الاثنين، 29 أبريل 2013

خير جليس في الزمان كتاب

مشكلة المتنبي الأساسية كانت في طموحه الزائد.
فشخصيته في حالة تطلع دائم إلى حلم كبير يتمنى تحقيقه، ويراه حقا له، وأنه مكانه الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه. لم يكتف أبو الطيب المتنبي بما وصل إليه من مرتبة عليا في مجال تخصصه الذي برع فيه وفاق كل أقرانه المعاصرين له.. لم يكتف بمجرد كونه شاعر يتنافس الملوك والأمراء على إعطائه الهدايا والأموال كي يمدحهم في قصيدة من قصائده التي ستنتشر كالعادة في طول بلاد المسلمين وعرضها.
فالحقيقة التي يعرفها دارسو حياة المتنبي أن وضعه الاجتماعي كشاعر كان يمثل جزءا بسيطا فقط من طموحاته. رأى المتنبي نفسه أهلا لإدارة إمارة وحكمها، وأنه يتمتع بالذكاء والحكمة المطلوبين لمثل هذا المنصب.
لكن هذه (الثقة في النفس) ذاتها كانت السبب الأساسي الذي جعل الملوك يخشون طموحه، ويعملون دائما على الحد من آماله السياسية، محاولين إقناعه بالعدول عن طلب الإمارة والاكتفاء بالمال والشهرة ورضا أصحاب السلطة عنه!
وفي هذا المقال سأعرض تفصيلا لإحدى قصائده التي أجدها خير مثال للموضوع، وهي قصيدة (خير جليس في الزمان كتاب)، والتي أعتبرها من أصدق ما قاله المتنبي، وأقرب قصائد ديوانه إلى قلبي. ويمكن بدراستها التعرف على نفسية الشاعر في مرحلة حرجة من حياته.. حيث يبدأ في التخطيط لهروبه من مصر وحاكمها الأسود كافور الإخشيدي، بعد أن عجز - مرة أخرى - عن تحقيق طموحه السياسي.
لكن الموضوع يحتاج تمهيدا قصيرا لوضع القصيدة في سياقها المناسب، ولتتعرف على الجو العام الذي قيلت فيه.
-----
لو أردنا تلخيص وظيفة الشاعر الاجتماعية في العصر الذي عاش فيه المتنبي فلن نجد أفضل من وصف هذه الوظيفة بـ الإعلام.
فأي حاكم ناجح وقتها كان يفهم الأهمية السياسية لقصيدة ممتازة تمدح صفاته وتمجد أفعاله، وكيف أنها ستطير في البلدان وتتقاذفها الألسن وتنتشر - حسب قدرة الشاعر نفسه وشهرته وحجم جمهوره - بحيث يفوز هذا الحاكم الممدوح بقدر لا بأس به من الشهرة والهيبة وحسن السمعة.
وفي نفس الوقت فإن قصيدة ذم وهجاء يمكن أن تنقص كثيرا من هيبة الحاكم المقصود، وتكون وصمة عار على مر العصور، كما حدث فعلا مع من هجاهم المتنبي في ديوان شعره.

وهذا هو السر وراء تنافس النبلاء والأمراء على خطب ود الشعراء، وما جعلهم يحرصون على أن يزورهم الشاعر الشهير الفلاني أو العلاني في بلاطهم، ويعيش في قصورهم ليمدح أفعالهم، على أن يجزلوا له العطاء مقابل خدماته، ويغرقونه في الذهب والفضة والجواري والعبيد والملابس الغالية إلخ..
ولو رضي المتنبي بهذا الوضع لرضي الملوك والأمراء عنه وما عاملوه بحذر كما فعلوا.
لكن طموحه ومعرفته لقدراته جعلاه يقارن بين صفاته وصفات هذا الأمير أو ذاك ممن يمدحهم فيرى أنه هو الأولى بالجاه والمنصب منهم!
بل ربما كانت قصائد "المدح" يزيد عدد أبيات فخره بنفسه فيها على غرض القصيدة الأساسي!
وبطبيعة الحال كان الأمراء يفهمون نزعة الاعتداد بالنفس هذه، ويفهمون أن نظرة المتنبي لهم تختلف عن نظرة باقي الأتباع لهم.. فهو يراهم كأنداد وأنظار له.. وكان من الطبيعي بالتالي أن يختلف تعاملهم معه عن تعاملهم من باقي الأتباع، فنظروا له كمنافس وكخطر محتمل.. وعملوا جاهدين على المحافظة على علاقة متوازنة مع الشاعر بحيث يستفيد الطرفان.. الأمير ينال المدح، والشاعر ينال الحظوة والهبات المادية، لكن على أن يتنازل الطرفان أيضا عن بعض الأمور.. فالأمير يحتمل نبرة الشاعر المتعالية وثقته الزائدة بالنفس، والشاعر يتنازل عن حلم الإمارة وتطلعاته السياسية.
ولم تكن خشية الأمراء من المنافسين هي خشية غير مبررة.. فوقائع العصر امتلأت بالدسائس والاغتيالات السياسية والانقسامات، بحيث كان الملك أو الخليفة أحيانا لا يكاد يرسل أحدهم كأمير تابع له على إحدى الولايات حتى يصل له خبر انفصال هذا الأمير عن سلطته واستقلاله بالإمارة التي تم إرساله حاكما عليها!
فعندما تجد المتنبي يطلب ويلح في طلب إمارة يكون حاكما لها، وهو معروف بفخره الشديد بنفسه وبقدراته، فلا تعجب عندما تجد كافور الإخشيدي يرفض المسألة بلطف ولباقة.. فقد كان حاكما عاقلا.. يفهم طموحات الرجال وغواية المنصب وشهوة السلطة.

أغدق سيف الدولة وكافور على المتنبي الأموال لكن طموحه السياسي كان أكبر. رأى المتنبي أنه يُقابَل بالمماطلة وتسويف الوعود حتى ضاقت نفسه وتأكد ألا أمل له في أن يكون حاكما، وأنه سيظل دائما "الشاعر الشهير أبا الطيب المتنبي" فقط لا غير!
-----
فارق المتنبي بلاط سيف الدولة في حلب ثم بلاط كافور في مصر، لكن طبيعة الفراق اختلفت في الحالتين. فسيف الدولة الحمداني كان يمثل كل ما يصبو إليه المتنبي من صفات.. شهامة وقوة وكرم وسلطة وأخلاق عربية.. ولهذا عندما خرج المتنبي غاضبا من بلاط سيف الدولة لم يقطع الود تماما، بل بقيت محبة الأمير في نفسه. أما في حالة كافور حاكم مصر الزنجي فكان مدح المتنبي له على مضاضة أصلا، ولهذا عندما خرج غاضبا من بلاطه قطع خط الرجعة وكال له اللكمات المعنوية في صورة أبيات هجاء وسخرية وتهكم، نراها الآن فنتعجب من شدتها بل وعنصريتها!

خرج المتنبي من عند سيف الدولة - كما يصفه العلامة أبو فهر محمود شاكر في كتابه (المتنبي) - و "قد أصيب في آماله السياسية، وأصيب في هوى قلبه، وأصيب في محبة سيف الدولة، وما كان يُضمر له من الإخلاص والتوقير والود"
ومرت فترة انتقالية قصيرة بين خروجه من حلب من عند سيف الدولة الحمداني إلى أن وصل إلى مصر عند كافور الإخشيدي. وحتى بعد وصوله لمصر لم يبدأ الشاعر في مدح كافور تلقائيا، بل ظل فترة ممانعا متباطئا.. فحاول كافور استمالته بالعطايا والهدايا والأموال، إلى أن اضطر المتنبي إلى مدحه في شعره.
يقول شاكر: "لم يجد بدا من أن يحمل نفسه على مدح هذا الأسود الخصِيّ، عله يصيب عنده ما فاته عند غيره من الفحول البيض"
وهذه الجملة المحورية هي مفتاح القصيدة التي نتكلم عنها.
فمسألة السواد والبياض في أبيات القصيدة تشير من طرف خفي إلى الاختلاف بين سيف الدولة وكافور.. وكأن الشاعر يمدح كافور لكنه يهجوه في نفس الوقت عن طريق المعاني المستترة والألفاظ التي تخفي في باطنها ما يناقض ظاهرها!
ولا شك أنه كان يتحسر على اضطراره إلى تملق كافور بعد أن كان يمدح من هو في نظره أفضل منه ألف مرة، أي سيف الدولة الحمداني. وبالمقابلة بين اللون الأبيض والأسود استطاع المتنبي إخفاء بغضه لكافور وحنينه لسيف الدولة.. فكلمة "الأبيض" هي من أسماء السيف!
ووصل الأمر بالمتنبي أن افتتح قصيدته بمدح الشيب وذم الشباب لأن الشعر الأشيب أبيض أما الشعر في حال الشباب فيكون أسود!
ويقول شاكر في ص 361 وما بعدها من كتابه، تحت عنوان (مدائح كافور وما تتضمنه من هِجاء كافور)
"أن كافورا كان يعلم يقينا أن أبا الطيب لا يضمر له حبا ولا كرامة، بل كان يزدريه في نفسه"
ويستبعد أنه كان "يَخفى على كافور ما سخر أبو الطيب به في شعره من ذكر سواده والتعريض به، وجعله من مادة مدحه له" مع أن المتنبي "كان يطوي تحت ألفاظه معاني تهكمه بكافور"
-----
لكن من هو كافور هذا الذي اتخذه المتنبي هدفا لسخريته اللاذعة بحيث صار قارئ ديوانه يكاد يموت ضحكا من براعة الشاعر في اختراع معاني التهكم به؟
كافور كان عبدا زنجي الأصل، أسود البشرة، لكن براعته وحبه للتعلم جعلت سيده حاكم مصر الإخشيد يحرره ويقربه من السلطة إلى أن وصل كافور إلى منصب الوصي على العرش بعد موت الإخشيد، والحاكم الفعلي للبلاد تحت مسمى الوصاية على ابن الإخشيد.
كتب السير تعطيك تصورا مختلفا تماما لكافور عن الصورة التي تراها في ديوان المتنبي. فإن بحثت في كتب التاريخ تجد أن المصريين كانوا يحبون كافور كحاكم كريم سخي، حمى الدولة من أطماع الشيعة الفاطميين لأطول فترة ممكنة، وكانت الأمور في عهده مستقرة.. وكان يقرب العلماء والشيوخ والأدباء منه ويحيط نفسه بصالحي الدين.
ولقبه كان أبا المسك، واسمه من شجرة الكافور والتي ثمارها سوداء اللون تشبه التوت.
ومن المواضع السوداء في سيرته أنه متهم بتدبير قتل ابن الإخشيد كي لا ينازعه الملك، بعد محاولات كثيرة بإقناعه بترك المسألة والاكتفاء بما يصرف له من الأموال والعطايا تكفيه ليعيش في دعة ورفاهية.
وكافور كان مخصيا كعادة بعض تجار الرقيق مع العبيد، وهو أمر استغله المتنبي بالطبع في قصائد هجائه التي قالها بعد خروجه من مصر.
ويقول محمود شاكر أن المتنبي كان "يجتهد في أن يظفر من كافور بولاية من الولايات يقوم عليها، ليجرب نفسه بعد أن أخفق في عقد آماله على غيره"، وهذه القصيدة التي سنتحدث عنها كانت آخر مرة طلب فيها المتنبي هذا الأمر من كافور، وصرح فيها بما يريد، وبموقفه من مماطلة كافور في المسألة، ثم ترك مصر بعدها ولم ير كافور مرة أخرى بعد إلقائها أمامه.
-----
والقصيدة لا تنفصل عن الظروف التي قيلت فيها. فتلك الفترة كانت نهاية فترة المتنبي بمصر، وكان ضيق النفس، يتجاهل استدعاءات كافور إلى القصر، ولا يكاد يخفي بغضه له وللمكان وللوضع كله. وكان كافور يحذر من هروب المتنبي فجأة فجعل عليه العيون والجواسيس ليتابعوه. وخوفه من هروبه هو لعدة أسباب منها ضياع شاعر شهير مثله يتنافس الملوك في تقريبه منهم، وخوفا من تحوله بعد هروبه من المدح إلى الهجاء وتشويه السمعة، وهو ما حدث فعلا كما توقعه كافور.
ويمكن أن يقال أن كافور كان يحبس المتنبي فعلا في سجن ناعم، ويرفض حتى أن يتركه يخرج في زيارات خارج مصر، مما زاد من ضيق الشاعر وكرهه للمكوث بمصر.
وكل هذا ستجده في القصيدة.. حيث مزج المتنبي بعبقرية فنية بين مشاعره الخاصة وغرض القصيدة الرسمي والذي هو مدح الحاكم، وكانت النتيجة هي تلك القطعة الأدبية التي تبهر محبي اللغة والمعاني إلى اليوم.

