السبت، 18 ديسمبر 2010

( احفظ الله يحفظك ...)



( احفظ الله يحفظك ...)
---------------


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) .
( رواه الترمذي وقَالَ هَذَا : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).. .
(1)

الرسول صلى الله عليه وسلم يُعلم الأمة كلها بهذا الحديث الشريف الصحيح عند تعليمه لابن عباس رضي الله عنهما بأن نحفظ الله تعالى في السر والعلن حتى يحفظنا جل وعلا ... ,
فهذه وصية نبوية عظيمة جامعة لكل صفات وخصال الأخلاق الاسلامية الحميدة في حفظنا لحدود الله عز وجل ... إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل ،

لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ، ولا عجب في ذلك! ، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا الدين ، وتحمّل أعباء الدعوة حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ، فيحفظه في بدنه وماله وأهله ، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه ورعايته. و حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات الفتن ، وأمواج الشهوات ، من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ، من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة ، ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو واجباتها دائما وأبدا فهي مع كتاب الله عزوجل خير عون لنا في دنيانا وآخرتنا .... فاحفظ الله .. يحفظك في العاجلة والآجلة ، وفي الدين والدنيا .احفظ الله .. يحفظ قلبك من كلِّ شبهة وشهوة ، وعقلك من أيٍ شكٍ وحيرة .وفي أصلِك وعقِبِك ، وفي مالِك.
{
فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَأَرْحَمُالرَّاحِمِينَ
} يوسف 64 احفظ الله في إيمانك وفي دينك كله وحياتك كلها ...اللهم احفظنا جميعا في دنيانا وآخرتنا .

منقول
شبكة نور الإسلام


(1) أخرجه الترمذي / حققه الألباني / صحيح سنن الترمذي / حديث رقم 2516

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

هل يجوز الأكل من الطعام الذي يصنعه الشيعة في عاشوراء ؟

سؤال
هل يجوز الأكل من الطعام الذي يصنعه الشيعة في عاشوراء ؟
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~~

الحمد لله
ما يفعله الشيعة في عاشوراء من اللطم والضرب وشج الرؤوس ، وإراقة الدماء ، وصنع الطعام ، كل ذلك من البدع المحدثة المنكرة ، كما سبق بيانه في الجواب رقم (4033) ورقم (9438) ، ولا يجوز المشاركة فيها ، ولا إعانة أهلها ؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان .
ولا يجوز الأكل من هذا الطعام الذي أعدوه لبدعتهم وضلالتهم .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله
: " هذا منكر شنيع وبدعة منكرة ، يجب تركه ولا تجوز المشاركة فيه ، ولا يجوز الأكل مما يقدم فيه من الطعام ".
وقال : " ولا تجوز المشاركة فيه , ولا الأكل من هذه الذبائح ، ولا الشرب من هذه المشروبات ، وإن كان الذابح ذبحها لغير الله من أهل البيت أو غيرهم فذلك شرك أكبر ؛ لقول الله سبحانه : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام/162-163 ، وقوله سبحانه : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) الكوثر /1-2 "
انتهى من "فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز" (8/320).
لكن إذا كان في امتناعك عن قبول طعامهم خطر عليك ،
فلا حرج أن تأخذه لدفع الضرر .
والله أعلم .
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~~
منقول

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل يجوز أن يقال للداعي " ربنا يسمع منك" ؟

ســــــؤال

هل يجوز أن يقال للداعي " ربنا يسمع منك"

الجواب

---------------

الحمد لله

أولا :

صفة السمع صفة ثابتة للرب تعالى بالكتاب والسنة والإجماع ، والسمع الذي اتصف به الرب عز وجل

ينقسم إلى قسمين : سمع إدراك وإحاطة , وسمع إجابة وقبول .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَكَذَلِكَ سَمْعُهُ لِكَلَامِهِمْ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ كُلَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ لُغَاتِهِمْ وَتَفَنُّنِ حَاجَاتِهِمْ ؛

يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ سَمْعَ إجَابَةٍ وَيَسْمَعُ كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ سَمْعَ عِلْمٍ وَإِحَاطَةٍ ، لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ

وَلَا تُغَلِّطُهُ الْمَسَائِلُ وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (5 /480)

فمن النصوص التي ذكر فيها سمع الإحاطة :

قول الله عز وجل :

( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) الرعد/10

وقوله سبحانه : ( قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) الأنبياء/ 4

وروى النسائي (3460) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ ، لَقَدْ جَاءَتْ خَوْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا فَكَانَ يَخْفَى عَلَيَّ كَلَامُهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) الْآيَةَ . صححه الألباني في "صحيح النسائي" وهو في "صحيح البخاري" معلقا (7386)

(1)

ومن النصوص التي ذكر فيها سمع الإجابة :

قول الله تعالى : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) البقرة/127 ، وقوله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) آل عمران/ 35 ، وقال تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يوسف/ 34

وروى مسلم (404) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا فَقَالَ : ( إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ... الحديث ، وفيه ( وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ ) (2)

قال النووي رحمه الله :

" وَمَعْنَى ( سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ ) أَيْ : أَجَابَ دُعَاء مَنْ حَمِدَهُ . وَمَعْنَى ( يَسْمَع اللَّه لَكُمْ ) يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ " انتهى .

والسمع المذكور في السؤال هو من هذا النوع الثاني ؛ فمراد القائل لمن دعا : الله يسمع منك ، ونحو ذلك ، أي : الله يستجيب لك ؛ وإلا فكل مؤمن يعلم أن الله تعالى يسمع قوله سمع العلم والإحاطة .

وعلى ذلك فلا حرج على من قال ذلك ، أو دعا به .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الدعاء الذي لا يسمع :

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ : مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ ) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن . (3)

والمراد بها الدعوة التي لا يستجاب لها ، كما في رواية مسلم ـ من حديث زيد بن أرقم ـ (2722) لهذا الدعاء : ( وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا ) .

والله أعلم .

راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (126406)

موقع الإسلام سؤال وجواب

(1) رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي /

كتاب الطلاق / باب الظهار / حديث رقم 3640/ صحيح

(2) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب أبواب صفة الصلاة /

باب إيجاب التكبير وإفتتاح الصلاة / حديث رقم 696

(3) رواه النسائي / حققه الألباني / صحيح سنن النسائي /

كتاب الاستعاذة / باب الاستعاذة من نفس لا تشبع / حديث رقم 5467/ صحيح

السبت، 11 ديسمبر 2010

حكم إفراد يوم عاشوراء بالصوم ؟


حكم إفراد يوم عاشوراء بالصوم

*.*.*.*.*.*.*.

قال شيخ الإسلام : صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ..

الفتاوى الكبرى ج5

وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي : وعاشوراء لا بأس بإفراده .

ج3 باب صوم التطوع

وقد سئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال فأجابت بما يلي :

" يجوز صيام يوم عاشوراء يوماً واحداً فقط ، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده ، وهي السُنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " رواه مسلم (1134).(1)

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( يعني مع العاشر ).

وبالله التوفيق .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 11/401 ) .

*.*.*.*.*.*.*.
الإسلام سؤال وجواب
*.*.*.*.*.*.*.
(1) أخرجه مسلم / المسند الصحيح /كتاب الصيام / باب أي يوم يصام في عاشوراء / حديث رقم 1924



الجمعة، 10 ديسمبر 2010

ولو على ظهر قتب .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ولو على ظَهْر قَـتَب


حينما تكون الحياة الزوجية روتينًا مُمِلاًّ ، فقُل على الحب السلام !
أما إذا كان كل طرف يلتمس رضا صاحبه ، فقد خيّم الحب وضرب أطنابه !

