الخميس، 15 مايو 2014

همبتي دمبتي العثماني؟؟

في رواية (أليس) الثانية المسماة "أليس عبر المرآة" نرى شخصية همبتي دمبتي الشهيرة تحاور بطلة القصة، في حوار ذكي ساخر كتبه المؤلف لويس كارول.
صورة همبتي المعروفة مرتبطة بشخص على شكل بيضة، يجلس على سور، معرضا للسقوط من عليه في أية لحظة.
لكن - وكما تقول كلمات الأغنية البريطانية الشعبية القديمة - الملك بنفسه وعده بأن يرسل له كل جنوده وكل خيوله لإنقاذه إن تعرض للسقوط.
قام لويس كارول بإدخال هذه الأغنية الشعبية في أحداث قصته، وللأسف - كما تنبأت الكلمات - يسقط همبتي دمبتي ولا يفلح كل رجال الملك في إعادته لوضعه كما كان!

Humpty Dumpty sat on a wall
Humpty Dumpty had a great fall
All the king's horses and all the king's men
Couldn't put Humpty together again
همبتي دمبتي جلس على حائط
همبتي دمبتي سقط سقطة عظيمة
كل خيول الملك وكل رجال الملك
لم يفلحوا في إعادة أجزائه كما كانت.



رواية "أليس عبر المرآة" تم نشرها سنة 1872 ، مع تغيير السطر الأخير في الأغنية ليكون:
Couldn’t put Humpty Dumpty in his place again
"لم يفلحوا في إعادته لموضعه كما كان"

الرسام الذي رسم لوحات قصة أليس هو "چون تينيل John Tenniel".. كان رساما للكاريكاتير السياسي في بريطانيا في القرن الـ 19 ، خصوصا في مجلة Punch

ما أريد لفت الانتباه له هنا هو سطر في قصة أليس يصف همبتي دمبتي - عند تقديمه - بأنه «يجلس على الحائط شابكا رجليه كما يفعل "الأتراك" »
وقت كتابة القصة كانت كلمة تركي تعني مسلم بشكل عام، لأن تعاملات أوروبا كانت مع مسلمي الخلافة العثمانية التركية، والتي كان يحكمها آخر السلاطين العظام، عبد الحميد الثاني رحمه الله.

وحيث أن قصة أليس معروفة برموزها التي تسخر من السياسيين في عصرها، خطر لي أن سقوط همبتي دمبتي المقصود منه السقوط - الذي كان وشيكا - للخلافة العثمانية التي كانت توصف وقتها برجل أوروبا المريض!
ففي رواية أليس الأولى "أليس في بلاد العجائب" يقول الدارسون أن شخصية "صانع القبعات المجنون" مستوحاة من رئيس الوزراء البريطاني اليهودي بنيامين دزرائيلي.. وأن الرسام اختار ملامح الشخصية بحيث تظهر التشابه بينهما!

وبعد بحث وجدت كاريكاتيرا قديما رسمه چون تينيل لمجلة Punch سنة 1878 يعلق على اتفاقية سياسية تم إبرامها وقتها بين العثمانيين وبريطانيا، تسمى اتفاقية قبرص، تم بموجبها تسليم جزيرة قبرص العثمانية إلى الإنجليز، مقابل أن تدعم الإمبراطورية البريطانية الإمبراطورية العثمانية في النزاع الذي كان قائما بين العثمانيين والروس.

والكاريكاتير يصور دزرائيلي البريطاني على اليمين، وقبرص على اليسار، وهما يحاولان رفع السلطان العثماني على السور مرة أخرى بعد سقوطه، ومكتوب تحت الرسم: همبتي دمبتي!!
-----

بعد انقلاب الجيش على الخليفة عبد الحميد الثاني سنة 1909 تفتت الامبراطورية العثمانية، ووقعت البلاد الإسلامية تحت الاحتلال الأوروبي، وتكسرت بيضة همبتي دمبتي بعد سقوطها العظيم.