قصيدة (خير جليس في الزمان كتاب) هي من بحر الطويل، قيلت عام 349 هجريا المقابل لـ 960 ميلاديا، وعدد أبياتها 43 ومطلعها (منى كن لي...) وقافيتها الباء المضمومة. والآن سندرس أبياتها ببعض التفصيل، لنرى فيها أصداء كل ما سبق.
-----

مُنًى كُنّ لي أنّ البَياضَ خِضابُ
فيَخفَى بتَبييضِ القُرونِ شَبَابُ
يقول المتنبي أنه في شبابه وصغره كان يتمنى ابيضاض خصل شعره، ليكتسب الحكمة والوقار اللذين يكونا مع كبر السن. وافتتاحية القصيدة عجيبة لمن لا يعرف سياقها التاريخي والمعنى الباطني المراد منها.. فهو يذم السواد ويقصد كافور، ويمدح البياض ويقصد سيف الدولة!

لَيَاليَ عندَ البِيضِ فَوْدايَ فِتْنَةٌ
وَفَخْرٌ وَذاكَ الفَخْرُ عنديَ عابُ
البيض هنا هي النساء، وهو يقول أنه كان يترفع عن سواد الشعر وقت الشباب، في الليالي والأيام التي كانت النساء تعجب فيها بسواد شعره فيصيبهن شبابه بالافتتان.. مع أنه كان لا يفتخر بهذا الأمر بل يعد الافتخار به عيبا.

فكَيْفَ أذُمُّ اليَوْمَ ما كنتُ أشتَهي
وَأدْعُو بِمَا أشْكُوهُ حينَ أُجَابُ
يحدث نفسه متسائلا كيف يعقل إذن أن يذم الشيب والكهولة اليوم بعد كبر سنه مع أنه كان يتمناهما في صغره. فهو يستبعد أن يكون من الذين يشتكون من تقدم العمر واشتعال الرأس شيبا.

جلا اللّوْنُ عن لوْنٍ هدى كلَّ مسلكٍ
كمَا انجابَ عن ضَوْءِ النّهارِ ضَبابُ
يقول أن السواد كان كسحابة الضباب التي انزاحت لتكشف تحتها ضوء النهار.. وهو تشبيه قوي وعجيب من الشاعر، حيث جعل سواد الشعر مكروها وكأنه الظلام وجعل الشيب محبوبا وكأنه سطوع النهار، على عكس المتعارف عليه من تفضيل الشعر الفاحم على الأشيب!
ومن الواضح أنه يقدح قريحته لنزع أي صفة جيدة عن اللون الأسود.. لون كافور!

وَفي الجسْمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بشَيْبِهِ
وَلَوْ أنّ مَا في الوَجْهِ منهُ حِرَابُ
هنا يستدرك الشاعر ويقول للسامع: لا تظن لمجرد أني أشيب الشعر وكبير في السن أني ضعفت أو خارت قوتي!.. كلا. بل نفسي قوية لا تشيب ولا تضعف، حتى لو كان الشعر الأبيض هو كالحراب التي تطعن في الوجه لتضعف الجسد.

لهَا ظُفُرٌ إنْ كَلّ ظُفْرٌ أُعِدُّهُ
وَنَابٌ إذا لم يَبْقَ في الفَمِ نَابُ
وهذه النفس لها أظافر وأنياب معنوية ستقوم بدورها لحمايتي بعد أن تضعف الأظافر والأنياب الجسدية.

يُغَيِّرُ مني الدّهرُ ما شَاءَ غَيرَهَا
وَأبْلُغُ أقصَى العُمرِ وَهيَ كَعابُ
وهي نفس شابة فتية تشبه الفتاة التي بدأ ثديها في النضوج والنهود. ولا يؤثر في نفسي هذه تقدم العمر ولا ازدياد السنوات.

وَإنّي لنَجْمٌ تَهْتَدي صُحبَتي بِهِ
إذا حالَ مِنْ دونِ النّجومِ سَحَابُ
يبدأ المتنبي هنا بالفخر بنفسه، وأنه كالنجم على الأرض لهداية من يصاحبونه في أسفاره، وخاصة في الليالي التي تختفي فيها النجوم السماوية وراء حجاب من السحاب.

غَنيٌّ عَنِ الأوْطانِ لا يَستَخِفُّني
إلى بَلَدٍ سَافَرْتُ عنهُ إيَابُ
يقول: ومن صفاتي أيضا أني غير مرتبط ببلد معين، بل في أي مكان أوجد أكون مشهورا ومعروفا.. فأنا مستغنٍ عن أي بلد تركته، ولا حاجة لي بالعودة إليه. وهنا يشير المتنبي بصورة خفية إلى نيته القريبة في الرحيل عن مصر وترك كافور الإخشيدي كما ترك سيف الدولة الحمداني من قبل!

وَعَنْ ذَمَلانِ العِيسِ إنْ سامَحتْ بهِ
وَإلاّ فَفي أكْوَارِهِنّ عُقَابُ
وأنا مستغنٍ أيضا عن الإبل التي تحمل المسافرين وأحمالهم!.. إن سمحت لي بركوبها فأركب، أما إن لم تسمح فأنا كطائر العقاب أعبر الصحراء طائرا دون الحاجة لدابة تحملني.
ومما يستحق الذكر أن المتنبي خلال تخطيطه لرحلة هروبه السرية من مصر قام بتجهيز راحلته وزاده في الخفاء، بعيدا عن أعين المتلصصين وجواسيس كافور، ودفن أسلحته في موضع قريب بالصحراء كل يكون خروجه "طبيعيا" ودون أن يكتشف أحد غرضه بأن يرحل نهائيا. وقد نجحت خطته خاصة وأنه اختار التوقيت المناسب، يوم عيد الأضحى والناس منشغلة بالهدايا والطعام والزيارات إلخ.

وَأصْدَى فلا أُبْدي إلى الماءِ حاجَةً
وَللشّمسِ فوقَ اليَعمَلاتِ لُعابُ
ومن شدة تحكمي في حاجاتي أني أعطش فلا يظهر علي أي أثر للعطش، حتى والشمس ترسل أشعتها المتصلة على الإبل التي نركبها للسفر، وكأن الأشعة لعاب يسيل من الشمس.

وَللسرّ مني مَوْضِعٌ لا يَنَالُهُ
نَديمٌ وَلا يُفْضِي إلَيْهِ شَرَابُ
ومن صفاتي الشخصية أيضا أني كتوم للأسرار، لا يستطيع أن يستخرجها مني صديق ولا حتى وقت شرب الخمر، حين تضعف العقول وتنطلق الألسن دون تقييد.

وَللخَوْدِ منّي ساعَةٌ ثمّ بَيْنَنَا
فَلاةٌ إلى غَيرِ اللّقَاءِ تُجَابُ
أما بالنسبة للنساء، فأنا لست كهؤلاء الذين يتعلقون بهن أكثر من اللازم.. بل أكتفي بوقت قصير معهن ثم أرحل دون التفكير في العودة مرة أخرى للقاء.

وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ
يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ
وما مسألة العشق والحب هذه إلا خداع من المرء لنفسه.. فمن يعرّض نفسه لسهام الحب فسيصاب بها حتما.

وَغَيرُ فُؤادي للغَوَاني رَمِيّةٌ
وَغَيرُ بَنَاني للزّجَاجِ رِكَابُ
أما أنا فقلبي ليس فريسة للحسناوات، وأصابعي ليست مطية تركبها زجاجات الخمر!
وقيل في رواية أخرى للبيت (للرخاخ)، أي أني لا أميل إلى تضييع الوقت في ألعاب الشطرنج كما يفعل البعض.. والرخ هو القلعة أو الطابية من أحجار الشطرنج.

تَرَكْنَا لأطْرَافِ القَنَا كُلَّ شَهْوَةٍ
فَلَيْسَ لَنَا إلاّ بهِنّ لِعَابُ
فاهتمامي الحقيقي ليس بالنساء وإدمان الشراب، بل بالرماح والقتال. فهذا هو اللعب الحقيقي الذي أميل إليه.

نُصَرّفُهُ للطّعْنِ فَوْقَ حَوَادِرٍ
قَدِ انْقَصَفَتْ فيهِنّ منهُ كِعَابُ
وهوايتي هي الحرب والطعن بالرماح وأنا أمتطي الخيول القوية التي انغرست في أجسادها الرماح المتكسرة للأعداء.

أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ
وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
وهنا يأتي المتنبي بأحد أبيات الحكمة التي اشتهر بها. فأفضل مكان في الدنيا عنده هو ظهر الحصان السريع المنطلق، وأفضل صديق حقيقي ليس بشريا بل ورقيا!

وَبَحْرُ أبي المِسْكِ الخِضَمُّ الذي لَهُ
عَلى كُلّ بَحْرٍ زَخْرَةٌ وَعُبابُ
وأخيرا بعد 18 بيتا من الفخر بنفسه، يبدأ المتنبي في غرض القصيدة الأساسي وهو مدح كافور (أبي المسك) الإخشيدي!.. ويشبهه بالبحر الواسع كثير الماء عالي الأمواج الذي يفوق كل البحور الأخرى.

تَجَاوَزَ قَدْرَ المَدْحِ حتى كأنّهُ
بأحْسَنِ مَا يُثْنى عَلَيْهِ يُعَابُ
وهنا يأتي المتنبي بإحدى مبالغاته المعتادة في المعاني. فكافور صفاته تفوق أي مدح، حتى أن من يحاول مدحه فهو في الواقع سيكون مقللا من شأنه!

وَغالَبَهُ الأعْداءُ ثُمّ عَنَوْا لَهُ
كمَا غَالَبَتْ بيضَ السّيوفِ رِقابُ
يقول المتنبي: ومن صفات كافور البطولية أن أعداءه حاولوا الانتصار عليه ثم خضعوا له ولسلطانه عليهم، وكأنهم الرقاب تحاول ضرب السيوف فيكون مصيرها لا محالة القطع!.. وهي صورة جمالية فائقة الجودة في رأيي.
ومن هذا البيت يمكن أن تلاحظ ارتباط السيوف باللون الأبيض، وبالتالي مصدر ربط المتنبي بين الشعر الأبيض واسم سيف الدولة الحمداني!

وَأكْثرُ مَا تَلْقَى أبَا المِسْكِ بِذْلَةً
إذا لم تَصُنْ إلاّ الحَديدَ ثِيَابُ
يقول: ومن شجاعة كافور أيضا أنه في الحرب يكون عاري الصدر، في حين أن المقاتلين اعتادوا على لبس الدروع الحديدية تحت الثياب بحيث تخفيها عن عيون العدو.

وَأوْسَعُ ما تَلقاهُ صَدْراً وَخَلْفَهُ
رِمَاءٌ وَطَعْنٌ وَالأمَامَ ضِرَابُ
ويكون مقتحما مفتوح الصدر في معمعة المعركة، حين يحيط به الأعداء من الأمام والخلف.