ومن هذا الباب جاء الحث على تلبية الرغبات الزوجية المتبادلة بين الطرفين ..
وإنّ مِـن حُـسن عِـشرة كل واحدٍ منهما لصاحبه أن يلبّـي رغباته الغريزية كما يُلَبِّي رغباته المادية والمعيشية ..
وأن يَفهم كل واحدٍ منهما رغبة الآخر وتَطَلّعه ، كما يلحْـظ رغباته الأخرى مِن مأكل ومشرب .
وربما كان التأخّر في تلبية أحد الطرفين رغبة صاحبه عدم الاحتساب ، أو الجهل بِمثل قوله عليه الصلاة والسلام : وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ ، أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا . رواه مسلم .(1)

قال النووي : وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَات تَصِير طَاعَات بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَات ، فَالْجِمَاع يَكُون عِبَادَة إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاء حَقّ الزَّوْجَة وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ ، أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ ، أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَاف الزَّوْجَة وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنْ النَّظَر إِلَى حَرَام ، أَوْ الْفِكْر فِيهِ ، أَوْ الْهَمّ بِهِ ، أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِد الصَّالِحَة . اهـ .

وفي قوله عليه الصلاة والسلام : " وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ " ما يدلّ على الإنسان يُؤجر في مثل هذا ، وإن كان من أخصّ حظوظ النفس .

ويتعيّن على المرأة إمتاع زوجها بالحلال ولو كانت في أصعب الظروف ! ولو لم يكن لها رغبة .
لِمَا في ذلك من حفظ الفروج وغضّ الأبصَار ، والاكتفاء بالحلال عن الحرام .
وتحتسب الأجر في ذلك .. وطلب رِضا الزوج .. إذ هو باب إلى الجنة ..
وفي الحديث : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمَرتُ المرأة أن تسجد لزوجها ، ولا تُؤَدِّي المرأة حقّ الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حقّ زوجها عليها كله ، حتى لو سألها نفسها وهى على ظَهر قَتب لأعطته إياه . رواه الإمام أحمد . (2)

قال ابن الأثير : القَتَب للجَمل كالإِكاف لغيره . ومعناه الحثُّ لهنّ على مُطاوعة أزواجِهن ، وأنه لا يَسعُهُنّ الامتناع في هذه الحال ، فكيف في غيرها ؟
وقيل : إن نسِاء العرب كُنَّ إذا أَردْن الولادة جلسْنَ على قَتَب ويقلن إنه أسْلسُ لخرُوج الولد ، فأُرِيدت تلك الحالة !
قال أبو عبيد : كُنَّا نرى أن المعنى : وهي تَسِير على ظَهْر البعير ، فجاء التفسير بغير ذلك . اهـ .

فإذا كانت لا تمتنع منه في حالٍ كهذه ، فكيف بِغيرها ؟
ومقتضى الأمر أن تُبادر إلى تلبية رغباته الشرعية ، سواء كان لها رغبة أم لم يكن لها رغبة في ذلك .
صحيح أن المعاشرة بين الزوجين تحتاج إلى تهيؤ النفس ، وإلى رغبة ومحبة ، وهذا أفضل ، إلاّ أنه في حال وُجود رغبة للزوج كان على الزوجة تلبية رغبته .

إن مِن النساء من تتشاغل عن زوجها بأعباء الحياة ، كَشُغل البيت ، أو بالأطفال ، أو بالهاتف وغيره ، في لحظة يرجو فيها الزوج أن يجد فيها علاقة حميمة ، وقُرْبًا وأُنْسًا ، وإمتاعًا ورغبة .. ولكنه قد يُفاجأ بالانشغال عنه ، أو بالتشاغل المقصود !

