الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

مصر والشيطان الأمريكي



انتبه المثقفون الإسلاميون منذ سنوات إلى بعض ملامح الخطة الأمريكية لتغيير ما يسمى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENA ، أي الدول العربية الإسلامية.
وانتشرت بين مثقفينا كلمة قالها أحد واضعي السياسات الخارجية الأمريكية، عن أن العراق هدف تكتيكي، والسعودية هدف استراتيجي، ومصر هي الجائزة الكبرى.
لكن هناك ضعف في جودة ترجمة هذه الجملة، لأن قائلها لم يستخدم كلمة هدف Goal بل Pivot والتي تعني "محور".. وكان يقصد بها أن هذه الدول الثلاث هي «محاور تغيير شامل» يتم التخطيط له في الشرق الأوسط، وأن التغيير الذي سيتم فيها سيؤدي تلقائيا للقضاء على أي فكر إسلامي معادٍ للغرب، وأن النتيجة - بعد تنفيذ المخطط الذي رسمه قائل تلك الجملة - ستكون "شرق أوسط جديد" و "إسلام جديد" لن يُظهر أتباعه أي مشاعر كراهية للأفعال الأمريكية في بلادهم!

من القائل؟

باحث فرنسي لا يُخفي عداءه للإسلام، وله نفس الميول الاستعمارية/الاحتلالية التي عهدناها في الفرنسيين قديما.
اسمه Laurent Murawiec لوران مورافيتش، ولا عجب أن أفكاره واتجاهاته جعلته يعمل في مركز RAND للبحوث ومؤسسة Hudson ؛ ليتمكن من نشر سمومه في عقليات "صانع القرار" الأمريكي.
ظهر اسمه في 2002 عندما ألقى محاضرة على لجنة السياسات الدفاعية الأمريكية الحكومية، يحثهم فيها على احتلال العراق، وزعزعة السعودية، لأنها "دول راعية للإرهاب الإسلامي".
والحقيقة هي أن أنظمة هذه الدول لم تكن "ترعى إرهابا"، ولا حتى تميل لدعم الحركات الجهادية الإسلامية المشروعة.. إنما قصده كان هو تدمير سكان هذه الدول لا أنظمتها العميلة للغرب بالأساس، كما يعلم الجميع!

لاحظ الظرف التاريخي الذي قيلت فيه المحاضرة لتفهم سياق جملة مورافيتش الشهيرة:

سبتمبر 2001 - أحداث تدمير الأبراج الثلاثة في مركز التجارة العالمي WTC1 WTC2 WTC7 ، وإصابة جزء من مبنى البنتاجون (وزارة الدفاع)
أكتوبر 2001 - تنفيذ الخطة الهجومية المعدة مسبقا بضرب أفغانستان وإسقاط حكم طلبة الشريعة (الطالبان)
يوليو 2002 - يلقي لوران محاضرة presentation على لجنة السياسات الدفاعية الأمريكية، يرسم فيه خطة ضد الدول الثلاث (العراق - السعودية - مصر)
أغسطس 2002 - تسريب صحفي لمحتوى المحاضرة، مع ملف الـ باور-بوينت الذي استخدمه خلالها!
وانتشار آخر شريحة عرض من شرائح المحاضرة الـ 24 ، والتي تقول:
الاستراتيجية الكبرى نحو الشرق الأوسط هي: أن العراق محور تكتيكي، والسعودية محور استراتيجي، أما مصر فهي الجائزة Prize
ديسمبر 2002 – يكتب لوران تفاصيل رؤيته في 76 صفحة، ينشرها معهد هدسون Hudson Institute على موقعه الرسمي فيما بعد
مارس 2003 - احتلال الغرب للعراق وإسقاط نظام صدام حسين
أغسطس 2009 - مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي CFR ينشر مذكرة (الاضطراب السياسي في مصر) عن الثورة المصرية وكيف سيتم التعامل معها، مع توصية بدعم أمريكا والبنتاجون للمجلس العسكري الذي سيتسلم السلطة بعد سقوط مبارك. وعن الضربة القمعية التي سيوجهها الجيش المصري للحركات الإسلامية في حالة فوز الإسلاميين في الانتخابات!
أكتوبر 2009 - موت مورافيتش بالسرطان
يناير 2011 - تفجير كنيسة في الاسكندرية لتبرير حملة أمنية سيقوم بها نظام مبارك ضد الحركات والجماعات الإسلامية.. لكن الثورة تبدأ في اليوم المقرر لها، يوم الشرطة 25 يناير، وتتصاعد الأحداث ويسقط مبارك في فبراير 2011