وَأنْفَذُ ما تَلْقَاهُ حُكْماً إذا قَضَى
قَضَاءً مُلُوكُ الأرْضِ مِنه غِضَابُ
ومن عظم سلطته وقوة سلطانه أن أكثر أوامره تنفيذا هي تلك الأوامر التي يغضب منها الملوك، لكن لا يقدرون على عصيان أمره.

يَقُودُ إلَيْهِ طاعَةَ النّاسِ فَضْلُهُ
وَلَوْ لم يَقُدْهَا نَائِلٌ وَعِقَابُ
والناس منقادة له لأسباب ثلاثة.. فالبعض يطمع في كرمه وعطاياه والبعض يخاف قوته وعقابه، لكن حتى لو لم يكن هذا أو ذاك فالجميع يطيعونه لفضله ولشخصه دون رغبة أو رهبة.

أيَا أسَداً في جِسْمِهِ رُوحُ ضَيغَمٍ
وَكَمْ أُسُدٍ أرْوَاحُهُنّ كِلابُ
يقول المتنبي مادحا كافور أنه أسد حقيقي، في حين أن الكثير من الملوك الآخرين هم أشباه ملوك، وظاهرهم كالأسود لكن حقيقتهم كالكلاب.

وَيَا آخِذاً من دَهْرِهِ حَقَّ نَفْسِهِ
وَمِثْلُكَ يُعْطَى حَقَّهُ وَيُهابُ
وأنت يا كافور تأخذ حقك كاملا غير منقوص، ولم ينقص شيء من نصيبك من الدنيا، وكأن القدر يخشاك ويهابك!.. وهي من المبالغات السيئة عند المتنبي، لكنه يوردها كتمهيد وتوطئة لطلبه من كافور تنفيذ ما وعده إياه من توليه على إمارة يكون حاكما عليها.

لَنَا عِنْدَ هذا الدّهْرِ حَقٌّ يَلُطّهُ
وَقَدْ قَلّ إعْتابٌ وَطَالَ عِتَابُ
بعد أن فخر بنفسه ومدح كافور يأتي المتنبي للغرض الثالث من أغراض قصيدته.. السؤال والطلب.
يقول أن الدهر يماطل في إعطائي حقي، ويحاول ترضيتي بالقليل، وأنا عاتبته طويلا على هذا التأخير!.. طبعا المقصود هنا هو أن يفهم كافور أن المتنبي يستعجله للوفاء بوعده السابق بجعله أميرا.

وَقَد تُحدِثُ الأيّامُ عِندَكَ شيمَةً
وَتَنْعَمِرُ الأوْقاتُ وَهيَ يَبَابُ
وهنا يعود المتنبي للتملق، فيقول أن الأيام - على غير عادتها - تكون كريمة بقربك، فيتحول الفقر إلى غنى، ويتحول القفر إلى معمور.

وَلا مُلْكَ إلاّ أنتَ وَالمُلْكُ فَضْلَةٌ
كأنّكَ سَيفٌ فيهِ وَهْوَ قِرَابُ
وأنت يا كافور الملك الحقيقي، وما يحيط بك من مظاهر العظمة هي كماليات لست محتاجا إليها لتصير عظيما.. فهي كالجراب الذي يحيط بالسيف.

أرَى لي بقُرْبي منكَ عَيْناً قَريرَةً
وَإنْ كانَ قُرْباً بالبِعَادِ يُشَابُ
وأنا سعيد بالطبع بقربي منك (!!) لكن سعادتي يشوبها شيء من الحزن لأني بعيد عن تحقيق مطلبي. ويمكن أن نفهم البيت أيضا كإشارة لحنين المتنبي لسيف الدولة وصحبته.

وَهَل نافِعي أنْ تُرْفَعَ الحُجبُ بَيْنَنا
وَدونَ الذي أمّلْتُ مِنْكَ حِجابُ
فما فائدة أنك تفتح لي أبواب قصرك وتستدعيني لقربك في الوقت الذي تمنعني فيه من مرادي وتحجب عني هدفي وغرضي!

أُقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفّ عَنكُمُ
وَأسكُتُ كَيمَا لا يَكونَ جَوَابُ
وهذا البيت يقوله المتنبي كتبرير لتجاهله استدعاءات كافور المتكررة له. فقد كان في الفترة الأخيرة قد فقد الأمل فيه وقلل كثيرا من زيارته في قصره وكاد لا يراه إلا في المناسبات، وهو مما زاد من تأكد كافور من غرور وتكبر المتنبي.
يقول أني أقل من سلامي عليك تخفيفا عليك وكي لا أثقل عليك بواجب رد السلام!

وَفي النّفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطَانَةٌ
سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَها وَخِطابُ
وهذا البيت تصريح واضح من المتنبي لكافور. وكأنه يقول له هل إلى الآن لم تفهم؟!.. أنا عندي حاجة معينة وأنت تفهمها جيدا وترفض تلبيتها، فسكوتي وإقلالي الزيارة هو لتوصيل موقفي وإظهار غضبي من مماطلتك لي.

وَمَا أنَا بالباغي على الحُبّ رِشْوَةً
ضَعِيفُ هَوًى يُبْغَى عَلَيْهِ ثَوَابُ
لكن لا تظن طبعا أني أجعل تلبية طلبي هو مقابل لحبي لك (!!) مثل هؤلاء الذين ينتظرون منك الأعطيات والهدايا والمنح.

وَمَا شِئْتُ إلاّ أنْ أدُلّ عَوَاذِلي
عَلى أنّ رَأيي في هَوَاكَ صَوَابُ
فكل هدفي هو أن أثبت للذين لاموني في السابق أني كنت على حق عندما جئت إليك في مصر، وأنك فعلا كريم تعطي من سألك.

وَأُعْلِمَ قَوْماً خَالَفُوني فشَرّقُوا
وَغَرّبْتُ أنّي قَدْ ظَفِرْتُ وَخَابُوا
وأن أثبت لإخواني الذين خرجوا معي من عند سيف الدولة أنهم أخطأوا عندما لم يأتوا إليك هنا مثلي!.. واضح أن المتنبي يستخدم آخر حيله التملقية لمحاولة إقناع كافور بإعطائه ما يرغب.
وهذا البيت إشارة إلى اثنين كانا سافرا مع المتنبي من حلب من عند سيف الدولة الحمداني لكن تركا الشام وذهبا شرقا إلى العراق في حين أن المتنبي ذهب غربا إلى مصر.

جَرَى الخُلْفُ إلاّ فيكَ أنّكَ وَاحدٌ          
وَأنّكَ لَيْثٌ وَالمُلُوكُ ذِئَابُ
وأنت يا كافور لا خلاف عليك، ولا ريب في عظم قدرك. فأنت كالأسد في حين أن الملوك الآخرين كالذئاب، أقل قيمة وأقل مهابة.

وَأنّكَ إنْ قُويِسْتَ صَحّفَ قارِىءٌ
ذِئَاباً وَلم يُخطىءْ فَقالَ ذُبَابُ
وهذه المقارنة السابقة والمقايسة تصح أيضا إن أخطأ القارئ فقرأ كلمة ذئاب على أنها ذباب. فالملوك الآخرون حقيرون كالذباب إن قورنوا بك.
ولاحظ أن اللغة العربية كانت تكتب لمدة طويلة دون نقط على الحروف.. بل أن العرب اخترعوا علامات التشكيل قبل تنقيط الحروف أصلا. وكان الداعي لـ "إعجام" الحروف بتنقيطها وتشكيلها هو ضعف اللغة العربية عند المسلمين الجدد غير العرب، وخاف العلماء ألا يفهم هؤلاء المصحف إن قرأوه مكتوبا دون نقاط فوق الحروف. فكلمتا (ذئاب) و (ذباب) كان لهما نفس الرسم في الكتابة، وعلامة الهمزة على الياء (ئـ) هي إضافة متأخرة أخذها علماء اللغة من رسم حرف العين (عـ).

وَإنّ مَديحَ النّاسِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ
وَمَدْحُكَ حَقٌّ لَيسَ فيهِ كِذابُ
يقول أن المد يكون أحيانا بالصدق وأحيانا بالكذب والمبالغة، لكن مدحي لك صادق لا كذب فيه.

إذا نِلْتُ مِنكَ الوُدّ فالمَالُ هَيّنٌ
وَكُلُّ الذي فَوْقَ التّرَابِ تُرَابُ
يقول المتنبي بعد كل هذا الإلحاح في الطلب، أن مجرد رضاك عني يا كافور يكفيني فوق أي مال!!، وكل الأشياء والأشخاص لا رغبة لي فيها، فهم تراب زائل.

وَمَا كُنْتُ لَوْلا أنتَ إلاّ مُهاجِراً
لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بَلْدَةٌ وَصِحَابُ
وهذا أيضا من الأبيات التعريضية التي تحتمل معنيين. فالمعنى الظاهر أنك يا كافور سبب بقائي الوحيد هنا، وأن حبي لك هو دافعي للمكوث بمصر.. أما المعنى الباطن فهو أنك يا كافور تحبسني عن الخروج من مصر والرحيل عنها وترفض مغادرتي للبلاد خوفا من هجائي لك فيما بعد!.. ولولاك لكنت حرا طليقا أسافر كل يوم من بلدة إلى أخرى.

وَلَكِنّكَ الدّنْيَا إليّ حَبيبَةً
فَمَا عَنْكَ لي إلاّ إلَيْكَ ذَهَابُ
ولكنك الدنيا كلها بالنسبة لي.. فأين سأذهب إن بعدت عنك؟
وكأن المتنبي يقول في حسرة: وأين المفر؟!
-----
وبهذا نأتي لنهاية القصيدة، وقد حاولت الاختصار قدر الإمكان دون الإخلال بالمعنى، إلا أنه يمكنك الرجوع للشروح المستفيضة لديوان المتنبي إن أردت الاستزادة.

الخميس، 25 أبريل 2013

Mind Control: The Spear in Britney's Soul


Through the years, the evidence became overwhelming that Britney Spears is a victim of some kind of mind control. She is being "managed" all the time.. her contacts are limited to whatever her "Handlers" agree to.. she can't spend her own money freely without the consent of her father or fiancée. Bear in mind that this is an adult woman who earned millions in her career, but is allowed a small weekly allowance that the court approved of giving her!!

You can read more information on her "condition" on my previous post titled (Robot Britney.. Stand Still And Smile!), where you will understand the dark world of MK-Ultra mind manipulation and the disgusting project that is called "Monarch Programming".

I always refer newcomers to the excellent books of author Fritz Springmeier.. the first is: The Illuminati Formula Used to Create an Undetectable Total Mind Controlled Slave.
while the second is called: Deeper Insights Into the Illuminati Formula.

These two books - if you can find them - will help you enormously to understand the bizzare lives that women like Britney are living.

But if you have never heard of such things then an introduction is necessary, so you can see for yourself the hidden meanings of the song lyrics I'm going to quote later, where Britney herself tells her fans & listeners about the abuse she is going through!
-----

During the Nazi era, some "scientists" were working on a method to control the human Body & Mind so that an Agent/Handler would be able to use the victim any way he wants, and make him or her do whatever he needs.. like puppet masters to a puppet.

That project didn't end with the Nazis.. it was transfered to America, just like what happened to many of the German scientists that the CIA brought to the USA to complete their work!
This is a well-documented operation that was called (Operation Paperclip).

Many of those scientists continued their studies (in Physics, Social Behaviour, Chemistry, Nuclear weapons, etc.) funded by the American government.

Some of the projects were kept secret so the public wouldn't be shocked by their horrific nature.. and that included the "Meinung Kontrolle" that became MK-Ultra or Mind Control!