وفي صحيح السنة النبوية : إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور . رواه الترمذي والنسائي في الكبرى . (3)
حتى وإن كانت في صناعة طعام ، ولو أدّى ذلك إلى احتراق بعض الطعام ، أو تأخير كل الأعمال ..
وأعجب من ذلك أن المرأة لا تتشاغل بِحَقّ ربِّها من نوافل الطاعات عن حقّ زوجها ، ولذلك جاء النهي عن أن تصوم المرأة وزوجها حاضر إلاّ بإذنه .
قال عليه الصلاة والسلام : لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ . رواه البخاري ومسلم . (4)
وفي رواية في الصحيحين : لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ .

وعبّر بالبعل للإشعار بِسيادة الرجل على المرأة ..
قال الراغب : قال تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) ولَمّا تُصور مِن الرجل الاستعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها ، كما قال تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ )، سُمّي باسمه كل مُسْتَعْلٍ على غيره . اهـ .


حدثني أحد كبار السن أن رَجلاً من أهل المزارع رغب في معاشرة زوجته ، فأرادت الانصراف عنه ، لتقوم بأعمال البيت ! فلم يكن لها من حِيلة إلاّ أن قالت : كأني اسمع صوت فلان ، وهي تعني : التاجر الذي يُطالب زوجها بالدَّين ! وهي تُريد بذلك إخافته ! لأن صاحب الدّين ذليل !
فانصرف عنها وقام يستقبل التاجر ، فلم يجده ، فعلِم أنها حيلة !
فلما زاره التاجر بعد أيام تأكّد منه أنه لم يأتِ إليه مُطلقا ! فَحَكَى له القصة على سبيل الطرفة ، فقال التاجر : لو كنت أعرف هذا الرجل لأعنته على الزواج من امرأة ثانية ! فأخبره الفلاّح أنه هو صاحب القصة ، فأعانه بِمال أعانه على الزواج .

وهذه لا شكّ أنها إحدى نتائج تشاغل المرأة عن زوجها .. هذا إذا كان يُراقب الله ويخاف عقابه ، أما من لم يكن كذلك فإن عواقب ذلك وخيمة ، من الوقوع في الحرام ، وترك الحلال .

ومن هنا جاء الإسلام بهذه الحلول الشرعية ، والحثّ على إشباع كل طرف لرغبات صاحبه .

قال محمد بن معن الغفاري : أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت : يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، وأنا أكره أن أشكوه ، وهو يعمل بطاعة الله عز وجل . فقال لها : نِعْم الزوج زوجك ، فجعلت تُكرر عليه القول ، وهو يكرر عليها الجواب ، فقال له كعب الأسدي : يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه ! فقال عمر : كما فهمت كلامها فأقض بينهما ، فقال كعب : عَلَيّ بزوجها ، فأُتِي به فقال له : إن امرأتك هذه تشكوك . قال : أفي طعام أم شراب ؟ قال : لا ، فقالت المرأة :
يا أيها القاضي الحكيم رشده *** ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زَهّده في مضجعي تعبده *** فأقضِ القضا كعب ولا تردده
نهاره وليله ما يرقده ** فلست في أمْـر النساء أحْمَـده
فقال زوجها :
زَهّدني في فرشها وفي الحجل *** إني امرؤ أذهلني ما قد نَـزل
في سورة النحل وفي السبع الطول *** وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب :
إن لها عليك حقا يا رجل *** نصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل .
ثم قال : إن الله عز وجل قد أحلّ لك من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تَعبد فيهن ربك . فقال عمر : والله ما أدري من أي أمْرَيك أعجب ؛ أمِن فهمك أمرهما أم من حكمك بينهما . اذهب فقد وليتك قضاء البصرة .