ما لم يقله أحد حتى الآن

لا شك بالطبع أن أنظمة (عراق-صدام) و(سعودية-آل سعود) و(مصر-مبارك) هي أنظمة عميلة للغرب ومنبطحة لأمريكا، وتابعة لأسيادها في البنتاجون.. لكن لا شك عندي أيضا أن أمريكا تكره هذه الأنظمة وتعمل على إسقاطها وخيانتها كلما سنحت الفرصة، وتوريطها - مع شعوبها - في مصيبة تلو الأخرى!!
المتدثر بأمريكا عريان، كما يقال. ولا "ولاء" حقيقي عند أمريكا تجاه عملائها.
مَن يصير عبئا على الخطة الأمريكية الكبرى يتم التضحية به، مهما كان مطيعا وعميلا متميزا، وطاغية يقمع شعبه تنفيذا لما يأتيه من أوامر سادته!

التاريخ يخبرنا بوضوح أن صدام تم التلاعب به، والسماح له بغزو الكويت، مع وعد بالتغاضي عن المسألة. فلما فعل، ضربوه وهدموا قدرات العراق العسكرية. ثم سمحت أمريكا له بالبقاء في الحكم، على أن يكون طاغية مستبدا ديكتاتورا، يحارب الإسلام ويدعو للمنهج البعثي.
والسبب هو أن موعد العراق لم يكن قد حان بعد.
فلما جاء الوقت، وبدأ صدام يستشعر أن أمريكا ستضربه مرة أخرى نهائية، حاول بكل الطرق وبشتى الوسائل إظهار ولاءه التام للمخابرات الأمريكية، وأنه سيقوم بكل ما يطلبون.. لكنه فهم متأخرا حقيقة الوضع.
لآخر لحظة قبل احتلال العراق في 2003 كانت مخابرات العراق تستعطف مندوبي الـ CIA في العراق، وتقول لهم أنها ستقدم كل الأسماء التي تعرفها من الجهاديين الإسلاميين إلى أمريكا كهدية، وستقوم المعتقلات والسجون بالعمل بأقصى قدراتها على تعذيب المعتقلين واستخراج المعلومات المطلوبة، إلخ.
لكن خطة الضربة وما سيتبعها من احتلال كانت مرسومة بالفعل.. فالأمر ببساطة لا تحكمه العواطف بل الخطط والمصالح.
It's just business, nothing personal!

إحدى موظفات المخابرات الأمريكية في العراق تعجبت من رفض رؤسائها للعروض العراقية الانبطاحية. اسمها كان سوزان لينداور Susan Lindauer وتقول أنها حاولت إيقاف الحرب المرتقبة ثم فهمت أن "الأسباب الإعلامية" لاحتلال العراق لا صلة لها بالحقيقة!
فلا كان هناك أسلحة دمار شامل كيماوية ولا نووية.. ولا كان للعراق دور في أحداث 11 سبتمبر كما حاولت بعض قنوات الإعلام الأمريكي خداع بسطاء الأمريكان.. ولا كان صدام - كما كانت قناة فوكس نيوز التابعة للجمهوريين تشير بسذاجة - يدعم تنظيم القاعدة! بل على العكس، وكما يعرف كل باحث، كانت القاعدة تبغض النظام العراقي وتصفه بالكفر.
تم اعتقال سوزان دون محاكمة، تطبيقا لقانون الطوارئ الأمريكي الجديد الذي تم "تمريره" سريعا أيام بوش بعد 11 سبتمبر بحجة محاربة الإرهاب. ثم تم حبسها في مصحة عقلية لما تعذر تقديمها للمحاكمة. لأن وجودها مطلقة السراح أثناء الحملة الإعلامية الكاذبة التي كانت تطلقها أمريكا لتبرير الاحتلال كان سيؤثر سلبا على عملية الخداع الكبرى التي أريد فيها لبسطاء الأمريكان الاقتناع بوهم أسلحة الدمار الشامل العراقية!
ولما تم الغزو بنجاح تم إطلاق سراحها.. وإن لم تعد بالطبع لعملها في الـ CIA .. بل نشرت كتابا عن المسألة، وتقدم الآن برنامجا إذاعيا على الإنترنت لمحاولة فضح باقي الألاعيب المخابراتية الأمريكية.

