الأحد، 22 أغسطس 2010

ذكر الإنسان يرفع ذكره

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~
ذِكْر الإنسَان يَرْفَع ذِكْرَه
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~
مَن ذَكَر الله في ملأ .. ذَكَره الله في ملأ خير منهم ..
يُذكَر ابن آدم باسْمِه في ملأ الملائكة ..
ومَن الذي يَذْكُره ؟
إنه رب العالمين .. وإله الأولين والآخِرين .. الذي بِيَدِه الـنَّفْع والضُّرّ .. وله مَقاليد الأمور ..
يقول رب العزّة سبحانه وتعالى في الحديث القدسي :
أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه حين يَذْكُرني ؛ إن ذَكَرَني في نَفسه ذَكَرْته في نفسي ، وإن ذَكَرَني في ملأ ذَكَرْته في ملأ هُم خَيْر مِنهم .
رواه البخاري ومسلم (1).
قال الربيعُ بنُ أنس : إنَّ الله ذاكرٌ مَنْ ذكرهُ ، وزائدٌ مَنْ شكره ، ومعذِّبٌ مَن كَفَرَه .
قال ابن رجب : قال الله تعالى : (فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُم) وذِكْر الله لِعَبْدِه : هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته ومُبَاهاتهم به ، وتَنْويهه بِذِكْرِه . اهـ .
وأوصَى الألبيري ابنه فَكَان مما قال :
وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي الأَرْضِ دَأْباً = لِتُذْكَرَ فِي السَّمَاءِ إِذَا ذَكَرْتَا
إن ذِكْر الله تعالى أفضل الأعمال ، وارفعها في الدَّرَجات ، وأفضل مِن إنفاق الذهب والفضة ..
سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوما أصحابه : أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وصححه الألباني والأرنؤوط (2).
قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : مَا عَمِلَ امْرُؤٌ بِعَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ .
وتنافس أغنياء الصحابة وفقراؤهم على الذِّكر ، وتسابقوا فيه ..
فقد أتَى فُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ إلى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ .
قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟
قَالُوا : يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي , وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ , وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ ، وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ , وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ , إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟
قَالُوا : بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ : ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً .
قَالَ أَبُو صَالِحٍ – أحد رواته - : فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ , فَقَالُوا : سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا , فَفَعَلُوا مِثْلَهُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ . رواه البخاري ومسلم . (3)
قال ابن دقيق العيد : وَقَوْلُهُ : " لا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ " يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ هَذِهِ الأَذْكَارِ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَالِ ، وَعَلَى أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لِلأَغْنِيَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ لا يَفْعَلُوا هَذَا الْفِعْلَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْفُقَرَاءُ . اهـ .
وقال ابن رجب : فَكَان الفقراء يَحزَنُونَ على فواتِ الصَّدقة بالأموال التي يَقدِرُ عليها الأغنياء ، ويَحْزَنُون على التخلُّف عن الخروجِ في الجهاد ؛ لِعَدَم القُدْرَة على آلَتِه . اهـ .
وينبغي أن يُعْلَم أن ذِكْر الله على ثلاث مراتب :

المرتبة الأولى : ذِكْره عند أمْرِه ونَهْيِه ، امتثالا لأوامره ، وأداء لِفرائضه .
قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)
وقوله عَزّ وَجَلّ : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)
قال مجاهد : أقِم الصلاة لِتَذْكُرني فيها .
قال القرطبي في تفسيره : اخْتُلِف في تأويل قوله : (لِذِكْرِي) ؛ فقيل : يُحْتَمل أن يُريد : لِتَذْكُرني فيها ، أو يُريد : لأذْكُرَك بِالْمَدْح في عليين بها .
المرتبة الثانية : ذِكْر الله عند نواهيه ، فيَحْمِل على الكفّ عن الفواحش ، والانتهاء عن المعاصي ، حياء مِن الله ، وإجلالاً له تبارك وتعالى .

ومِنه قوله عَزّ وَجَلّ : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)
وفي قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ، أن أحدهم توسَّل إلى الله بِتركه للحَرام واستعفافه عنه بعد أن قَدَر عليه .
ففي الحديث أنه قال : اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إليّ ، فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألَمَّتْ بها سَنة مِن السنين ، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ، ففعلت ، حتى إذا قَدرت عليها قالت : لا أُحِلّ لك أن تفض الخاتم إلاّ بِحَقِّه ، فتحرجت من الوقوع عليها ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ ، وتركت الذهب الذي أعطيتها . اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها ... الحديث . رواه البخاري ومسلم .(4)
وفي رواية لمسلم : فلما وَقَعت بين رجليها قالت : يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلاَّ بِحَقِّه ، فَقُمْت عنها ، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ، ففُرِج لهم .
قال عمر رضي الله عنه : أفضل مِن ذِكْر الله باللسان ذِكْر الله عند أمْره ونَهْيِه .

ودَخَل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على سلمان يعوده ، فقال : يا أبا عبد الله اعْهَد إلينا بِعَهْد نأخذ به بعدك . قال : فقال : يا سعد اذْكُر الله عند هَمِّك إذا هَمَمْت ، وعند يَدك إذا قَسَمْت ، وعند حُكْمك إذا حَكَمْت .
المرتبة الثالثة : ذِكْر الله تعالى بالقلب واللسان ، وهو على مراتب :
الأولى : أن يكون انبعاث الذِّكْر مِن القلب تعظيما وحُبّا وحَمْدًا لله عَزّ وَجَلّ ثم يتبعه اللسان .
فهذه أفضل المراتب .
الثانية : أن يكون الذِّكْر باللسان ثم يتبعه القلب ، إذا تفكَّر في معاني الأذكار .
الثالثة : - وهي أضعف المراتب – وهي ذِكْر الله باللسان وحده ، وهذه يُؤجَر عليها صاحبها ، لقوله تعالى في الحديث القدسي : أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ . رواه الإمام أحمد ابن ماجه وابن حبان ، ورواه البخاري تعليقا . وصححه الألباني والأرنؤوط .(5)

فَدُونك هذه العبادة التي لا تحتاج إلى جُهد ، ولا إلى مكان مُعين .. بل تَذكُر الله بلسانك وبِقَلبِك حيثما كُنت ..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب أصحابه بالذِّكْر .. فكان مما قاله عليه الصلاة والسلام : لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً .

وقال عليه الصلاة والسلام : خُذُوا جُنَّتَكُمْ .
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ ؟
قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ ؛ قَوْلُ : سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ . رواه النسائي في الكبرى والطبراني والحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه . وصححه الألباني .(6)

وقال عليه الصلاة والسلام : لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ . رواه مسلم .
وإن أردت فوائد الذِّكْر ، فعليك بـ " الوابل الصيب " لابن القيم ، فقد ذَكَر أكثر مِن مائة فائدة لِذِكْر الله تعالى .