The congress was forced once to investigate when information about the project was leaked. (The original documents of this investigation is available online)
-----

Monarch Programming is a part of the MK project where the subjects/victims are mostly females. They are used mainly as (Sex Kittens) but are also "useful" for many other purposes.

The term Monarch of course is a kind of butterflies, and it may refer to the fact that the sex slaves are OWNED by their masters, body and mind, and that these masters see themselves as "monarchy" or Elite that have the Natural Right to enslave other humans!!
The symbolism of the butterfly is that it's beautiful but weak.. and after a period of apparent death is transformed into something new, like the new personalities of the victims after the trauma.

The main goal of the Monarch programming mind control technique is to create Multiple Personalities inside the victim's mind, separated from one another, so that she will have no recollection of her actions that were done under the control of the other personalities (usually called ALTERs)

It is an intentionally manufactured MPD (Multiple Personality Disorder).

The techniques used to "split" the mind are based on a simple psychological fact. Under extreme pressure, and after brutal physical & psychological torture, some human minds will try to defend their sanity by autumatically ERASING the horrible memories, just like bad sectors on a hard disk.

The mind will create Memory Walls around these traumatic events, so that the human being can continue to function, without these events crippling him.

The abuse of this psychological fact is the basis of monarch programming.

The handler creates the horrible memories intentionally, usually by sexually abusing the targeted victim, preferably at a young age!.. This works "best" if the abuser is one who the victim trusts, like a father or a guardian, so the shock effect will be bigger.

When the victim realizes that their is no escape from the contining abuse, then the second phase of the technique begins.. usually under the supervision of a psychiatric working with the handler.. some of them are even assigned by a court, under the impression that a "professional help" will make the abused girl heal!!

The mind of the victim then is at its weakes state, and ready to accept "suggestions" like (Forget all the pain by locking it up inside your mind) or (Let's move all the bad memories to an ater-ego that no one can see but you) etc.

The victim comes out of this PROGRAMMING worse than before, but this time she is:

- Crazy in the eye of society, so no one will believe her if she really broke out of her mental prison and tried to expose her handlers!

- Uncertain of her sanity.. so can easily be convinced that what she thinks is happening to her is really Hallucinations!

- A slave to her handlers, as they now have the keys to her different personalities, and can switch them as they want.


Some of the victims are usually implicated in criminal acts (drug dealing or worse) so they will always remain afraid of the authorities.. And to kill any remaining hope inside them, the handlers may make them witness real corrupt cops and judges so the victim will be convinced that there is no way out, and any attempt to escape or expose is futile.
-----

The medical statistics show a massive growth in the number of MPD cases in the USA, which isn't seen anywhere else on earth. The real reason is that most of these cases aren't "natural cases" but manufactured. The modern books call the condition of these cases DID, which stands for Dissociative Identity Disorder, as the victim's mind dissociates into many Alter Personalities.

The victims also dis-associate from reality to cope with all the abuse.

What are the victims used for?

They are mainly females, so "sex slave" is the usual career.
And as they are familiar with abuse, some of them are used in the porn industry, especially the pornographic category of Abuse, Humiliation, Slapping, S&M etc.
They are cheap, and do whatever the producer tell them to do, even if it's degrading or painful.

Some of the male victims are trained to be future handlers themselves!, as they will obey orders silently and feel no remorse. It's a vicious cycle that renews its horror.

Some special cases are used as political assassins, like Sirhan Sirhan, the Christian Palestinian immigrant who allegedly shot Robert F. Kennedy in the 1960s then lost every memory of the accident. He is still in prison, and even after more than 40 years can't regain his memory.. but the investigations proved that he was suffering from some kind of "Hypnosis", beside his natural tendency to accept "mental suggestions" because of the trauma he felt while a child (during the Israeli attacks)

He also had a head injury while working as a jockey in America, so controlling his mind was very easy later.

Another occupation for MK-Ultra slaves is as drug dealers. The shocking thing here is that they work for official departments!

And the explanation of that is as follows: The CIA has too many dark projects that can't officially ask the government to fund them, because too many questions would be asked then. So they run other "operations" that can secure the funds needed. And what is more lucrative than smuggling & dealing drugs?!

What is "better" is that they use brainwashed puppets to do the dirty work and take the blame if something went wrong!

Sex Kittens are also used as political leverage, to implicate important politicians in sex scandals then use the tapes to pressure them any way the Elite wants.

Any politician who "gets out of the specified line" could be made to shut up easily that way.

Another popular use for sex slaves is to serve the masters' dirty desires that any healthy sane woman will refuse to do. But this is a dark and disgusting subject that you may find more information on elsewhere, as I don't want to talk about it in detail.
-----

From all of the above you can see that the Mind Control is an industry that involves Sex, Drugs and Politics.. three of the most important things in the American culture. But what about the entertainment business and the pop culture.. where do they fit here?

The main reasons that the "MPD\DID" victims are used in the entertainment business are:

1- Controlling the "Idols" that the masses love and mimic
2- Using them as special high-class escorts to the VIP who are too powerful to be satisfied with "ordinary" women!


Michael Jackson was abused as a child, then was used by the "culture creators" to serve a specific goal. They wanted - for whatever reason - to convince the public to accept a black man when he turns "white" and acts in a childish/feminine manner. Then years later they wanted the public to accept a white man when he acts and sings like a black man, so they manufactured Eminem, and so forth!

This is a part of a Social Engineering agenda that other writers have written about extensively, so look it up.

(I recommend Alan Watt as a researcher who was part of the music business for years. You can also check the writings of Henry Makow, and Ben Singleon who used to publish his thoughts of a famous blog called psudo-occult media)


The second reason as I mentioned is to use the controlled famous celebrities as one-night prostitutes. Lots of millionaires pay a lot of money (to the handler who controls the female star) in exchange for having sex with these stars. Bear in mind that theses celebs are bred from the start to be "sex symbols".

It's a very profitable "industry" indeed, and its classic example is Marilyn Monroe.
-----

Now that you have all this information you will be able to understand the Breakdown that Britney Spears had some years ago.

You will understand the reason that she was smiling when she went into the hairdresser's salon and asked for a complete head shave, so "no one can touch her anymore"!
She thought that making herself undesirable will stop her handlers from using her sexually.

http://www.youtube.com/watch?v=OF9pOdVPcDs

She wasn't breaking down but breaking out of her handlers' prison!
It didn't work of course, but at least she tried.

Now they keep her in a semi-sedated state all the time.. I guess so the real original personality won't surface on camera and expose the truth.

You can see that she is always afraid of the flashes of the cameras.. always clutching her fists and standing as an obeying soldier waiting for commands.

They used her kids to keep her "in line", and I wouldn't be surprised if they threatened to take them away if she gets out of line.

Her phone is monitored, the same as her web surfing!.. The few true friends she had were forced to get away from her by various means.

The Album she tried to use to "tell the truth" was censored and she was forbidden to release its songs.

This album was called (Original Doll) for obvious reasons. She went to radio stations behind her Label Company's back to give the listeners samples of its songs, so the world will know of its existence and it'll be hard for "them" to bury it!

Some of the songs were leaked later, maybe even by her. The most important to her was the song called Rebellion, which came at a moment in her life when she thought that she will be able to rebel on her handlers.

There is another song from her Chaotic album that was called Mona Lisa.. and it talks about her inner struggle with the alter ego, and her victory in the battle!
She even talked in the song about a "public fall" that was being prepared for her, to hurt her image and credibility. That was before the infamous breakdown incident!

Some of the lyrics are explicit and blatantly sexual in nature, and it might be referring to memories of some of the sexual acts she did while in her other personas.
-----
And now you may be able to see the coming lyrics in a new light.

This is a story, about Mona Lisa,
The Mona Lisa.


Ladies and gentlemen, I've got a little story to tell,
About Mona Lisa, and how she suddenly fell,
You see, everyone knew her, they knew her oh so well,
Now I'm taking over to release her from her spell.


She's the original
She wants you to know
She's been cloned
She's been gone

She was taken under, 
Drowning in her sea,
Running like an angel, 
She was crying and could not see
Now see everyone's watching as she starts to fall,
They want her to break down and be a legend of her fall

She's so unpredictable
She wants you to know
That she's home, that she's home
-----


Dramatic

You used me, 
Tried to abuse me

Now I'm gonna give him what he wants and more, 
Do all those explicit things that I told you "No", 
Places you couldn't go, 
You know where I'm talking
-----


Money, Love And Happiness

I'm about to go crazy 

I know you wanna get in my head 
I'd rather get in yours instead 

I wanna run away to a place of Fairy land 
of dreams, that is where I'll find 
everything I need to have a peace of mind

All it takes is money, love and happiness 

-----


Rebellion

Be wary of others
The ones closest to you
The poison they feed you
And the voodoo that they do

But in rebellion
There's a sparkle of truth
Don't just stand there
Do what you got to do

You'll find it in rebellion
Your body starts breathing
They're not believing what they're seeing
'Cause you're rebellion

You'll find it so compelling
With everyone yelling
'Cause your soul, you're not selling
'Cause you're rebellion 
-----



Over To You Now

Do you like this?
This place, that I'm bringin' you to
'Cause I do
Oh my God!
I know this place
It's still a secret
And I don't think you've ever been
It's kinda hard, to find the entrance
You need some juice
But you'll love it once you get there
This special place
It's in the basement
You have to work your way around
The place is hot
And then it's pumpin'
So are you ready to go down?
And when you come
You might be stuck here


(p.s: This song clearly is about anal sex)

-----
Another song relevant to the subject is "Sweet Dreams (are made of this)' which was recently covered by the actress Emily Browning as part of the sound track to the weird movie Sucker Punch.

This movie is intentionally shallow on the surface, but is heavy with mind control symbolism!.. One interpretation of its meaning is that ALL the main girls in the story are simply different alters to the main character (Babydoll), and the movie depicts her struggle to accept the conditioning and trauma she suffered.

Some of the alters are "killed", while the handlers allow one of them to "escape". The original personality then is erased completely with a lobotomy operation!

It is really a weird movie, but it's obvious that the writer knows the trauma-based monarch programming technique too well!

Sweet dreams are made of this
Who am I to disagree?
Travel the world and the seven seas
Everybody's looking for something

Some of them want to use you
Some of them want to get used by you
Some of them want to abuse you
Some of them want to be abused


I wanna use you and abuse you
I wanna know what's inside you
-----

Salama

تيم بوشر.. وعالم الانترنت العجيب


مرت عليّ بضعة ساعات وأنا اقرأ لشخص لم أعلم بوجوده قبل اليوم. قرأت له وقرأت عنه. بحثت عن كتاباته وحاولت جمع أكبر قدر من المعلومات عن حياته.
لو فعلت هذا في العالم الحقيقي لتم اتهامي بجريمة التعقب Stalking ، لكني في العالم الافتراضي، الإنترنت، وللإنترنت قوانينه الخاصة!
القصة من بدايتها هي أني كنت أكتب مقالا بالإنجليزية عن أحد المواضيع الغريبة التي أهتم بها.. التحكم بالعقول والبرمجة النفسية، آخذا بريتني سبيرز كمثال!
وبما أني اقرأ عن الموضوع منذ سنوات فلم يلزمني معاودة البحث والدراسة، بل ما ركزت عليه هو توصيل المعلومة بصورة واضحة نقية، مع التوثيق قدر الإمكان.
انتهيت من الكتابة، ثم قادني فضولي لأن أبحث في جوجل عن الجديد في الموضوع مما قد يكون فاتني. قادني بحثي إلى صفحة تتكلم عن الموضوع.. لكن ما جذب انتباهي مباشرة هو اقتباس يستشهد به المؤلف، وينقله من مدونة أخرى لمن أسماه تيم بوشر Tim Boucher
http://disinfo.com/2010/10/trauma-based-mind-control