فأمريكا صنعت صدام واستغلته في قمع العراقيين ومحاربة الإسلام وإضعاف العراق وتهجير العقول.. ثم أسقطته لما قضت وطرها منه، لأنه غير مناسب للمرحلة.
فوقت صدام كان المطلوب وجود حاكم قمعي سلطوي ديكتاتوري.. أما المرحلة الجديدة فكانت تتطلب العكس تماما. عدم وجود حاكم يجمع في يده السلطة، بل عدة ولايات متفرقة متنازعة متحاربة، وتفتيت، وتفجيرات شيعية-سنية إلخ.
وإلى الآن يحرص الأمريكان على عدم ظهور حاكم قوي عراقي، حتى لو كان طاغية تابعا لهم!

هذه كانت قصة العراق ببساطة. وربما نراها تتكرر في سوريا أيضا، بحكم أن سوريا - مثل العراق - تنتمي لأفكار حزب البعث المعادية للإسلام . فنظام بشار الأسد أثبت طاعته التامة للغرب، وفي نفس الوقت قدرته على الحفاظ على واجهة مزيفة تصوره كعدو للغرب ولإسرائيل.
إذ نجح نظام الأسد في إثبات ولائه عن طريق نسيانه مسألة استعادة أرض الجولان المحتلة، وحمايته للحدود الإسرائيلية بمنع أي عمليات فدائية ضد اليهود قد تحاول المرور عبر الحدود السورية-الإسرائيلية
وسكت عندما مرت الطائرات الصهيونية فوق قصره الرئاسي في العاصمة دمشق!
ومع كل هذا سيأتي وقت القضاء عليه قريبا، كصدام حسين. لكن بعد أن يتم استغلاله في إنهاك الشعب السوري، وتدمير بنية سوريا كما تم مع بنية العراق، كي لا تشكل سوريا – مهما كان حاكمها المستقبلي – أي خطر حقيقي على إسرائيل!
خطط استباقية محسوبة.. باردة في تعاملها مع أرواح البشر. وهي جزء مما يسمى الجيو-بوليتيك، أي الخطط الاستراتيجية الكبرى التي تشمل مناطق واسعة وبلدان متجاورة وفترات زمنية أطول من الخطط الاستراتيجية المحلية القصيرة المعتادة.

إن أمريكا لم تقف بصدق مع حليفها مبارك في الساعات الأخيرة لنظامه، وهي أيضا لم تكن صادقة في حلفها مع نظام صدام.. المهم عند هؤلاء المخططين هو الشعوب نفسها وكيفية السيطرة عليهم وتوجيههم.. فلو انتهى دور مبارك يتم إخراجه من المشهد والإيعاز لقادة الجيش المصري بتنحيته.. وإذ لم ينتهِ بعد دور نظام بشار في إنهاك قوى بلده وتدمير كل ما يمكن تدميره، يتم السماح له بالاستمرار بعض الوقت، وحجب أي تدخلات عسكرية أوروبية قد تحسم الموقف سريعا، ثم عندما يأتي وقته المحسوب يتم إسقاطه.