منقول
منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية
الشيخ عبد الرحمن السحيم /حفظه الله

~~~*~~~*~~~*~~~~*~~~*~~~*~~~*~~~*~~*~~~*~~~
(1) ( أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب الرقائق / باب في الأمل وطوله / حديث رقم 6417
(2) ( أخرجه ابن ماجة /حققه الألباني / صحيح سنن ابن ماجة /كتاب الأدب
/ باب فضل الذكر /حديث رقم 3790/صحيح )
(3) (أخرجه مسلم/ المسند الصحيح / كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ
/ بَاب اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ .../ حديث رقم 941
(4) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب البيوع / حديث رقم 2102
(5) تخريج السيوطي /تحقيق الألباني / صحيح الجامع /انظر حديث رقم: 1906 /(صحيح) .
(6) ( رواه النسائي / وحققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الذكر والدعاء /
باب الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه/ حديث رقم 1536 / حسن

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

يامن تدعي أنك فاهم...هل فكرت في ذلك؟!

تتشكل الحقيقة لدينا لنعي مدي تعاطف البعض من شعوب الغرب لنا نحن العرب، فمن حالة النظرة الباهتة الي نظرة رضا وإيمان بالغ الأهمية في وضع شديد الحساسية...فكيف لا؟ وهم يجدون تفاقم الأمور علينا من حكامهم ومصائب رموزهم تجعلهم يعيرون إنتباها لما كل هذا؟!


ولماذا يتم إختيارهم (نحن العرب) لقضايا شائكة في شتي المجالات التي صارت محل جدلا واسعا في حياة الكثيرين؟!
وإن تم ذلك!...لماذا يوضع العربي دائما في منظور الفاسد بعينه
، أو الأحمق بفكره دون دراسة شاملة لموضوعية هذا الإختيار؟!

وإن كان ذلك ايضا!...فمن مصلحة من واقع هذا المسلسل الذي وإن بات وأصبح دراميا بمعني الكلمة؟!
وإن علقت في أذهان البعض سلبا!! وهو المطلوب إثباته كما يقولون لنا في حصة الرياضيات حينما نتنهي من وضع الحلول المناسبة في مسألة ما
، فقد تكون بسيطة المدي فتحل مباشرة دون الإحساس بعناء توصيل المطلوب للاخرين وليكن أسلوب الإقناع المباشر بالكلام، وهناك ماهو معقد ويحتاج الي وضع حلول جذرية وسريع لفك هذا الإشتباك ولتكن وسائل الاعلام هي تلك الحلول الجذرية، التي وإن سميتها بالحلول الجذرية التعسفية التي تفرض عليك نفسها دون إيجاد البدائل؛ في ظل الثورة المعلوماتية الهائلة لايجاد الأسهل منها...فكيف له أن تخدم مصالحه الشخصية ؟! والي أين سيصل بها مستقبلا؟!


أسئلة جعلت دول العالم الغربي تتحس وتتشكك في سلمية هذا الموقف ومدي خطورته بشكل مزمن وخطير علي حياة العرب في الغرب...فلما لا؟! فنحن ضحية فكرعدواني مستوطن يتشكل تحت وطأة منظومة عمل ارهابي فاشي (الماسونية)...فاستبقت بوضع المناظرات ووسائل التوعية والإرشاد المناسب يكون علي أساسها تغيير أكثر شمولي لمفهوم العربي بالعربي (يا من ادعيت انك فاهم!).

----------------------------------------
البِــــــــــــــــــــــــك...

الاثنين، 5 يوليو 2010

الركون إلى الدنيا.......!




الركون إلى الدنيا
كلمة للشيخ /سعد البريك
حفظه الله
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله لكم ولمن كان قبلكم {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } النساء:131 ويقول جل من قائلٍ عليماً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} النساء:1 .
عباد الله: اعلموا رحمكم الله أن الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مواقيت الأعمال ومقادير الآجال، تمضي سريعاً وتنقضي جميعاً، والذي أوجدها وخص مواسمها بالفضائل، واحدٌ أحدٌ فردٌ صمد، هو الله سبحانه وتعالى الذي أوجب في كل يومٍ من الأيام وظيفةً من وظائف طاعاته، ولطيفةً من لطائف رحمته ونفحاته، ويوفق لاغتنامها كل كيسٍ فطن، ويغفل عنها كل محرومٍ شقي. أيها الأحباب في الله: إن كل شهرٍ يستهله الإنسان يدنيه من أجله، ويقربه إلى آخرته، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشرار الناس من طال عمره وساء عمله (1)، فما بين العبد والانتقال إلى دار المثوبة على الإحسان أو العقوبة على العصيان إلا أن يقال فلانٌ مات وانتقل، وولى ورحل، وهل هذه الدنيا إلا طريق العبور بعد الابتلاء والامتحان إلى دار القرار بعد الممات {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر:39-40].
فتأملوا واعتبروا كيف سمى الله هذه الدنيا متاعاً، وهو ما يتمتع به صاحبه برهة ثم ينقطع عنه، أو ما يتزود به المسافر حال ضعنه إلى أن يصل دار إقامته واستقراره، فهل ترضون يا عباد الله ! بالقليل من الدنيا نصيباً لكم في الآخرة؟
{ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } التوبة:38
وما هو متاع الدنيا؟ إنه صفوٌ بعده الكدر، واجتماع بعده الفراق، ولذةٌ سرعان ما تزول، تقلبٌ بين الفقر والغنى، بين العز والذل، بين الصحة والمرض، وختام ذلك كله دار الضيق التي لا أنيس فيها ولا صديق، إنها القبور، أعاذنا الله وإياكم من وحشتها، وجعلها علينا وعليكم روضةً من رياض الجنان، وباباً إلى رحمة الكريم المنان .
منقول
موقع طريق السلف (1) أخرجه الترمذي / حققه الألباني / صحيح سنن الترمذي /
كتاب الزهدباب منه / حديث رقم 2330 / صحيح.

الاثنين، 28 يونيو 2010

العبودية العامة والعبودية الخاصة

اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :
عبودية خاصة ،
وعبودية عامة .
فالعبودية الخاصة هي :
عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19 ، وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى ، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه ، والناس يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل ، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1 ، وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) الإسراء/1 ، وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .
فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق ، وذلك لا يتأتى إلا بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .
وأما العبودية العامة :
فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه ، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 ، وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال . فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة .
نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و
( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .
منقول
الإسلام سؤال وجواب

الأحد، 27 يونيو 2010

هل الحنان من أسماء الله الحسنى؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
~~~*~~~*~~~*~~~
هل الحنان من أسماء الله الحسنى ؟
~~~*~~~*~~~*~~~
قال شيخنا الألباني رحمه الله في الصحيحة (71210) :
لقد وقع في سياق حديث الترجمة عند المنذري في الترغيب .. وقد ساقه بلفظ أحمد: يا حنان يامنان يا بديع فزاد يا النداء في الجمل الثلاثة وزاد اسم حنان .. ولا أصل للاسم المذكور إلا في رواية لأحمد في طريق خلف ,
وأظنها خطأ أيضا من بعض النساخ أو الرواة . ففي الرواية الأخرى (3245) المنان وهو الثابت في رواية أبي داود والنسائي والطحاوي وابن حبان والحاكم .. وأظن أن ما في الترغيب بعضه من تلفيق المؤلف نفسه بين الروايات وهو من عادته فيه وبعضه من النساخ... وبعد كتابة ما تقدم رجعت إلى الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان في طبعته فرأيت في حديث خلف أنت الحنان المنان جمع بين الاسمين لكن ليس في زوائد ابن حبان (2382) إلا أنت المنان وهو المحفوظ وزيادة الحنان شاذة باعتبارين أحدهما : عدم ورودها مطلقا في حديث الترجمة وغيره والآخر مخالفتها لكل الطرقالدائرةعلى خلف فليس فيها الجمع المذكور ومما يؤكده أن راويه في صحيح ابن حبان عن خلف هو قتيبة بن سعيد وعنه رواه النسائي دون الزيادة فكان هذا مما يسرجح ما في زوائد ابن حبان على ما في الإحسان .
