الأربعاء، 14 مايو 2014

الصين ولينكس

الحكومة الصينية تدعو مستخدمي Xp للانتقال إلى لينُكس

وقف دعم إكس-بي هو سبب قرار الصين حث المواطنين على التحول لاستخدام لينكس.
فنسخة الويندوز ستظل تعمل لكن دون تحديثات أمنية، وشراء نسخ الويندوز الجديدة سيكلف الدولة أموالا طائلة دون داعٍ بالإضافة إلى أنه يضع الصين تحت رحمة - وتحكم - شركة احتكارية أمريكية كمايكروسوفت..
فكان الحل المنطقي هو تقديم نسخة صينية من لينكس (موجود بالفعل الآن) آمنة ومجانية ومفتوحة المصدر وتحظى بدعم مطوري الحكومة.

ونفس الشيء يحدث الآن في ألمانيا.. وكان من المفترض أن يحدث عندنا بعد الثورة.. حيث نظام أعجوبة Ojuba.org عربي ومتاح للجميع (بالإضافة لنسخ لينكس "ممصرة" يقوم بتطويرها طلبة هندسة حاسبات)
لكن الفساد المالي أدى إلى أن مايكروسوفت تستميل الهيئات الحكومية المسؤولة عن تقرير نوع نظام التشغيل المستخدم في الحكومة..
مايكروسوفت تجعل الوزارات المصرية تشتري نظاما مغلقا، غير مجاني، غير آمن، مرتبط دائما بشركته الأمريكية في الصيانة والدعم، في حين أن الشباب المصري سيقدم دعما أفضل وأسرع وأرخص للحكومة إن قررت استخدام اللينكس!

الاثنين، 12 مايو 2014

من تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي - مرور الجبال وحركة الأرض

س: هل هناك صلة بين مسألة حركة الأرض والآية 88 من سورة النمل "وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب" ؟
ج: لا!!  والتفصيل فيما يلي..



هناك حركة فكرية انتشرت تسمى "حركة الإعجاز العلمي في القرآن"، يقوم أتباعها بحسن نية بعملية خطيرة ومستمرة، وهي تحريف معاني آيات من القرآن وتوفيقها تعسفيا مع نظريات علمية معينة.
هذه الحركة لها جهد مشكور وآخر مذموم. إذ يصل بها الشطط أحيانا إلى "ليّ" عنق الآيات لتطويعها مع مسائل لم ترد في الآية أصلا!
ومثالنا هنا هو صلة آية "مرور الجبال" بمسألة دوران الأرض.

فللأسف انتشر بين الناس اليوم أن معناها مرتبط بمسألة دنيوية، في حين أن سياقها يربطها صراحة بحدث مستقبلي، أخروي، وهو "تسيير الجبال" يوم القيامة، بعد أن كانت ثابتة راسخة في الدنيا.

سبب تحريك الله يومها للجبال هو إظهار قدرته، وأيضا لتكون هذه الحادثة الخارقة علامة على فناء الدنيا وبداية حياة أخروية جديدة مختلفة في الشكل والهدف، وليرى الواقفون في يوم القيامة أن الثوابت التي كانت راسخة لا تتزعزع ولا تتحرك قد تحركت وتم نسفها.
وتحريك الجبال لم ترد الإشارة إليه في آية 88 من سورة النمل فقط، بل النص القرآني يركز على هذه المسألة ويكررها في عدة مواضع.. فالقرآن يفسر بعضه بعضا.

وفي تفسير القرطبي للآية جمع لما ورد في القرآن عن مراحل تدمير ونسف الجبال يوم القيامة.. فالجبال سيتم دكها، وستصير كالعهن المنفوش بعد أن كانت متماسكة،وستكون كالهباء، وسيتم نسفها، وسيتحول ترابها وغبارها المتبقي ليصير كالسحاب، إلخ..
فالسحب مظهرها الخارجي يوحي بضخامتها وأنها كالجبال، لكنها في الحقيقة ذرات بخار ماء خفيفة، وتشبه القطن وأجزاءه المقطعة.