وسبق سؤال : ما بال أم الدرداء مُتبذّلـة ؟
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=4506

منقول / منتدى الإرشاد للفتاوى الشرعية

كتبه
الشيخ : عبدالرحمن بن عبدالله السحيم

(1) أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الزكاة / بَاب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى .../ حديث رقم 1680 (2) رواه ابن حبان / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب /كتاب النكاح وما يتعلق به / الزوج في الوفاء بحق زوجته وحسن عشرتها / حديث رقم 1938 / صحيح.(3) تخريج السيوطي :تحقيق الألباني : انظر حديث رقم: 534 في صحيح الجامع : (صحيح).‌(4) أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الزكاة / بَاب مَا أَنْفَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ/ حديث رقم 1710


وقفات ............الشتاء
وقفات مع ........الشتاء

وقفات ............الشتاء

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:


في هذه الأيّام يتردد على أسماعنا الحديث عن الشتاء، بل ونحسه ونستشعره استشعاراً، فنشتاق إلى لياليه، وننتظر أيامه. وقد نكون الآن ممّن يعيشه. ولذا لنا مع هذا الفصل وقفات لعلَّ الله عز وجل يفتح لها القلوب:

الوقفة الأولى: تأمل وتفكر


إنّ أحسن ما اتفقت فيه الأنفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه، والانتقال منها إلى تعلق القلب والهمّة به دون شيء من مخلوقاته. وكم لله من آياته في كل ما يقع الحس عليه، ويبصره العباد، وما لا يبصرونه، تفنى الأعمار دون الإحاطة بها وبجميع تفاصيلها. لكن تأمل معي هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد، وقيام الحيوان والنبات عليهما. وفكر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته. ولو دخل عليه مفاجأة لأضنَّ ذلك بالأبدان وأهلكها، وبالنبات، كما خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة إلى مكان مفرط البرودة، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان لما كان ذلك، فهل من متأمل ومتفكر؟!

الوقفة الثانية: آيات الله في الشتاء

1 - الصواعق: قال تعالى: {وَيُرسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُم يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ} [الرعد:13].

2 - الرعد والبرق: عن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله».
قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: «زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر». قالوا: صدقت.
[السلسلة الصحيحة للألباني:1872].
(1)

3 - المطر والبرد: قال تعالى: {أًلَمَ تَرَ أَنَ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنَ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَ بصَارِ} [النور:43].

الوقفة الثالثة: شكوى

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النّار إلى ربّها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين؛ نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها» [رواه البخاري ومسلم]. (2)

فتذكر يا أخي شدة زمهرير جهنّم بشدة البرد القارس في الدنيا، وإنّ ربط المشاهد الدنيوية بالآخرة ليزيد المرء إيماناً على إيمانه.
يقول أحد الزهاد: "ما رأيت الثلج يتساقط إلاّ تذكرت تطاير الصحف في يوم الحشر والنشر".

وقفة الرابعة: التوحيد في الشتاء

يكثر في هذه الأيّام من بعض المسلمين نسبة المطر إلى الأنواء (منازل القمر) وهذه النسبة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - نسبة إيجاد: أي أنّها هي الفاعلة المُنزلة للمطر بنفسها دون الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة الإسلامية.
2 - نسبة سبب: أي أن يجعل هذه الأنواء سبباً مع اعتقاده أنّ الله هو الخالق الفاعل، وهذا شرك أصغر؛ لأنّ كل من جعل سبباً لم يجعله الله سبباً لا بوحيه ولا بقدره فهو مشرك شركاً أصغر.
3 - نسبة وقت: وهذه جائزة بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي جاءنا المطر في هذا النوع أي في وقته، لهذا قال العلماء: "يحرم أن يقول مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا". والأفضل من هذا أن يقول العبد كما جاء في الحديث: «مطرنا بفضل الله ورحمته». (3)


منقول
كتبه / زاهر بن محمد الشهري
يتبع .....إن شاء الله

وقفات ............الشتاء
(1) أخرجه الترمذي / حققه الألباني / صحيح سنن الترمذي / كتاب تفسير القرآن / حديث رقم 3117/صحيح(2) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب مواقيت الصلاة / باب الإبراد بالظهر في شدة الحر / حديث رقم 507 .(3)
أخرجه أبو داود / حققه الألباني / صحيح سنن أبي داود/ كتاب الطب / باب في النجوم / حديث رقم 3906/صحيح
وقفات ............الشتاء