انتهى
~~~*~~~*~~~*~~~
وسئل الشيخ ابن عثيميين
رحمه الله
~~~~~~~~~~~~~
يقول السائل: هل الحنَّان, المنان ,المحسن, من أسماء الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
الحنان لم يثبت أنها من أسماء الله، وأما المنان فثابت أنها من أسماء الله، والمحسن أيضاً من أسماء الله تبارك وتعالى. ولهذا ما زال الناس يسمون عبد المحسن، عبد المنان، والعلماء يعلمون بذلك ولا ينكرونها.
انتهى
فتاوى نور على الدرب
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الخيرية
الطبعة :.الإصدار الأول[1427-2006]
~~~*~~~*~~~*~~~~
وسئلت اللجنة الدائمة للأفتاء
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 18955 )
~~~~~~~~~~~~~~
س1 : سمعت أحد الخطباء يدعو ويقول : (يا حنان يا منان) ويدعو بدعوته ،
فهل هذه من أسماء الله التي يدعى بها أم لا؟
ج1 : أسماء الله تعالى توقيفية ،
فلا يسمى الله جل وعلا إلا بما جاء في القرآن أو صحت به السنة ، وبناء على ذلك فإن (الحنان) ليس من أسماء الله تعالى ، وإنما هو صفة فعل ، بمعنى : الرحيم ، من الحنان بتخفيف النون- وهو الرحمة ، قال الله تعالى : { وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا } (1) أي : رحمة منا ، على أحد الوجهين في تفسير الآية .
وأما ما جاء في بعض الأحاديث من تسمية الله تعالى ب : (الحنان) فإنه لا يثبت ، وأما : (المنان) فهو من أسماء الله الحسنى الثابتة ، كما في (سنن أبي داود والنسائي ) من حديث أنس رضي الله عنه ،
انتهى
فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى
المؤلف : اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

أقسام القلوب - اللقاء الثالث

تابع سلامة القلب
الدرس الثالث
أقـــســام القــــلوب
قال ابن القيم رحمه الله .
لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها،انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة
(1) قلب سليم
(2) قلب ميت
(3) قلب مريض
~~~~~~~~~
أولا : القلب السليم
~~~~~~~~~~
فالقلب الصحيح: هو القلب السليم الذى لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، كما قال تعالى:{يومَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليِمٍ} [الشعراء: 88-89].
والسليم هو السالم، وجاء على هذا المثال لأنه للصفات، كالطويل والقصير والظريف؛ فالسليم القلب الذى قد صارت السلامة صفة ثابتة له، كالعليم والقدير، وأيضا فإنه ضد المريض، والسقيم، والعليل.
وقد اختلفت عبارات الناس فى معنى القلب السليم، (والأمر الجامع لذلك: أنه الذى قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة تعارض خبره. فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله).
فسلم فى محبة غير الله معه ومن خوفه ورجائه والتوكل عليه، والإنابة إليه، والذل له، وإيثار مرضاته فى كل حال والتباعد من سخطه بكل طريق. وهذا هو حقيقة العبودية التى لا تصلح إلا لله وحده.
فالقلب السليم: هو الذى سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى: إرادة ومحبة، وتوكلا، وإنابة، وإخباتا، وخشية، ورجاء. وخلص عمله لله، ( أ.هـ) (1)
وقد ذكرنا جزء من هذا الكلام من قبل لكن هنا محل تفصيل إن شاء الله تعالى لأن الأمر يحتاج لذلك لعلنا نفوز بسلامة القلب و هناك كلمة طيبة أعجبتني
{شطر العقيدة ما ينبغي أن تعتقد ، وشطرها الثاني ما ينبغي أن تكون عليه ، فإن كنت تعتقد الصواب ، ولم تكن كما ينبغي فهناك خلل في عقيدتك ، لأنك لم تنتفع بهذا الذي اعتقدت به} .(أ.هـ) (2)
فنحن نعتقد أن سلامة القلب هي سبب للنجاة من عذاب الله فنريد أن نعمل بما نعتقد أي نحاول تحقيق سلامة القلب لذلك نتوقف مع بعض أعمال القلب السليم التي ذكرها الشيخ ابن القيم رحمه الله كي نتعرف عليها بشيء من التفصيل لنعمل على تحقيق ما نعتقد وهو سلامة القلب التي هي سبباً للنجاة .
أولا : محبة الله عز وجل :-
~~~*~~~*~~~
المحبة هي أصل أعمال القلوب ، وشرطاً من شروط لا اله إلا الله ،
" فان الإسلام :- هو الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله، فمن لا محبة له لا إسلام له البتة ، بل هي حقيقة شهادة إن لا اله إلا الله ،
فان " الإله " هو الذي يألهه العباد حبا وذلا وخوفا ورجاء وتعظيما وطاعة له، بمعنى "مألوه" وهو الذي تألهه القلوب، أي تحبه وتذل له .
وأصل " التأله " التعبد ، والتعبد آخر مراتب الحب ، يقال : عبده الحب وتيمه إذا ملكه وذلله لمحبوبة . فالمحبة حقيقة العبودية . (3)
فالعبادة : هى كمال الحب مع كمال الخضوع والذل .
ومحبة الله عز وجل هي أنفع محبة على الإطلاق وأوجبها، وأعلاها، وأجلها، محبة من جبلت القلوب على محبته، وفطرت الخليقة على تأليهه،
إذاً فالمحبة لله هي الغاية القصوى من المقامات ، والذروة العليا من الدرجات، فما بعد إدراك المحبة مقام إلا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها كالشوق، والإنس والرضى، ولا قبل المحبة مقام إلا وهو مقدمة من مقدماتها كالتوبة، والصبر، والزهد، وغيرها .
والله تعالى يُحَبّ لذاته من جميع الوجوه، وما سواه فإنما يحب تبعاً لمحبته، وقد دل على وجوب محبته سبحانه جميع كتبه المنزلة، ودعوة جميع الرسل، وفطرته التي فطر عباده عليها، وما ركّب فيهم من العقول، وما أسبغ عليهم من النعم، فإن القلوب مفطورة مجبولة على محبة من أنعم عليها، وأحسن إليها، فكيف بمن كل الإحسان منه، وما بخلقه جميعهم من نعمة فمنه وحده لاشريك له ،
كما قال تعالى : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (النحل : الآية 53) .