ويقول ابن كثير في تفسير الآية:
"تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب، أي: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) الطور 9، 10 ، وقال (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) طه: 105، 107، وقال تعالى: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة) الكهف: 47 "

ومما يؤكد أن الآية 88 تحكي حدثا من أحداث يوم القيامة، أنها في سياق يتحدث عن "يوم الفزع". فالآية التي تسبقها هي:
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
والآية التي تليها هي:
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

فأحداث دك الجبال وتحريك ذراتها كالسحاب هي من المشاهد المهولة ولا شك، لكن الله سيحفظ عباده الصالحين من فزع وأهوال ذلك اليوم.
-----

مرور الجبال وحركتها وسيرها وما سيحدث لها مذكور - كما قلنا - في آيات أخرى أيضا، ومنها:


وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً - الكهف 47
وواضح طبعا أن تسيير الجبال ليس في الحياة الدنيا بل يوم القيامة

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً - الطور 10

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - التكوير 3

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً - النبأ 20

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً - الواقعة 5

يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ - المعارج 9

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ - القارعة 5

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً - المزمل 14

فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ - المرسلات 10

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ - الحاقة 14

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً - طه 105
-----

وهناك موقف آخر يوم القيامة سيرى الناس فيه شيئا على غير حقيقته، من هول الموقف:
«وترى الناس سكارى وما هم بسكارى»
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ - الحج 2
فهي شبيهة بآية «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب»
-----

وكلمة الجبال مرتبطة بالسحاب في مواضع أخرى من القرآن غير آية سورة النمل:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ - النور 43
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ - فاطر 27
-----

والقرآن يشير في عدة مواضع إلى أن الجبال - في الحياة الدنيا حاليا - ثابتة، لا تمر ولا تسير.. بل هي كالوتد الثابت الذي يتم دقه في الأرض لتثبيت حبال الخيمة الموضوعة فوق الأرض.

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً - النبأ 7
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا - النازعات 32
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ - الغاشية 19


والجبال مضرب المثل في الثبات وعدم الحركة..
انظر مثلا آية الرعد 31:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآَناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً

وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ - إبراهيم 46

والجبال رواسي راسية:

وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً - الرعد 3
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - الحجر 19
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - النحل 15
وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ - الأنبياء 31
أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ - النمل 61
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - لقمان 10
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا - فصلت 10
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - ق 7
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً - المرسلات 27
-----

فكيف بعد كل هذا يحاول أتباع الإعجاز العلمي تغيير معنى آية "مرور الجبال" في عقول المسلمين وتحريف معناها وقطعها عن سياقها؟!

فمعنى الآية الواضح هو كما يقول تفسير الجلالين:
"وَتَرَى ٱلْجِبَالَ" أي تبصرها وقت النفخة
"تَحْسَبُهَا" أي تظنها
"جَامِدَةً" واقفة مكانها لعظمها
"وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ" المطر إذا ضربته الريح. أي تسير سيره، حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبسوسة، ثم تصير "كَالعِهْنِ" ثم تصير "هبآءً مَّنثُوراً"

ويقول تفسير الرازي: "اعلم أن هذا هو العلامة الثالثة لقيام القيامة وهي تسيير الجبال"
وقال الشنقيطي في تفسير "أضواء البيان"  والألوسي في تفسير "روح المعاني" نفس الشيء بإسهاب وتوضيح.
-----
والجبال وقتها ستكون منفصلة عن الأرض كما أن السحاب بعيد عن سطح الأرض. وستسير الجبال في مجموعات مجتمعة مقتربة من بعضها كما يفعل السحاب. وستكون مكونة من مجموعة من الجزيئات الصغيرة الترابية كما يتكون السحاب من جزيئات مائية. وسيراها الناس تنتقل من مكانها كما نرى السحاب يتحرك من مكانه مبتعدا عنا، إلى آخر التشابهات.


هامش:
سلسلة «تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي» بدأت بتدوينة عن تحريف زغلول النجار لمعنى آية "غُلبت الروم في أدنى الأرض" هنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_22.html
وهنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_20.html
والموضوع تمت مناقشته في ملتقى أهل الحديث هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=2083925
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=334032


هامش2:
رأيت بعض الاعتراضات من بعض أعضاء ملتقى أهل الحديث، وكان أبرزها قول القائل: ( تحسبها جامدة يفيد أن ذلك في الدنيا لأن الآخرة لا يوجد بها ظن)
والرد عليه ببساطة هو الإشارة لهذه الآيات:
1- وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى
أي أن الناظرين سيحسبون الناس سكارى، لكنه حسبان على غير الحقيقة.. كما سينظر الناس للجبال فيحسبونها ثابتة مع أنها ستكون ذرات تراب متحركة كالسحاب.

2- يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ - المجادلة 18
وهو ظن وحسبان خاطئ منهم يوم القيامة، لا حقيقي.

3- ويقول ابن كثير، في تفسير النبأ 20:
(( "وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً" كقوله تعالى: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ}
وكقوله تعالى: "وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ"، وقال ههنا "فَكَانَتْ سَرَاباً" أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر. ))
وهذه الآية مرتبطة بآية "مرور الجبال" أشد ارتباط، بل تكاد تكون مطابقة لها في وصف الحدث!
ففيها ذكر تحريك الجبال، كما في آية النمل
وفيها ذكر حدث من أحداث يوم القيامة
وفيها ذكر مسألة أن الناظر سيرى شيئا فيظنه شيئا آخر، كظاهرة السراب في الصحراء، تماما كما سيرى الناس يوم نفخة الفزع الجبال فيحسبونها جامدة مع أنها ستكون في الحقيقة متحركة!

هامش3:
اعتراض آخر رأيته، وخلاصته: أن (قوله تعالى {صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} امتنان من الله تعالى بصنعته، والله لا يمتنُّ بصنعته يوم القيامة؛ إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا)

والإجابة على هذا هي أن مبعث الخطأ وسوء الفهم عند القائلين أن ("صنع الله الذي أتقن كل شيء" تشير أن الحدث دنيوي) هو ظنهم أن مراد الله من الآية هو "الامتنان"!!

يقول أبو السعود في إرشاد العقل السليم:
(( صُنْعَ ٱللَّهِ : مصدرٌ لمضمونِ ما قبله أي صنعَ الله ذلك صُنعاً على أنَّه عبارةٌ عمَّا ذُكر من النَّفخِ في الصُّورِ وما ترتَّب عليهِ جميعاً قُصد به التنبـيه على عظَمِ شأنِ تلك الأفاعيلِ وتهويلِ أمرِها والإيذانُ بأنَّها ليستْ بطريقِ إخلالِ نظامِ العالمِ وإفسادِ أحوالِ الكائناتِ بالكُلية من غيرِ أنْ يدعوَ إليها داعيةٌ أو يكونَ لها عاقبةٌ بل هي من قبـيلِ بدائعِ صُنعِ الله تعالى المبنية على أساسِ الحكمةِ المستتبعةِ للغاياتِ الجميلةِ التي لأجلِها رُتبت مقدماتُ الخلقِ ومبادىءُ الإبداعِ على الوجهِ المتينِ والنَّهجِ الرَّصينِ كما يُعرب عنه قولُه تعالى "ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء" ))

وفي تفسير السعدي:
(ومن هوله أنك { تَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } لا تفقد شيئاً منها، وتظنها باقية على الحال المعهودة، وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ، وقد تفتت ثم تضمحل وتكون هباءً منبثاً. ولهذا قال: { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ} من خفتها وشدة ذلك الخوف وذلك "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" فيجازيكم بأعمالكم)

فمعنى السياق كله هو إبراز قوة الله وعظمته وقدرته على الجبال الراسخة + إظهار هول الموقف ومشاهده المفزعة.
كما يقول ابن كثير: "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ" أي يفعل ذلك بقدرته العظيمة.

ومن مشاهد القيامة الأخرى التي ستظهر فيها صنعة الله وإتقانه، مشهد إعادة تركيب أجساد الموتى من "عجب الذنب"..
فكما خلق الجبال قوية ثابتة لا تتحرك في الدنيا سيقدر عليها في الآخرة ويجعلها لا ثابتة ولا قوية! بل متحركة وكالعهن المنفوش.

السبت، 10 مايو 2014

شكل الأمور القادمة

“Although world government had been plainly coming for some years, although it had been endlessly feared and murmured against, it found no opposition prepared anywhere.” -H.G. Wells, “The Shape of Things to Come”
قال المؤلف البريطاني هـ چ ويلز في روايته السياسية التي توقعت نشوب الحرب العالمية الثانية (شكل الأمور القادمة) : على الرغم من أن الحكومة العالمية كانت تتشكل بوضوح على مر السنين، وعلى الرغم من تكرار التخويف من حدوثها، وعلى الرغم من كل ما قيل ضدها، إلا أنها لم تجد أي مقاومة تم تجهيزها !!"