الأربعاء، 14 مايو 2014

الخلل عند أتباع الإعجاز العلمي

أسعدني انتشار الرأي القائل أن النظريات العلمية الوافدة علينا من الغرب - وخاصة الكونية - يجب التعامل معها - كما قال بعض الشيوخ الفضلاء - كما نتعامل مع أقوال بني إسرائيل..
نصدق ما نعلم صدقه، ونكذّب ما نعلم كذبه، ونتوقف عن تصديق أو تكذيب ما لسنا متأكدين منه.

فأتباع الإعجاز العلمي عندهم خلل جوهري في أسلوبهم، وهو اتخاذ النظرية العلمية كأساس ثابت ثم محاولة تأويل الآية القرآنية لتناسب النظرية!!
ما دمنا لم نصل بعد لقوة علمية في بلادنا الإسلامية تتيح لنا مقارعة النظريات الغربية العلمية بتجارب معملية تكلف المليارات، فلا يجب أن نأخذ كل ما يقولونه وكأنه حقائق!
بل ننظر فيما استنتجوه من الـ  Data العلمية الخام التي جمعوها، فإن وافق استنتاجهم ما عندنا - بشكل صريح دون تأويل ولا تغيير لظاهر الآية - فهو صواب.. وإن خالف ما عندنا فهو خطأ.. وما لم يخالف ما عندنا لكن لم نستطع التأكد 100% منه (لضعف معاملنا وقلة علمائنا المتخصصين، إلخ) فنتركه معلقا، لا نؤمن به تماما ولا ننكره تماما..

وأدعو الله أن يهبني القوة على إتمام سلسلة "تحاريف وتخاريف أتباع الإعجاز العلمي" لكشف تدليسهم وتغييرهم لمعاني النصوص القرآنية، ونشرهم الأوهام بين عامة المسلمين.

ففيما سبق كتبت عن تحريف معنى آية "غُلبت الروم" وآية "مرور الجبال".. وهناك غير هذين المثالين الكثير.. كتغيير الإعجازيين لتفسير "الطارق النجم الثاقب" ليصير - في زعمهم - صوت "طرقات" الأشعة الكونية!!
وتغييرهم لمعنى "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" لتصبح في زعمهم إشارة لتمدد السماء وتوسعها!! مع أن المعنى هو "جعلناها واسعة" أي "وقد أوسعنا بنيانها"
والعلم الغربي "الحديث" لا يعترف أصلا بالسماء!! أي لا يعترف بوجود بناء مشيد اسمه السماوات، لها أبواب ويعيش فيها ملائكة وأنبياء إلخ. والنصوص الإسلامية لا تشير أبدا لتغير حجم السماء الدنيا ولا لتغير المسافة بين الأرض والسماء.

الصين ولينكس

الحكومة الصينية تدعو مستخدمي Xp للانتقال إلى لينُكس

وقف دعم إكس-بي هو سبب قرار الصين حث المواطنين على التحول لاستخدام لينكس.
فنسخة الويندوز ستظل تعمل لكن دون تحديثات أمنية، وشراء نسخ الويندوز الجديدة سيكلف الدولة أموالا طائلة دون داعٍ بالإضافة إلى أنه يضع الصين تحت رحمة - وتحكم - شركة احتكارية أمريكية كمايكروسوفت..
فكان الحل المنطقي هو تقديم نسخة صينية من لينكس (موجود بالفعل الآن) آمنة ومجانية ومفتوحة المصدر وتحظى بدعم مطوري الحكومة.

ونفس الشيء يحدث الآن في ألمانيا.. وكان من المفترض أن يحدث عندنا بعد الثورة.. حيث نظام أعجوبة Ojuba.org عربي ومتاح للجميع (بالإضافة لنسخ لينكس "ممصرة" يقوم بتطويرها طلبة هندسة حاسبات)
لكن الفساد المالي أدى إلى أن مايكروسوفت تستميل الهيئات الحكومية المسؤولة عن تقرير نوع نظام التشغيل المستخدم في الحكومة..
مايكروسوفت تجعل الوزارات المصرية تشتري نظاما مغلقا، غير مجاني، غير آمن، مرتبط دائما بشركته الأمريكية في الصيانة والدعم، في حين أن الشباب المصري سيقدم دعما أفضل وأسرع وأرخص للحكومة إن قررت استخدام اللينكس!