وما تَعرَفَ به إلى عباده من أسمائه الحسنى، وصفاته العلا، وما دلت عليه آثار مصنوعاته من كمالاته ونهاية جلاله وعظمته ، كل هذا يدل على وجوب محبة الله عزو جل.
ومن أدلة المحبة:-
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} (البقرة : من الآية 165) .
وقد أقسم النبي – صلى الله عليه وسلم - إنه:" لا يؤمن عبد حتى يكون هو أحب إليه من ولده، ووالده ، والناس أجمعين"(4) .
وقال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : "لا حتى أكون أحب إليك من نفسك".(5) أي لا تؤمن حتى تصل محبتك إلى هذه الغاية .
وإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم - أولى بنا من أنفسنا في المحبة ولوازمها، أفليس الربّ جل جلاله أولى بمحبته وعبادته من أنفسنا؟ .
كل ذلك داعٍ للقلوب إلى تأليهه ومحبته، فهو سبحانه وتعالى يتحبب إلى العبد بنعمه وهو غنى عنه، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي، وهو فقير إليه - فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته، ولا معصية العبد ولؤمه يقطع إحسان ربه عنه.
وأيضاً: فَمطالبك - بل مطالب الخلق كلهم جميعاً - لديه، وهو أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، أعطى عبده قبل أن يسأله فوق ما يؤمله، يشكر القليل من العمل وينميه، ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه، ، ثم نزل إليه سبحانه بنفسه، وقال :
"من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"(6) .
وهو أشد فرحاً بتوبة التائب من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة إذا يئس من الحياة ثم وجدها(7)
، وهو الملك لا شريك له، والفرد لا ند له، كل شيء هالكٌ إلى وجهه، لن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا .
من أروع الأمثلة على محبة الله عز وجل
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد المحبين لله عز وجل . وأصحابه من بعده هم أشد الناس حباً لله عز وجل وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ونذكر هنا موقف واحد له ومواقفه و أدلة حبه لله عز وجل أكثر من أن نحصيها في مقامنا هذا .
عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏قَالَتْ ‏
" اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏فِي الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى فَقَالَ لَهُ أَقِمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ إِنِّي لَأَرْجُو ذَلِكَ قَالَتْ فَانْتَظَرَهُ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ فَقَالَ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ فَقَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ فَقَالَ ‏ ‏أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ الصُّحْبَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي نَاقَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ فَأَعْطَى النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِحْدَاهُمَا وَهِيَ ‏ ‏الْجَدْعَاءُ ‏ ‏فَرَكِبَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ وَهُوَ ‏ ‏بِثَوْرٍ ‏ ‏فَتَوَارَيَا فِيهِ فَكَانَ ‏ ‏عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ‏ ‏غُلَامًا ‏ ‏لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ ‏ ‏أَخُو ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏لِأُمِّهَا وَكَانَتْ ‏ ‏لِأَبِي بَكْرٍ ‏ ‏مِنْحَةٌ فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا ‏ ‏وَيَغْدُو ‏ ‏عَلَيْهِمْ وَيُصْبِحُ ‏ ‏فَيَدَّلِجُ ‏ ‏إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلَا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّعَاءِ فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا ‏ ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏فَقُتِلَ ‏ ‏عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ‏ ‏يَوْمَ ‏ ‏بِئْرِ مَعُونَةَ " .(8)
فترك رضوان الله عليه أولاده وزوجته وداره محبة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحياة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تضرب لنا أروع الأمثلة في محبة الله عز وجل فكل مواقف حياتهم محبة لله ورسوله .
وكان ابن المبارك ينشد ابن المبارك :
تعصى الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمـن يحب مطيـع (أ.هـ) (9)
الخوف من الله عز وجل :-
~~~*~~~*~~~
والخوف توقع مكروه لعلامة مظنونة أو معلومة، وهو ضد الأمن ويستعمل في الأمور الدنيوية أو الآخروية فهو توقع حلول مكروه أو فوات محبوب،اضطراب القلب وحركته أو فزعه من مكروه يناله أو محبوب يفوته.
قال ابن قدامة: اعلم أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال .
(سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الخوف/ ص45)
فأما عبادة الخوف: فإن الله تعالى أمر به، قال الله تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (6) آل عمران ،{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46 وأنت تسمع الذي ينصحك يأمرك بالخوف، فيقول: عليك أن تخاف الله، عليك أن تخاف الله تعالى خوفا يحملك على أن تترك المعاصي، وتفعل الطاعات.
وللخوف.. أسباب، ودوافع. إذا حصلت فإن الخوف يظهر أثره:
أهمها عظمة الله تعالى تحمل المسلم على أن يخافه؛ فلذلك نقول: الله تعالى -جل جلاله- هو العظيم، الكبير، المتعالي، هو شديد العقاب، هو العليم بأحوال العباد، هو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم. إذا استحضر المسلم عظمة الله؛ فإنه يخافه، وكذلك أيضا إذا ذُكِّرَ بالعذاب؛ فإنه يخشى الله، فإذا قيل: إن الله تعالى أَعَدَّ لمن عصاه عذابا وبيلا.. عذابا عظيما.. أعد لمن عصاه نارا وجحيما.. أعد لمن عصاه عذابا شديدا؛ فإن ذلك يحمل على الخوف، فيقول العبد: أخاف الله، أو أخاف النار، أو أخاف العقوبة.
وإذا امتثل العبد وخاف من الله تعالى، وخاف من النار رأيته متأثرا. إذا رأيته يترك المعاصي -صغيرها وكبيرها- تقول: هذا يخاف الله. إذا رأيته يفعل العبادات، فيحافظ على النوافل، تقول: هذا يخاف الله.
كذلك أيضا حصول التقوى التي أمر الله بها: وهي أثر من آثار الخوف، الإنسان الذي يخاف الله تعالى يتقيه، ورد في الحديث: مَنْ خاف أدلج، ومَنْ أدلج بلغ المنزل (10)
من خاف: هذا خوف حِسِّيٌّ، وصورة ذلك: إذا كان الإنسان مسافرا وحده على قدميه، وكان في الطريق أعداء يتربصون به، كان في الطريق عُدْوَان له، أو في الطريق كفار يخشى أنهم يبطشون به.
فكيف يفعل في هذا الطريق الطويل، وهو على قدميه؟ يسير في الليل، يقطع السير في الليل إلى أن يبلغ مأمنه، إلى أن يبلغ المنزل الذي يأمن فيه: من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل من أدلج: -يعني- سرى في الليل، وصل إلى مكان يأمن فيه. فكذلك مَنْ خاف من عذاب الله، ابتعد عن أسبابه، إذا خاف من النار تَرَكَ المعاصي، إذا خاف من عقوبة الله في الدنيا ترك المحرمات، إذا خاف مِنْ بَطْشِ الله -عز وجل- إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ترك الذنوب كلها، وكذلك فعل الطاعات، وحافظ عليها.