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد ؟


حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد
؟

علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد
فإنَّ التهنئة تكون على أحوال:
إمَّا أن تكون بما يُسَرُّ به المسلم مما يطرأ عليه من الأمور المباحة بكل ما فيه تجدد نعمة أو دفع مصيبة، كالتهنئة بالنكاح، والتهنئة بالمولود الجديد، والتهنئة بالنجاح في عمل أو دراسة، أوما شابه ذلك من المناسبات التي لا ارتباط لها بزمان معين، فهذا من الأمور العادية التي لا حرج فيها ، ولعل صاحبها يؤجر عليها لإدخاله السرور على أخيه المسلم فالمباح -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((بالنية الحسنة يكون خيراً، وبالنية السيئة يكون شراً)) فهذا بين الإباحة والاستحباب.
وإمَّا أن تكون التهنئة في أزمان معينة كالأعياد والأعوام والأشهر والأيام، وهذا يحتاج إلى بيان وتفصيل، وتفصيله كما يلي :
- أمَّا الأعياد -عيد الأضحى وعيد الفطر- فهذا واضح لا إشكال فيه وهو ثابت عن جمع من الصحابة.
- وأمَّا الأعوام فكالتهنئة بالعام الهجري الجديد أو ما يسمى رأس السنة الهجرية.
- وأمَّا الأشهر فكالتهنئة بشهر رمضان، وهذا له أصل والخلاف فيه مشهور.
- وأمَّا الأيام فكالتهنئة بيوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أو بيوم الإسراء والمعراج وما شابه ذلك
والحكم فيه معروف وهو من البدع لارتباطه بمناسبات دينية مبتدعة.


وكل هذه التهاني ماعدا الأول منها لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة الكرام ولا عن أحدٍ من السلف مع أن موجبها انعقد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة رضي الله عنهم ولم يوجد المانع ومع ذلك لم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه فعل ذلك بل قصروا التهنئة على العيدين فقط.


والتهنئة بالعام الجديد لم تكن معروفة عند السلف لكنْ لما شاعت في الأزمنة المتأخرة وسئل العلماء المعاصرون عنها اختلفوا على قولين:
الأول: الإباحة وأنها من العادات، ومن هؤلاء الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (( أرى أن بداية التهنئة في قدوم العام الجديد لا بأس بها ولكنها ليست مشروعة بمعنى: أننا لا نقول للناس: إنه يسن لكم أن يهنئ بعضكم بعضاً، لكن لو فعلوه فلا بأس، وإنما ينبغي له أيضاً إذا هنأه في العام الجديد أن يسأل الله له أن يكون عام خيرٍ وبركة فالإنسان يرد التهنئة. هذا الذي نراه في هذه المسألة، وهي من الأمور العادية وليست من الأمور التعبدية)) (لقاء الباب المفتوح).
وله رحمه الله كلامٌ آخر ضبط فيه المسألة فقال في ((اللقاء الشهري)): ((إن هنّأكَ أحد فَرُدَّ عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنأك الله بخير و جعله عام خير و بركة. لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه)) وقال في ((الضياء اللامع)) (ص702): ((ليس من السنة أن نُحدث عيداً لدخولالسنة الهجرية أو نعتاد التهاني ببلوغه)).انتهى
وقد نقل بعضهم في إباحة هذا الفعل كلاماً غير محرر للقمولي والسيوطي من متأخري الشافعية، و لأبي الحسن المقدسي من الحنابلة، أعرض عن ذكره خشية الإطالة.