الاثنين، 12 مايو 2014

من تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي - مرور الجبال وحركة الأرض

س: هل هناك صلة بين مسألة حركة الأرض والآية 88 من سورة النمل "وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب" ؟
ج: لا!!  والتفصيل فيما يلي..



هناك حركة فكرية انتشرت تسمى "حركة الإعجاز العلمي في القرآن"، يقوم أتباعها بحسن نية بعملية خطيرة ومستمرة، وهي تحريف معاني آيات من القرآن وتوفيقها تعسفيا مع نظريات علمية معينة.
هذه الحركة لها جهد مشكور وآخر مذموم. إذ يصل بها الشطط أحيانا إلى "ليّ" عنق الآيات لتطويعها مع مسائل لم ترد في الآية أصلا!
ومثالنا هنا هو صلة آية "مرور الجبال" بمسألة دوران الأرض.

فللأسف انتشر بين الناس اليوم أن معناها مرتبط بمسألة دنيوية، في حين أن سياقها يربطها صراحة بحدث مستقبلي، أخروي، وهو "تسيير الجبال" يوم القيامة، بعد أن كانت ثابتة راسخة في الدنيا.

سبب تحريك الله يومها للجبال هو إظهار قدرته، وأيضا لتكون هذه الحادثة الخارقة علامة على فناء الدنيا وبداية حياة أخروية جديدة مختلفة في الشكل والهدف، وليرى الواقفون في يوم القيامة أن الثوابت التي كانت راسخة لا تتزعزع ولا تتحرك قد تحركت وتم نسفها.
وتحريك الجبال لم ترد الإشارة إليه في آية 88 من سورة النمل فقط، بل النص القرآني يركز على هذه المسألة ويكررها في عدة مواضع.. فالقرآن يفسر بعضه بعضا.

وفي تفسير القرطبي للآية جمع لما ورد في القرآن عن مراحل تدمير ونسف الجبال يوم القيامة.. فالجبال سيتم دكها، وستصير كالعهن المنفوش بعد أن كانت متماسكة،وستكون كالهباء، وسيتم نسفها، وسيتحول ترابها وغبارها المتبقي ليصير كالسحاب، إلخ..
فالسحب مظهرها الخارجي يوحي بضخامتها وأنها كالجبال، لكنها في الحقيقة ذرات بخار ماء خفيفة، وتشبه القطن وأجزاءه المقطعة.

ويقول ابن كثير في تفسير الآية:
"تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب، أي: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) الطور 9، 10 ، وقال (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) طه: 105، 107، وقال تعالى: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة) الكهف: 47 "

ومما يؤكد أن الآية 88 تحكي حدثا من أحداث يوم القيامة، أنها في سياق يتحدث عن "يوم الفزع". فالآية التي تسبقها هي:
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
والآية التي تليها هي:
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

فأحداث دك الجبال وتحريك ذراتها كالسحاب هي من المشاهد المهولة ولا شك، لكن الله سيحفظ عباده الصالحين من فزع وأهوال ذلك اليوم.
-----

مرور الجبال وحركتها وسيرها وما سيحدث لها مذكور - كما قلنا - في آيات أخرى أيضا، ومنها:


وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً - الكهف 47
وواضح طبعا أن تسيير الجبال ليس في الحياة الدنيا بل يوم القيامة