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الإخوان والكنيسة

تعامل الإخوان مع "الفنانين" والكنيسة ذكرني بمسألة أن من حاول إرضاء الناس عن طريق إغضاب الله، غضب الله عليه وأغضب الناس من هذا الشخص!!
أي عامله بعكس ما كان يريد.
ومن أغضب الناس وهو يحاول إرضاء الله، رضي الله عنه ثم أرضى هؤلاء الناس عنه!

زيارات وفود الإخوان للمسيحيين في كنائسهم لم تشفع لهم، وها نحن نرى الكنيسة أكبر محرض على قتل الإخوان!!
ومداهنة الإخوان المسلمين للفنانين والإعلاميين ومحاولة "استمالتهم" واتقاء شرهم، أدت إلى ما رأيناه من تكالب الفنانين ضد الإسلاميين!!



عصر برج الدلو

الإيمان بالأبراج الفلكية يمثل جزءا هاما من الديانات الباطنية.
وهم يقسّمون التاريخ لـ"عصور" Ages ، ويقولون أننا اليوم في بداية عصر برج الدلو.. Age of Aquarius

فلكيا، فإن الشمس تقع برج معين عندما يحل الاعتدال الربيعي (في شهر مارس) ، وهذا البرج يتغير مع مر السنين ببطء، بحيث أنها كانت في برج الثور أيام الفراعنة، وفي مقدمات برج الدلو حاليا.

حسابيا فإن كل برج يستغرق حوالي 2160 سنة.. لكنه حساب غير دقيق ويصعب التأكد منه لأن "علم" الأبراج ليس علما بالمعنى المفهوم!
لهذا يقوم المنجمون والباطنية بتبسيط العملية الحسابية عن طريق جعل كل برج يمثل 2000 سنة تقريبا.
وبناء على هذا فبرج الثور بالنسبة للباطنية كان من 4000 قبل الميلاد إلى 2000 قبل الميلاد
وبرج الحمل كان من 2000 ق.م إلى ميلاد المسيح
وبرج الحوت من 1 م إلى 2000 م تقريبا
وبرج الدلو من 2000 م إلى 4000 م ، وهكذا.

 ويقول الباطنية أن كل عصر كان له رمز معين يرتبط بالبرج الخاص به.. وهو رمز ديني. أي أن الباطنية خلال فترة برج الحوت (رمز السمكتين) كانوا يؤثرون في الديانة المسيحية.. والمسيحية ينتشر فيها رمز السمكة!
ففي الأناجيل أن وظيفة أتباع يسوع كانت صيد السمك وتحولت لصيد البشر (أي إقناعهم بالإيمان به)
والعديد من أمثال يسوع تذكر رمزية السمك.
وكان النصارى الأوائل يرسمون رمز السمكة على الحوائط كشعار رسمي سري لجماعتهم أيام الاضطهاد.

وفترة انتشار المسيحية كانت فترة برج الحوت.
أما برج الدلو فرمزه شخص يسكب الماء، ولا نعرف أي ديانة مستقبلية سيختار الباطنية ربطها بهذا الرمز؟!

برج الثور كان فترة عبادة المصريين القدماء لعجل أبيس الذي يمثل أوزيريس وبتاح.
وطبعا عبد بعض بني إسرائيل العجل الذهبي بعد خروجهم من مصر!

أما برج الحمل فيقولون أنه يمثل الديانة الإبراهيمية اليهودية، وقصة التضحية بكبش الخروف فداء لابن إبراهيم.
أما في الأناجيل فالحمل رمز لقتل يسوع والتضحية به.. كإشارة على انتهاء فترة الحمل وبداية فترة برج الحوت!

http://the-red-thread.net/Gods-of-the-Ages.html

وحركات الباطنية المنتشرة في الغرب الآن تسمي نفسها حركات "العصر الجديد" New Age Movement ويقصدون عصر برج الدلو.


الأحد، 4 مايو 2014

بولس

قام الله بتخليص رسوله عيسى من براثن أعدائه، بعد أن قام اليهود - كعادتهم مع الأنبياء والرسل - بمحاولة قتله.
فالتفت اليهود تلقائيا لأتباع عيسى، يريدون القضاء عليهم تماما ومحو ما جاء به آخر أنبياء بني إسرائيل.
(اسم عيسى في العبرية يعني: الله يخلصه، يهوشوع/يشوع/يوشع)

من كان أعداء عيسى؟
- سكان فلسطين من اليهود (بني إسرائيل) وحكام فلسطين وقتها من الرومان الوثنيين.

