحمد / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب البيوع وغيرها
/ الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور / حديث رقم 1734 / حسن).
(2)
رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب الحدود / باب إقامة الحدود
والإنتقام لحرمات الله / حديث رقم6318 )
(3)
رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي / كتاب كتاب الإيمان
وشرائعه / باب الدين يسر / حديث رقم 5034 / صحيح )

(4) رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي / كتاب الإيمان وشرائعه /
باب أحب الدين إلى الله عز وجل / حديث رقم 5035 / صحيح )
.
(5) ( حققه الألباني / السلسلة الصحيحة / حديث رقم 2924 / صحيح )
(6) ( أخرجه السيوطي /تحقيق الألباني / صحيح الجامع / حديث رقم: 4199 / صحيح )
(7)
رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي / كتاب الأيمان والنذور /
لحلف بعزة الله تعالى / حديث رقم 3763 / صحيح )