وإذا خاف الله فإنه يتقيه، والتقوى ثمرة –أيضا- من ثمار الخوف، والتقوى –أيضا- من العبادات القلبية؛ ولكن يظهر أثرها على البدن؛ ولذلك تطلق التقوى.. على تقوى الله، وعلى تقوى عذابه، وعلى تقوى النار. قال الله تعالى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أي: اخشوا عذاب النار، كيف تتقونها؟ -أي- تجعلون بينكم وبينها وقاية وحاجزا. ويحمل على ذلك الخوف منها. (11)
وعن الحسن البصري " من علم أن الموت مورده , والقيامة موعده , والوقوف بين يدي الله تعالى مشهده , فحقه أن يطول في الدنيا حزنه " ( فتح الباري شرح حديث رقم 6005 ).
ثمر ات الخوف من الله عز وجل
~~~~~~~~~~
1- خوفك من الله يجعلك تفر إليه
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الذاريات50
لن تجد من يقف بجانبك طيلة حدوث الأحداث المتكررة إلا الله عز وجل، إذا خفت منه وهربت إليه سبحانه وتعالى فإن الله يكون معك في جميع الأحداث، ولذلك فإن الله يداول الأيام بين الناس، والذي يحسم مادة الخوف ويقضي على الخوف والذعر هو التسليم لله، فإن من سلم لله واستسلم له وعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، لم يبقَ لخوف المخلوقين في قلبه موضعٌ أبداً. فإن النفس التي يخاف عليها قد سلمها إلى وليها وبارئها وخالقها سبحانه وتعالى، وعلم أنه لا يصيبها إلا ما قدر الله لها، وأن ما كتب لها لابد أن يصيبها، وأن ما لم يكتب فلا يمكن أن يصيبها، هذا الذي يحسم مادة الخوف نهائياً وهذا هو الذي يجعل الإنسان مطمئناً

2- من نتائج الخوف من الله طمأنينة القلب
مشكلتنا -أننا نُذعر ونخاف وننسى بسرعة، تصرفاتنا غير موزونة وغير مضبوطةٍ بموازين الشريعة، ولذلك فإذا كان الخوف من الله لا من غيره؛ فإن الطمأنينة تنزل تلقائياً في القلب والطمأنينة عملٌ آخر من أعمال القلوب: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] ذكر الله هو القرآن. والذي يُعرض عن القرآن يتزلزل قلبه، ويضطرب عيشه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي كلامي ، القرآن : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا [طه:124-126] هذه التي من المفروض أن تتذكرها لتنجو وتثبت، وتكون لك حياةٌ سعيدة، وعيشة رغيدة، وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:127].
وإذا طال الخوف على الإنسان واشتد به وأراد الله أن يريحه ويحمل عنه، أنزل عليه السكينة فاستراح قلبه إلى الرجاء واطمئن به، وسكن لهيب خوفه. ولذلك كان للعلماء المذكرين بالله أدوارٌ مهمة في تثبيت الناس، فلما كان ابن القيم رحمه الله يتكلم عن نفسه وعن صحبه عندما تنزل بهم الخطوب، وكان لهم أعداء كُثر بسبب تمسكهم بالسنة، فإنهم عند تزلزل الأمور كانوا يذهبون إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فيجلسون إليه، يقول: فما هو إلا أن نسمع كلامه حتى ترتاح القلوب وتهدأ النفوس وتطمئن، والطمأنينة بذكر الله وبمجالسة أولياء الله من الأسباب التي تُحدث الثبات في القلب
3- الخوف من الله سبب لعدم الأمن من مكر الله
والخوف من الله عز وجل يستوجب أمراً آخر من مهمات القلوب، وهو عدم الأمن من مكر الله عز وجل، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ [النحل:45-47]. هذه الآيات عين الواقع بالضبط، هؤلاء الذين مكروا السيئات فعملوها، ودعوا الناس إليها، وحرضوهم عليها، وشجعوهم على فعلها، هؤلاء الذين يمكرون بالناس في دعائهم إياهم للمعاصي، هؤلاء: أأمنوا أن يخسف الله بهم الأرض؟ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ [النحل:45-46]. وتقلبهم هو تنقلهم في الأسفار وغيرها، وتغيرهم في أحوالهم، ولذلك قال الله في آيةٍ أخرى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:97-99]. فإذاً الناس عندما يؤخذون بالعذاب على أنواع: فمنهم من يأخذه الله وهو مطمئن نائم, ومنهم من يأخذه الله وهو يلعب ويلهو، أو مشغول بالدنيا، فيأتيه العذاب فجأة، ومنهم من يأخذه الله وهو يخاف من وقوع العذاب عليه. ولذلك إذا أخذ الله غيرنا بعذابٍ وهم نائمون مطمئنون، فنحن الآن في مرحلة نخشى أن يأخذنا الله بعذابٍ ونحن على تخوف. لابد -أيها الأخوة- أن نفقه الآيات، ولذلك سنعيد قراءتها: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ [النحل:45] أي: لا يتوقعون، لم يدر في بالهم أن الله سيفعل بهم ما فعل، أو يأخذهم في تقلبهم وهم في أسفارهم وذهابهم ومجيئهم، أخذهم الله فأصيبوا فما هم بمعجزين، يصل إليهم الأثر وهم في أقصى الدنيا. ولذلك لما أنزل الله بعاد عذاباً كان منهم قومٌ مسافرون إلى مكان بعيد عن مكان الحدث، فذهب إليهم العذاب فأخذهم في سفرهم! الحالة الثالثة: أو يأخذهم على تخوف، أي: هم يترقبون أن يحدث شيء، فيأخذهم الله في حال الخشية وفي حال الخوف: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ [النحل:47] وهم خائفون وجلون مضطربون يخشون حدوث شيء، فيأخذهم الله عز وجل، أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوفٌ رحيم. كيف يكون رءوفاً رحيماً؟ إذا لم يعاجلهم بالعقوبة عز وجل، قد يأخذهم مباشرة، وقد يأخذهم بعد إمهال، وقد يأخذهم على تخوف ويكون من أشد أنواع الأخذ، لأنه قد اجتمع عليهم الخوف والعذاب، ولذلك لابد من العودة إلى الله، فنحن الآن في مرحلة مصيرية وفي لحظات عصيبة.(11-أ)
4- الخوف من الله سبب الأمن يوم القيامة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلا ، قَالَ : " وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ ، إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 742 الدرجة: صحيح
خوف النبي صلى الله عليه وسلم من الله عزوجل
وعن أم العلاء الأنصارية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا أدري والله لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي وبكم . رواه البخاري
( حققه الألباني / مشكاة المصابيح / كتاب الرقاق / باب البكاء والخوف الفصل الأول /حديث رقم 5340/صحيح ) . قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏"
ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها "
(رواه الترمذي / حققه الألباني / السلسلة الصحيحة / حديث رقم 953 / صحيح)
جاء في الأحوذي شرح جامع الترمذي ‏
أي النار شديدة والخائفون منها نائمون غافلون وليس هذا شأن الهارب بل طريقه أن يهرول من المعاصي إلى الطاعات كذا في التيسير . وقال في اللمعات : ما رأيت مثل النار أي شدة وهولا ينام هاربها ومن شأن الهارب من مثل هذا الشيء أن لا ينام ويجد في الهرب وذلك بالتزام الطاعة واجتناب المعاصي , ولا مثل الجنة أي بهجة وسرورا نام طالبها وينبغي له أن لا ينام ولا يغفل عن طلبها ويعمل عملا يوصل إليها انتهى . ‏
الخـــــشـية :-
~~~*~~~*~~~
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : (( الخشية خوف مبني على العلم بعظمة من يخشى وكمال سلطانه))..