محاضرة لوران كانت صريحة أكثر من اللازم، وكشفت أسلوب تعامل أمريكا مع الحكام العرب الطغاة، وكيف يتم استدراجهم لتنفيذ خطط لا تعود بالنفع الشخصي عليهم ولا على شعوبهم.
ويبدو أن المخابرات الأمريكية عندها قسم خاص بدراسة نفسية الحكام العرب بدقة لمعرفة "مداخلهم" و"مفاتيح" التلاعب بهم!
ولا يتم "تصعيد" أحدهم للمناصب العليا إلا بعد التأكد من قدرة أمريكا على التحكم فيه والتلاعب به والعزف على أوتار عيوبه الشخصية، كحب الزعامة أو الضعف أمام النساء أو الخوف من فضيحة في ماضيه، إلى آخر ما نعرفه من طرقهم.
(ولا تظن هذا الأسلوب مقتصرا على الزعامات فقط.. بل استخدمه أمن الدولة في مصر للتحكم في رؤوس الجماعات والحركات الشعبية قدر المستطاع)
وأظن أن الكثير من القرارات الهوجاء والسريعة الغريبة التي نراها من طغاة العرب – كمبارك والسيسي – هي مجرد رد فعلهم استجابة لطلبات وضغوط وإلحاحات وتهديدات أمريكية.. يقال لهم إملاءات وقرارات واجبة التنفيذ فيفعلونها خائفين طائعين.
يقول لوران بعنجهية أنه يجب على أمريكا أن تأمر نظام آل سعود، ولو بالتهديد الصريح، أن يتوقفوا عن دعم الأفكار الإسلامية في إعلامهم.. وأن يغلقوا كل المؤسسات والجمعيات الخيرية الإسلامية..
فهل يا ترى جاءت لحسني مبارك أوامر مماثلة عندما أغلق القنوات الإسلامية قبل ثورة يناير؟!
وهل يا ترى جاء للمجلس العسكري والسيسي أوامر مماثلة عندما أغلقوا القنوات الإسلامية بعد الانقلاب، ثم صادروا أموال الجمعيات الخيرية الإسلامية الطبية والإعانية؟!

ذُل العِمالة

يا حكام العرب إنكم أغبياء، لا ترون أنكم تقتلون مصادر قوتكم بأيديكم!
عندما حاول نظام صدام في اللحظات الأخيرة تجنب الغزو الأمريكي الوشيك قام بقمع وتعذيب الإسلاميين في أقبية سجونه، لعل المخابرات الأمريكية ترضى عنه وترى مدى "اجتهاده" في محاربة "الإرهاب"!
وأظن نفس الشيء حدث في يناير 2011 في مصر، عندما رأينا بوادر حملة أمنية يدبرها حبيب العادلي وعمر سليمان ضد الحركات الإسلامية.. حتى قال بعض ضباط أمن الدولة لبعض الإخوة الإسلاميين أن القضاء عليكم سيبدأ خلال أيام، خصوصا بعد عملية تفجير كنيسة القديسَين بالإسكندرية التي تم تدبيرها لتكون مبرر الضربة القمعية!
قد تكون تلك الضربة هي محاولة نظام مبارك الأخيرة لإرضاء أمريكا بعد أن استشعر أنها ستتخلى عنه في مظاهرات يوم 25 يناير المرتقب والذي كان يتم الإعداد له علنا على صفحات الفيسبوك.
ضع نفسك في موقف هذا النظام الطاغي الفاسد لترى كيف يعبث بهم أسيادهم!
فمن ناحية، هو مستسلم تماما لأمريكا ويعلم أن مصيره مرتبط برضاها وتنفيذه لأوامرها.. ومن ناحية أخرى هو في حالة شك دائمة في نواياها، خصوصا بعد سوابقها في التخلي عن حلفائها.
وللأمريكان مثل شعبي لمثل هذا الموقف، يقول

No rest for the wicked
أي لا راحة للأشرار!