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً - الطور 10

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - التكوير 3

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً - النبأ 20

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً - الواقعة 5

يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ - المعارج 9

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ - القارعة 5

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً - المزمل 14

فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ - المرسلات 10

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ - الحاقة 14

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً - طه 105
-----

وهناك موقف آخر يوم القيامة سيرى الناس فيه شيئا على غير حقيقته، من هول الموقف:
«وترى الناس سكارى وما هم بسكارى»
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ - الحج 2
فهي شبيهة بآية «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب»
-----

وكلمة الجبال مرتبطة بالسحاب في مواضع أخرى من القرآن غير آية سورة النمل:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ - النور 43
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ - فاطر 27
-----

والقرآن يشير في عدة مواضع إلى أن الجبال - في الحياة الدنيا حاليا - ثابتة، لا تمر ولا تسير.. بل هي كالوتد الثابت الذي يتم دقه في الأرض لتثبيت حبال الخيمة الموضوعة فوق الأرض.

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً - النبأ 7
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا - النازعات 32
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ - الغاشية 19


والجبال مضرب المثل في الثبات وعدم الحركة..
انظر مثلا آية الرعد 31:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآَناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً

وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ - إبراهيم 46

والجبال رواسي راسية:

وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً - الرعد 3
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - الحجر 19
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - النحل 15
وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ - الأنبياء 31
أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ - النمل 61
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - لقمان 10
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا - فصلت 10
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - ق 7
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً - المرسلات 27
-----

فكيف بعد كل هذا يحاول أتباع الإعجاز العلمي تغيير معنى آية "مرور الجبال" في عقول المسلمين وتحريف معناها وقطعها عن سياقها؟!

فمعنى الآية الواضح هو كما يقول تفسير الجلالين:
"وَتَرَى ٱلْجِبَالَ" أي تبصرها وقت النفخة
"تَحْسَبُهَا" أي تظنها
"جَامِدَةً" واقفة مكانها لعظمها
"وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ" المطر إذا ضربته الريح. أي تسير سيره، حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبسوسة، ثم تصير "كَالعِهْنِ" ثم تصير "هبآءً مَّنثُوراً"

ويقول تفسير الرازي: "اعلم أن هذا هو العلامة الثالثة لقيام القيامة وهي تسيير الجبال"
وقال الشنقيطي في تفسير "أضواء البيان"  والألوسي في تفسير "روح المعاني" نفس الشيء بإسهاب وتوضيح.
-----
والجبال وقتها ستكون منفصلة عن الأرض كما أن السحاب بعيد عن سطح الأرض. وستسير الجبال في مجموعات مجتمعة مقتربة من بعضها كما يفعل السحاب. وستكون مكونة من مجموعة من الجزيئات الصغيرة الترابية كما يتكون السحاب من جزيئات مائية. وسيراها الناس تنتقل من مكانها كما نرى السحاب يتحرك من مكانه مبتعدا عنا، إلى آخر التشابهات.


هامش:
سلسلة «تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي» بدأت بتدوينة عن تحريف زغلول النجار لمعنى آية "غُلبت الروم في أدنى الأرض" هنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_22.html
وهنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_20.html
والموضوع تمت مناقشته في ملتقى أهل الحديث هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=2083925
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=334032


هامش2:
رأيت بعض الاعتراضات من بعض أعضاء ملتقى أهل الحديث، وكان أبرزها قول القائل: ( تحسبها جامدة يفيد أن ذلك في الدنيا لأن الآخرة لا يوجد بها ظن)
والرد عليه ببساطة هو الإشارة لهذه الآيات:
1- وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى
أي أن الناظرين سيحسبون الناس سكارى، لكنه حسبان على غير الحقيقة.. كما سينظر الناس للجبال فيحسبونها ثابتة مع أنها ستكون ذرات تراب متحركة كالسحاب.

2- يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ - المجادلة 18
وهو ظن وحسبان خاطئ منهم يوم القيامة، لا حقيقي.