فإذا خفت من شخص لا تدري هل يقدر عليك أم لا فهذا خوف وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية..
(سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الخوف/ ص45 )

وَ ( ( الْخَشْيَةُ ) ) أَخَصُّ مِنَ الْخَوْفِ ، فَإِنَّ الْخَشْيَةَ لِلْعُلَمَاءِ بِاللَّهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فَهِيَ خَوْفٌ مَقْرُونٌ بِمَعْرِفَةٍ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً (11) .
فَالْخَوْفُ حَرَكَةٌ ، وَالْخَشْيَةُ انْجِمَاعٌ ، وَانْقِبَاضٌ وَسُكُونٌ ، فَإِنَّ الَّذِي يَرَى الْعَدُوَّ وَالسَّيْلَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَهُ حَالَتَانِ :
إِحْدَاهُمَا : حَرَكَةٌ لِلْهَرَبِ مِنْهُ ، وَهِيَ حَالَةُ الْخَوْفِ .
وَالثَّانِيَةُ : سُكُونُهُ وَقَرَارُهُ فِي مَكَانٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ فِيهِ ، وَهِيَ الْخَشْيَةُ
وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَهِيَ الْإِمْعَانُ فِي الْهَرَبِ مِنَ الْمَكْرُوهِ ، وَهِيَ ضِدُّ الرَّغْبَةِ الَّتِي هِيَ سَفَرُ الْقَلْبِ فِي طَلَبِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ .

فَالْخَوْفُ لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْخَشْيَةُ لِلْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ ،، وَعَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ يَكُونُ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ ، وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً (وَفِي رِوَايَةٍ " خَوْفًا " وَقَالَ) لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ، وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ جْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ( 12)
فَصَاحِبُ الْخَوْفِ يَلْتَجِئُ إِلَى الْهَرَبِ ، وَالْإِمْسَاكِ ، وَصَاحِبُ الْخَشْيَةِ يَلْتَجِئُ إِلَى الِاعْتِصَامِ بِالْعِلْمِ ، وَمَثَلُهُمَا مَثَلُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالطِّبِّ ، وَمَثَلُ الطَّبِيبِ الْحَاذِقِ ، فَالْأَوَّلُ يَلْتَجِئُ إِلَى الْحِمْيَةِ وَالْهَرَبِ ، وَالطَّبِيبُ يَلْتَجِئُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْأَدْوِيَةِ وَالْأَدْوَاءِ . (أ.هـ ) (13)
الـــــرجـــــــاء :-
~~~*~~~*~~~
الرجاء هو: تعلق القلب بـفضل الله، وبرحمته، وبجزائه؛ ولكن لا بد أن يفعل الأسباب التي يحصل بها على ما يرجوه.
الرجاء هو: الأمل في فضل الله، وفي رحمته، وفي جنته، وفي عافيته، ونصره. تقول: أنا أرجو رحمة الله، أنا أرجو جنته، أنا أرجو ثوابه، أنا أرجو نصره وتوفيقه، أنا أرجو ثوابه العاجل وثوابه الآجل. فنقول: إذا كنت ترجوه فاعبده، إذا كنت ترجوه فإن عليك أن تطيعه، وعليك أن تتقرب إليه بما يحبه.
فأما الذي يقول: إني أرجو الله؛ وهو مع ذلك يفعل المعاصي؛ فإن رجاءه رجاء الكذابين. لعلك قد تذهب تنصح واحدا، وتقول له: اترك هذه المعصية، تب إلى الله من هذا الذنب، ألست بمسلم؟ كيف تصر على هذه المعصية؟ فيقول: أرجو رحمة الله! أرجو جنته! إذا رجيت رحمة الله وجنته فافعل الأسباب، إذا كنت من الصادقين في الرجاء فعليك أن تكون صادقا في فعل ما يتحقق لك به الأجر عند الله تعالى، فأما مع عدم الفعل فإن هذا رجاء الكذابين. (14)
الفرق بين الرجاء والتمني
(سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الرجاء/ ص33 )
الرجاء التمني
~~~~~~~~
حاله كحال رجل شق الأرض وسواها وبذرها وحرثها وتعهدها بالسقيا والماء وأبعد عنها الآفات وقعد ينتظر حصول الثمرة ونماء الزرع فهذا صاحب رجاء. فهو يرجو رحمة الله وثوابه بعد بذل الأسباب.. ليس رجاء شرعياً..
يكون مع الكسل..، فلا يسلك صاحبه طريق الجد والاجتهاد ولا يبذل جهداً ولا توكلاً فهذا حال من يتمنى أن ينبت زرع بدون أن يبذل ، وصاحبه مفلس..
ثمرات الرجاء
1- يورث طريق المجاهدة بالأعمال.
2- يورث المواظبة على الطاعات كيفما تقلبت الأحوال.
3- يشعر العبد بالتلذذ والمداومة على الإقبال على الله والتنعّم بمناجاته والتلطف في سؤاله والإلحاح عليه.
أن تظهر العبودية من قبل العبد والفاقة والحاجة للرب وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه طرفة عين.
التــــــوكل :-
~~~*~~~*~~~
(توكل) والتوكل: هو الاعتماد على الله – سبحانه وتعالى – في حصول المطلوب، ودفع المكروه، مع الثقة به وفعل الأسباب المأذون فيها، وهذا أقرب تعريف له، ولابد من أمرين:
الأول: أن يكون الاعتماد على الله اعتماداً صادقاً حقيقياً .
الثاني: فعل الأسباب المأذون فيها .
فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب، نقص توكله على الله، ويكون قادحاً في كفاية الله، فكأنه جعل السبب وحده هو العمدة فيما يصبو إليه من حصول المطلوب وزوال المكروه . (15)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"جماع هذا أنك أنت إذا كنت غير عالم بمصلحتك؛ ولا قادر عليها؛ ولا مريد لها كما ينبغي؛ فغيرك من الناس أولى أن لا يكون عالمًا بمصلحتك؛ ولا قادرًا عليها؛ ولا مريدًا لها؛ والله -سبحانه- هو الذي يعلم ولا تعلم، ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله العظيم؛ كما في حديث الاستخارة: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ) (رواه البخاري)".
ويقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
"والمقصود أن إله العبد الذي لابد له منه في كل حالة، وكل دقيقة، وكل طرفة عين فهو الإله الحق الذي كل ما سواه باطل، الذي أينما كان فهو معه، وضرورته وحاجته إليه لا تشبهها ضرورة، ولا حاجة، بل هي فوق كل ضرورة، وأعظم من كل حاجة، ولهذا قال إمام الحنفاء: (لا أُحِبُّ الآفِلِينَ) (الأنعام:76)" (طريق الهجرتين (1/121) ط. عالم الفوائد).