أما نحن فنشبهه بما جاء في آية 16 من سورة الحشر:
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين

فيا نظام بشار الأسد، لن ينفعك أنك تخلصت من أسلحتك الكيماوية لإرضاء الغرب.. فكل ما فعلته هو تأخير ضربتهم المرتقبة لك. فمرادهم أن يستمتعوا برؤية إلى أي مدى ستذل نفسك أمامهم، قبل أن يوجهوا لك الطعنة الأخيرة.
لو كان صدّام عاد لرشده في اللحظات الأخيرة لكان عليه إخراج المعتقلين المسلمين المجاهدين من السجون ليكونوا خط دفاع ضد الغزو الأمريكي، بدلا من الجيش العلماني الذي فر بعد ساعات معدودة من بدء المعركة!
فهل يصبر على القتال إلا من له مبدأ وإيمان ودين؟!..
كيف لجيش مصر أن يقتل المسلمين وهو يعلم أنهم سيكونوا أول من يساعده إن تعرضت البلد لخطر الغزو؟!
هل ميوعة اليساريين والعلمانيين ستنفع امرأة حرة مسلمة عندما تتوسع إسرائيل مرة أخرى على حساب حدودنا؟!.. لا والله. لن ينفعها إلا شباب الإسلاميين في سيناء وعلى حدود الوطن الأربعة.
ومع هذا نرى استدراج أمريكا وإسرائيل لفسدة الجيش المصري بجعلهم يقتلون بأيديهم شباب سيناء المجاهد، وكأنها عملية تطهير لأي عقبات قد تواجه إسرائيل عندما تقرر احتلالنا!
هل هناك غباء أكثر من هذا؟!

السعودية

النظام السعودي حليف لأمريكا.. ماله في بنوكها، وجنودها على أرضه تحمي نفطه، ومع ذلك لا نستبعد إطلاقا أن تكون أمريكا في نفس الوقت تعمل على إسقاط آل سعود عندما "يأتي وقتهم" وتحين خطة نشر الفوضى في بلاد الحرمين!
سيستخدم الأمريكان الشيعة في شرق السعودية لإثارة الاضطرابات، ثم يستخدمون هذه الورقة للضغط على آل سعود لمزيد من التنازلات، وخصوصا التنازلات الفكرية والاجتماعية الساعية لعلمنة عقليات الشباب السعودي وصرفه ناحية الثقافة الأمريكية.. ثم بعدما يقدمون أكثر ما يستطيعون من تنازلات سيتم التضحية بهم كمن سبقهم.. ويستمر المخطط بخطى سريعة نحو الهاوية المرسومة لنا!

والأنظمة القمعية السعودية والمصرية تستشعر أن التغيير قادم لا محالة، وترى أن ثورات الربيع العربي كانت أداة أمريكا لبدء تنفيذ خطة تغيير الشرق الأوسط الكبرى.. ولهذا يتعاون آل سعود والمجلس العسكري الانقلابي لقتل روح الثورة وإخماد أي ميول لدى الشعوب نحو أي تغيير!
يرجو طغاة مصر والسعودية أن تنسى أمريكا مخططها التغييري وتتركهم على عروشهم القديمة، ويعدونها بمزيد من الانبطاح والتبعية والعمالة إن تخلت عن مخطط نزعهم ونشر الفوضى في بلادهم!

لكن الشعوب الحرة ترفض كلا الخيارين.. فلا تريد تنفيذ مخطط الفوضى الأمريكي، ولا تريد استمرار حكم الطغاة. بل نريد الخيار الثالث.. لا فوضى ولا استبداد.. بل ثورة تصحيحية فكرية نابعة من عندنا، وبلا أي رؤوس "مستوردة" يزرعها الغرب في بلادنا لتقود حراكنا الثوري وتوجهه إلى وجهة لا نريدها.. كأمثال البرادعي الأمريكي صاحب مشروع تغيير عقيدة الجيش المصري لتكون مهمته الوحيدة هي الحرب على "الإرهاب" لا معاداة الصهاينة!