أسلوب الاقتباس أثار شيئا في نفسي. طريقة الكتابة أعجبتني على الفور، لأنها تمثل ما أبحث عنه دائما فيمن اقرأ لهم.
ذلك الأسلوب الذي يسميه البعض (السهل الممتنع).. أي الرسوخ والإحاطة بالموضوع لكن مع القدرة على توصيل المضمون بسلاسة وترتيب منطقي.
بالطبع بحثت عن المؤلف لأرى ما كتب أيضا. لكن الصدمة كانت أن موقعه متوقف، وبلا مادة مكتوبة.
كالعادة استعنت بأرشيف الإنترنت Internet Archive علني أجد نسخة محفوظة من موقعه. وفعلا وجدت.
الرجل عقلية مختلفة عن أغلبية من يكتبون على الإنترنت. موسوعي تقريبا في مواضيع المسائل التي يكتب عنها، وفاهم للكثير من المسائل الفلسفية والاجتماعية لكن دون أن ينجرف وراء التفاسير المعتادة لها. له شخصية واضحة تظهر في كتاباته، وحب للتعلم والبحث.
ما أحزنني قليلا هو أنه ترك الموقع متعمدا، بعد أن سخط على ما يصفه بعبودية الإنسان المعاصر للإنترنت، واعتماده عليه في تحديد شخصيته وتقرير اختياراته.
ترك رسالة مفعمة بالمشاعر والأفكار على موقعه مع بداية 2012، وشرح وجهة نظره في الابتعاد عن الإنترنت، وعن تركه لأمريكا وهجرته لمجتمعها باحثا عن بداية جديدة في كندا.
ذكرني بشخصية الفتى الذي تحولت حياته (ومماته) إلى قصة فيلم Into the Wild

لن تجد كتابات هذا الرجل على جوجل، لأنه من الواضح أن محرك البحث الشهير يحجب تماما أي ذكر له!.. وهو شيء كتب عنه تيم بوشر بالفعل.
أشعر أنه على أحد ما حفظ تراثه حتى لا يضيع.
الكثير من كتاباته التي قرأتها هذه الليلة يفوق أغلب الأوراق البحثية الأكاديمية التي أعرفها. هناك صفاء ذهن وانسيابية قلما أجدها على الإنترنت.

وجدت مقالا بالأسبانية ينعى توقفه عن الكتابة والنشر (ترجمته للإنجليزية عن طريق جوجل لأفهمه)
أما غير هذا فلم أجد سوى تشابه اسمه مع أحد المغنيين المغمورين.

سأبحث فيما بعد عن المزيد إذا سنح الوقت. لكني وجدت أنه من الضروري أن أسجل هنا واقعة تعرفي على كاتب جيد جديد.. فهو شيء لا يحدث كل يوم كما تعلم!



|تحرير:|
بعد كتابة هذا الكلام بشهور علمت أنه يعمل كنجار ومصمم ديكور مسرحي، وترك مهنة برمجة مواقع الإنترنت ليكون أقرب للطبيعة.. ويهتم بالحيوانات والنباتات المعرضة للخطر وللانقراض. وله فيديو على شبكة Vimeo لكن ما زال يرفض إعادة موقعه على الإنترنت.

الجمعة، 19 أبريل 2013

عن ترجمة القصص القصيرة

التدوينتان السابقتان هما إعادة نشر لقصتين صغيرتين قامت بترجمتهما الأخت (روح حائرة) ، وقمت أنا بالمساعدة في تنقيح الأسلوب.
وهي وظيفة هامة جدا في الغرب. فدور النشر لا تترك المؤلف أو المترجم هكذا دون مساعدة.. بل يوفرون له "محرر" أدبي Editor يساعده، ويكون كمراجع ملازم له طوال فترة الكتابة.
في أحد المنتديات التي كنت أشارك فيها قبل الثورة اقترحت فكرة مشروع أدبي صغير لترجمة قصة قصيرة من أدب الخيال العلمي، واخترت قصة لعبة عادلة للمؤلف فيليب ك ديك. ولاقت الفكرة قبولا وتحمس لها البعض، لكن من عمل فيها فعليا هو الأخت المترجمة.
وكانت تجربة جيدة جدا. فتم التواصل عبر البريد الإلكتروني، وكنا نتبادل المسودات الأولى، ونحاول الوصول لأفضل ترجمة لكل جملة، وفهم قصد المؤلف من كل تعبير كتبه.
والنتيجة كانت ممتازة في الحقيقة.
هنا مثلا تجد رد أحد أعضاء المنتدى تعليقا على الترجمة:

في البدء احب أن أقوم بتقديم الامتنان والشكر العميق
لــ ( روح حائرة )
و ( سلامة المصري )
للجهود المضنية التي بذلاها في ترجمة العمل و التدقيق ونحوه، من جودهما أن يقدمان لنا عملاً رائعا دون مقابل اقل مايمكن شكرهم به هو رد يعظم شأنهم
كنت اتحاشى الموضوع في كل مرة تقع عيني عليه. شيء ما يخبرني بأن مصيبة لغوية بالداخل وأن النص في حالة فوضى ، هناك جملة تسبق اخرى و ركاكة تتلف الأعصاب ولكن سبحان الله

براعة بالترجمة ما وجدت لها مثيل إلا في بعض دور نشر حيث يقوم على ترجمة النص اربعة او خمس اشخاص مجتمعين ، دار نشر الآداب إحدى الدور البارعة في هذا المجال ، وانتما اثنان وتفوقتما في العمل

النص مرتب وسرده سلس ومتواتر لايشوبه ركاكة.. واضح بين ، الترجمة اصنفها 10 / 10 ممتازة
مجهود يشكر عليه

القصة
رائعة دمج بها الخيال والرعب في بادئ الحكاية كان البطل يجالس زوجه فإذا عين تهبط من السماء لتحدق به ، هنا احب فقط أن اركز على نقطة بسيطة، النص انتقل فجأة لـ بيل دون هذا الفاصل المليح ( *** ) 
تهت قليلاً وقرأت المقطع عدة مرات حتى توصلت بأن الحكاية انتقلت لمنزل آخر ، 
بيل عالم الأحياء وتوقعه بأنهم مخلوقات خرجت من ثقب او فضائيين اعجبني كثيراً تحليله للوحى ومقابلة الله لرسله عند الجبال والوحى المنزل على الرسل في الجبال لفته جميلة منه ، ضحكت من القلب حين فسر الأمر بأنه مكيدة من جماعات دينية او الطلبة او الأساتذة المستجدين ، الذهب الذي تلاشى والفتاة الجميلة والمقهى والإفطار الساخن ، فخاخ ذكية حبكها القاص بفطنة ، شعرت بالأسى حين القي القبض على دوجلاس

القصة ترجمت باحترافية ، عندما كنت اقرأ القصة كان النوم يطرق جفني ومع ذلك وصل المعنى لذهني بسرعة لصفاوة الترجمة ونقاءها من الخطأ الغوي الجسيم

استمروا بارك الله فيكم

ترجمة قصة لعبة عادلة

لعبة عادلة
فيليب ك. ديك
Philip K Dick - Fair Game
ترجمتها للعربية: روح حائرة
تدقيق لغوي: سلامة المصري


