الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

علم نفس الشعوب

من أسباب توحيد قلوب أفراد الشعب على هدف واحد, وجود تهديد من عدو خارجي محدد. فنلاحظ نبذ الخلافات - ولو مؤقتا - وتوقف السرقات. هذا في الشعوب المتدينة, أما العلمانية فتضطر بلادها لتطبيق الأحكام العرفية القاسية لكبح جماح الناس ومنع الفوضى. وحتى في البلاد ذات الوازع الديني قد ينفلت الوضع إن كانت الحالة حرب غير مبررة أخلاقيا أو الشعب يكره ظلم حاكمه, فهنا قد يرونها فرصة لـ"استيفاء حقوقهم المسلوبة " - تبعا لتفسير منطق العامة المتصف غالبا بالصبيانية وعدم الرشد وينتقل بين الانفعالية الهوجاء والسلبية المومياوية دون منطقة وسط معتدل ! - عن طريق السرقة وإضعاف الجبهة الداخلية انتقاما من النظام. أما الخطر الداخلي فأثره مدمر كمنافقي المدينة في عهد الرسول , يُتوقع منهم الخيانة في الأوقات الحاسمة الحرجة. ومما يجمع الشعب أيضا المصائب كالمجاعات والأوبئة وكل ما يهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي, وإن كان العكس محتمل تماما إن كانت الأوضاع متأزمة ومحتقنة أصلا قبل الحادث فتجد مشاعر الكراهية لها متنفسا تعبر به عما كان يعتمل في الصدور ويغلي بلا "تنفيس".
 
# والحكومات تفهم هذه القاعدة جيدا, فنجد الأمم التي لا أعداء بارزين لها تخلق عداوة أو تضخم من شأن عدو ضعيف لأن ذلك أفضل لاستقرارها الداخلي وصرف أنظار الشعب عن أية مفاسد أو مظالم أو مشكلات تواجهها الدولة (اقتصاديا أو فكريا أو اجتماعيا) فلا صوت يعلو على صوت المعركة وبالتالي ينقاد الشعب بسهولة. ولاحظ أن هذا التكنيك وأمثاله في التعامل مع الجموع ليس شرا كله, بل هو جزء مهم من وظيفة السلطة قد تستخدمه بشكل سيء وقد يصير ضرورة مشروعة عند الحاجة تبعا للموقف ونية فاعليه, وهذه حكمة خفية لوجوب الانقياد للحاكم وطاعته فيما ليس حراما محضا وأيضا طاعة الجندي لقائده دون كثير مناقشة, إذ قد يكون الفعل جزءا من خطة أكبر وإستراتيجية لتحقيق غاية أسمى وليس القائد مرغما على توضيح دوافع فعله لكل فرد تحت إمرته لدواعي السرية وخوفا من تسرب الأمر للعدو المستهدف, فالطاعة واجبة على الفرد فيما أحب وكره, فهم أم لم يفهم , طالما أعطى من البداية ثقته لذلك القائد ولا يتذرع البعض بعدم شرعية حكم بعض القادة فطالما سكتت الجماعة فهي وافقت عليه حيث يتعذر أخذ البيعة من كل فرد وتأكيدها باللسان والمصافحة كما كان الأمر قديما وتذكر أن من مات وليس في عنقه بيعة فميتته جاهلية, وأنه لو طلب آخر الحكم بعد استتباب الأمر لأول وإن كان الثاني أعدل وأفضل فالأمر هو بقتل الثاني مهما كان. لكن نشير هنا لدور الحاكم في كسب ثقة شعبه فلا يطلب أكثر مما يعطي وأن يرحم في استعمال حقه كوالي ولا يتجبر فبهذا يضمن وقوف الجموع معه عند الحاجة أوقات زعزعة الدولة. فالثقة تُكتسب ببطء وكنتيجة لتجمع مواقف عدة .
ويفعل الأمريكان هذا اليوم مع شعبهم بافتعال حروب ليس فيها مكسب حقيقي للأمة لكن اتفقت مصالح شخصية لأفراد الحكومة مع "قوى أخرى" فحدث نوع من زواج المصلحة. فالجيش أمريكي والخسائر أمريكية لكن المستفيد والمخطط للحرب أساسا هي حكومة خفية تعمل من وراء الستار.
وقد تستخدم بعض الأنظمة أسلوبا مشابها بأن تجعل العدو صورة هلامية غر محددة المعالم وتجعلها العدو, فتستفيد من حالة الذعر وصرف الانتباه الداخلي وفي نفس الوقت لا تدخل أي معركة حقيقية فلا تخسر الكثير, بل تتجنب أيضا التجمع الحقيقي لقوى الشعب لأن العدو لا حدود له وهويته يتم تعريفها تبعا للاحتياجات المرحلية للحكومة,فتكون كل الخيوط في يد السلطة ولا يعرف الشعب من هو العدو حقيقة فقط يخاف الضربة القادمة من مكان مجهول وهذا يجعله مُدجَّنا أليفا يسهل التعامل معه وفي نفس الوقت تشله حالة الخوف فلا يتخذ خطوات إيجابية ضد حاكميه بل ويقوم بنوع من الرقابة الذاتية على نفسه بتكميم أي صوت يحاول توضيح حقيقة الخدعة وكشف التضليل, فالجموع لا تسمع إلا ما تريد أن تسمعه !. ومن أمثلة هذا الأسلوب قضية البهائيين في مصر وتوقيت التوسع فيها , وقضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول ونفخ الحكومة في نارها إعلاميا لأسابيع للتغطية على أحداث داخلية تخص السلطة الحاكمة وفضائحها, وفعل الأمريكان هذا أيام تخويف الشعب من الخطر السوفييتي وتهويله, وإن استفادت الدولة من الأمر أيضا بدفع عجلة الإصلاح التعليمي والتكنولوجي لمجاراة تقدم السوفييت, مع تصفية الأعداء الداخليين والمعارضين بوصمهم بالشيوعية وبالتالي تنفير الجموع من الاستماع لهم فيتم قتلهم أدبيا وتشويه سمعتهم. وفي مصر استخدم عبد الناصر هذا الإجراء ضد الإخوان ليبرر حملات التنكيل بهم وذلك بتضخيم أفعال بعض أعضائهم ووصفها بالتآمر والتخطيط لانقلابات.
مع العلم أن العلاقة عكسية بين همة الشعب ويقظة مثقفيه من جهة وعنف الأساليب التي تستخدم لقمعه من جهة أخرى, فحالة الهدوء النسبي لا تعني صلاح الوضع القائم بل انعدام الرغبة في المواجهة أساسا وأن عهود الإرهاب قد آتت ثمارها بخنق الجنين وتشكيله قبل أن يشب عن الطوق فيكبر سلبيا محايدا غير مبال وربما مؤيدا لجميع السياسات عن اقتناع ! فالتعليم والإعلام أقوى ألف مرة من الرصاص والمعتقلات. هذا مع ملاحظة أن السيطرة بهذه الطريقة على العقول ما كانت لتتم إلا بعد مرحلة من السيطرة الزمنية على الأجساد والألسن والأقلام.فالمغتصَبة التي استسلمت مرة ولم تمت دون شرفها يسهل عليها أن تتحول لعاهرة تستسلم مرات كل يوم.
# يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ..  النساء 59.
السمعُ والطاعةُ على المرءِ المسلم فيما أحب وكره، ما لم يُؤمرْ بمعصية، فإِذَا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمعَ ولا طاعة. البخاري
«يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إنْسٍ» قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ. وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ. وَأُخِذَ مَالُكَ. فَاسْمَعْ وَأَطعْ».  مسلم
"مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ حُجَّةَ لَهُ. وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" مسلم