مصر

لو كنتُ أنا الآن في وضع أمريكا لاستخدمت غباء وفساد قادة الجيش المصري في إضعاف البلد اقتصاديا، وتكوين بذور يمكن تنميتها في أي وقت لإثارة وإشعال فوضى مخططة مدروسة.. ولاستخدمت أسلحتهم التي أعطيهم إياها في قتل كل من أعرف أنه لن "يطاوعني" فيما أريد تنفيذه في مصر في المستقبل.
لو كنتُ أمريكا لضربتُ كل الجماعات الإسلامية ببعضها.. ونشرت بينهم العداوة والبغضاء.. ولفرقت أهل مصر شيعا.. وجعلتهم يقتلون أبناءهم بأيديهم ويحرقون من قال ربي الله.. حتى إذا جاء الوقت المعلوم، أدخل البلد والطريق سالك أمامي، بلا عقبات ولا مقاومة فكرية أو فعلية.. ولبدأت عهدا جديدا من الاحتلال يشبه ما فعلته الامبراطورية البريطانية في السابق!
وما بدأ الاحتلال الإنجليزي إلا بعد إضعاف البلد فترة عرابي والخديوي الفاسد والاقتصاد المثقل بالديون الخارجية!

كلمة أخيرة

لو لم تفهم الرؤية التي عرضتها في هذا المقال فالعيب ليس عندي، بل في عدم قدرتك على الخروج من أسر قناعات مسبقة وعاطفية تكونت لديك نتيجة للأحداث. يجب أن تبعد قليلا عن تفاصيل المشهد لتراه بوضوح، وتطور رؤيتك العامة لوضعنا الحالي، كجزء من حركة التاريخ.
لا تكن ضيق الأفق قصير النظر، واترك لنفسك مجالا لرؤى جديدة، حتى وإن كانت مختلفة عما ألفته واعتدت عليه.
كن منتبها لما يحاك ويدبّر، لكن تأكد أن تدبيرهم هو نفسه تدميرهم. وكل ما أمرنا الله به هو الإعداد.. لأن التجهيز سيُرهب العدو الخفي الذي يتآمر علينا ونحن في غفلتنا جاهلين به أصلا!
اقرأ إن شئت: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل
ترهبون به عدو الله وعدوكم
وآخرين من دونهم لا تعلمونهم
الله يعلمهم.

مصادر واقتباسات

في عرض الباور-بوينت المصاحب لمحاضرة لوران مورفيتش سيئة الذِكر إشارة لمسألة التقسيم الحالي للدول العربية.
فمن المعروف أن الامبراطورية البريطانية والفرنسيين قاما بتقسيم الدول فيما بينهم فيما يعرف باتفاقية سايكس-بيكو. سايكس كان من إنجلترا وبيكو من فرنسا، والفريسة كانت الدول العربية الإسلامية التي صارت بلا قائد بعد انقلاب الجيش التركي العلماني على الخليفة السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله.
كانت فترة سيئة للمسلمين بشكل عام.. سقوط الخلافة، ووعد بلفور، وإعلان الحماية البريطانية على مصر، وغيرها من النكبات..
ولما تم تقسيم الحدود الجديدة للدول العربية، تم أيضا تجهيز طاقم جديد من الحكام ليقوم بمعاونة الاحتلال والاستعمار على تنفيذ مخططاتهم للمنطقة.
ولما رحل الاستعمار كان رحيله ظاهريا فقط، لأنه ترك بدائل عميلة تحكم بلادنا، وتنفذ نفس سياساته لكن بمسميات مختلفة.
ويقول لوران أن هذا التقسيم الذي وضعته بريطانيا انتهت فائدته الآن، ولهذا يجب إعادة التشكيل والتقسيم من جديد، وهذه المرة برعاية أمريكية!
“تقسيم دول الشرق الأوسط تم بتصميمات بريطانية سنة 1917 ليحل محل امبراطورية الخلافة العثمانية وقتها، والآن صار منتهي الصلاحية”
“الدور الذي تم صناعة دولة السعودية من أجله انتهى.. فصارت أيضا منتهية الصلاحية obsolete”
“سنوجه إنذارا لآل سعود ليتوقفوا عن دعم أي مدرسة أصولية، أو عالم أو مسجد في العالم. وعليهم أيضا التوقف التام عن نشر أي مواد إعلامية ضد أمريكا أو الغرب أو إسرائيل. وعليهم أيضا حظر وتفكيك كل المؤسسات الخيرية الإسلامية داخل المملكة السعودية، ومصادرة أموالها”
“يجب على آل سعود قمع وعزل كل من له صلة بالأفكار الإرهابية، حتى لو كان داخل أجهزة المخابرات السعودية ذاتها”
“بعد القضاء على حكم آل سعود سيكون البديل الذي سيتسلم الأماكن المقدسة الإسلامية هو الهاشميين في الأردن”