جلس البروفيسور (أنتوني دوجلاس) بارتياح على مقعده الجلدي الأحمر الوثير وتنهد تنهيدة طويلة أثناء نزعه لحذائه ملقيًا به في الركن بعيدا وسط همهمات كثيرة، ثم طوى ذراعيه على صدره العريض واستلقى إلى الخلف مغمضًا عينيه.
" متعب ؟ "
سألته زوجته لورا وهي تستدير من أمام موقد المطبخ، والعطف بادٍ في عينيها الداكنة .
"أنتِ محقة تماما ."
ألقى دوجلاس نظرة سريعة على الجريدة المسائية بالقرب منه على الأريكة ولكن لم يكن بها شيء يستحق، تفقد جيوب معطفه بحثًا عن سجائره وأشعل إحداها على مهل..
" نعم أنا متعب بحق. نحن بصدد البدء في سلسلة بحثية جديدة تماما، وقد وصل اليوم من واشنطن مجموعة من الشباب "اللامع"، بحافظاتهم الورقية و المساطر الحاسبة."
"ليس ـــــ "
"أوه، لازلت في موقع المسؤولية،لا قدّر الله العكس!" قالها بروفيسور دوجلاس وهو يبتسم ابتسامةً عريضةً.. تصاعد الدخان الرمادي الشاحب من حوله وأضاف : " تلزمهم بضع سنوات أخرى قبل أن يتخطوني، سيكون عليهم أن يشحذوا مساطرهم الحاسبة أكثر قليلا .. "
ابتسمت زوجته وواصلت إعداد وجبة العشاء. ربما كان الجو العام للبلدة الصغيرة في كولورادو ؛ حيث قمم الجبال الثابتة والساكنة تحيط بهم، والهواء البارد الرقيق، كذلك المواطنون الهادئون، هو السبب في جعل زوجها يبدو غير منزعج على الإطلاق من التوترات والشكوك التي تمثّل ضغطًا كبيرًا على الأعضاء الآخرين في مهنته، ففي هذه الأيام قام العديد من الوافدين الجريئين باحتلال متزايد لمناصب الفيزياء النووية مما جعل القدامى يترنحون في مناصبهم متعرضين لخطر داهم، حيث تم غزو كل كلية و كل قسم ومعمل فيزيائي بالشباب البارع، حتى هنا في كلية (بريانت) النائية.
لكن حتى لو شعر أنتوني بالقلق فإنه لم يكن أبدًا ليُظهر هذا، هاهو مسترخ في سعادة على مقعده الوثير مغمضًا عينيه وابتسامة هانئة تعلو وجهه، قد كان متعبًا ولكنه يحظى بسلام وهدوء بال.. تنهدّ مجدّدًا لكن تلك المرة بسبب السعادة أكثر من الإرهاق وغمغم في تكاسل :
" حقاً ربما أنا كبير في السن بدرجة كافية لأن أصبح أبا لهم، ولكنني متقدم عنهم بعدة قفزات، فأنا بالطبع أعرف أمور عملي أفضل وخيوطه الخفيـ.. "
" و(حل وعقد) هذه الخيوط !!"
" نعم، وهذا أيضًا، على أية حال أعتقد أنني سأنتهي من السلسلة البحثية الجديدة التي نقوم بها على أتم ..... "
تلاشى صوته فجأة مما جعل لورا تسأله :
" ما الأمر ؟ "
نهض دوجلاس قليلا من مقعده و تحول وجهه فجأة للون الأبيض وهو يحدّق في رعب وفمه ينغلق و ينفتح بينما يقبض بشدة على ذراعي المقعد. خلف النافذة كانت هناك عين كبيرة، عين ضخمة تحتل النافذة بأكملها و تحدق في الغرفة بإمعان متفحصةً إياه.
" يا إلهي ! " صرخ دوجلاس.
تراجعت العين وفي الخارج لم يكن هناك سوى كآبة المساء والتلال والأشجار المظلمة والشارع. غاص دوجلاس رويدًا في مقعده، فيما أخذت لورا تسأله بحدة :
" ماذا كان الأمر؟ ماذا رأيت؟ أكان هناك أحد ما في الخارج؟ "
***
أخذ دوجلاس يشبك أصابع يديه على نحو متكرر وشفتاه ترتعشان بشدة..
" إني أخبرك الحقيقة يا بيل، لقد رأيته بأم عيني، الأمر برمته كان حقيقيًا وإلا لم أكن لأحدّثك عنه.. أنت تعلم ذلك تماما، ألا تصدقني ؟ "
" هل رآه أحد غيرك ؟ هل رأته لورا ؟ "
سأله البروفيسور ويليام هاندرسون وهو يلوك طرف قلمه مفكرًا بعمق.. كان قد دفع بطبقه و بالفضيات إلى نهاية مائدة الطعام مفسحًا مكانًا ليضع مفكرته الخاصة أمامه.
" لا.. لورا كانت تدير ظهرها. "
" كم كان الوقت حينها؟ "
مسح دوجلاس جبينه بيد مرتعشة..
" منذ نصف ساعة، كنت عائدا لتوي إلى البيت في حوالي السادسة والنصف، قمت بخلع حذائي آخذًا الأمور ببساطة."
" تقول أنها كانت منفصلة، أي لم يكن هناك شيء آخر؟ العين فقط ؟ "
" نعم العين فقط، عين واحدة ضخمة تنظر إليّ في الداخل وتجمع كل تفاصيلي كما لو أنها..."
" كما لو أنها ماذا ؟ "
" كما لو أنها تنظر من خلال ميكروسكوب. "
ساد الصمت لوهلة، بعدها ارتفع صوت زوجة هاندرسون الصهباء متحدثة من الجانب الآخر للمائدة:
" لطالما كنت عالمًا تجريبيًّا متشدّدًا يا دوجلاس، ولم تصدّق من قبل أي هراء على الإطلاق ، لكن هذا .... من المؤسف حقًا أنّ أحدًا سواك لم ير ما رأيته. "
" بالطبع لم يره أحد غيري! "
" ماذا تعني ؟ "
" هذا الشيء اللعين كان ينظر " إليّ " بالتحديد، لقد كان " أنا " من يتفحصَه".. ارتفع صوت دوجلاس بشكل هستيري .. " باعتقادكِ كيف يكون شعوري عندما تتفحصني عين بحجم البيانو! .. يا إلهي لو لم أكن أحسن السيطرة على أعصابي لكان أصابني الجنون! "
تبادل هاندرسون و زوجته النظرات، كان هاندرسون رجلا وسيما بني الشعر و يصغر دوجلاس بعشر سنوات، أما زوجته "جين هاندرسون" المحاضرة المجتهدة في علم نفس الطفل فقد بدت رشيقة ومفعمة بالأنوثة في بلوزتها المصنوعة من النايلون و البنطال الذي ترتديه.
بيل : " ماذا تستنتجين من هذا يا جين؟ فهو أقرب لمجالك. "
دوجلاس بعنف : " بل هو ينتمي لمجالك أنت يا بيل، لا تحاول أن تحرّفه إلى ظاهرة مرَضيَّة، لقد جئت إليك لأنك رئيس قسم الأحياء." " هل تعتقد إذن أنه حيوان ضخم أو ما شابه ؟ "
" بالتأكيد هو حيوان. "
" ربما هي مزحة،" اقترحت جين " أو ربما لوحة دعائية لطبيب عيون كان يحملها أحدهم مارًّا بالنافذة. "
تمالك دوجلاس أعصابه بصعوبة :
" لقد كانت العين حيّة، نظرت إليّ وتأملتني ثم انسحبت كما لو كانت ابتعدت عن عدسة الميكروسكوب. أصابت دوجلاس قشعريرة ثم أضاف : " أخبرك لقد كانت تتفحصني! "
" أنت فقط ؟ "
" نعم لا أحد عداي. "
" يبدو أنك مقتنع بغرابة أنها كانت تنظر من أعلى إلى أسفل. "
" نعم إلى أسفل، إلى الأسفل إليّ، هذا صحيح." ارتسم تعبير غريب على وجه دوجلاس و رفع يديه مشيرًا إلى الأعلى :
" الأمر يبدو يا جين كما لو أنها كانت قد جاءت من هناك.. من فوق. "
بيل بتفكر : "ربما كان الإله."
لم يتفوّه دوجلاس ببنت شفة، فقط تحول وجهه إلى الأبيض الشاحب و اصطكت أسنانه..
جين: " هذا هراء، الإله هو فكرة رمزية نفسية لتعبِّر عن القوى اللا شعورية."
بيل : " هل كانت العين تنظر إليك نظرة اتهام و كأنك اقترفت ذنبًا ما ؟ "
" لا بل كانت تنظر إلي باهتمام بالغ ... نهض دوجلاس مضيفًا : " يتوجب علي العودة؛ لورا تعتقد أنني أمر بنوبة ما، بالطبع لم أخبرها فهي غير مهيّأة علميًّا ولن يمكنها تقبّل فكرة كتلك."
بيل: " في الواقع فكرة كهذه تقبّلها عسير نوعا ما بالنسبة لنا كذلك. "
توجه دوجلاس بعصبية نحو الباب و قال :
" ألا تستطيع أن تجد تفسيرًا ما ؟ شيء منقرض على سبيل المثال ربما لا يزال يحوم حول هذه الجبال؟ "
" ليس على حد علمي.. لو حدث وسمعتُ عن أي ـــــ"
جين : " لقد قلت أنه كان ينظر لأسفل وليس أنه يميل إلى أسفل حتى يستطيع النظر إليك، لذا فمن غير الممكن أن يكون حيوانا أو كائنا أرضيا".. بدا على جين التفكير العميق وهي تقول : " ربما نحن تحت المراقبة. "
دوجلاس ببؤس شديد : " ليس أنتم، " أنا " فقط . "
بيل : "بواسطة جنس غير بشري، أتعتقد ــــــ "
جين : " ربما هي عين من المريخ. "
فتح دوجلاس الباب الأمامي بحذر وأطل بالخارج، كان الليل حالك السواد والرياح الخفيفة تتحرك بين الأشجار وعلى طول الطريق العام.. ظهرت سيارة دوجلاس بصعوبة وسط الظلام كمربع أسود في خلفيته التلال.
دوجلاس : " إذا فكرت في أي شيء اتصل بي . "
جين : " تناول حبتيّ منوّم قبل أن تخلد إلى النوم، حاول تهدئة أعصابك."
وقف دوجلاس على عتبة البيت بالخارج و هز رأسه : " فكرة سديدة، شكرًا لكِ.. ربما أنا فقدت عقلي. رُحماك يا رب !.. حسنا أراكم لاحقا."
ثم نزل الدرج ممسكا الدرابزين بإحكام
" ليلة سعيدة!" صاح بيل وبعدها أُغلق الباب و انطفأت أنوار الممشى.. توجه دوجلاس بحذر ناحية سيارته، وسار في الظلام متلمسًا مقبض باب السيارة، خطوة .. خطوتان .. فكر في سخافة الأمر. رجل بالغ - في منتصف العمر تقريباً – وفي القرن العشرين !!
.. وجد دوجلاس باب السيارة، فتحه وانسلّ سريعًا إلى الداخل مغلقًا الباب خلفه، ثم أخذ يتمتم بصلوات شكر خافتة وهو يدير محرك السيارة و يشغل الأضواء الأمامية..
سخيف لأبعد حد ما يحدث له، عين ضخمة ؟!.. ربما هي حيلة من نوع ما، أخذ دوجلاس يقلب الأفكار في رأسه؛ هل هم الطلاب ؟ مهرجون ؟ شيوعيون ؟ أهي مؤامرة لجعله يفقد صوابه؟ إنه شخص مهم، ربما عالم الفيزياء النووية الأكثر أهمية في الدولة، وهذا المشروع الجديد قد ..
كان دوجلاس يقود السيارة على مهل في الطريق الهادئ و يشاهد الأشجار والشجيرات بينما تزداد سرعة السيارة..
في الغالب قد تكون مؤامرة شيوعية، بعض الطلاب من النادي اليساري قد كونوا مجموعة دراسية للمؤمنين بالماركسية، ربما أعدّوا ـــــــ ....
على وهج الأضواء الأمامية رأى دوجلاس شيئا يلمع على جانب الطريق، أمعن النظر فيه مذهولا، كانت كتلة مربعة الشكل وسط الأعشاب على جانب الطريق من حيث تبدأ الأشجار الكبيرة المظلمة.. كانت تلمع وتتلألأ.. أبطأ دوجلاس السيارة حتى كادت تقف..
كان هناك سبيكة ذهبية ترقد على حافة الطريق.
كان الأمر لا يصدّق، فتح البروفيسور دوجلاس نافذة السيارة ببطء وألقى نظرة إلى الخارج، هل ما رآه كان ذهبًا بالفعل ؟
ضحك بعصبية.. على الأرجح لا، إنه رأى الذهب بالتأكيد مرارًا من قبل، وهذا يبدو كالذهب، لكنه ربما كان رصاصا؛ سبيكة من الرصاص مطلية بالذهب..
لكن لماذا ؟
قد تكون مزحة أو خدعة؛ كأن يكون طلاب الكلية قد شاهدوا سيارته و هي في طريقها إلى منزل عائلة هاندرسون و علموا أنه على الأغلب سيعود سريعًا..
أم.. أم أنه بالفعل ذهب ؟ ربما سيارة مصفحة مرت على الطريق وانعطفت مسرعة مما جعل السبيكة تسقط خارجا و تقع على الأعشاب، إذا صحّ ذلك فهذا يعني أنه كانت هناك ثروة صغيرة ترقد في الظلام على حافة الطريق السريع، لكن امتلاك الذهب غير قانونيّ وكان سيتوجب عليه إعادته للحكومة.. ألا يستطيع أن يأخذ جزءًا بسيطا من الذهب لنفسه ؟ إنه لو قام بإعادة السبيكة الذهبية كان ليحصل بالتأكيد على مكافأة مجزية من نوع ما، ربما عدة آلاف من الدولارات.
باغت مخطط مجنون عقل دوجلاس؛ الحصول على السبيكة، ثم وضعها في صندوق وشحنها في طائرة إلى المكسيك خارج البلاد، (إيريك بارنز) يمتلك طائرة صغيرة وسوف يمكنه بسهولة أن يوصل السبيكة إلى المكسيك، بعدها يبيعها هو و يتقاعد ويعيش في رغد و رفاهية لبقية حياته.
زمجر البروفيسور دوجلاس بحنق شديد، لقد كان واجبه إعادة السبيكة والاتصال بإدارة سك العملة في "دنفر" أو قسم الشرطة ليخبرهم عنها.. غيّر دوجلاس اتجاه السيارة و رجع إلى الوراء حتى أصبح في محاذاة السبيكة المعدنية، أطفأ المحرك وغادر السيارة إلى الطريق المظلم، كان لديه عمل يقوم به، فهو كمواطن مخلص - ويعلم الله أنه مر بعشرات الاختبارات التي أثبتت مدى ولائه - على عاتقه الآن مهمة يتوجب القيام بها، انحنى دوجلاس إلى داخل السيارة وتفقد المصباح الكاشف فوق لوحة العدادات.. لو أن أحدهم فقد سبيكة ذهبية فالأمر أصبح الآن مسؤوليته...
" سبيكة ذهبية؟" مستحيل!..
غزته قشعريرة باردة ببطء كاد معها أن يتوقف قلبه، و في مؤخرة رأسه هتف صوت واضح و منطقي " من ذاك الذي يرحل و يخلّف وراءه سبيكة من الذهب؟ " ..
ثمة شيء ما يجري هنا، داهمه الخوف و تجمد في مكانه مذعورًا، لقد كان وحيدا تماما في ذلك الطريق المظلم المهجور ومن حوله الجبال الصامتة، إنه حقا موقع ممتاز إذا أرادوا اختطافه ـــــ أرادوا ؟ لكن من هم ؟
التفت سريعا حوله، في الأغلب هم يختفون خلف الأشجار في انتظار أن يعبر الطريق السريع ويترجّل من السيارة مبتعدًا صوب الشجيرات، ثم ينحني ليلتقط السبيكة وتكون ضربة واحدة سريعة وينتهي الأمر برمته.
اندفع دوجلاس سريعًا نحو سيارته، أدار المحرك ,ضغط الدواسة ورفع المكابح، اهتزت السيارة وانطلقت إلى الأمام، و بيديه المرتعشتين أمسك بثبات عجلة القيادة.. عليه الخروج من هنا والابتعاد قبل أن يتمكن منه هؤلاء الأشخاص أيا كانوا..
بينما العربة تنطلق مبتعدة ألقى نظرة أخيرة خلفه من النافذة المفتوحة، السبيكة لا تزال هناك تلمع وسط الأعشاب المظلمة على حافة الطريق، ولكن كان يكتنفها شيء من الغموض؛ هالة من الذبذبات المبهمة تكونت في الجو الملامس لها، ثم فجأة تلاشت السبيكة واختفت تماما بعد أن خبا وهجها و تحول إلى عتمة.
اشرأب دوجلاس بعنقه نحو السماء وشهق فزعا، شيء ما كان قد حجب النجوم؛ تكوين كبير صعقته ضخامته كان يتحرك مباشرة فوق رأسه.. دائرة بلا جسد تدب فيها الحياة. بالتحديد وجهٌ عملاق و عريض ينظر للأسفل و يبدو مثل قمر هائل الحجم يحجب كل شيء آخر.. ثبت الوجه فجأة مستهدفا دوجلاس عند البقعة التي قد تركها للتو، و بعدها تلاشى وغرق في الظلام كما حدث للسبيكة تماما..عادت النجوم ترصع السماء و بقي دوجلاس وحيدًا..
غاص دوجلاس في مقعده و أفلت عجلة القيادة فانحرفت السيارة بشدة، لكنه أمسك مقود السيارة في اللحظة الأخيرة.
لم يعد هنا شك حيال هذا الأمر، أحدهم يلاحقه محاولا الإمساك به، لكن هذه المرة لا يوجد شيوعيون أو مقلب أعده الطلاب أو حيوان ضخم أتى متسكعا من الماضي السحيق، أيا كان هذا الشيء و أيا كان هؤلاء فليست لهم علاقة على الإطلاق بكوكب الأرض، إنهم ينتمون إلى عالم آخر وقد غادروه في محاولة الإمساك به.. به ؟! ولكن لمَ ؟