وقال أيضًا: "وجماع هذا أنك إذا كنت غير عالم بمصلحتك، ولا قادر عليها، ولا مريد لها كما ينبغي؛ فغيرك أولى أن لا يكون عالمًا بمصلحتك، ولا قادرًا عليها، ولا مريدًا لها، والله -سبحانه- هو يعلم ولا تعلم، ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله لا لمعاوضة، ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا لتكثر بك، ولا لتعزز بك، ولا يخاف الفقر، ولا تنقص خزائنه على سعة الإنفاق، ولا يحبس فضله عنك لحاجة منه إليه، واستغنائه به بحيث إذا أخرجه أثـَّر ذلك في غناه، وهو يحب الجود والبذل، والعطاء والإحسان أعظم مما تحب أنت الأخذ والانتفاع بما سألته؛ فإذا حبسه عنك فاعلم أن هناك أمرين لا ثالث لهما: أحدهما: أن تكون أنت الواقف في طريق مصالحك، وأنت المعوق لوصول فضله إليك، وأنت حجر في طريق نفسك، وهذا هو الأغلب على الخليقة" "السابق".
http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=9212
الإنـــــابة :-
~~~*~~~*~~~
الإنابة إلى الله عز وجل كما قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [الزمر:54]. ولما مدح الله تعالى داود قال: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ [ص:24] وقوله تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:31-33].
فإذا أنابت القلوب إلى الله في وقت الشدة حصل الخير وثبت الناس، الإنابة إلى الله هي الرجوع إليه والأوبة، والتوبة إليه سبحانه وتعالى. قال تعالى: وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ [غافر:13] ( أ- هـــ )(16)
وَالْإِنَابَةُ إِنَابَتَانِ : إِنَابَةٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ ، وَهِيَ إِنَابَةُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا ، يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ فَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ دَاعٍ أَصَابَهُ ضُرٌّ ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ ، وَهَذِهِ الْإِنَابَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ ، بَلْ تُجَامِعُ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَهَذَا حَالُهُمْ بَعْدَ إِنَابَتِهِمْ .
وَالْإِنَابَةُ الثَّانِيَةُ إِنَابَةُ أَوْلِيَائِهِ ، وَهِيَ إِنَابَةٌ لِإِلَهِيَّتِهِ ، إِنَابَةَ عُبُودِيَّةٍ وَمَحَبَّةٍ .
وَهِيَ تَتَضَمَّنُ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ : مَحَبَّتَهُ ، وَالْخُضُوعَ لَهُ ، وَالْإِقْبَالَ عَلَيْهِ ، وَالْإِعْرَاضَ عَمَّا سِوَاهُ ، فَلَا يَسْتَحِقُّ اسْمُ الْمُنِيبِ إِلَّا مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَرْبَعُ ، وَتَفْسِيرُ السَّلَفِ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ يَدُورُ عَلَى ذَلِكَ .
وَفِي اللَّفْظَةِ مَعْنَى الْإِسْرَاعِ وَالرُّجُوعِ وَالتَّقَدُّمِ ، وَالْمُنِيبُ إِلَى اللَّهِ الْمُسْرِعُ إِلَى مَرْضَاتِهِ ، الرَّاجِعُ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ ، الْمُتَقَدِّمُ إِلَى مُحَابِّهِ . (17) (أ .هـ )
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(1)( إغاثة اللهفان / الجزء الأول / الباب الأول: فى انقسام القلوب إلى صحيح وسقيم وميت ص 7 ،8)
(2) (الدرس"26"من العقيدة الإسلامية من خلال القرآن والسنة : مستلزمات العقيدة - الإنابة ، للدكتور محمد راتب النابلسي)
(3) (المبحث السابع: نماذج من أعمال القلوب - ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي - لسفر الحوالي - 2/553 ). http://www.dorar.net/enc/firq/562
(4) (رواه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الإيمان / باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من / حديث رقم 62 / صحيح )
(5) ( رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتب الأيمان والنذور / باب ‏كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم‏ / حديث رقم 6142 / صحيح ).
(6) "أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له " ‏
( رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتب التوحيد / باب ‏‏قول الله تعالى يريدون أن يبدلوا كلام الله‏ ‏ / حديث رقم 6940 / صحيح ).
(7) ‏"لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض ‏ ‏دوية ‏ ‏مهلكة معه ‏ ‏ راحلته ‏ ‏عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى ‏ ‏مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده ‏راحلته ‏ ‏وعليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا ‏ ‏براحلته ‏ ‏وزاده "
(رواه مسلم / المسند الصحيح / كتاب التوبة / باب ‏في الحض على التوبة والفرح بها‏ / حديث رقم 4929 / صحيح ).
(8) ( رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب المغازي / باب ‏غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وحديث عضل والقارة‏ ‏ / حديث رقم 3784 / صحيح ).

(9)( محبة الله عز وجل / للشيخ الدكتور أحمد فريد / بتصرف) .
http://www.islammessage.com/articles.aspx?acid=125&aid=8356&cid=1
(10) ( رواه الترمذي / وحققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب التوبة والزهد / الترغيب في الخوف وفضله / حديث رقم 3377 / صحيح ) .
(11) (محاضرة نوافل العبادات وأنواعها /العبادات القلبية / للشيخ ابن جبرين رحمه الله ).
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=8&book=132&toc=7604
(11/أ) ( الخوف من الله عمل قلبي له فوائد ) جزء من محاضرة : (أعمال القلوب في أوقات الشدة محمد صالح المنجد http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=100859#100859
(12) ( رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب ‏‏‏ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين‏ ‏ / حديث رقم6757 / صحيح ).
(13) ( رواه البخاري / الجامع الصحيح / كتب الرقاق / باب ‏‏‏‏قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم‏ ‏ ‏ / حديث رقم6005 / صحيح ).
(14) (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين » فصل في منازل إياك نعبد » فصل منزلة الخوف ») .
(15) محاضرة نوافل العبادات وأنواعها /العبادات القلبية / للشيخ ابن جبرين رحمه الله ).
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=8&book=132&toc=7604
(16) (القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين – الجزء الثاني /صفحة 228)
(17) (جزء مفرغ من محاضرة وجوب الإنابة إلى الله وقت الشدة / الشيخ محمد صالح المنجد / الشبكة الإسلامية)
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=100857
(18) (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين » فصل في منازل إياك نعبد » فصل منزلة الإنابة ») .

الجمعة، 25 يونيو 2010

تابع منزلة القلب - الخاطرة الثانية

سلامة القلب
تابع منزلة القلب- الخاطرة الثانية
~~~*~~~*~~~*~~~
لماذا ثانياً :- لماذا الاهتمام بالقلب ؟
~~~*~~~*~~~*~~~~
1- لأن سلامة القلب سبب في النجاة يوم القيامة .
2- لأن العقل محله القلب.
3- لأن بصلاح القلب يصلح البدن كله وبفساده يفسد البدن كله
4- لأن القلب سريع التقلب والتحول "
يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك "
~~~~~~~~~~~
قال هناد ، قال حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس قال :- "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف "(9)
‏قال المباركفوري في شرحه لهذا الحديث في كتابه تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي .
قوله : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ) ‏من الإكثار ‏( أن يقول ) ‏أي هذا القول ‏( يا مقلب القلوب ) ‏أي مصرفها تارة إلى الطاعة وتارة إلى المعصية وتارة إلى الحضرة وتارة إلى الغفلة ‏( ثبت قلبي على دينك ) ‏أي اجعله ثابتـًا على دينك غير مائل عن الدين القويم والصراط المستقيم ‏( فقلت يا نبي الله آمنا بك ) ‏أي بنبوتك ورسالتك ‏( وبما جئت به ) ‏من الكتاب والسنة ‏( فهل تخاف علينا ) ‏يعني أن قولك هذا ليس لنفسك لأنك في عصمة من الخطأ والزلة , خصوصًا من تقلب القلب عن الدين والملة , وإنما المراد تعليم الأمة , فهل تخاف علينا من زوال نعمة الإيمان أو الانتقال من الكمال إلى النقصان ‏( قال نعم ) ‏يعني أخاف عليكم ‏
قال شهر بن حوشب ، قلت لأم سلمة " يا أم المؤمنين ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك قالت كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت قلت يا رسول الله ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال:" يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ" فتلا معاذ { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا }
(10).
وأيضاً جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري رحمه الله في شرح هذا الحديث ،(ما لأكثر دعائك ) ‏أي ما السبب في إكثارك هذا الدعاء ‏( قال ) ‏أي النبي ‏" إنه" ‏الضمير للشأن ‏( فمن شاء أقام ) ‏أي فمن شاء الله أقام قلبه وثبته على دينه وطاعته ‏( ومن شاء أزاغ ) ‏ أي ومن شاء الله أمال قلبه وصرفه عن دينه وطاعته ‏
وفي هذا الحديث العديد والعديد من الفوائد ومنها
أ‌- الإكثار من دعاء الله عز وجل أن يثبت قلوبنا على دينه.
ب- حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته وخوفه عليهم .
ج- إثبات صفة الأصابع لله عزوجل من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
5- لأن الفتن تعرض على القلوب.
قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قال :حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، - يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ - عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ فَقَالَ قَوْمٌ نَحْنُ سَمِعْنَاهُ ‏.‏ فَقَالَ لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ قَالُوا أَجَلْ ‏.‏ قَالَ تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ قَالَ حُذَيْفَةُ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فَقُلْتُ أَنَا ‏.‏ قَالَ أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ ‏.‏
‏ قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَىُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كالكوزٍ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ حُذَيْفَةُ وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ ‏.‏ قَالَ عُمَرُ أَكَسْرًا لاَ أَبَا لَكَ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ ‏.‏ قُلْتُ لاَ بَلْ يُكْسَرُ ‏.‏ وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ ‏.‏ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ ‏.‏ قَالَ أَبُو خَالِدٍ فَقُلْتُ لِسَعْدٍ يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا قَالَ شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ ‏.‏ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا قَالَ مَنْكُوسًا ‏.
‏ ( 11).

ومعنى ( تعرض ) أنها تلصق بعرض القلوب أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم , ويؤثر فيه شدة التصاقها به .
قال : ومعنى ( عودًا عودًا ) أي تعاد وتكرر شيئـًا بعد شيء . قال ابن سراج : ومن رواه بالذال المعجمة فمعناه سؤال الاستعاذة منها كما يقال غفرًا غفرًا , وغفرانك أي نسألك أن تعيذنا من ذلك , وأن تغفر لنا .
وقال الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان : معناه تظهر على القلوب أي تظهر لها فتنة بعد أخرى . وقوله : ( كالحصير ) أي كما ينسج الحصير عودًا عودًا وشظية بعد أخرى .
قال القاضي عياض: وعلى هذا يترجح رواية ضم العين وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودًا أخذ آخر ونسجه فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدًا بعد واحد .
قال القاضي : وهذا معنى الحديث عندي وهو الذي يدل عليه سياق لفظه وصحة تشبيهه . والله أعلم .
(12)

"..... فشبه عرض الفتن على القلوب شيئًا فشيئًا كعرض عيدان الحصير وهي طاقاتها شيئًا فشيئًا، وقسَّم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين: قلبٌ إذا عرضت عليه فتنة، أشربها كما يشرب السفنج الماء، فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس، وهو معنى قوله: (كالكوز مُجخيا) ، أي: مكبوبًا منكوسًا، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك،
أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلاً والباطل حقًّا.
الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-، وانقياده للهوى واتباعه له.
وقلبٌ أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان وأزهر فيه مصباحه، فإذا عُرضت عليه الفتنة أنكرها وردَّها، فازداد نوره وإشراقه وقوته.
والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، فتن الغي والضلال، فتن المعاصي والبدع، فتن الظلم والجهل، فالأولى: توجب فساد القصد والإرادة، والثانية: توجب فساد العلم والاعتقاد.
أ.هـ (إغاثة اللهفان )
6- لأن سلامة القلب سبب لأن نكون أفضل الناس.
"أفضل الناس كل مخموم القلب صدوق اللسان . قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال التقي النقي لا إثم ‏ فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد "(13).
والمخموم : ‏قال السيوطي بالخاء المعجمة قال في النهاية هو من خممت البيت إذا كنسته ونظفته (14 ) أي أنه ينظف قلبه في كل وقت بين الفينة والأخرى مما يدل على أن الأمر ليس بالسهل ولابد له من مجاهدة وصبر ولا يقوى عليه إلا الأشدّاء من الناس لذلك استحق رتبة أفضل الناس وكان عند الله بالمكانة
العليا وهذا هو حال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أثنى الله على أخلاقهم وجعل لهم نصيباً من الفيء والغنائم فقال سبحانه :( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ) وهم المهاجرون ثم قال :( والذين تبوّؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون ) وهم الأنصار فيا لها من شهادة حيث يكشف الله عن مكنون صدورهم ويخبر أنهم لا يحملون في قلوبهم غلاً ولا حقداً أو حسداً على إخوانهم المهاجرين لكونهم أفضل منهم فقد جمع المهاجرون بين النصرة والهجرة .
وقال ابن رجب رحمه الله عن بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس، والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ لا بكثرة الاجتهاد في الصوم والصلاة
(15)
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~*~~~
(9) ( أخرجه الترمذي /وحققه الألباني / كتاب القدر / باب ما جاء أن القلوب بين إصبعي الرحمن / حديث رقم 2140 / صحيح
(10) ( حققه الألباني / جامع الترمذي /كتاب الدعوات / باب /حديث رقم3522
/ صحيح
(11) (أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتب الإيمان / باب أن الإيمان بدأ غريبًا وسيعود غريبًا وأنه يأرز إلى المدينة/ حديث رقم 207 / صحيح)
(12) ( صحيح مسلم بشرح النووي / شرح الحديث رقم 207 / كتاب الإيمان / باب أن الإيمان بدأ غريبًا وسيعود غريبًا وأنه يأرز إلى المدينة(
(13) ( حققه الألباني / السلسلة الصحيحة / حديث رقم 948 / صحيح )
(14) ) شرح سنن ابن ماجة للسندي / حديث رقم 4206/ كتاب الزهد / باب الورع والتقوى)
(15) جزء مفرغ من خطبة ( سلامة الصدر طريق إلى الجنة للشيخ/عامر بن عيسى اللهو ) http://www.saaid.net/Doat/allahuo/23.htm