كيف كان المجتمع الإسرائيلي وقتها؟
- كان اليهود منقسمين على أنفسهم بدرجة كبيرة، إلى فئات دينية متعارضة. للأسف كان الأغنياء والأعيان متعاونين مع المحتل الروماني ومحبين لثقافته، كما فعلوا مع المحتل اليوناني الإغريقي من قبل.. وكان الذين يتحكمون في الهيكل هم فئة تسمى الصدّوقيين، وكانوا يكفرون صراحة بعقيدة اليوم الآخر وفكرة الحساب يوم القيامة!
وكانت هناك فئة أخرى ترد على هؤلاء، وهي فرقة الفَرّيسيين، المعتزلة، وهم حاخامات اليهود الذين أرادوا السيطرة على عقول بني إسرائيل وتكبيلها كما يفعل الكهنة في كل زمان. والفريسيون كانوا يحاربون الأنبياء لأن الأنبياء كانوا يفضحون التحريفات التي وُضعت على التوراة، في حين أن الفريسيين أرادوا حماية هذه التحريفات والاتزام بها لأنها نتيجة جهد 500 سنة من التأليف والتحريف الذي قام به أجدادهم منذ عادوا من السبي البابلي!

وكانت توجد فئة ثالثة قليلة العدد مغلوبة على أمرها وهي فئة المسلمين، المؤمنين فعلا بالتوراة الحقيقية كما أنزلها الله على موسى، ومنهم طبعا زكريا ويحيى وعمران أبو مريم.

عندما بعث الله عيسى بن مريم عرف اليهود أنه رسول، لكن رفضوا اتباعه. والسبب هو أنهم أرادوا رسولا يؤكد ما حرّفوه، لا رسولا يصحح ما أفسدوه!
أرادوا قائدا عسكريا يقضي على المحتل الروماني ويجعل اليهود أسياد العالم، فوجدوه رسولا يريد أولا تصحيح عقيدتهم الفاسدة وتحسين أخلاقهم المنحرفة!
وجود عيسى وأتباعه كان يهدد طبقة أثرياء اليهود المتحالفين مع الرومان، والمحبين للوثنية الإغريقية و"الحضارة" الغربية..
وفي نفس الوقت، وجود عيسى وأتباعه يهدد النفوذ الديني الذي كان يتمتع به الفريسيون وسط أتباعهم من بني إسرائيل.
ولكل هذه الأسباب - وغيرها - قرر اليهود القضاء على عيسى وأتباعه.
يقول المؤرخون المسلمون أن يحيى تم قتله، وزكريا تم قتله، وعيسى رفعه الله إليه قبل نجاح اليهود والرومان في قتله.
لكن أتباعه المؤمنون أنه رسول الله كانوا لا يزالون على قيد الحياة. فكيف يا ترى تعامل معهم اليهود والرومان بعد عيسى؟!
اضطهدوهم بالطبع.. وكادوا أن ينجحوا في إبادتهم.. وظن اليهود أن الله لن يبعث رسولا مرة أخرى.

اليهود يريدون مسيحا يحكم العالم ويُخضع كل الأمم له، ويجعل اليهود أسياد الجميع.. ويسمونه المسيا أو ها-مشيح.. وللأسف لم يعجبهم عيسى ولم يعجبهم محمد، ولن يجدوا ضالتهم إلا في المسيح الدجال!
(يتبعه سبعون ألف من يهود أصبهان، عليهم الطيالسة)

لكن حملة الإبادة لم تنجح 100% ، فقام اليهود بتنفيذ خطة أخرى ماكرة وهي هدم الدين من داخله، وتحريف رسالة عيسى عن طريق التسلل إلى قلوب أتباعها!
أرسل اليهود شخصا واحدا لأداء هذه المهمة الصعبة.. بولس!
ربما يكون من أرسله هو مَجمع السنهدرين اليهودي، أو الفرقة الباطنية اليهودية التي كانت قائمة على تحريف التوراة.. لا نعرف الآن على وجه الدقة.

من هو بولس؟
- اسمه اليهودي شاول Saul (على اسم الملك اليهودي الصالح شاول الذي كان على أيام النبي صموئيل. واسم شاول في القرآن هو طالوت)
كان بولس يهوديا، فريسي بن فريسي، وفي نفس الوقت كان رومانيا، معه الجنسية الرومانية ويخضع للحماية الرومانية!
مهمته كانت تعقب أتباع عيسى وقتلهم وتعذيبهم. ثم قرر التحول ظاهريا للمسيحية لإفسادها من داخلها.
بولس كان مثقفا وفيلسوفا ومطلع على الثقافات الغربية.. وكتب رسائل كثيرة هي أساس النصرانية الحالية.
ففي حين كان عيسى عليه السلام رسولا إلى بني إسرائيل فقط، يذكرهم بالله وبالتوراة، قام بولس بتغيير هذا وقرر نشر فكرة أن عيسى كان إله وابن إله، وأن رسالته لا يجب أن تقتصر على اليهود بل تنتشر في أوروبا بين الرومان!
أتباع عيسى رفضوا هذه الأفكار، وأرادوا التمسك بحقيقة أن عيسى كان رسولا بشريا من الله إلى بني إسرائيل، كما يقول الإنجيل على لسانه: ما بعثت إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة.
لكن بولس كانت تدعمه قوى أخرى جعلت رأيه ينتصر، وبالتالي نجد اليوم أن المسيحية مقرها هو الڤاتيكان في روما بإيطاليا!
فالرومان - بعد شد وجذب - أعجبتهم أفكار بولس، ووجدوها توافق هواهم الوثني، وأساطيرهم عن الآلهة وأبناء الآلهة!
لاحظ ناقدو الأناجيل أن بولس كان الرومان يعاملونه باحترام ويحرسونه ويتركوه يكلم العامة حتى أثناء القبض عليه! ومن هنا ترى سبب توجه بعض الباحثين الأجانب لتأكيد فكرة أنه كان عميلا رومانيا يقوم الرومان بـ"تمثيلية" القبض عليه لإظهاره في صورة البطل!
قصة بولس الموجودة في الأناجيل تنتهي فجأة دون ذكر مصيره، ولهذا قامت الكنيسة بنشر فكرة أن الرومان أعدموه، مع أنه لا توجد وثائق تاريخة تشير لهذا!
والظاهر أنه اختفى عن الساحة بعد أن أدى دوره المنوط به، وبدأت المسيحية بشكلها الجديد في البروز.

في تاريخنا الإسلامي شخصية مماثلة لبولس، أرسلها اليهود أيضا في بدايات الإسلام لتحريف الإسلام من داخله، وأقصد بالطبع ابن سبأ اليهودي الذي ادعى دخوله الإسلام وحاول نشر فكرة تأليه علي بن أبي طالب!
كما نشر بولس فكرة تأليه عيسى.

-----
تقول الأناجيل أن بولس واجه مقاومة شديدة لأفكاره من شخص يسمى يعقوب أخو المسيح.
وسبب الخلاف هو أن بولس اقترح هدم كل الشرائع اليهودية السابقة، كتحريم أكل الخنزير، ووجوب الختان، إلخ.. لكن يعقوب وأتباعه قالوا أن عيسى لم يحارب التوراة وشرائعها الأصلية، فلا يجب تغيير الثوابت اليهودية، وأن على الأتباع الداخلين في المسيحية أن يلتزموا بشرائع التوراة.
لكن بولس أراد أن يقوم بتيسير دخول الرومان الوثنيين للمسيحية الجديدة التي اخترعها، ويعرف أن الختان لن يناسب ذوقهم، فأراد تغيير الدين ليوافقهم.
ونجح كما نعرف.. فالكنيسة اليوم لا تعترف بالشرائع اليهودية.

السبت، 3 مايو 2014

صمود الانقلاب

أوهام "سقوط" الانقلاب سريعا مجرد مخدرات ومسكنات!!

ساويرس يتحكم في الجيش بأمواله.. ومعه شعب الكنيسة.. ومعه الدعم الغربي الخارجي.. ومعه المعادون لأي حاكم مصري إسلامي.. ومعه طبقة منتفعي الحزب الوطني، وطبقة "مثقفي" وزارة فاروق حسني، وأصوات الليبراليين والعلمانيين، وأغلبية القضاة ومشرفي الانتخابات.. وقنوات الإعلام التابعة لرؤوس الأموال الفاسدة..

الطبيعي هو أنه مع تخلي الإسلاميين عن الجهاد وتركهم الساحة، يمتلئ الفراغ تلقائيا بالكنيسة.
لا أرى غرابة في هذا إطلاقا!!
إن أهل الصليب ينفخون في غثاء السيل ليزيحوه، بيسر وسهولة، مهما كان عدد هذا الغثاء كبيرا.