" استمر"
قالها (بيت بيرج) بعد أن توقف دوجلاس عن الحديث.. كان بيرج يصغي باهتمام شديد..
دوجلاس: "هذا كل شيء ,"ثم التفت ناحية بيل هاندرسون قائلا ":لا تخبرني أنني قد فقدت عقلي، لقد رأيته بالفعل وكان ينظر إلي من أعلى، الوجه بأكمله هذه المرة وليست العين فقط."
جين هاندرسون : ":أتعتقد أن هذا هو الوجه الذي تنتمي إليه العين؟"
دوجلاس: " نعم، أنا أعرف هذا جيدا، فلدى الوجه نفس تعبير العين؛ يتفحصني. "
لورا بصوت خفيض متهدج " يجب أن نتصل بالشرطة، علينا أن نوقف هذا، إذا كان أحدهم في أثره ــــــــ "
" الشرطة لن تجدي نفعًا " قالها بيل وهو يروح جيئة وذهابا.
كان الوقت متأخرا بعد منتصف الليل، و كانت كل الأضواء في منزل دوجلاس مشتعلة.. في أحد الأركان جلس ميلتون إيريك رئيس قسم الرياضيات العجوز متكوما على نفسه, منتبهًا لكل ما يقال بينما وجهه المليء بالغضون خال من أي تعبير يذكر.. تحدث إيريك بهدوء نازعا غليونه من بين أسنانه الصفراء:
" بإمكاننا أن نفترض أنهم جنس لا ينتمي للأرض، فحجمهم وهيئتهم يشيران إلى أنهم غير أرضيين بكافة المقاييس."
قالت جين محتجة: " ولكن لا يمكنهم أن يظلوا عالقين هكذا في السماء ! لا يوجد شيء بالأعلى "!
إيريك: " ربما كانت هناك عوالم أخرى للمادة لا تتوافق أو تتشابه غالبا مع تركيبات عالمنا، ربما هو تواجد لا نهائي و متعدد لأنظمة كونية أخرى تقع على طول مستوى من الإحداثيات المتساوية غير القابلة للتفسير تماما عبر مصطلحاتنا العلمية الحديثة، وهو ناتج عن تجاور شاذ للمماسّات، نحن الآن على اتصال بهذا العالم."
بيل مفسّرًا "إيريك يعني أن هؤلاء الأشخاص الذين يلاحقون دوجلاس لا ينتمون لكوننا و أنهم قد جاؤوا من بُعد مختلف كلية "
همهم دوجلاس " لقد تموج الوجه.. كلا من الذهب والوجه تموجا ثم اختفيا."
إيريك " انسحبا ، وعاد الوجه إلى الكون الذي ينتمي إليه، لديهم مدخل إلى كوننا في أي ساعة شاءوا، قد يكون عبارة عن ثقب - إذا جاز القول - يستطيعون العبور من خلالها و العودة مجددا. "
جين " إنه أمر يدعو للأسف، إن حجمهم كبير جدا، فقط لو كانوا أصغر ــــ"
إيريك: " الحجم في صالحهم، إن الموقف عسير."
" كل هذا الجدل العلمي ! "صرخت لورا بعنف " نحن نجلس هنا نستنبط النظريات وفي هذه الأثناء هم يسعون خلفه ! "
بيل بغتة : " ربما هذا يفسر الآلهة "
" الآلهة ! "
أومأ بيل بالإيجاب : " ألا ترون ؟ في الماضي كانت هذه الكائنات تنظر إلى الكون الذي نعيش فيه عبر هذه الارتباطات الكونية ، وربما قد تكون هبطت إليه، لقد رأتهم الأقوام البدائية و عجزت عن تفسير ماهيتهم فاخترعوا عقائد حولهم وقاموا بعبادتهم. "
جين:"مثل جبل الأوليمب، بالإضافة طبعا إلى قمة جبل سيناء حيث قابل موسى ربه، نحن هنا عاليا في جبال الروكي؛ ربما الاتصال يحدث فقط في الأماكن المرتفعة كهذه الجبال. "
بيل : أيضا رهبان التبت يعيشون في المرتفعات الأكثر علوا في العالم، تلك المنطقة بأكملها هي الجزء الأقدم و الأكثر ارتفاعا من العالم، كذلك فقد أوحي بجميع الديانات السماوية في الجبال، و أوصلها الأشخاص الذين رأوا الله وحملوا رسالته. "
لورا " ما لا أستطيع فهمه هو السبب الذي يريدون دوجلاس من أجله، لم يلزمهم انتقائه ؟
ارتسمت على وجه بيل ملامح الجدية وهو يقول " أعتقد أن هذا واضح تماما. "
إيريك: "هل لك أن تفسّر ؟ "
بيل : "من هو دوجلاس ؟ إنه أفضل عالم فيزيائي في العالم تقريبا، حيث يعمل في مشاريع الانشطار النووي بالغة السرية بالإضافة إلى البحوث العلمية المتقدمة.. إن الحكومة تمول أي شيء تقوم به كلية بريانت فقط لأن دوجلاس هنا. "
" إذًا ؟"
" إنهم يريدونه من أجل قدراته ولمعرفته للأشياء، بسبب حجم علاقتهم بكوننا، إنهم يخضعون حياتنا البشرية لفحص دقيق كالذي نقوم به نحن في معامل الأحياء لزراعة البكتيريا الرئوية, لكن هذا لا يعني أنهم متفوقون حضاريا علينا"
هتف بيت بيرج "بالطبع!.. يريدون دوجلاس لأجل علمه. يريدون أن يسطوا عليه ويستخدموا عقله في مزارع "بكتيرية" خاصة بهم"
جين : طفيليات! لقد كانوا يعتمدون علينا دائما، ألا ترون معي هذا ؟ إن الأشخاص الذين اختفوا في الماضي قد تم اختطافهم بواسطة تلك المخلوقات، على الأرجح هم يعتبروننا حقل تجارب أو ما شابه، حيث يتم تطوير العلم والتقنيات بأساليب شنيعة من أجل منفعتهم الخاصة. "
حاول دوجلاس أن يتكلم ولكن عجزت الكلمات أن تخرج من فمه، كان يجلس متسمرًا في مقعده ورأسه تميل إلى جهة واحدة.. في الخارج, من بين الظلمة كان أحدهم ينادي اسمه.. نهض دوجلاس و اتجه نحو الباب بينما يحدق به الجميع في دهشة ..
بيل : ما الأمر يا دوجلاس ؟ "
أمسكت لورا بذراعه قائلة :
" ما الخطب ؟ هل أنت على ما يرام ؟ فلتقل شيئا ! "
تخلص البروفيسور دوجلاس من يدها و فتح الباب الأمامي و خرج إلى الممشى، كان ضوء القمر الخافت يغمر كل شيء..
" بروفيسور دوجلاس ! "
جاءه الصوت مجددا، عذبا ونقيا.. صوت فتاة، وفي أسفل درجات الممشى وقفت فتاة شقراء تبدو في العشرين من عمرها.. رسم ضوء القمر حدود جسدها, كانت ترتدي تنورة بها مربعات و سترة باهتة من الموهير، وفوق عنقها تلف وشاحا حريريا.. لوّحت الفتاة بلهفة و بوجه متضرع :
" بروفيسور هل لي بدقيقة من وقتك ؟ شيء مريع قد حدث لـ ..."
أخذ صوتها بالتلاشي بينما تتحرك بعيدا عن المنزل نحو الظلام..
صاح دوجلاس "ما الأمر ؟ "
كان يسمع صوتها بصعوبة وهي لا تزال تبتعد.. مزقت الحيرة دوجلاس، تردد لوهلة ثم أسرع بالنزول على السلالم خلف الفتاة التي ابتعدت عنه أكثر و هي تحرك يديها في عصبية وتعض على شفاهها الممتلئة بقسوة وأسى، كان صدرها يعلو و يهبط من الخوف الشديد وتحت ضوء القمر ظهر بوضوح وجهها المضطرب.
" ماذا هناك ؟ ما الأمر ؟ " صاح دوجلاس بصوت عال و أسرع غاضبا خلفها .. " أسألك بالله أن تتوقفي ! "
استمرت الفتاة في الابتعاد جاذبةً دوجلاس خلفها مسافة أكبر بعيدا عن المنزل إلى الامتداد الواسع الأخضر من الحشائش وبداية ساحة حرم الجامعة ، شعر دوجلاس بالضيق الشديد، اللعنة على الفتاة، لم لا يمكنها انتظاره ؟
" انتظري قليلا ! " قالها وهو ينطلق فوق الحشائش وسط الظلام و يلهث من التعب.. " من تكوني ؟ .. بحق الجحيم ماذا تريديــ ـــــ "
بغتة ظهر وميض قوي يعمي الأبصار وضربت صاعقة الأرض خلف دوجلاس على بعد خطوات محدثة حفرة انبعث منها الدخان، توقف دوجلاس مذهولا في حين مرت صاعقة أخرى ولكن هذه المرة فوقه مباشرة، دفعته الموجة الساخنة إلى الوراء فترنح و كاد يسقط.. توقفت الفتاة فجأة صامتة وبلا حراك و وجهها قد خلا من أي تعبير، اكتسبت صفة شمعية و مرة واحدة صارت جامدة تماما، إلا أن دوجلاس لم يملك الوقت للتفكير في هذا الأمر، استدار ومشى بصعوبة تجاه المنزل لكن صاعقة ثالثة اندفعت نحوه مجددا فانحرف أقصى اليمين ملقيا نفسه وسط الشجيرات بجوار الجدار ثم تدحرج وتمسك بالجانب الصلب من المنزل منكمشًا قدر ما يستطيع.. في السماء المرصعة بالنجوم سطع وميض مفاجئ و ظهرت حركة هزيلة ثم لا شيء، توقفت الضربات الصاعقة و حتى الفتاة اختفت بينما ظل هو وحيدا..
كان فخا، محاكاة بارعة لجذبه خارج المنزل في الخلاء و من ثَم يتمكنون من اصطياده.. وقف دوجلاس على قدميه وهو يترنح و سار بمحاذاة جانب المنزل، على الممر كان بيل هاندرسون ولورا و بيرج يتحدثون بعصبية ويبحثون عنه.. كانت سيارة دوجلاس تقف عند المدخل.. ربما لو استطاع الوصول إليها ــــــــ
نظر دوجلاس إلى السماء، لاشيء سوى النجوم ولا أثر لهم، إذا استطاع أن يستقل سيارته و ينطلق بها على الطريق السريع مبتعدا عن الجبال نحو دنفر حيث المكان منخفض ربما يصبح آمنا.. أخذ نفسا عميقا، أمامه عشرة ياردات فقط إلى السيارة، ثلاثون خطوة.. فقط لو يستطيع الوصول.. ركض دوجلاس بسرعة على الممر، فتح الباب ووثب داخل السيارة و بحركة سريعة أدار المحرك، اهتزت السيارة و علا صوت هديرها، ضغط دوجلاس بقوة على دواسة الوقود فانطلقت السيارة مسرعة.. صاحت لورا و هي تنزل درجات السلم لكن صيحتها ونداء (بيل) المصدوم تلاشيا مع هدير المحرك..