3- ويقول ابن كثير، في تفسير النبأ 20:
(( "وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً" كقوله تعالى: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ}
وكقوله تعالى: "وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ"، وقال ههنا "فَكَانَتْ سَرَاباً" أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر. ))
وهذه الآية مرتبطة بآية "مرور الجبال" أشد ارتباط، بل تكاد تكون مطابقة لها في وصف الحدث!
ففيها ذكر تحريك الجبال، كما في آية النمل
وفيها ذكر حدث من أحداث يوم القيامة
وفيها ذكر مسألة أن الناظر سيرى شيئا فيظنه شيئا آخر، كظاهرة السراب في الصحراء، تماما كما سيرى الناس يوم نفخة الفزع الجبال فيحسبونها جامدة مع أنها ستكون في الحقيقة متحركة!

هامش3:
اعتراض آخر رأيته، وخلاصته: أن (قوله تعالى {صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} امتنان من الله تعالى بصنعته، والله لا يمتنُّ بصنعته يوم القيامة؛ إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا)

والإجابة على هذا هي أن مبعث الخطأ وسوء الفهم عند القائلين أن ("صنع الله الذي أتقن كل شيء" تشير أن الحدث دنيوي) هو ظنهم أن مراد الله من الآية هو "الامتنان"!!

يقول أبو السعود في إرشاد العقل السليم:
(( صُنْعَ ٱللَّهِ : مصدرٌ لمضمونِ ما قبله أي صنعَ الله ذلك صُنعاً على أنَّه عبارةٌ عمَّا ذُكر من النَّفخِ في الصُّورِ وما ترتَّب عليهِ جميعاً قُصد به التنبـيه على عظَمِ شأنِ تلك الأفاعيلِ وتهويلِ أمرِها والإيذانُ بأنَّها ليستْ بطريقِ إخلالِ نظامِ العالمِ وإفسادِ أحوالِ الكائناتِ بالكُلية من غيرِ أنْ يدعوَ إليها داعيةٌ أو يكونَ لها عاقبةٌ بل هي من قبـيلِ بدائعِ صُنعِ الله تعالى المبنية على أساسِ الحكمةِ المستتبعةِ للغاياتِ الجميلةِ التي لأجلِها رُتبت مقدماتُ الخلقِ ومبادىءُ الإبداعِ على الوجهِ المتينِ والنَّهجِ الرَّصينِ كما يُعرب عنه قولُه تعالى "ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء" ))

وفي تفسير السعدي:
(ومن هوله أنك { تَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } لا تفقد شيئاً منها، وتظنها باقية على الحال المعهودة، وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ، وقد تفتت ثم تضمحل وتكون هباءً منبثاً. ولهذا قال: { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ} من خفتها وشدة ذلك الخوف وذلك "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" فيجازيكم بأعمالكم)

فمعنى السياق كله هو إبراز قوة الله وعظمته وقدرته على الجبال الراسخة + إظهار هول الموقف ومشاهده المفزعة.
كما يقول ابن كثير: "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ" أي يفعل ذلك بقدرته العظيمة.

ومن مشاهد القيامة الأخرى التي ستظهر فيها صنعة الله وإتقانه، مشهد إعادة تركيب أجساد الموتى من "عجب الذنب"..
فكما خلق الجبال قوية ثابتة لا تتحرك في الدنيا سيقدر عليها في الآخرة ويجعلها لا ثابتة ولا قوية! بل متحركة وكالعهن المنفوش.

السبت، 10 مايو 2014

شكل الأمور القادمة

“Although world government had been plainly coming for some years, although it had been endlessly feared and murmured against, it found no opposition prepared anywhere.” -H.G. Wells, “The Shape of Things to Come”
قال المؤلف البريطاني هـ چ ويلز في روايته السياسية التي توقعت نشوب الحرب العالمية الثانية (شكل الأمور القادمة) : على الرغم من أن الحكومة العالمية كانت تتشكل بوضوح على مر السنين، وعلى الرغم من تكرار التخويف من حدوثها، وعلى الرغم من كل ما قيل ضدها، إلا أنها لم تجد أي مقاومة تم تجهيزها !!"