الثاني: القول بالمنع مطلقاً، وهو الراجح، وممن قال به الشيخ صالح الفوزان حيث سئل عن التهنئة بالعام الهجري الجديد فأجاب: ((لا نعرف لهذا أصلاً، والتأريخ الهجري ليس المقصود منه هذا أن يجعل رأس السنة مناسبة وتُحيا ويصير فيها كلام وعيد و تهاني، و إنما جعل التأريخ الهجري من أجل تمييز العقود فقط، كما فعل عمر رضي الله عنه لما توسعت الخلافة في عهده، صارت تأتيه كتب غير مؤرخة، احتاج إلى أنه يضع تأريخاً تعرف به الرسائل و كتابتها، استشار الصحابة،فأشاروا عليه أن يجعل الهجرة مبدأ التأريخ الهجري، وعدلوا عن التأريخ الميلادي، مع أنه كان موجوداً في وقتهم، و أخذوا الهجرة و جعلوها مبدأ تاريخ المسلمين لأجل معرفة الوثائق و الكتابة فقط، ليس من أجل أن تتخذ مناسبة و يتكلم فيها، هذا يتدرج إلى البدع .

سؤال: إذا قال لي شخص : كل عام و أنتم بخير، فهل هذه الكلمة مشروعة في هذه الأيام ؟
جواب: لا، ليست بمشروعة و لا يجوز هذا)) أ.هـ
انظر: ((الإجابات المهمة في المشاكل الملمة)) (ص229)

والناظر إلى هذه المسألة يجد أن القول بالمنع يتأيد بعدة وجوه فمن ذلك:

1- أنها تهنئة بيوم معين في السنة يعود كل عام فالتهنئة به تُلحقه بالأعياد ، وقد نُهينا أن يكون لنا عيد غير الفطر والأضحى ، فتُمنع التهنئة من هذه الجهة.
2- ومنها أن فيها تشبهاً باليهود والنصارى وقد أُمرنا بمخالفتهم، أما اليهود فيهنئون بعضهم برأس السنة العبرية والتي تبدأ بشهر تشري وهو أول الشهور عند اليهود ويحرم العمل فيه كما يحرم يوم السبت، وأما النصارى فيهنئ بعضهم البعض برأس السنة الميلادية.
3- أن فيها تشبهاً بالمجوس ومشركي العرب، أما المجوس فيهنئون بعضهم في عيد النيروز وهو أول أيام السنة عندهم ومعنى (نيروز): اليوم الجديد، وأما العرب في الجاهلية فقد كانوا يهنئون ملوكهم في اليوم الأول من محرم كما ذكر ذلك القزويني في كتابه: ((عجائب المخلوقات)).
وانظر لذلك كتاب: ((الأعياد وأثرها على المسلمين)) للدكتور سليمان السحيمي.

4- ومنها أن جواز التهنئة بأول العام الهجري الجديد يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بأول العام الدراسي وبيوم الاستقلال وباليوم الوطني وما شابه ذلك، مما لا يقول به بعض من أجاز التهنئة بأول العام، بل إن جواز التهنئة بهذه أولى حيث لم يكن موجبها منعقداً في زمن الصحابة رضي الله عنهم بخلاف رأس السنة.
5- ومنها أن القول بجواز التهنئة يفضي إلى التوسع فيها فتكثر رسائل الجوال وبطاقات المعايدة -وإن سموها بطاقات تهنئة- وعلى صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، وربما صاحب ذلك زيارات للتهنئة واحتفالات وعطل رسمية كما هو حاصل في بعض الدول، وليس لمن أجاز التهنئة بأول العام الهجري الجديد وعدَّها من العادات حجة في منع هذا إذا اعتاده الناس وأصبح عندهم من العادات، فسدُّ هذا الباب أولى.
6- ومنها أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى لها أصلاً، إذ الأصل في معنى التهنئة تجدد نعمة أو دفع نقمة، فأي نعمة حصلت بانتهاء عام هجري؟ والأولى هو الاعتبار بذهاب الأعمار ونقص الآجال.
وعليه فالقول بالمنع أولى وأحرى، وإن بدأك أحدٌ بالتهنئة فالأولى نُصحه وتعليمه
لأن رد التهنئة فيه نوع إقرار له، وقياسها على التحية قياس مع الفارق!


والله أعلم

منقول
موقع الدرر السنية