الرجال والدين

أخطبوط المؤامرة تغلغلت أذرعه في أماكن كانت منيعة من قبل.. مؤسسات كنا نثق بها ونحترمها.. شخصيات كانت تحيطها هالة من الوقار والاحترام. لكن التفريق بين المحترمين ومن تم التأثير عليهم سهل لمن بحث ونقب. وتذكر أننا نقيس الرجال على الدين فإن سقطوا في الاختبار طرحناهم كائنا من كانوا.

# بعد أن عرفنا أن مفتي مصر علي جمعة صوفي أصيل,وبعد أن أفتى بتحليل ربا البنوك مخالفا آلاف الشيوخ, وبعد أن قال أنه رأى الرسول في اليقظة وأخذ يعد الشعرات البيضاء في لحية الرسول فاختفى! رأيناه في محفل ناد الليونز - المعروفة انتماءاته الماسونية والذي صدرت ضده فتاوى عدة - وهو يقطع كعكة (عيد ميلاده !!) مبتسما وجواره سمير صبري الممثل!.. حتى أنت يا شيخ جمعة ؟!

ما لا يُدرك كله

ليس من طلب الحق فلم يدركه كمن عرفه ثم طلب غيره بحجة أنه صعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية. 
 
# مرة أخرى نؤكد أن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله, فهؤلاء المختفون خلف قناع الإحباط يقعون في محظور خطير هو اليأس من رحمة الله . إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ - يوسف 87. وتذكّر دائما أن شرف المحاولة – مهما كانت النتيجة – أفضل من فعل لا شيء .

المجاهر

تشوهت طبائع المسلمين, فصاروا يظنون مرتكب الخطيئة في العلن أفضل من مخفيها!, ويقولون لمن يعظ وبه عيوب: أنت منافق!. الأصل أن يخفي المؤمن سيئته ولا يجاهر بمعصيته, ولو توقفنا لدراسة كل مصلح وواعظ لاستخراج دقائق أخطائه لتوقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ربما هذا هدفهم! 
 
# قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلُّ أمَّتي مُعَافىً إلا المجاهِرين       البخاري.

حضيض الغرب

هناك مقياس معروف للحكم على مجتمع ما بالنجاح أو الفشل وهو معدل الجريمة. وبنظرة سريعة لأي إحصائية نجد أن بلاد المسلمين بعيدة تماما عن الحضيض الذي وصل إليه الغربيون. لكن مع استمرار اقتدائنا بهم قد يتغير هذا!

# في أمريكا تغتصب عدة نساء كل يوم, هذا غير من يمتنعن عن إبلاغ الشرطة. في أمريكا قائمة طويلة من السفاحين (القتلة المتسلسلين) على اختلاف أنواعهم وتخصصاتهم. فالبعض يفضل الصغار أو المراهقات أو العجائز.. البعض يكتفي بهتك العرض ثم قتل الضحية ودفنها, في حين يستمتع البعض بتمزيق الأعضاء من الضحية الحية وقد يأكلها كما حدث مع السفاح داهمر الذي احتفظ بالأعضاء في الثلاجة!.. حتى العامة صاروا يحبون أفلام التقطيع والدم والتعذيب كأفلام saw. في حين ما زلنا في مصر نتحاكى بقصة يتيمة هي (ريا وسكينة) مع أن غرضهما كان سرقة حلي النساء لا الاستمتاع بالقتل.

أنت المسئول

الأمة العظيمة عليها مسئوليات عظيمة, فلما تركنا واجبنا أخذه من لا يستحقه ولا يحسن القيام به. ونحن محاسبون على عجزنا. ومع كل صباح نستيقظ لنحمل عبئا جديدا تجاهلناه: 1- لا خلافة تجمعنا منذ 1924م 2- كل يوم آلاف الملحدون يموتون في قارات الدنيا دون أن تصلهم رسالة الله على حقيقتها غير مشوهة. فمن المسئول عنهم غير خير أمة أُخرجت لمصلحة الناس ؟!

# مقارنة سريعة بين العالم قديما عندما قاده المسلمون, والعالم اليوم بقيادة أمريكا الصهيونية, تغنينا عن دبج المقالات موضحين "كم خسر العالم بانحدار المسلمين" .

# أما بخصوص الخلافة وسقوطها فهو الهم الشاغل للباحثين الإسلاميين الصادقين, على الرغم من سخرية الصحف وتناسي العامة أو جهلهم. فالتاريخ يُرينا بوضوح أنه طالما كانت الخلافة قائمة – حتى ولو على فساد وظلم – فإمكانية الإصلاح قريبة ويسيرة. فمع قليل من الصبر كانت "ميكانيكية الإصلاح الداخلية" للنظام تُعيد الأمور لنصابها. فوضوح طريق الحق والقدرة على تجميع الجماهير والمتحمسين وتحريك علماء الشرع لقلوب الناس..كل هذه أمور يسهل وقوعها في ظل بيئة تحكمها قوانين الشريعة ولو اسميا وبالتالي تزداد احتمالية وقوع حركة إصلاحية, أما تحت حكم دستور علماني وقانون وضعي معقد البنود يصعب وجود أي تحرك نحو الإصلاح لانعدام الهدف الواضح ولضعف سلطة رجال الدين على الجماهير. ومَن حاربوا الإسلام وأسقطوا الخلافة كانوا يعلمون هذا عندما وضعوا خطتهم ونفذوها بنجاح. إن وجود خليفة للمسلمين - حتى ولو في أضعف صورة – كان يمثل خطرا دائما على هدفهم الساعي لتفتيت العالم لدويلات متصارعة, لذا أزاحوه من طريقهم أولا ليخلوا لهم المجال.

أبدا لم يتم إذلال كرامة المسلمين لهذه الدرجة الحالية حين جمعتنا راية الخلافة لأكثر من 1300 عام, من عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى عهد عبد الحميد الثاني العثماني آخر الخلفاء الأقوياء. والسلطان عبد الحميد هذا هو الرجل الذي دافع عن مقام الخلافة والمسلمين ضد أطماع أوربا والصهاينة ورفض بيع فلسطين مقابل أن ينقذه اليهود من ضائقته المالية, فعزلوه وحبسوه حتى مات. ولم يتمكنوا من الخلافة إلا بعده, اقرأ عنه وترحم عليه.

من جنس العمل

قديما قالوا: لا يعقل أن تبيع البقرة وتظل تملك حليبها!. كحالنا بعد تخلينا عن شرائع ديننا وقضايانا المصيرية. فلماذا يتوقع الناس أن تنصلح الأمور, ويطلبون الأجر وهم لم يعملوا ؟! 
 
 # من أبسط قواعد المنطق السليم أن الجزاء من جنس العمل. فلو رأيت أحدهم يزرع صبارا ويتوقع أن يخرج منه شجر تفاح فاعلم أنه مجنون.
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ - الرعد 11 . قالها الله لنا صريحة, ومع ذلك نتواكل ونتكاسل على المستوى الفردي والجماعي. ننتظر الفرَج ولم نعمل لنستحقه, كقصة الذي صلى ركعتين خفيفتين وسأل الله أن يزوجه بحور العين !