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الإخوان والكنيسة

تعامل الإخوان مع "الفنانين" والكنيسة ذكرني بمسألة أن من حاول إرضاء الناس عن طريق إغضاب الله، غضب الله عليه وأغضب الناس من هذا الشخص!!
أي عامله بعكس ما كان يريد.
ومن أغضب الناس وهو يحاول إرضاء الله، رضي الله عنه ثم أرضى هؤلاء الناس عنه!

زيارات وفود الإخوان للمسيحيين في كنائسهم لم تشفع لهم، وها نحن نرى الكنيسة أكبر محرض على قتل الإخوان!!
ومداهنة الإخوان المسلمين للفنانين والإعلاميين ومحاولة "استمالتهم" واتقاء شرهم، أدت إلى ما رأيناه من تكالب الفنانين ضد الإسلاميين!!



عصر برج الدلو

الإيمان بالأبراج الفلكية يمثل جزءا هاما من الديانات الباطنية.
وهم يقسّمون التاريخ لـ"عصور" Ages ، ويقولون أننا اليوم في بداية عصر برج الدلو.. Age of Aquarius

فلكيا، فإن الشمس تقع برج معين عندما يحل الاعتدال الربيعي (في شهر مارس) ، وهذا البرج يتغير مع مر السنين ببطء، بحيث أنها كانت في برج الثور أيام الفراعنة، وفي مقدمات برج الدلو حاليا.

حسابيا فإن كل برج يستغرق حوالي 2160 سنة.. لكنه حساب غير دقيق ويصعب التأكد منه لأن "علم" الأبراج ليس علما بالمعنى المفهوم!
لهذا يقوم المنجمون والباطنية بتبسيط العملية الحسابية عن طريق جعل كل برج يمثل 2000 سنة تقريبا.
وبناء على هذا فبرج الثور بالنسبة للباطنية كان من 4000 قبل الميلاد إلى 2000 قبل الميلاد
وبرج الحمل كان من 2000 ق.م إلى ميلاد المسيح
وبرج الحوت من 1 م إلى 2000 م تقريبا
وبرج الدلو من 2000 م إلى 4000 م ، وهكذا.

 ويقول الباطنية أن كل عصر كان له رمز معين يرتبط بالبرج الخاص به.. وهو رمز ديني. أي أن الباطنية خلال فترة برج الحوت (رمز السمكتين) كانوا يؤثرون في الديانة المسيحية.. والمسيحية ينتشر فيها رمز السمكة!
ففي الأناجيل أن وظيفة أتباع يسوع كانت صيد السمك وتحولت لصيد البشر (أي إقناعهم بالإيمان به)
والعديد من أمثال يسوع تذكر رمزية السمك.
وكان النصارى الأوائل يرسمون رمز السمكة على الحوائط كشعار رسمي سري لجماعتهم أيام الاضطهاد.

وفترة انتشار المسيحية كانت فترة برج الحوت.
أما برج الدلو فرمزه شخص يسكب الماء، ولا نعرف أي ديانة مستقبلية سيختار الباطنية ربطها بهذا الرمز؟!

برج الثور كان فترة عبادة المصريين القدماء لعجل أبيس الذي يمثل أوزيريس وبتاح.
وطبعا عبد بعض بني إسرائيل العجل الذهبي بعد خروجهم من مصر!

أما برج الحمل فيقولون أنه يمثل الديانة الإبراهيمية اليهودية، وقصة التضحية بكبش الخروف فداء لابن إبراهيم.
أما في الأناجيل فالحمل رمز لقتل يسوع والتضحية به.. كإشارة على انتهاء فترة الحمل وبداية فترة برج الحوت!

http://the-red-thread.net/Gods-of-the-Ages.html

وحركات الباطنية المنتشرة في الغرب الآن تسمي نفسها حركات "العصر الجديد" New Age Movement ويقصدون عصر برج الدلو.