بعدها بثواني كان دوجلاس على الطريق السريع مبتعدا بأقصى سرعة عن البلدة سالكًا الطريق الطويل الملتوي المؤدي لدنفر.
بإمكانه استدعاء لورا من دنفر و ستنضم إليه ويأخذان القطار المتجه للشرق سويًّا، لتذهب كلية بريانت إلى الجحيم فحياته الآن على المحك. قاد السيارة ليلا لساعات دون توقف حتى انبلج نور الصباح و ارتفعت الشمس رويدا في السماء، بدأت السيارات تغزو الطريق و بجانبه مرت شاحنتا ديزل تتحركان بثقل مصدرتان قرقرة , كان قد بدأ يشعر بالتحسن و أصبحت الجبال خلفه و تفصله عنها مسافة كبيرة.. ارتفعت معنوياته إذ أصبح النهار دافئا، هناك مئات الجامعات والمعامل المنتشرة في أرجاء البلاد ويستطيع أن يواصل عمله بكل سهولة في مكان آخر، لن يكون بمقدورهم التمكن منه طالما أصبح بعيدا عن الجبال..
أبطأ دوجلاس من سرعة السيارة، كان مؤشر عداد الوقود يقترب من علامة النفاد، على يمين الطريق كانت هناك محطة وقود و مقهى جانبي صغير، مشهد المقهى جعل معدته تحتج و تذكر أنه لم يتناول إفطاره.. كانت هناك سيارتان تصفان أمام المقهى و عدد من الأشخاص يجلسون عند منصة تقديم الطعام في الداخل.. انعطف بسيارته و توقف في المحطة ..
" املأها ! "
قالها دوجلاس للعامل و خرج واقفا على الحصى الساخن تاركا محرك السيارة يدور، سال لعابه؛ صحن مليء بالكعك الساخن و طبق جانبي من لحم الخنزير وكوب قهوة ساخن يتصاعد منه البخار ... " هل أستطيع أن أتركها هنا ؟ "
حرك العامل الذي يرتدي زيا أبيضا غطاء الخزان و بدأ في ملء السيارة..
" السيارة ؟! ماذا تقصد ؟ "
" املأها واركنها هنا، سأخرج خلال دقائق قليلة بعد أن أتناول الإفطار سريعًا. "
" الإفطار ؟! "
تضايق دوجلاس، ما الأمر مع هذا الرجل؟ أشار إلى المقهى موضحا، عند مدخل المقهى كان سائق شاحنة يستند عل الباب ذو الأسلاك وهو يخلل أسنانه بانهماك، وبالداخل كانت النادلة تغدو جيئة وذهابا في خدمة الزبائن، كان بالفعل يشم رائحة القهوة ولحم الخنزير ينضج على الشواية، ومن صندوق الموسيقى انبعث صوت خافت و رديء لكنه دافئ وحميم.. " نعم، في المقهى."
توقف العامل عن تزويد السيارة بالوقود وأنزل الخرطوم ببطء ملتفتًا إلى دوجلاس وتعبير غريب يرتسم على وجهه: " أيّ مقهى؟ "
في تلك اللحظة انبعثت من المقهى موجة ذبذبات ثم تلاشى بأكمله ! كتم دوجلاس صرخة رعب، في المكان الذي كان يوجد فيه المقهى كان هناك حقل ممتد من الحشائش البنية، وبضعة علب صفيح صدئة و خردة و سياج مائل، أما على المدى فكانت حدود الجبال..حاول دوجلاس أن يتمالك نفسه :
" أنا متعب قليلا،".. عاد مرتبكا داخل السيارة .. " كم النقود ؟ "
" و لكني قد بدأت للتو في ملء الــ ــــــ "
دفع دوجلاس بورقة نقدية للعامل " هاك، ابتعد عن الطريق . " ثم أدار محرك السيارة و اتجه نحو الطريق السريع تاركًا العامل ينظر في أثره باندهاش.
لقد كان هذا وشيكًا وللغاية .. مصيدة كان على وشك دخولها بقدميه، ولكن الشيء الذي أخافه حقا لم يكن قرب حدوث الشيء بل كونهم لا يزالون يتعقبونه حتى خارج نطاق الجبال.. لم يجدِ الأمر نفعا، هو ليس أكثر أمنا من الليلة الماضية، إنهم في كل مكان ..
أسرعت السيارة، كان يقترب من دنفر ..ثم ماذا ؟ و إن يكن ؟ إن الأمر لن يشكل فارقا، بإمكانه أن يحفر حفرة في " وادي الموت" و رغم هذا سيظل غير آمن ، إنهم يلاحقونه ولا ينوون التوقف، الأمر إلى هذا الحد واضح تماما.
أخذ دوجلاس يعصر عقله، عليه أن يفكر في شيء ما أو طريقة للنجاة، إنها حضارة طفيلية؛ جنس يعيش على حساب البشر ويستغل معرفة الإنسان واكتشافاته، أليس هذا ما قاله بيل؟ إنهم يسعون خلف معرفته للأشياء و معرفته بعلوم الفيزياء النووية و مقدرته الفريدة، لقد تم اصطفاؤه دونا عن بقية رفقائه لبراعته وقدراته الأكثر تفوقا لذا سيظلون يلاحقونه حتى يتمكنوا منه.. ثم ماذا سيحدث ؟ تملكه الخوف و أخذ يتذكر ما مر به؛ السبيكة الذهبية، الشرك، الفتاة التي بدت حقيقية للغاية، المقهى المكتظ بالناس، حتى رائحة الطعام، لحم الخنزير و القهوة الساخنة.. يا إلهي, فقط لو كان شخصًا عاديا بدون مهارة أو قدرات خاصة، فقط لو ـــــــ .
فجأة صدر صوت فرقعة و انحرفت السيارة بينما أخذ دوجلاس يسب بعنف، ثقب في إطار السيارة.. وفي هذا الوقت بالذات!
أوقف دوجلاس السيارة على جانب الطريق وأطفأ المحرك و جلس صامتا لبرهة، في النهاية تحسس بارتباك معطفه وأخرج علبة سجائر منبعجة وأشعل سيجارة على مهل، ثم فتح نافذة السيارة ليسمح بدخول بعض الهواء.. لقد وقع في المصيدة لا ريب، ليس بوسعه أن يفعل شيئا، إن انفجار السيارة تم ترتيبه مسبقا، ربما ألقوا من أعلى شيئا ما على الطريق، مسامير صغيرة على الأرجح .
كان الطريق مهجورا ولا أثر لسيارة على مدى البصر و دوجلاس وحيدٌ تماما بين القرى، دنفر تقع على بعد ثلاثين ميلا وليس هناك أمل للوصول إلى هناك، لا شيء حوله سوى الحقول المنبسطة والسهول المقفرة.. لا شيء عدا الأراض الممتدة والسماء الزرقاء.. نظر دوجلاس إلى السماء، لم ير شيئا ولكنه يعلم أنهم هناك في انتظاره ليخرج من السيارة، ستقوم تلك الثقافة الغريبة باستغلال معرفته وقدراته، وسيصبح عبارة عن أداة في أيديهم و ينتقل كل علمه إليهم، سيكون مجرّد عبد، لكن على نحو ما يعدّ هذا إطراء، فمن بين مجتمع كامل تم اختياره هو فقط و هذا يعني أن مهارته و معرفته أفضل من الآخرين، فكرة كهذه جعلت وجنتيه تلمعان، ربما كانوا يدرسونه منذ فترة لا بأس بها، وتلك العين العملاقة بالتأكيد تفحصته مرارا من خلال التليسكوب أو الميكروسكوب أو أيا كان، لقد كانت تنظر إليه وتتفحص قدراته ومن ثم أدرك هؤلاء القيمة التي سيضيفها إلى ثقافتهم.
فتح دوجلاس باب السيارة وخطا بقدمه على الأسفلت الساخن.. ألقى سيجارته على الأرض وسحق عقبها بهدوء ثم أخذ نفسا عميقا وتمدد متثائبا، الآن يستطيع رؤية المسامير اللامعة تتناثر على قارعة الطريق، كلٌ من الإطارين الأماميين مثقوب..
شيء ما ومض فوقه، انتظر دوجلاس بهدوء، ها قد أتوا أخيرا، غير أنه لم يعد خائفا كما كان من قبل، فقط تابع الأمر بفضول متحفظ.. بدأ الشيء يكبر شيئًا فشيئا واتسع وتضخم محتلا الفراغ من فوقه، للحظة تردد الشيء, بعدها هبط على الأرض.. وقف دوجلاس في ثبات بينما انغلقت عليه شبكة واسعة، التفت الحبائل حوله والشبكة ترتفع إلى أعلى، كان يتجه إلى السماء إلا أنه كان مرتاحا و هادئ البال ولا يعتريه الخوف.. ولم الخوف ؟ سوف يقوم بذات العمل كما دائما، بالطبع سوف يفتقد لورا والكلية و رفقاءه المثقفين فيها بالإضافة إلى وجوه الطلاب المشرقة، ولكن حتما سيجد له رفقة بالأعلى؛ أشخاص وعقول مدربة يعمل و يتواصل معهم .
كانت الشبكة تزداد في الارتفاع و تبتعد عن الأرض سريعًا، شاهد دوجلاس باهتمام شخص خبير شكل الأرض وقد تغير من سطح مستو إلى كرة، كما استطاع أن يرى من فوقه خلف الحبائل المعقدة للشبكة حدود الكون الآخر والعالم الجديد الذي يتجه إليه.
أعلاه كان يجثم مخلوقان بالغا الضخامة بشكل لا يمكن وصفه، أحدهما كان يسحب الشبكة والآخر يراقب ممسكا شيئا ما بيده، كان المنظر بتكويناته الغامضة هائل الحجم و أكبر من أن يستطيع دوجلاس استيعابه ..

"أخيرا, ياله من صراع" ، انبثقت فكرة
" نعم لكن الأمر كان يستحق"، فكر المخلوق الآخر .
دوت أفكار المخلوقين في عقل دوجلاس؛ أفكار قوية من عقول عملاقة.
" لقد كنتُ محقًا، هو الأكبر على الإطلاق، ياله من صيد ثمين !
بالتأكيد يزن أربع وعشرين شوكريا !"
"أخيرا !"

فقد دوجلاس رباطة جأشه و غزت عقله قشعريرة رعب، ما الذي يتحدثان عنه ؟ ماذا يقصدان ؟ و قبل أن يسترسل في أفكاره كان يُلقى من الشبكة ويسقط متجها صوب شيء ما؛ سطح مستو و لامع، ترى ماذا يكون؟
الغريب أنه كان يبدو بشكل ما كـالمقلاة.