الأفكار السابقة كانت من المحاضرة التي قدمها لوران للأمريكان ليرسم سياساتهم الواسعة في السعودية. لكن تفصيل أفكاره تجده في دراسته التي نشرها معهد هدسون..
“مبارك سمح لبعض الأفكار الإسلامية بالانتشار في المجتمع المصري.. وأعطى للأصوليين بعض الحرية في مخاطبة الجماهير”
“السياسة الأمريكية ستكون خاطئة إن ارتكزت على انتهازية مبارك وسمحت له بالبقاء في الحكم طالما سيقوم بنفسه بقمع الإسلاميين. مصر يجب أن يتم تغييرها محوريا وإعادة تشكيلها بعد الحرب التي ستشنها أمريكا على العراق"
(لاحظ أن هذا الكلام كان في 2002 قبل غزو العراق بشهور)
“إن مصر، بعدد سكانها، وتاريخها، ووضعها، وقدراتها المستقبلية، هي المكان الذي سيتم فيه تقرير مصير العالم العربي"
“لكن لا يجب أن يتم البدء في العمل على مصر إلا في المرحلة الأخيرة.. بعد أن يتم إسقاط صدام، وكسر سوريا وحزب الله، وإذلال السعوديين. ساعتها سيحين وقت التعامل ضد الطاغية المصري الفاشل عديم النفع!”

ثم يختم دراسته بجمل واضحة صريحة:
“لكي نقضي تماما، كأمريكيين، على الإرهاب العربي والإسلامي، يجب أن يتم تحويل الشرق الأوسط بشكل كامل"
“لنفعل كما فعلنا عندما واجهنا خطر النازيين والسوڤييت. علينا أن نعيد تشكيل المنطقة العربية، ثقافةً وديانةً!.. وهي مهمة صعبة لكنها ثمن النصر"
“نتيجة حربنا على الإرهاب ستكون مبهرة.. إذ سيصبح العرب جزءا من الغرب في النهاية. وكل الآلام والاضطرابات التي ستحدث ليتم هذا الأمر هي ضرورية لعملية (الخلق)!”


للمزيد من النصوص والمقالات الخاصة بالموضوع، انظر هذه الروابط:

The PowerPoint That Rocked the Pentagon
http://www.slate.com/articles/news_and_politics/press_box/2002/08/the_powerpoint_that_rocked_the_pentagon.single.html

Does Anyone Remember Egypt: The Prize
http://www.cnbc.com/id/41385785

An Alternative Strategy for the War on Terrorism
by Laurent Murawiec
http://www.hudson.org/index.cfm?fuseaction=publication_details&id=2869

الاضطراب السياسي في مصر Political Instability in Egypt
http://aboutsalama.blogspot.com/2012/05/political-instability-in-egypt.html

http://en.wikipedia.org/wiki/Laurent_Murawiec

د. عبد العزيز كامل (مصر ومخاطر التدويل ) 30 ديسمبر 2013
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=192533967614142&id=100005726197635




سلامة المصري «مصر والشيطان الأمريكي» 31 ديسمبر 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق