‏إظهار الرسائل ذات التسميات Islam. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Islam. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

ضعف قصة فداء أسرى بدر وتعليم الكتابة لصبيان الأنصار

هناك حادثة مزعومة ، غالبا ما يستشهد بها الكتاب والدعاة والخطباء والوعاظ، في كل مناسبة يُستَجرُّون فيها للحديث عما يسمى اليوم بـ ( مكافحة الأمية ) ، استدلالاً منهم على مدى حرص الإسلام على الخلاص من هذا (الوباء) ، ونشر تعليم الكتابة بين أبنائه ، ألا وهي قصة أسرى بدر من المشركين ، إذ يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل فداء بعض أسارى المشركين يوم بدر ، أن يعلموا أولاد المسلمين الكتابة.

ففي مسند الإمام أحمد : عن علي بن عاصم قال : قال داود بن أبي هند : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم ، أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة ، قال : فجاء يوما غلام يبكي إلى أبيه ، فقال : ما شأنك ؟ قال : ضربني معلمي ، قال : الخبيث يطلب بذحل بدر (أي ينتقم طلبا للثأر) ، والله لا تأتيه أبداً.

وهذه الرواية ليست ثابتة من وجهين :
الأول : من حيث سندها ، ففيه ، علي بن عاصم بن صهيب الواسطي شيخ الإمام أحمد وداود بن أبي هند .
أما علي بن عاصم ، فقد قال فيه أبو حاتم : ( لين الحديث ، يُكتَبُ حديثُه ولا يُحتَجُّ به ) .
كما ونقل عن يزيد بن زريع قوله : ( أفادني علي بن عاصم أحاديث عن خالد الحذَّاء ، فأتيت خالداً الحذاء فأنكرها ، وما عرف منها واحداً ، وأفادني عن هشام بن حسان ، فأتيت هشاماً ، فسألته عنه ، فأنكره وما عرف ) .
وقال يحيى بن معين فيه : ( علي بن عاصم ليس بثقة ) .
وقال الإمام أحمد : ( خذوا من حديثه ما صح ، ودعوا ما غلط أو أخطأ فيه ) .
وقال ابنه عبد الله : ( كان أبي يحتج بهذا ، وكان يقول : كان يغلط ويخطئ ، وكان فيه لجاج ، ولم يكن متهماً بالكذب ) .
وقال عنه الحافظ في التقريب : ( علي بن عاصم بن صهيب الواسطي صدوق ، يخطئ ، ويصر ، ورُمي بالتشيع ) .
كما وضعفه الألباني في ( السلسلة الضعيفة ) وقال فيه : (ضعيف الحديث)
أما ( داود بن أبي هند ) ، فقد قال عنه الحافظ في التقريب : ( داود بن أبي هند ثقة متقن ، كان يهم بآخره ) .
الثاني : أن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقة معالجته لمسألة الأسرى ، أنه لم يكن يتجاوز مجموعة هذه المعالجات:
1 - القتل.
2 - المفاداة بمال.
3 - المفاداة بمن في أيدي المشركين من أسرى المسلمين.
4 - الاسترقاق.
5 - العفو.
ولم يرد في رواية صحيحة ثابتة ، أنه جعل تعليم أسرى المشركين لأبناء المسلمين الكتابة فداء لهم من أسرهم ، وهذه هي كتب السنة والسيرة والفقه ، تتحدث عن فداء الأسرى ، ولا تذكر شيئاً غير الذي قلناه . ومن ذلك كله ، يتبين سقوط الاحتجاج بهذه الرواية ، في إثبات هذه المسألة.



المصدر: مجلة البحوث الإسلامية - السعودية
 
بقلم : مصطفى بن عيد الصياصنة


الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

نظرة الشخص للعالم

الدين يؤثر في نظرة الشخص للعالم وللآخرين، وبالتالي سيؤثر في اختياره لمشروعاته.
فالنصارى الأمريكان صنعوا موسيقى الكنتري في حين اهتم شباب ثقافة المخدرات في الستينيات بإنتاج موسيقى الروك أند رول مثلا.
ومعتقدات ريتشارد ستولمان وفلسفته في الحياة أثّرت على إنتاجه وأسلوبه في التعامل مع البرمجة وفي رخصة الـ GPL
ومصمم الأسلحة اليهودي (عوزي) أثّرت معتقداته (ونظرته للعالم وأحلامه في قيام دولته إلخ) في جعله يتجه لاختراع أفضل مسدس رشاش في العالم الآن، Uzi والذي أهداه للجيش الإسرائيلي ليصبح السلاح الرسمي للأفراد.
ومعتقدات بيل جيتس الرأسمالية جعلته يشكل امبراطوريته بأسس تختلف تماما عن الأسس التي بنى بها شاتلوورث (صاحب كانونيكال، وراعي أوبونتو) شركته ونظام تشغيله.. إلخ.
والخلاصة هي أنه إن كان الشخص فعلا صاحب دين (وليس مجرد متدين بالبطاقة/الهوية) فسيكون متأثرا في حياته وإنتاجه بنظرة هذا الدين للعالم وللآخرين.

السبت، 29 نوفمبر 2014

الإسلاموقراطيون

بعد موت الثورة في مصر..
الخطوة التالية للانقلاب هي عرض الاستسلام مرة أخرى على قطعان الإخوان (قيادة وأتباع) :
إما القبول بالوضع والدخول في مسرحية ديمقراطية جديدة كما كان يحدث في مجالس الشعب أيام الرئيس السابق حسني مبارك، أو بدء مرحلة أحكام الإعدام كما حدث أيام الرئيس السابق جمال عبد الناصر.
وسيدخل باقي الإسلاموقراطيين حظيرة الدولة كديكور تجميلي كما حدث أيام الرئيس السابق أنور السادات.

وبهذا يكون الله قد كتب الذلة على كل الإسلاميين الذين اشمئزوا من تطبيق الشريعة عندما أوصلهم للسلطة، تماما كما فعل مع بني إسرائيل عندما سلط عليهم الوثنيين (بابليين وفرس وروم) لما هجروا شريعة التوراة بعد موت سليمان واتبعوا شرائع الغرب والشرق.

-----

ملوك الخليج لم يبخلوا بغالي أو رخيص لوأد رياح التغيير التي كادت تهب عليهم من مصر.. ونجحوا في إقناع شعوبهم عمليا أن التغيير هو باب للفوضى وللدماء، وأن بقاء الوضع على ما هو عليه هو ثمن الاستقرار الأمني والاقتصادي.جعلوا مصر عبرة كي تعتبر شعوبهم.

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

القرآنيين

من الفرق الضالة التي أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها ستظهر بين المسلمين، فرقة القرآنيين، أو ما يطلق عليهم "أهل القرآن" أو "منكرو السنة" والمشككين في الأحاديث النبوية الصحيحة

مع أن الرسول قال: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"
أي أن أحاديثه كانت بوحي إلهي، لا ينطق عن الهوى، وهي مصدر تشريع مثل القرآن.

وقال متنبئا بظهور تلك الفرقة:
لا أُلْفِيَنَّ أحدُكم مُتَّكِئًا على أَرِيكتِه، يأتِيهِ الأمرُ من أمرى، مِمَّا أُمرْتُ به، أو نَهَيْتُ عنه، فيقولُ : لا أدرى، ما وجَدْنا في كتابِ اللهِ اتَّبَعناه

وقال:
يوشِكُ الرَّجلُ متَّكئًا علَى أريكتِهِ يحدَّثُ بحديثٍ من حديثي فيقولُ بينَنا وبينَكُم كتابُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ما وجَدنا فيهِ من حلالٍ استحلَلناهُ وما وجدنا فيهِ من حرامٍ حرَّمناهُ.
ألَّا وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مثلُ ما حرَّمَ اللَّهُ
(المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه)
(خلاصة حكم المحدث: صحيح)

وسبب ظهور هذه الفرقة هو رغبتهم في تحريف الشريعة عن طريق تحميل نصوص القرآن معان غير مقصودة في النص أصلا، لكن دائما تواجههم عقبة أن الأحاديث فيها تفاصيل كثيرة وأحكام فقهية وأفعال عملية قام بها الرسول تتعارض مع محاولاتهم لتحريف المعنى.
فكان الحل من وجهة نظرهم هو التشكيك في السنة كي يصبح المجال مفتوحا للتلاعب بمعاني الآيات!
حيث أن المسلمين الآن يقعون بسهولة ضحايا ضعف فهمهم للغة العربية ولأسلوب القرآن وبلاغته، فيسهل خداعهم.

السبت، 8 نوفمبر 2014

توهم بطلان حديث "خلق الله التربة يوم السبت"

توهم بطلان حديث "خلق الله التربة يوم السبت" (*)
http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=03-02-0008

مضمون الشبهة:

 يتوهم بعض الناس بطلان حديث «خلق الله التربة يوم السبت» والذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد عصر يوم الجمعة».

 مستدلين على ذلك بأن أهل الحديث استنكروا هذا الخبر، فضعفه البخاري بقوله: وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب وهو الأصح، وأن هذا الحديث يتعارض مع ما جاء به القرآن الكريم من قوله عز وجل: )إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام( (يونس: ٣)، وقوله عز وجل: )ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38)( (ق)، إذ إن الحديث قد جعل خلق الأرض وحدها قد استغرق سبعة أيام، بينما أثبت القرآن في أكثر من موضع أن خلق السماوات والأرض معا كان في ستة أيام.

بالإضافة إلى أن هذا الحديث مخالف للآثار القائلة: إن أول الستة يوم الأحد وهو الذي نزل عليه أسماء الأيام: الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس.

وجوه إبطال الشبهة:

1) لقد أكد العلماء على صحة الحديث سندا، فقد رواه مسلم في صحيحه، ورواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي، وابن مردويه، وابن أبي حاتم وغيرهم، وصحح إسناده أحمد شاكر والألباني والمعلمي اليماني، أما قول البخاري: "وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب الأحبار، وهو أصح " - فإنه لا يقدح في صحة رواية مسلم، وإنما هو من قبيل الأصح والصحيح، والأصح مقدم على الصحيح.

2) إن التفصيل الذي في الحديث الشريف غير التفصيل الذي في الآيات التي تتحدث عن خلق السماوات والأرض، لذلك فالواجب هو ضم أحدهما للآخر كما ذكر أهل العلم ذلك، كما أن خلق آدم لا يعد من الأيام الستة؛ لأن الأرض قد خلقت قبل خلقه ودبت عليها الحياة قبله بدليل قوله تعالى: )وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة( (البقرة:٣٠) كما أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إلى خلق السماوات، وإن لم ينص على ذكرها وذلك في يومي الأربعاء والخميس؛ لأن النور والحرارة تحتاجهما الدواب ومصدرهما الأجرام السماوية.

3) ليس هناك دليل على أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد، وما روي في ذلك من أحاديث مرفوعة لا تصح، وعامتها مأخوذة من الإسرائيليات، وكانت هذه التسمية قبل الإسلام تقليدا لأهل الكتاب، وهي تسمية طارئة؛ لأنها كانت في اللغات القديمة غير ذلك.

التفصيل:

أولا. الحديث صحيح سندا ولا مطعن فيه:

إن حديث "خلق الله التربة" حديث صحيح، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه قال: حدثني سريج بن يونس، وهارون بن عبد الله، قالا: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: خلق الله - عز وجل - التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم - عليه السلام - بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل»[1].

ثم قال مسلم: "قال إبراهيم: حدثنا البسطامي (وهو الحسين بن عيسى)، وسهل بن عمار، وإبراهيم بن بنت حفص، وغيرهم عن حجاج بهذا الحديث"[2].

ورواه الإمام أحمد في مسنده بالسند نفسه عن حجاج أيضا[3]، ورواه الإمام النسائي[4]، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن جرير، وغيرهم.

فالحديث - بداية - صحيح، أما ما وجه إليه من طعن في السند فهو مردود عليه بحمد الله، ولنبدأ بإسماعيل بن أمية راوي الحديث، فقد عدله المزي صاحب تهذيب الكمال فنقل آراء النقاد فيه، ومنهم أن يحيى بن معين، وأبا زراعة، وأبا حاتم، والنسائي، ومحمد بن سعد قد وثقه جميعهم.

وقال عنه أحمد بن حنبل: إسماعيل أقوى وأثبت في الحديث من أيوب، وقال - أيضا: أيوب ابن عم إسماعيل، وإسماعيل أكبر منه، وأحب إلي[5].

أما أيوب بن خالد والذي روى الحديث عنه إسماعيل بن أمية فقد قال عنه الألباني أثناء تصحيحه الحديث ردا على من أعل الحديث بأيوب بن خالد؛ لأن فيه لينا فقال: "ليس بشيء، فإنه لم يضعفه أحد سوى الأزدي، وهو نفسه لين عند المحدثين، فتبينه"[6].

وقال المعلمي اليماني: وأيوب لا بأس به، وصنيع ابن المديني يدل على قوته عنده"[7].

وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة ثقة، فقد وثقه العجلي، وأبو زرعة والنسائي وابن حبان[8].

 هذا عن رجال الإسناد، بقي أن نوضح أن قول الإمام البخاري: "وهو أصح" لا يفيد إنكار الحديث أو تضعيفه - كما قالوا - وإنما هو من قبيل الصحيح والأصح؛ فأفعل التفضيل "أصح" لا تفيد التضعيف على الإطلاق، وقد علق الشيخ الألباني على قول الإمام البخاري: "وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح" - بقوله: "فمن هذا البعض؟ وما حاله في الضبط والحفظ حتى يرجح على رواية عبد الله بن رافع؟! وقد وثقه النسائي وابن حبان، واحتج به مسلم، وروى عنه جمع، ويكفي في صحة الحديث أن ابن معين رواه ولم يعله بشيء![9].

 وهذا ما أكده د. سعد المرصفي قائلا: "قال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح، أي إنه وهم فيه أيوب على احتمال، ولم يجزم بخطئه، كما زعم شيخ المحدثين - على زعم من ادعى ذلك - قال: وهو أصح، وأفعل التفضيل لم ينف الصحة عن حديث أيوب، فهو من قبيل صحيح وأصح، والأصح مقدم على الصحيح، وهذا هو كلام المحدثين، مع علمهم أن تعليلهم للحديث لم يسلم عند كثيرين من المحدثين غيرهم، وعلى رأسهم مسلم، والنسائي وأحمد[10].

وتأسيسا على أقوال علماء الحديث الثقات في رجال هذا الحديث وبيان حقيقة قول البخاري نستطيع أن نؤكد أن حديث «خلق الله التربة» صحيح سندا، ولا يقدح فيه أي قول، ويتأكد ذلك أكثر بعد بيان صحة ما جاء به متن الحديث، وذلك في الوجهين الآتيين.

ثانيا. لا تعارض بين الحديث والقرآن في شيء:

 لقد ظن بعض الناس أن حديث «خلق الله التربة يوم السبت»[11] يتعارض مع قوله عز وجل: )إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام( وقوله تعالى: )هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش( (الحديد:٤)، وهذا ظن خاطئ منهم؛ لأن الآيات تتكلم عن خلق السماوات والأرض إجمالا، أما الحديث فإنه يفصل ما خلق في أيام خلق الأرض الأربعة التي ذكرت في الآيات، لهذا نجد جمعا كبيرا من علماء الأمة جعل ابتداء الخلق يوم السبت، وانتهاءه يوم الخميس، فهذه ستة أيام، وهي التي ذكرها الله في كتابه، وأما خلق آدم فجعلوه غير داخل في الأيام الستة، وبهذا يندفع الإشكال ويذهب التعارض، وقد اختلف في وجه عدم دخول اليوم الذي خلق فيه آدم - عليه السلام - في الأيام الستة على عدة أقوال؛ منها: أن خلق آدم - عليه السلام - مستقل عن خلق الأرض، ليس منها، فلا يكون يومه معدودا في الأيام الستة، حيث قال ابن هبيرة - رحمه الله - "لما كملت هذه الأشياء في ستة أيام كما قال - عز وجل - واستتب أمر الدار، مستدعية بلسان حالها قدوم الساكن حين تهيئة الأسباب، والفراغ من الرزق والمركب والرياش، وتبين ما يكره وما يطلب، كان خلق ساكن الدار - أبي البشر - في يوم الجمعة عند آخر النهار"[12].

 ومنهم من ذكر أن أصل الأشياء هي التي خلقت في ستة أيام، وآدم ليس أصلا؛ وإنما هو كالفرع من بعضها، وبناء عليه، فلا يلزم أن يكون يوم خلقه من جملة الستة، وهذا ما ذهب إليه ابن الجوزي - رحمه الله، قال: "فإن قيل: فالقرآن يدل على أن خلق الأشياء في ستة أيام، وهذا الحديث يدل على أنها في سبعة؟! فالجواب: أن السماوات والأرض وما بينهما خلق في ستة أيام، وخلق آدم من الأرض، والأصول خلقت في ستة، وآدم كالفرع من بعضها"[13].

 كما ذهب المعلمي إلى القول: بأن خالقية الله - عز وجل - لم تتوقف بعد الأيام الستة؛ لأن الله - تعالى - ما زال ولا يزال خالقا، فخلق آدم كان بعدها، وليس في القرآن ما يدل على أن خلق آدم كان في الأيام الستة حتى يقال: إنها صارت بهذا الحديث سبعة، ويزيد أن "في آيات خلق آدم في سورة البقرة، وبعض الآثار ما يؤخذ منه أنه قد كان في الأرض عمار قبل آدم، عاشوا فيها دهرا، فهذا يؤكد القول: بأن خلق آدم متأخر بمدة عن خلق السماوات والأرض، فتدبر الآيات والحديث على ضوء هذا البيان، يتضح لك إن شاء الله أن دعوى مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن قد اندفعت ولله الحمد"[14].

 وقد ذهب المفسرون إلى أن الجن سكنت الأرض قبل بني آدم وأفسدوا فيها لذلك قالت الملائكة: )قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء( (البقرة: ٣٠)، يقول الإمام القرطبي: "وقيل: إن الملائكة قد رأت وعلمت ما كان من إفساد الجن وسفكهم الدماء؛ وذلك لأن الأرض كان فيها الجن قبل خلق آدم فأفسدوا وسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم وألحقهم بالبحار ورءوس الجبال فأخذته العزة[15].

 أما ابن كثير - رحمه الله - فقد ذكر عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أنه قال: كان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة، فأفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم، حتى ألحقوهم بجزائر البحور فقال الله تعالى للملائكة: )إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء( (البقرة:3٠)[16].

 وقد ذكر الألباني أن هذه الأيام المذكورة في الحديث غير الأيام الستة المذكورة في القرآن، واستدل على ذلك بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النسائي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أبا هريرة، إن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش يوم السابع، وخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، والشر يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة، في آخر ساعة من النهار بعد العصر، خلقه من أديم الأرض، بأحمرها وأسودها، وطيبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل الله من آدم الطيب والخبيث»[17].

 وقال الشيخ - رحمه الله - تعليقا على هذا الحديث: "الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة في القرآن، فالحديث يتحدث عن شيء من التفصيل الذي أجراه الله على الأرض، فهو يزيد على القرآن، ولا يخالفه، وكان هذا الجمع قبل أن أقف على حديث الأخضر - يعني: الحديث المتقدم - فإذا هو صريح فيما كنت ذهبت إليه من الجمع، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"[18].

 كما صرح المستشار سالم علي البهنساوي في كتابه "السنة المفترى عليها" - أن الأيام الستة ليست هي التي فصلها الحديث النبوي فهو لم يذكر خلق السماوات ولا خلق الأرض، حيث ورد ذلك في القرآن الكريم بل ذكر خلق التربة والجبال والشجر والدواب وغير ذلك مما تم بعد خلق الأرض والسماوات، ولا تعارض بين هذا التفصيل وبين ما ورد في القرآن الكريم، ولا يوجد أيضا أي تعارض لو كان خلق هذه الأشياء خلال الأيام الستة التي خلق الله فيها الأرض والسماوات"[19].

 ومما يزيد الأمر وضوحا ما ذكره المرصفي قائلا: "وواضح أن الحديث فصل خلق ما احتوته الأرض واشتملت عليه، بينما الآية تذكر خلق السماوات والأرض جملة، وحينئذ لا يكون تعارض.

 يقول د. محمد السماحي: الحديث يقول: «خلق الله - عز وجل - التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد» فهذان يومان. «وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء»فإذا فسرنا المكروه بآفات الزروع والثمار، كان تقدير الأقوات وما يتعلق بها في يومين، فهذا تمام أربعة أيام.

 بقي قوله: «وخلق آدم - عليه السلام - بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل» لا إشكال فيه بعد قوله تعالى: )هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء( (البقرة: ٢٩)، فظاهره أنه خلق وأعد لبني آدم ما يحتاجون له في الأرض، في تلك الأيام الأربع، ثم استوى إلى السماء، فقضاهن سبع سماوات في يومين، كما يشير إليه قوله تعالى: )فقضاهن سبع سماوات في يومين( (فصلت: 12)، فخلق آدم خارج عن نطاق الأيام الستة، قد يقال إن الآية تقول: )وجعل فيها رواسي من فوقها( (فصلت:١٠) بعد قوله: )خلق الأرض في يومين( (فصلت: ٩)، وهذا ينافي خلقها في اليوم الثاني، كما جاء في الحديث، لكن إذا تأملت قوله )وجعل فيها رواسي( (فصلت: ١٠) علمت أنه لا ينافي خلقها قبل ذلك، فالجبال من الأرض، وخلقها الله في الأرض، معها تضاريس غير مرتبة ولا منسقة، فإرساؤها في مكانها الذي يحفظ توازن الأرض في دورتها، ونقلها من مكان إلى مكان، بعوامل الزلازل والتعرية وغيرها، هو الذي جعلها رواسي، بعد أن لم تكن كذلك.

 فالمعنى: صير فيها رواسي من فوقها، وبارك فيها، وقدر فيها أقواتها، على أن قوله: )في أربعة أيام سواء للسائلين (10)( (فصلت). يدل على أن خلق الأرض والجبال، وتصييرها رواسي، ووضع البركة فيها، وتقدير أقواتها، كان في مدة أربعة أيام، من غير فصل، فكأن مبادئها كانت مختلطة في هذه الأدوار، من غير أن ينفصل كل دور عن سابقه تماما، وبذلك لا يتحقق التعارض بين الحديث والقرآن [20].

وأما بالنسبة لمن قال: إن الحديث اقتصر على خلق الأرض ولم يذكر شيئا عن خلق السماء، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر السماء في الحديث الشريف، وإن كان لم ينص على ذكر السماوات؛ فإنه قد أشار إليه بذكره في اليوم الخامس: النور، وفي السادس: الدواب، وحياة الدواب محتاجة إلى الحرارة والنور، ولا شك أن مصدرهما - أي الحرارة والنور - الأجرام السماوية.

 وهذا ما قاله المعلمي - رحمه الله - "أن خلق الأرض نفسها كان في أربعة أيام كما في القرآن، والقرآن إذ ذكر خلق الأرض في أربعة أيام لم يذكر ما يدل أن من جملة ذلك خلق النور والدواب، وإذ ذكر خلق السماء في يومين لم يذكر ما يدل أنه في أثناء ذلك لم يحدث في الأرض شيئا، والمعقول أنها بعد تمام خلقها أخذت في التطور بما أودعه الله - تعالى - فيها، والله - سبحانه وتعالى - لا يشغله شأن عن شأن"[21].

 وقد رد المرصفي على عدم وجود ذكر لخلق السماء في الحديث قائلا: قال د.محمد السماحي: وقوله صلى الله عليه وسلم: «وخلق النور يوم الأربعاء» وهذا ما يتعلق بالسماء، فالنور إنما هو نور الشمس والقمر والكواكب والنجوم.

 وأما قوله: «وبث فيها الدواب يوم الخميس».

فأولا: لم يقل "خلق"، وفرق بين الخلق والبث.

وثانيا: لم تكن الدواب من أقوات الأرض بالأصالة، بل إنما خلقت الأقوات لها، فلو قلنا: إن الحديث إنما دل على تفريقها في الأرض، وهذا لا ينافي خلقها قبل ذلك، ولم يقل الحديث إنه لم يخلق في يوم الإثنين إلا الشجر، وعلى فرض أنه خلقها في يوم الخميس فلا نسلم أنها من الأقوات المرادة في الآية[22].

ثالثا. كانت بداية الخلق يوم السبت وليس يوم الأحد:

أما إن الحديث يخالف الآثار القائلة بأن ابتداء الخلق كان يوم الأحد فهذا كلام غير صحيح يقول الشيخ المعلمي: ما كان منها - أي الأحاديث - مرفوعا فهو أضعف من هذا الحديث بكثير، وأما غير المرفوع فعامته من قول عبد الله بن سلام، وكعب بن وهب ومن يأخذ عن الإسرائيليات، وتسمية الأيام كانت قبل الإسلام تقليدا لأهل الكتاب، فجاء الإسلام وقد اشتهرت وانتشرت، فلم ير ضرورة إلى تغييرها؛ لأن إقرار الأسماء التي قد عرفت واشتهرت وانتشرت لا يعد اعترافا بمناسبتها لما أخذت منه أو بنيت عليه، إذ قد أصبحت لا تدل على ذلك وإنما تدل على مسمياتها فحسب، ولأن القضية ليست مما يجب اعتقاده أو يتعلق به نفسه حكم شرعي، فلم تستحق أن يحتاط لها بتغيير ما اشتهر وانتشر من تسمية الأيام"[23].

 ومما يؤكد ذلك أيضا قول الفقيه السهيلي: "وليس في تسمية هذه الأيام الأحد والإثنين إلى الخميس ما يشد قول من قال: إن أول الأسبوع الأحد وسابعها السبت، كما قال أهل الكتاب؛ لأنها تسمية طارئة، وإنما كانت أسماؤها في اللغة القديمة شيار وأول وأهون وجبار ودبار ومؤنس والعروبة، وأسماؤها بالسريانية قبل هذا أبو جاد هوز حطي إلى آخرها، ولو كان الله - عز وجل - ذكرها في القرآن بهذه الأسماء المشتقة من العدد، لقلنا: هي تسمية صادقة على المسمى بها، ولكنه لم يذكر منها إلا الجمعة والسبت، وليسا من المشتقة من العدد، ولم يسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأحد والإثنين إلى سائرها إلا حاكيا للغة قومه لا مبتدئا لتسميتها، ولعل قومه أن يكونوا أخذوا معاني هذه الأسماء من أهل الكتاب المجاورين لهم، فألقوا عليها هذه الأسماء اتباعا لهم، وإلا فقد قدمنا ما ورد في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد...» الحديث[24].

 وتأسيسا على ما سقناه من قول الشيخ المعلمي، وقول الفقيه السهيلي وغيرهم، نقول: ليس من الضروري ابتداء الخلق يوم الأحد، كما قال أهل الكتاب؛ لأنها تسمية طارئة، فهي ليست صادقة على المسمى بها، كما أنه من المعلوم أن آخر أيام الخلق هو يوم الجمعة، كما نصت على ذلك الأحاديث الثابتة، وأجمعت الأمة على ذلك، أما أول أيام الخلق فلم يثبت أنه الأحد، وما ورد من روايات في ذلك فهي ضعيفة، أغلبها من أقوال كعب الأحبار، ووهب بن منبه وغيرهما ممن يأخذ عن الإسرائيليات، ومن ثم لا مجال للاحتجاج بها.

الخلاصة:

·   إن حديث خلق التربة يوم السبت صحيح سندا، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه، وكذلك الإمام النسائي، وصححه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ودافع عنه، والمعلمي اليماني، وأحمد شاكر وغيرهم من جهابذة الحديث.

·   إن قول الإمام البخاري: "وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب وهو الأصح" لا ينفي صحة هذا الحديث؛ لأن الأصح لا ينفي الصحيح، وإن كان أقل منه درجة.

·   ذهب العلماء إلى أن الحديث لا يتعارض مع الآيات التي تذكر أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام؛ وذلك لأن خلق آدم - عليه السلام - في اليوم السابع، لا يدخل في الأيام المعدودة، لأن آدم - عليه السلام - جزء من الأرض وليس منفصلا عنها - ودليل ذلك قوله تعالى: )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12)( (المؤمنون)، وغيرها من الآيات التي توضح حقيقة خلق الإنسان.

·   وذهب بعض العلماء إلى أن خلق آدم - عليه السلام - تأخر عن خلق السماوات والأرض المذكور في الآيات؛ وذلك لأن الأرض قد سكنها - قبل آدم - مخلوقات أخرى كالجن وغيرها ودليل ذلك قوله تعالى: )وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء( (البقرة: ٣٠)، وهذا يدل على أن الجن سكنت الأرض قبل بني آدم، وهذا ما ذهب إليه المفسرون.

·   وذهب فريق ثالث إلى أن الخلق المذكور في الآيات يختلف عن الخلق المذكور في الحديث، فالخلق المذكور في الآيات هو خلق السماوات والأرض جملة، أما الخلق المذكور في الحديث فإنه تفصيل لما خلق الله في الأرض من جبال وتربة وشجر ودواب وغير ذلك، وهذا لا يتعارض مع الآيات، ولكن يضم إليها.

·   أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه إلى خلق السماوات والأرض، وإن لم يصرح بذلك؛ إذ الدواب تحتاج إلى النور والحرارة، ولا شك أن مصدرهما الأجرام السماوية، وهذا ما أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «وخلق النور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس».

·   أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن بدء الخلق كان يوم السبت، وهذا هو الصحيح، أما من ذهب إلى أن بدء الخلق كان يوم الأحد فكان معتمدا على آثار موقوفة أو ضعيفة قياسا على هذا الحديث، وهي من الإسرائيليات التي أخذت عن كعب ووهب بن منبه وغيرهما من مسلمي أهل الكتاب، وهذا ما ذكره الإمام السهيلي في الروض الأنف، وعاب على من قال: إن أول الأسبوع الأحد لا السبت، ومن ثم فقد ثبتت صحة الحديث سندا ومتنا.
=====


(*) السنة المفترى عليها، سالم علي البهنساوي، دار البحوث العلمية، الكويت، ط4، 1413هـ/ 1992م. أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427هـ. الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل و التضليل والمجازفة، عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م. أضواء على حديث خلق الله التربة، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م.

[1]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام، (9/ 3910)، رقم (6920).

[2] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3910).

[3]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة، (16/ 146)، رقم (8323). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[4] . صحيح: أخرجه النسائي في سننه الكبرى، كتاب: التفسير، باب: سورة البقرة، رقم (11010). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1833).

[5]. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1415هـ/ 1994م، (3/ 47، 48).

[6]. سلسلة الأحاديث الصحيحة، الألباني، الدار السلفية، الكويت، ط2، 1404هـ، (4/ 450).

[7]. الأنوار الكاشفة، المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص187.

[8]. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1415هـ/ 1994م، (14/ 485).

[9]. سلسلة الأحاديث الصحيحة، الألباني، الدار السلفية، الكويت، ط2، 1404هـ، (4/ 449، 450).

[10]. أضواء على حديث خلق الله التربة، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص41 بتصرف.

[11]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام، (9/ 3910)، رقم (6920).

[12]. الإفصاح عن معاني الصحاح، ابن هبيرة، (8/ 150، 151). نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427هـ، ص367.

[13]. كشف المشكل من حديث الصحيحين، ابن الجوزي، تحقيق: علي حسين البواب، دار الوطن، الرياض، 1418هـ/ 1997م، (1/ 1038).

[14]. الأنوار الكاشفة، المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص187، 188.

[15]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م.

[16]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ/ 1980م، (1/ 70).

[17]. إسناده جيد: أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب التفسير، باب سورة السجدة، رقم (11392)، وجود إسناده الألباني في مختصر العلو ص75.

[18]. مختصر العلو، الألباني، ص112، نقلا عن: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، السعودية، ط1، 1427هـ، ص368.

[19]. السنة المفترى عليها، سالم علي البهنساوي، دار البحوث العلمية، الكويت، ط4، 1413هـ/ 1992م، ص352.

[20]. أضواء على حديث خلق الله التربة، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص42: 44 بتصرف

[21]. الأنوار الكاشفة، المعلمي اليماني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص187 .

[22]. أبو هريرة في الميزان، د. محمد السماحي، ص124. نقلا عن: أضواء على حديث خلق الله التربة، د. سعد المرصفي، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، ص42.

[23]. الأنوار الكاشفة، المعلمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص188.

[24]. الروض الأنف، السهيلي، دار الفكر، بيروت، 1409 هــ/ 1989م، ( 2 / 198).

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

بعبع الحرب الأهلية

لم تنهار أمريكا ولا أسبانيا بعد الحرب الأهلية الأمريكية والأسبانية.. وما بدر وأحد وفتح مكة إلا حرب بين أهل مختلفين في المبادئ، فكان أبناء القبيلة الواحدة يتقاتلون كي تصبح العقيدة الصحيحة هي الحاكمة.
التخويف من بعبع الحرب الأهلية لا يستفيد منه إلا من يريد للأوضاع الخاطئة أن تستمر لأنها في صالحه ويخشى ما سيجلبه التغيير.

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

بيت الزكاة

لا أفهم اعتراض الإخوان على إنشاء السيسي لـ(بيت الزكاة والصدقات) وأن تأخذ الدولة أموال الزكاة!!
الزكاة في الإسلام أصلا تأخذها الدولة بغض النظر عن حبك للحاكم أو كرهك له.
حروب الردة أصلا كان سببها رفض القبائل لخلافة أبي بكر وامتناعهم عن تقديم أموال الزكاة لميزانية الدولة.. فكان الرد الطبيعي أن أرسل الجيوش لإخضاعهم.

هل يريد الإخوان ابتداع دين جديد وفقه إخواني خاص بهم؟!!
هل رفضهم للحاكم يبرر حث الناس على عدم دفع الزكاة للدولة؟!
وهل سيمتد هذا الرفض يا ترى لرفض موظفيهم قبول رواتبهم من الحكومة؟! بالطبع لأ
وهل سيرفضون التعامل بالجنيه (العملة التي تطبعها الحكومة) وسيقاطعون شركات الكهربا والغاز والمياه لأنها جزء من الوزارات والسلطة التنفيذية التي يرأسها السيسي؟!!
بالطبع لأ.

إذن كفاهم سخافات.
=====
مربط الفرس هو أن نكون مع تنفيذ الشرع حتى لو كارهين المنفذ!
توقيت المشروع سببه احتياج الدولة لفلوس؟!.. ده طبيعي ومفهوم ومش عيب!

العيب إننا نكره إن الدولة يكون معاها فلوس وخايفين أحسن ده يخفف الضغط الشعبي إللي على السيسي!

يعني فعلا في ناس كارهة إن أي حاجة تتصلح في البلد خوفا من إنها هتكون منسوبة للانقلاب!

لو اتنفذت أيام مبارك كنت هوافق عليها. وأيام مرسي كنت هوافق. وأيام السيسي نفس الشيء.
المهم إنها أصبحت "سابقة" والناس اتعودت على المسمى نفسه (بيت الزكاة)
وبصراحة إن الله قد ينصر هذا الدين بالفاجر.. حتى لو نية الفاجر سرقة الفلوس واستغلال الناس
=====
هل فقهيا يوجد أي إشارة لجواز منع الزكاة عن الحاكم الحرامي والفاسد؟!
هل نحن لدينا القدرة على التأكد 100% أن كل الأموال ستسرق ولن يذهب منها شيء لمصارفها الشرعية؟!.. يستحيل طبعا


لو حاكم منافق لكنه يخدع الناس بحملات ضد الشواذ بين الوقت والآخر، هل نعترض عليه لأن "نيته مش صافية" في العمل الكويس إللي بيعمله وللا نقبل ما نعرف؟؟

لو بيت الزكاة حقيقي وعلى الطريقة الشرعية فهيكون اضطراري لا اختياري. فهل الموقف الفقهي ساعتها يكون الامتناع عنه وبالتالي سرقة حق الدولة لمجرد إننا نكره القائم على المشروع ؟!
هل امتنع الصحابة عن دفع الزكاة للحجاج؟!
بل وحتى الشيعة الفاطميين الباطنية.. هل
ورد أن فقهاء مصر وقتها امتنعوا عن الزكاة؟! لا أظن

العلماء "تعايشوا" مع الحكم الفاطمي في مصر.
1- كانت الخطبة على المنابر والدعاء الرسمي من الشيوخ للخليفة الفاطمي. وهو ما يعتبر اعترافا فعليا به أمام عامة الناس.
(وحتى بعد تمكن صلاح الدين من البلد والقضاء فعليا على السلطة الفاطمية كان مترددا في قطع عادة الدعاء للخليفة الفاطمي على المنبر، إلى أن اض
طره نور الدين محمود لمنع الخطباء من الدعاء للعاضد الفاطمي)

إذن طوال الـ 200 سنة الفاطمية كان الوضع السياسي الرسمي يعترف بالأمر الواقع وهو وجود الفاطميين في الحكم.
وكانت دواوين الدولة تعمل باسم الفاطميين، والمرتبات يتم صرفها بعملة عليها اسم الخليفة الفاطمي. والقضاة السنة يعملون تحت إمرة كبير القضاة الشيعي.

فكما قلت سابقا.. تعايش المسلمون مع الحكم الفاطمي على الرغم من معرفتهم بأن الفاطميين لا صلة نسب تربطهم بفاطمة ولا الرسول أصلا، بل أصولهم مجوسية ويهودية.
وكان الخليفة الفاطمي ينثر الدنانير على الناس في الأعياد وهم فرحين بها، على الرغم من كره الناس للمذهب الشيعي الإسماعيلي.

وتم بناء المسجد الأزهر ليكون ناشرا للمذهب الشيعي، وكان المسلمون يصلون فيه.

وعلى الرغم من إقرار كثير من الفقهاء أن الفاطميين منافقون يبطنون الكفر ويظهرون التشيع، إلا أننا لم نسمع عن ثورة دينية ضدهم أو حث للناس عن منع الزكاة عن الدولة.

هل وصلت فكرة التعايش لك الآن؟!
عادة الاحتفال في رمضان بالفوانيس بدأت عندما اخترعها الفاطميون وقبلها المصريون إلى الآن.
وغيرها كثير من العادات التي تدل على تعايش المصريين السنة تحت سلطة الشيعة الفاطميين.

وأكبر دليل على التعايش هو وصول فقهاء سنة لمناصب عليا في الدولة الفاطمية، جنبا إلى جنب مع اليهود والنصارى الذين أصر الشيعة على تقريبهم والاعتماد عليهم. حتى أن أحد مشاهير اليهود كان هو الأمين شخصيا على تدريس المذهب الشيعي في مصر!!


(من حوار في الفيسبوك https://www.facebook.com/ibn.salama/posts/10203279909012885 )

الدعوة

ملايين المخابيل في الغرب ينفقون حياتهم وراء أوهام، لتشبع احتياجهم الديني بعد أن فقد المجتمع الثقة في المسيحية.
جماعات تؤمن بالتنجيم، وأخرى تعبد الفضائيين..
جماعات تؤمن بـ"الطاقة الروحية" وطقوس اليوجا الدينية..
في بريطانيا أكبر تجمعات لديانة العصر الجديد والسحرة..
في أمريكا معابد لإيزيس!

مهمة كل مسلم يستطيع الكتابة بالإنجليزية أن يحاورهم، دون وعظ مباشر، بل عن طريق تصحيح فكرتهم عن أنبياء التوراة وتوضيح أن صورتهم مشوهة في التوراة عن عمد.
كثير من شباب الغرب للأسف لم يسمع عن نوح إلا بعد ظهور الفيلم، والسبب تجاهل أسرهم للتوراة بشكل تام بعد أن فقدوا الثقة فيها.

لا يلزم أن تدخل منتديات دينية أجنبية أو مواقع نقاشية متخصصة كي تجد من تحاوره منهم.. أنا على سبيل المثال أكثر مناقشاتي الدينية مع غربيين حصلت على صفحات موقع الأفلام IMDB !!

خطأ رهيب أن نتركهم لإعلامهم الغربي ليكوّن تصورهم عن الإسلام..

الأحد، 17 أغسطس 2014

دخان السماء

سأل سائل:  في ما يخص بداية خلق السماوات والأرض. ما معنى كان عرشه على الماء؟ و أي ماء يُقصد هنا؟

والإجابة:
الماء الذي كان تحت العرش هو نفسه الماء الذي بدأ خلق كل شيء منه، عندما انفصل جزء فـ"سما" وبقي جزء و"جمد"، فصار السامي سماء والجامد أرضا.
فالكون أصل مادة خلقه الماء.

الأرض بدأ خلقها قبل السماء، وكلاهما من الماء الذي كان تحت عرش الرحمن
(وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) سورة هود 7

هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات
(البقرة 29)

قل أئنكم تكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين
وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين
ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين
(سورة فصلت 9-11)

انظر لجملة "ثم استوى إلى السماء وهي دخان"
تفسير ابن كثير لآية 11 من فصلت:
("ثم استوى إلى السماء وهي دخان".. وهو : بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض)

تفسير القرطبي:
(نقل السماء من صفة الدخان إلى حالة الكثافة.. وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس)

تفسير ابن كثير، البقرة 29 :
(كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء . فلما أراد أن يخلق الخلق ، أخرج من الماء دخانا ، فارتفع فوق الماء فسما عليه ، فسماه سماء . ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة)

تفسير القرطبي، البقرة 29:
(وقال مجاهد وغيره من المفسرين : إنه تعالى أيبس الماء الذي كان عرشه عليه فجعله أرضا وثار منه دخان فارتفع , فجعله سماء فصار خلق الأرض قبل خلق السماء , ثم قصد أمره إلى السماء فسواهن سبع سموات , ثم دحا الأرض بعد ذلك , وكانت إذ خلقها غير مدحوة)

قال ناس من الصحابة في تفسير آية "ثم استوى إلى السماء":
إنَّ اللَّهَ تعالى كانَ عرشُهُ علَى الماءِ ولم يخلُقْ شيئًا قبلَ الماءِ ، فلمَّا أرادَ أن يخلُقَ الخلقَ أخرجَ منَ الماءِ دخانًا فارتفعَ ، ثمَّ [ أيبَسَ ] الماءَ فجعلَهُ أرضًا ، ثمَّ فتقَها فجعَلَها سبعَ أرضينَ ، إلى أن قال : فلمَّا فرغَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ مِن خلقِ ما أحبَّ استَوَى علَى العرشِ

المحدث: الألباني - المصدر: مختصر العلو للذهبي - 54
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

يقول ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب:
السماوات والأرض كانت ماء تحت العرش كما قال الله تبارك وتعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) فخلق الله عز وجل السماوات والأرض من هذا الماء.


قال الخطيب الشربيني: "عرش الرحمن كان على الماء قبل خلق السموات والأرض كما قال تعالى: {وكان عرشه على الماء} (هود: 7)
ثم إن الله تعالى أحدث في ذلك الماء اضطرابا فأزبد وارتفع فخرج منه دخان فأما الزبد فبقي على وجه الماء فخلق منه اليبوسة وأحدث منه الأرض وأما الدخان فارتفع وعلا فخلق منه السموات"
(السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير) (3/ 507)
-----

ولهذا نجد أساطير الخلق عند بعض الأمم الوثنية القديمة تربط بداية خلق العالم بماء أو بمحيط أزلي. فهي بقايا ورثوها من أجدادهم لكن حرفوها مع مرور الزمن وأضافوا لها قصصا خرافية وأحداثا درامية.
-----
كلمة دخان في اللغة العربية تشير لبخار الماء
قال ابن منظور في لسان العرب: "كل دخان يسطع من ماء حار، فهو بخار، وكذلك من الندى. وبخار الماء: ما يرتفع منه كالدخان" (لسان العرب) (4/ 47)
-----
فصل السماء والأرض مذكور في سورة الأنبياء، آية 30
(أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون)
-----
وهناك دخان آخر، سيأتي من السماء، وهو من علامات الساعة. مذكور في سورة الدخان:
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس
هذا عذاب أليم.

=====
لكن للأمانة العلمية، كلامي السابق المنقول من التفاسير يتعارض مع ظاهر حديث في البخاري.

7419 "حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، حدثنا أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
«إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الفيض - أو القبض - يرفع ويخفض»"
(صحيح البخاري) (9/ 124)

 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"وَقَعَ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ : (وَالْعَرْش عَلَى الْمَاء) وَظَاهِره : أَنَّهُ كَذَلِكَ حِين التَّحْدِيث بِذَلِكَ ؛ وَظَاهِر الْحَدِيث الَّذِي قَبْله أَنَّ الْعَرْش كَانَ عَلَى الْمَاء قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ، وَيُجْمَع بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَاء "
"فتح الباري" (20 / 496)

وانظر موقع الشيخ المنجد
http://islamqa.info/ar/146779

فما دام العرش لا يزال إلى الآن على الماء، فكيف ظن المفسرون أنه تحوّل عند بدء الخلق إلى السماوات والأرض؟!

هذه واحدة، والأخرى بخصوص الأثر الذي وصفه الألباني بأنه "جيد". فهو جزء من أثر طويل، ليس بمرفوع، بل من تفاسير الصحابة المنقولة عن الإسرائيليات.. حيث أن بقيته تذكر وقوف الأرض على حوت، والحوت على صخرة، والحوت هم بتحريك الأرض وإفناء العالم فأرسل الله حشرة تهدد الحوت بالدخول في منخره، إلخ!!

إذن لا يوجد حديث صحيح مرفوع ولا آية نفهم منها أن الماء الذي كان تحت العرش تحوّلت مادته لمادة السماء والأرض.

لكن ربما نفهم من سياق الحديث أن الماء لم ينقص منه شيء حتى بعد أن تم خلق السماوات والأرض بجزء منه!
وهذا الفهم يتناسب مع سياق الحديث، ومع عظمة حجم الماء الذي كان تحت العرش.. حيث أن حجم السماوات والأرض كمجرد حلقة في فلاة بالمقارنة بالكرسي، والكرسي نفسه كمجرد حلقة في صحراء واسعة بالنسبة لحجم العرش.

وقد جاء في صحيح البخاري في قصة موسى والخضر:
"لما ركبا في السفينة جاء عصفور، فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة أو نقرتين، قال له الخضر يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر"
(صحيح البخاري) (4/ 154)
أي أنه على الرغم من علم موسى وعلم الخضر إلا أن مجموع علمهما يعتبر لا شيء بالنسبة لعلم الله، تماما كنسبة قطرات الماء التي أخذها العصفور إلى حجم البحر.

وبهذا قد نفهم المراد من حديث البخاري:
على الرغم من كل ما أنفق الله منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم ينقص شيء يُذكر مما عنده،
وعرشه لا يزال على الماء على الرغم من تحول جزء من هذا الماء إلى مادة خلق الكون كله، السماوات والأرض!!

والله أعلم

الأربعاء، 16 يوليو 2014

The problem of EVIL and Islam

Some Atheists from Christian background ask: Why would a "good god" create evil & suffering in the world?!
The answer is very clear in Islam.

Life is a short TEST for Man, will he obey or disobey. That is the whole point of Free Choice
(free will)
And as a consequence humankind is allowed to do evil in this life, but will be punished justly in the afterlife.
That is fair. Hence there are Heaven & Hell.

The test isn't supposed to be easy. Some of the questions of the EXAM are difficult.
Those who are patient will be rewarded. Those who are asking "why, Allah?!" (and not accepting his authority over his human servants) will suffer both here and in the afterlife!

The king of kings isn't to be questioned about the wisdom of his actions. You should accept it and have {SABR} (Patience and Submission)

Here I found an excellent PDF lecture about the subject:
http://archive.org/details/TheIslamicResponseToTheProblemOfEvilWebinar1.0July2014Libre

السبت، 5 يوليو 2014

تنظيمات الماريونت الجهادية

الحركات الجهادية في الداخل والخارج أغلبها عرائس ماريونيت بيد عقول المخابرات الأمريكية

لا نتعلم من الدرس!!
المخابرات الأمريكية تتحكم في هذا الموقع ذاته الذي أكتب الآن عليه!! وأذرعها في عقول الملايين، وضباط مخابراتها هم لورنس العرب الذي لعب بالعرب وأقنعهم أنه معهم في حين كان يسلمهم للسلخانة الغربية!
البخس من قدر الشيطان، العدو المبين، لا يؤدي إلا للهزيمة!

مكتب الـ CIA يعلم تفاصيل حياة وتوجهات كل "عضو هام" في كل الحركات الإسلامية تقريبا، وهكذا نجحوا في فهم عدوهم، وتنبؤوا بخطوات مكتب الإرشاد، وسيطروا على رؤوس الدعوة السلفية، إلخ!

فما قاعدة بيانات داعش ومعلوماتها عن كبار ضباط المخابرات الأمريكية؟!
هل يعرفون عدوهم أصلا، وهل حللوا نفسية من يديرون اللعبة من أمريكا كما حللت أمريكا نفسية الجهاديين، وتملك عنهم - بمساعدة المخابرات العربية العميلة - ملفات كاملة؟!
-----

11 سيتمبر عملية داخلية Inside Job سمح بحدوثها البنتاجون!!
وهناك توثيق رسمي بوجود أوامر للطيران الحربي الأمريكي بعدم اعتراض الطائرة الثانية التي ضربت البرج!
وأساتذة جامعات أمريكان حللوا عينات من تراب هدم الأبراج الثلاثة WTC1 WTC2 WTC7 ونشروا النتيجة: أن الانهيار والانفجار لم يكن ناتجا عن وقود الطائرات بل مادة النانو-ثرمايت المعملية المصنعة في الجيش الأمريكي!
وأصلا درجة احتراق وقود الطائرات لا تسبب انصهار الفولاذ.. في حين أن النانوثرمايت يقوم بهذا بسهولة. وهناك صور لفولاذ مصهور في الردم الناتج عن انهيار البرجين.

وقام الجنرالات باستغلال الحادث لتفعيل خطة احتلال أفغانستان والعراق (ككمّاشة شرق وغرب إيران) ، وتمرير قانون الطوارئ الأمريكي الذي ما كانت ليمر لولا الأزمة المفتعلة و"التهديد الأمني".
PATRIOT ACT
الانكار أريح نفسيا لمن لا يريد معرفة الحقائق ولا البحث والقراءة.. والوهم لذيذ دائما.

الوقوع في فخ تصديق القاعدة، وأن الرواية الرسمية الأمريكية عن أحداث سبتمبر هي الحق الصحيح، يؤدي في النهاية للوقوع مرة أخرى في فخ تصديق تنظيم إيزيس ISIS !!
(الحروف الأولى من اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام)

الإخوان وقعوا في نفس فخ "الحماسة" أيام ثورة الخميني، وللأسف كانوا يعلقون صورته بملابسه السوداء وكأنه خليفة إسلامي!!
نفس المراهقة التي تحدث اليوم ممن ينشرون خطبة الخليفة المزعوم، البغدادي!

من لم يتعلم من التاريخ فحتما سيكرر نفس الأخطاء.

أما إمكانات أمريكا فهائلة.. نجحت في رعاية مبارك عميلها، وأسرته إلى الآن على قيد الحياة على الرغم من تجمع الملايين ضده!!
فأمريكا تحرك الأحداث كما كانت روما تحرك أطراف امبراطوريتها الشاسعة. لا ينكر هذا إلا مكابر.

أمريكا نجحت في تغيير دفة الثورة بمخابراتها ونصائحها المستمرة للمجلس العسكري، بحيث تم تجديد دم النظام بعد أن شاخ مبارك.. والآن مبارك الجديد مستعد للحكم 30 سنة أخرى.
فالثورات Revolutions تعني بالإنجليزية أيضا "الدورات".. والدورة أعاد الأمور لنصايها "الصحيح" حسب وجهة النظر الأمريكية بعد اضطراب خفيف!
-----

هل ابن لادن من كهفه نظّم يوم الضربات ليكون موافقا لبداية السنة الفرعونية (11 سيتمبر) وأن يوافق ذكرى وضع حجر أساس البنتاجون (11 سيتمبر) وأن يوافق نطق رقم الطوارئ الأمريكي 911 ؟!
إنها ألعاب هوليوودية وسخرية مبطنة قام بها من يحركون الأحداث يومها،
وتم السيناريو كما يتم إنتاج أفلام أمريكا بمؤثراتها وتفجيراتها المتزامنة وأثرها النفسي في المشاهد!!

القاعدة "حمقى مفيدون" Useful Idiots تم استخدامهم - دون علمهم - في شيء أكبر من قدرتهم على فهم أبعاده!

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

هل الصابئون هم قوم إبراهيم؟

يجب أن أعترف لابن حزم الأندلسي بالعبقرية والتمكن من أسس البحث العلمي بدرجة لا نشاهدها اليوم في أي جامعة عربية!!
أثناء بحثي في موضوع فرعي يخص الديانات الباطنية القديمة اصطدمت بـ"حائط سد" يعرفه أغلب دارسي العقائد التاريخية، وهي مسألة "من هم الصابئون؟" وما تاريخهم ومعتقدهم.
الإشكال ليس في الإجابة على السؤال، بل اختيار إجابة واحدة صحيحة من طوفان الإجابات والفرضيات المنثور في الكتب القديمة والحديثة!!

موضوع الصابئة (الصابئون) من أعقد المسائل التاريخية. والسبب هو ما يقال من أن طائفة من عبدة الكواكب أيام المأمون انتحلوا الاسم زورا ليدخلوا تحت تصنيف "أهل الكتاب" وتتم معاملتهم كاليهود والنصارى، بامتيازات لم يكونوا ليحصلوا عليها من الخليفة إن كان يراهم - على حقيقتهم - الوثنية!

وهذه "اللعبة" وهذا التزييف - إن صحت الرواية - أدى إلى الخلط، فتداخلت عدة فرق مختلفة تحت نفس المسمى.

هناك الآن طائفة عراقية تسمى (الصابئة المندائية) ، وأيام الخلافة العباسية كانت هناك طائفة من الفلاسفة اسمها (صابئة حرّان) [وهو اسم مدينة تركية-سورية] ، وهناك طبعا الطائفة "الغامضة" الشهيرة المذكورة في القرآن باسم "الصابئين" [والقرآن يعاملهم كاليهود والنصارى، أي كانوا قديما على حق ثم انحرفوا وتم تحريف ديانتهم]

ويزيد الإشكال من الناحية التاريخية الأكاديمية الأثرية. فالصابئة قاموا بهجرات من دولة لأخرى (مع اليهود أحيانا، وهربا من اليهود أحيانا أخرى!) فلا نعرف أصلهم.
وكتبهم تعتمد على الأساطير، وبالتالي "تاريخهم" الذي يروونه مشكوك فيه.
وديانتهم سرية، لا ينشرون منها إلا القليل.
كل هذا أدى لضعف المعلومات الصحيحة المعروفة عنهم.

في العراق، عامة الناس يسمونهم "الصبّة"، ويقولون أنهم يأكلون البشر في طقوسهم السرية، ويقتلون المريض المحتضر، وقصص أخرى كثيرة من هذا النوع!
أما لو فتحت المعاجم فسترى أن تعريفهم يقتصر على كلمة "عباد الكواكب والنجوم".

ابن كثير حاول فهمهم لأن آية "الصابئين" مرت به أثناء تفسير القرآن، فجمع لنا نظريات عصره عنهم. والشهرستاني والبيروني والمسعودي وابن النديم وابن تيمية وابن الجوزي وابن قيم الجوزية حاولوا فهم اللغز وفك الاشتباك.. فكانت المحصلة مزيد من المعلومات لكن الكثير من التناقضات والمعلومات المنقوصة.

ثم جاء الباحثون الغربيون فـ"زادوا الطين بلة"، وخلطوا بين المندائية والحرانيين وصابئة القرآن والغنوصيين المسيحيين والفرق المتشعبة عن اليهود، والفرق المتأثرة بالمجوس، وفلاسفة الإغريق، والهرمسية، والوثنيات السومرية العراقية (الآكادية-البابلية والآشورية) !! فتحول الموضوع لخلطبيطة فعلية :)

ابن تيمية نفسه مولود في بلدة (حرّان) مقر الصابئة الحرانية، لكن أهله هجروها لما هجم التتار على البلدة ودمروها. ولهذا تجد أن ابن تيمية من أفضل من كشفوا أسرار الصابئة. وقال ابن تيمية أن الصابئة كلمة تدل على نوعين من العقائد، صابئة حنفاء وصابئة مشركين. وبهذا قدم دفعة قوية للبحث العلمي في المسألة.

لكن ما دام القرآن يوضح أن الصابئة قديما كانوا مؤمنين ثم انحرفوا، فمن كان رسولهم؟!
فاليهود كانوا مسلمين موحدين أيام موسى ثم انحرفوا، والنصارى كان منهم المؤمن بنبوة عيسى ثم انحرفوا، لكن الصابئة لا نعلم على وجه الدقة من كان رسولهم ولا متى انحرفوا.

بل أن الرأي السائد في كثير من كتب التفسير هو أنهم كانوا "على الفطرة" ولم يكن لهم رسول. وهذا المعنى فيه شيء من الحقيقة وشيء من الخطأ.
-----

الأبحاث الغربية ضعيفة جدا ونادرة في هذا الموضوع، فهناك نظريات تربط الصابئة العراقيين بيحيى عليه السلام، ونظريات تقول أن صابئة حران كانوا جيرانا وثنيين لليهود، أثروا فيهم وتأثروا بهم.

لكن حل المسألة - كما قلت في البداية - عند ابن حزم، مؤلف كتاب «الفِصَل، في الملل والأهواء والنِحل»، وهو مشابه لكتاب الشهرستاني المسمى "المِلل والنِحل". كلاهما يدرس عقائد الجماعات والفرق التاريخية، وإن كان الشهرستاني يركز على الفلاسفة والصابئة، في حين أن ابن حزم يركز على الدراسة النقدية للتوراة والإنجيل.

الصابئة هم أساس الكثير من الفلسفات الوثنية التي انتشرت في التاريخ الإسلامي تحت مظلة ما يسمى "الفِرق الباطنية". وهم أيضا من نشر فكرة التنجيم وأن الأجرام السماوية هي آلهة تؤثر في حياة البشر.
فكانوا يؤمنون أن الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة وقتها هي أجساد ضخمة تسكنها "روحانيات"، وأنها "تدبر أمور العالم" وتتحكم في الأقدار والسعادة والشقاء!

وقالوا أن الملائكة النورانية هي آلهة تعيش في الأجرام الفلكية السماوية.. ومن هنا جاءت لليونان فكرة عبادة زحل والمشترى وعطارد إلخ!!
كل هذه الأفكار الوثنية نبعت - كأغلب الأفكار الوثنية في التاريخ! - من العراق، خاصةً من منطقة بابل وجنوب العراق. فكان السومريون يعبدون الكواكب لكن في صورة أصنام، بحيث يكون التمثال هنا على الأرض هو صلة ورابط يربط البشر بالكوكب الخاص به.

ومن يا ترى كان الرسول المبعوث إلى العراقيين قبل الميلاد بألفي سنة؟! الإجابة كما هو معروف من قصص الأنبياء هي إبراهيم عليه السلام.
وبهذا نفهم أهم قصتين يذكرهما القرآن عن أسلوب إبراهيم في دعوة قومه للإسلام.. الأولى هي قصته مع أبيه آزر ومسألة تكسير الأصنام [آية: بل فعله كبيرهم هذا]، والثانية جداله بالحجة والمنطق مع عبدة الكواكب [آية: فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون]

واليهود في التوراة يقولون أن إبراهيم كان في البداية في منطقة "أور" الكلدانية السومرية العراقية ثم هاجر إلى منطقة حرّان في شمال سوريا.
(وكلمة أور بالعبرية معناها شعلة نار بالمناسبة، وهذا متصل بموضوع آخر في قصة إبراهيم وحواره من ملك العراق الظالم المعروف باسم النمرود)

إذن قوم إبراهيم المشركين كانوا على نوعين، بعضهم في جنوب العراق (Ur) وبعضهم في شمال سوريا على الحدود التركية (Harran) .. هل يذكرك هذا التقسيم بشيء ما؟!
إنه نفس تقسيم الصابئة.

إذن نستخلص من كل هذا أن إبراهيم كان رسولا إلى نوع محدد من الوثنيين، بعضهم كان في جنوب العراق، أور، (قرب مصب نهر الفرات) وبعضهم كان في شمال سوريا، حران، (قرب منبع نهر الفرات) ، وكل ما كان عليه فعله هو عبور النهر من الجنوب للشمال في رحلته التي هاجر فيها وترك العراقيين بعد أن حاولوا حرقه في النار لما كسر أصنامهم!

طبعا إبراهيم كانت له رحلات أخرى فيما بعد كما نعرف. فاستقر في فلسطين، وهناك عاشت سلالته، إسحق ويعقوب وبنو إسرائيل، وزار مكة، صحراء الجزيرة العربية لما ترك هاجر وابنه إسماعيل، وزار مصر أيضا مرة من المرات فحاول ملك مصر وقتها اغتصاب سارة زوجته!
-----

لكن إذا كانت قصة قوم إبراهيم المشركين المذكورة في القرآن هي في الحقيقة قصته مع الصابئة عبّاد الكواكب والأصنام، فكيف نوفّق هذا مع مسألة أن الصابئين كانوا على الفطرة في وقت من الأوقات ثم انحرفوا؟

الإجابة عند ابن حزم. فالقول الصحيح الدقيق في الصابئين هو أنهم كانوا قوما يعبدون الله، وكانوا من سلالة نوح (من نسل ابنه: سام) بعد الطوفان، وكانوا يؤمنون أن لا إله إلا الله، ثم انحرفوا عن العقيدة الصحيحة مع الزمن، (وكان هذا أيام الحضارات العراقية القديمة التي عبدت موردوخ والقمر وباقي "الآلهة" وقت ما يسمى في كتب التاريخ بأسرة أور الثالثة) فأرسل الله لهم إبراهيم عليه السلام ليدعوهم للعودة للدين الصحيح، دين الحنيفية.

فمن مات من الصابئين قبل التحريف مات مسلما، ومن مات منهم مؤمنا بإبراهيم مات مسلما، لكن من ظل على عبادة الكواكب وصورها الصنمية المجسمة فقد مات كافرا.

أما من الناحية التاريخية، فصابئة حران ظلوا على عبادة الكواكب بعد إبراهيم، ثم تأثروا باليهود - سلالة إبراهيم - في فلسطين، وأظنهم هم كهنة "عبادة الكواكب والنجوم" المذكورين في التوراة تحت اسم "الكماريين"، وأظنهم أيضا على صلة وثيقة بطائفة سماها المسعودي المؤرخ بـ"الصابئة الكيماريين" وقال أنهم يختلفون عن صابئة حران!
(نقطة قيد البحث حاليا)
-----

من أصعب المسائل التي تخبط فيها الباحثون مسألة مصدر ومعنى اسم الصابئة!
فقال البعض هي كلمة تعني الصبغ، أي الغطس في المياه، لأن التعميد بالماء هو من طقوسهم التي ربما أخذوها عن قصة يحيى/يوحنا في الأناجيل.
والمفسرون العرب قالوا أن الاسم من كلمة صبأ أي خرج عن دين قومه واتبع دينا جديدا، كما كان كفار مكة يقولون عن الرسول والصحابة أنهم "صبأوا"
(ولاحظ تركيز القصص القرآني على أن إبراهيم خالف دين قومه ودين أبيه آزر!)

وربما كان الاسم من كلمة عبرية تعني الجنود. لأن كلمة "صبأوت ها-شمايم" צבא השמים العبرية متكررة في التوراة وتعني جنود السماء، ويقصدون بها الملائكة أحيانا والكواكب أحيانا. والمعروف أن الصابئة المندائية والحرانية يقدسون الملائكة والكواكب!
وهناك تحذير صريح في التوراة من انزلاق اليهود لعبادة "جنود السماء، الشمس والقمر والكواكب".
(التثنية 4: 19 ، 7: 3)
http://www.mazzaroth.com/Introduction/AllTheHostOfHeaven.htm
ويقول القرطبي في التفسير أن كلمة صبأ عند العرب تعني أيضا "طلوع النجوم".

(وربما تجدر الإشارة أن في اللغة المصرية القديمة، كلمة "نجم" يكون نطقها هكذا س-ب-ا !! )
-----

تاريخ الصابئة المندائية الذي يحكونه عن أنفسهم هو أنهم دين قديم جدا، ينسبون أصلهم لآدم وابنه شيث. وأنهم كانوا مع اليهود في مصر وفي فلسطين ثم هاجروا من فلسطين شمالا إلى حران في القرن الأول الميلادي (ربما وقت يحيى، وربما قبل تدمير الرومان لهيكل اليهود سنة 70 م وطرد اليهود من فلسطين)
ثم هاجروا مرة ثانية من حران إلى العراق في القرن الثالث الميلادي، واستقروا هناك على ضفاف نهر دجلة، لأن طقوسهم تستلزم التطهر بماء جارٍ كالأنهار.

أيام الأمويين كان صابئة حران نشطين فكريا في التأليف ودراسة النجوم. وأيام العباسيين نشروا الفلسفة الإغريقية والتنجيم بين المسلمين. وأيام المماليك دمر التتار حران ومعبد صابئتها، فربما تكون بقيتهم رحلت للعراق أيضا لتشارك فئة الصابئة المندائيين.

والآن هناك عشرات الآلاف من المندائية في العراق، على ضفاف النهر، يعملون في تخصص صناعة الذهب والفضة، وديانتهم خليط من الأساطير والتنجيم وقصص الأنبياء الإسلاميين، وقصص التوراة، وتقديس الملائكة!
لكن الغزو الأمريكي البريطاني أدى إلى هجرتهم مرة أخرى وتشتتهم في البلاد. وبعضهم الآن في أوروبا وبعضهم في إيران.
-----

كلمة "مندائية" تعني "المعرفة" بلغتهم. ولهذا تم تصنيفهم ضمن الديانات الباطنية الغنوصية، حيث أن كلمة غنوصية (جنوصيص) هي كلمة إغريقية فلسفية تعني المعرفة، ويقصدون بها المعرفة السرية والإلهام.
-----

آخر مسألة في الموضوع هي ما يرويه ابن النديم في كتابه الفهرست عن أحد المؤرخين النصارى اسمه أبيشع.
وكانت هذه الرواية من مصادر الخلط الأساسية في موضوع الصابئة!
فالبحث العلمي الأكاديمي الآن يتشكك فيها، لأنها كانت في فترة كان المؤرخون المسيحيون يزورون فيها القصص التاريخية لتشويه الفرق الأخرى القريبة منهم والمنافسة لهم، كالصابئة.
لهذا لا تتم معاملة ما يرويه أبيشع كحقيقة، بل كمسألة مشكوك في صحتها.

القصة باختصار تقول أن الصابئة في حران ليسوا الصابئة المذكورين في القرآن، بل هم فرقة وثنية انتحلت الاسم أيام الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد. وسبب الانتحال هو أن المأمون كان في طريقه لقتال الروم فمر على حران فوجد المهنئين له من الشعب ضمنهم فئة لبسها غريب ومختلفة عن باقي المسلمين. فاستدعاهم وسألهم من أنتم؟ فقالوا نحن الحرانية وندفع الجزية. فسألهم هل أنتم من اليهود أو النصارى أو المجوس (الفئات المسموح تركها داخل الخلافة الإسلامية بشرط دفع الجزية) فقالوا لا. فطلب منهم إما الدخول في الإسلام أو اليهودية أو المسيحية، وإن عاد من الحرب فوجدهم كما هم فسيقتلهم لأنهم فرقة وثنية وليسوا من أهل الكتاب.
وهنا احتاروا - كما تقول القصة - وقرر بعضهم الإسلام، ودخل بعضهم المسيحية، وبقي بعضهم على ديانة عبادة الكواكب خائفا من عودة المأمون. فقال لهم شيخ "عندي حل للمشكلة!" فدفعوا له مقابل مالي كبير، فقال لهم: هناك في القرآن فئة غير معروفة اسمها الصابئة، وتتم معاملتها شرعا كأهل الكتاب من اليهود والنصارى، فقولوا للخليفة نحن الصابئة، وظلوا على دينكم!
ومن يومها، أي القرن الثالث الهجري، حوالي 830 م، وهم يقولون على أنفسهم أنهم الصابئة المذكورون في القرآن.
انتهت القصة.

القصة درامية، لكن عليها شكوك!
فالخلافة الإسلامية لم تتفاجئ بوجود فرقة الحرانيين كما توحي القصة! بل أن المسلمين يعرفون بوجودهم قبل المأمون بفترة طويلة، لدرجة أن آخر خليفة أموي جعل مقر حكمه في حران!
وراوي القصة مشكوك في صدقه أصلا.

وبالإضافة لكل هذا، فقد أوضحت فيما سبق الصلة بين (الصابئين وإبراهيم)، وبين (كلمة صبأوت وعبادة الكواكب في التوراة) .. إذن الصلة بين عبدة الكواكب في حران ومفهوم كلمة الصابئة هي صلة قديمة تسبق المأمون بقرون طويلة!
-----

ورد ذكر الصابئة في القرآن 3 مرات:
البقرة - الآية 62
المائدة - الآية 69
الحج - الآية 17

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»

فهذه الآية طمأنة من الله للفرق القديمة التي آمنت بالتوراة الحقيقية ورفضوا تحريف اليهود لها، وللذين آمنوا بعيسى فعلا ورفضوا تحريف الكنيسة لديانته، وللذين كانوا على الفطرة بعد طوفان نوح وماتوا قبل انتشار عبادة هياكل الكواكب وبعثة إبراهيم عليه السلام.
(وربما يكون تفسير طقس الغطس في المياه والتعميد عند الأنهار هو أنهم يتذكرون الطوفان الذي غسل الأرض من عبدة الأصنام قوم نوح! وظل الطقس موجودا في عقائد الصابئة عبدة الكواكب فيما بعد)
-----

يقول ابن حزم الأندلسي عن قوم إبراهيم: "كَانُوا على دبن الصابئين، يعْبدُونَ الْكَوَاكِب ويصورون الْأَصْنَام على صورها وأسمائها فِي هياكلهم، ويعيدون لَهَا الأعياد ويذبحون لها الذَّبَائِح ويقربون لَهَا الْقرب" (الفصل في الملل والأهواء والنحل)


[الموضوع نشر لأفكار من فصل "إبراهيم" في كتاب «أساطير الأولين والديانات الباطنية»]

السبت، 17 مايو 2014

في الأرض خليفة

العلاقة بين البشر والملائكة والشياطين اتضحت مبكرا جدا.. فور خلق الإنسان.
في البداية لم يفهم الملائكة سبب خلق هذا المخلوق الذي سيُفسد في الأرض ويسفك الدماء.. ثم أطاعوا الله وسجدوا لآدم، كعلامة على بدء خدمتهم له وإشرافهم عليه.
أما إبليس فكانت مشاعره تجاه آدم مختلفة. شعر بأنه منافس له، فحسده، وقرر في نفسه ألا يطيعه أبدا.
وباقي القصة معروفة.
-----
يقول النص القرآني «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» - البقرة 30

ما معنى كلمة "خليفة" في هذا السياق؟
ربما تظنه سؤالا واضحا له إجابة ثابتة ومعروفة في كتب التفسير، إلا أن المسألة أعقد قليلا مما تظن!
هناك أربعة آراء في معنى خليفة، سأسردهم بالترتيب من الأضعف إلى الأقوى:

1- خليفة لله
2- خليفة للمسلمين (أي حاكم)
3- خليفة للجن (بعد إفسادهم في الأرض أول مرة)
4- كائن ذو ذرية، يتناسل، بحيث يخلف بعضه بعضا

فالقول الأول لا يصح، لأن الله ليس غائبا حتى يخلفه مخلوق ما.
والثاني ضعيف لأنه لا يناسب السياق. وأصلا معنى خليفة المسلمين مشتق من أن الحاكم يكون خلفا للحاكم السابق، أي أن كلمة "خليفة" في حد ذاتها لا تعني رئيسا حاكما.
والثالث مناسب للمعنى، ومناسب لآية 27 من سورة الحجر «والجآن خلقناه من قبل من نار السموم» ، ومناسب لتعليق الملائكة على أن المخلوق الآدمي سيفسد في الأرض كما فعل الجن قبله.
والرابع هو أقوى تفسير للكلمة. فالمعنى هو أن آدم لن يكون مخلوقا منفردا، ولن يعيش للأبد، بل سيكون من طبيعته أنه يتناسل ويزيد عدده ويعمر الأرض، ويموت السلف فيأتي بعدهم خلف لهم، وهكذا.

ومنذ أيام تم تسجيل شرح للآية في فلسطين، قام به الشيخ بسام نهاد جرار (رئيس مركز نون للدراسات) يربط فيه بذكاء شديد بين هذه الآية وآية "وعلم آدم الأسماء كلها"..
ومختصر كلامه أن الإنسان له القدرة على نقل العلم من جيل إلى جيل، على عكس الحيوانات مثلا، وأن هذا هو معنى "الاستخلاف" الحقيقي.

وفي مواضع أخرى من القرآن نرى أن "الخلافة والاستخلاف" تأتي بمعنى القول الرابع الذي أشرت إلى أنه أقوى تفاسير كلمة خليفة:
تقول آخر آية في سورة الأنعام «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ»
وآية 59 من سورة مريم: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً»

الخميس، 15 مايو 2014

الشعراوي

لا أعتمد إطلاقا على خواطر محمد متولي المعروفة بين الناس بـ"تفسير" الشعراوي، ولا أثق في اختياراته التفسيرية!
الشعراوي عندي مثل محمد عبده، كلاهما أراد "تجديد" التفسير بإقحام معانٍ مفتعلة على النص لا يقبلها السياق.. وكلاهما رضي الغرب عنه وعن توجهه "لسبب ما"!

في الحقيقة متولي الشعراوي من "القبورية" الذين لا يُحتج بآرائهم أصلا! (كما يعرف من سمع لقاءاته قبل وفاته التي هاجم فيها السلفية)

ولولا دعم أنظمة الطغاة له لما انتشر أمره. فقد أفردوا له الساعات الطوال على شاشات التلفاز، في برنامج بمقدمة موسيقية شهيرة، لينشر السلبية الصوفية بين عامة الناس في مصر.
ومن قبل كافأه الفسدة بأن جعلوه وزيرا!
الشعراوي - كما قال عن نفسه في كتاب الشعراوي الذي لا نعرفه - كان يقبل يد رئيس حزب الوفد العلماني الذي شعاره الهلال والصليب، وهو تذلل لا يليق بالشيوخ والعلماء!

وفي الوقت الذي كان الإسلام فيه محاربا في مصر، كانت الحكومة تنشر كتابات الشعراوي على طلبة المدارس، لعلمها أنه لا "خطر" منه على الطغاة وعلى المسار الفكري العام المراد!

الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله وصف الشعراوي بأنه "ضال متلون"، أفتى بـ «حي على خير العمل» [أي تغيير نص الأذان]، ويفتي كل طائفة بما يناسبها، إذا كان في نجد وفي أرض الحرمين فالرجل سلفي، وإذا كان في مصر مائع ضائع، وإذا جاء إلى اليمن فشيعي"
(من شرح الوادعي لمقدمة صحيح مسلم)


ويقول الشيخ الألباني يخصوص الشعراوي، في الشريط 206 من سلسلة الهدى والنور [تفريغ الشريط على موقع الشاملة] :

"أحد إخواننا السلفيين، وهو يحكي مع شدة إعجابه به، له صاحب له سيارة أركب الشيخ الشعراوي حتى يوصله لمكان وكان صاحبنا معه، وكان منهم أحد إخوانا السلفيين وهو يحكي مع شدة إعجابه به خطر في باله خاطرة جيدة، إنه هذا الشيخ إللي نحن نسر بلقائه وكلامه على الآيات وإعجاز القرآن بالنسبة للعلم الحديث، خطر في باله أن يسأله يشوفه سلفي العقيدة أم لا
فقال له ما هو رأي فضيلة الشيخ في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) هل يوصف ربنا بأن له صفة العلو؟ فثار عليه ثورة، أن الله ليس له مكان وليس له زمان والله في كل مكان، من ها الضلالة يلي بتعرفها ليس في عامة المسلمين فقط، بل وفي كثير من خاصتهم.. فهو منحرف عن العقيدة، وكثيرًا ما يتأول الآيات بتأويل من أجل أن تناسب مفاهيم العصر الحاضر.

أما أسلوبه فالمصريون يمتازوا فيما يظهر على الشعوب الإسلامية بطلاقة اللسان وبحسن أسلوب الكلام، وعندهم استطاعة أن يسيطروا على الناس، والشعراوي من هذا القبيل، لكن لا يؤخذ منه العلم؛ لأن العلم شيء والأسلوب شيء
كما قلنا ليلة السهرة هناك، أنه أيضًا يقال نفس الكلام، أن العلم شيء والأسلوب شيء،
ناس عندهم العلم صحيح لكن ما عندهم الأسلوب صحيح، وهذا بالعكس عنده أسلوب جيد جذاب لكن ما عنده علم صحيح، فلذلك الذي يريد أن يستمع إليه، مأخوذًا بروعة أسلوبه، يجب أن يأخذ حذره من أن يتلقن منه، ما ليس بصحيح"


الأربعاء، 14 مايو 2014

الخلل عند أتباع الإعجاز العلمي

أسعدني انتشار الرأي القائل أن النظريات العلمية الوافدة علينا من الغرب - وخاصة الكونية - يجب التعامل معها - كما قال بعض الشيوخ الفضلاء - كما نتعامل مع أقوال بني إسرائيل..
نصدق ما نعلم صدقه، ونكذّب ما نعلم كذبه، ونتوقف عن تصديق أو تكذيب ما لسنا متأكدين منه.

فأتباع الإعجاز العلمي عندهم خلل جوهري في أسلوبهم، وهو اتخاذ النظرية العلمية كأساس ثابت ثم محاولة تأويل الآية القرآنية لتناسب النظرية!!
ما دمنا لم نصل بعد لقوة علمية في بلادنا الإسلامية تتيح لنا مقارعة النظريات الغربية العلمية بتجارب معملية تكلف المليارات، فلا يجب أن نأخذ كل ما يقولونه وكأنه حقائق!
بل ننظر فيما استنتجوه من الـ  Data العلمية الخام التي جمعوها، فإن وافق استنتاجهم ما عندنا - بشكل صريح دون تأويل ولا تغيير لظاهر الآية - فهو صواب.. وإن خالف ما عندنا فهو خطأ.. وما لم يخالف ما عندنا لكن لم نستطع التأكد 100% منه (لضعف معاملنا وقلة علمائنا المتخصصين، إلخ) فنتركه معلقا، لا نؤمن به تماما ولا ننكره تماما..

وأدعو الله أن يهبني القوة على إتمام سلسلة "تحاريف وتخاريف أتباع الإعجاز العلمي" لكشف تدليسهم وتغييرهم لمعاني النصوص القرآنية، ونشرهم الأوهام بين عامة المسلمين.

ففيما سبق كتبت عن تحريف معنى آية "غُلبت الروم" وآية "مرور الجبال".. وهناك غير هذين المثالين الكثير.. كتغيير الإعجازيين لتفسير "الطارق النجم الثاقب" ليصير - في زعمهم - صوت "طرقات" الأشعة الكونية!!
وتغييرهم لمعنى "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" لتصبح في زعمهم إشارة لتمدد السماء وتوسعها!! مع أن المعنى هو "جعلناها واسعة" أي "وقد أوسعنا بنيانها"
والعلم الغربي "الحديث" لا يعترف أصلا بالسماء!! أي لا يعترف بوجود بناء مشيد اسمه السماوات، لها أبواب ويعيش فيها ملائكة وأنبياء إلخ. والنصوص الإسلامية لا تشير أبدا لتغير حجم السماء الدنيا ولا لتغير المسافة بين الأرض والسماء.

الاثنين، 12 مايو 2014

من تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي - مرور الجبال وحركة الأرض

س: هل هناك صلة بين مسألة حركة الأرض والآية 88 من سورة النمل "وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب" ؟
ج: لا!!  والتفصيل فيما يلي..



هناك حركة فكرية انتشرت تسمى "حركة الإعجاز العلمي في القرآن"، يقوم أتباعها بحسن نية بعملية خطيرة ومستمرة، وهي تحريف معاني آيات من القرآن وتوفيقها تعسفيا مع نظريات علمية معينة.
هذه الحركة لها جهد مشكور وآخر مذموم. إذ يصل بها الشطط أحيانا إلى "ليّ" عنق الآيات لتطويعها مع مسائل لم ترد في الآية أصلا!
ومثالنا هنا هو صلة آية "مرور الجبال" بمسألة دوران الأرض.

فللأسف انتشر بين الناس اليوم أن معناها مرتبط بمسألة دنيوية، في حين أن سياقها يربطها صراحة بحدث مستقبلي، أخروي، وهو "تسيير الجبال" يوم القيامة، بعد أن كانت ثابتة راسخة في الدنيا.

سبب تحريك الله يومها للجبال هو إظهار قدرته، وأيضا لتكون هذه الحادثة الخارقة علامة على فناء الدنيا وبداية حياة أخروية جديدة مختلفة في الشكل والهدف، وليرى الواقفون في يوم القيامة أن الثوابت التي كانت راسخة لا تتزعزع ولا تتحرك قد تحركت وتم نسفها.
وتحريك الجبال لم ترد الإشارة إليه في آية 88 من سورة النمل فقط، بل النص القرآني يركز على هذه المسألة ويكررها في عدة مواضع.. فالقرآن يفسر بعضه بعضا.

وفي تفسير القرطبي للآية جمع لما ورد في القرآن عن مراحل تدمير ونسف الجبال يوم القيامة.. فالجبال سيتم دكها، وستصير كالعهن المنفوش بعد أن كانت متماسكة،وستكون كالهباء، وسيتم نسفها، وسيتحول ترابها وغبارها المتبقي ليصير كالسحاب، إلخ..
فالسحب مظهرها الخارجي يوحي بضخامتها وأنها كالجبال، لكنها في الحقيقة ذرات بخار ماء خفيفة، وتشبه القطن وأجزاءه المقطعة.

ويقول ابن كثير في تفسير الآية:
"تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب، أي: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) الطور 9، 10 ، وقال (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) طه: 105، 107، وقال تعالى: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة) الكهف: 47 "

ومما يؤكد أن الآية 88 تحكي حدثا من أحداث يوم القيامة، أنها في سياق يتحدث عن "يوم الفزع". فالآية التي تسبقها هي:
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
والآية التي تليها هي:
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

فأحداث دك الجبال وتحريك ذراتها كالسحاب هي من المشاهد المهولة ولا شك، لكن الله سيحفظ عباده الصالحين من فزع وأهوال ذلك اليوم.
-----

مرور الجبال وحركتها وسيرها وما سيحدث لها مذكور - كما قلنا - في آيات أخرى أيضا، ومنها:


وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً - الكهف 47
وواضح طبعا أن تسيير الجبال ليس في الحياة الدنيا بل يوم القيامة

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً - الطور 10

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - التكوير 3

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً - النبأ 20

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً - الواقعة 5

يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ - المعارج 9

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ - القارعة 5

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً - المزمل 14

فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ - المرسلات 10

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ - الحاقة 14

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً - طه 105
-----

وهناك موقف آخر يوم القيامة سيرى الناس فيه شيئا على غير حقيقته، من هول الموقف:
«وترى الناس سكارى وما هم بسكارى»
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ - الحج 2
فهي شبيهة بآية «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب»
-----

وكلمة الجبال مرتبطة بالسحاب في مواضع أخرى من القرآن غير آية سورة النمل:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ - النور 43
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ - فاطر 27
-----

والقرآن يشير في عدة مواضع إلى أن الجبال - في الحياة الدنيا حاليا - ثابتة، لا تمر ولا تسير.. بل هي كالوتد الثابت الذي يتم دقه في الأرض لتثبيت حبال الخيمة الموضوعة فوق الأرض.

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً - النبأ 7
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا - النازعات 32
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ - الغاشية 19


والجبال مضرب المثل في الثبات وعدم الحركة..
انظر مثلا آية الرعد 31:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآَناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً

وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ - إبراهيم 46

والجبال رواسي راسية:

وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً - الرعد 3
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - الحجر 19
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - النحل 15
وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ - الأنبياء 31
أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ - النمل 61
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ - لقمان 10
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا - فصلت 10
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ - ق 7
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً - المرسلات 27
-----

فكيف بعد كل هذا يحاول أتباع الإعجاز العلمي تغيير معنى آية "مرور الجبال" في عقول المسلمين وتحريف معناها وقطعها عن سياقها؟!

فمعنى الآية الواضح هو كما يقول تفسير الجلالين:
"وَتَرَى ٱلْجِبَالَ" أي تبصرها وقت النفخة
"تَحْسَبُهَا" أي تظنها
"جَامِدَةً" واقفة مكانها لعظمها
"وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ" المطر إذا ضربته الريح. أي تسير سيره، حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبسوسة، ثم تصير "كَالعِهْنِ" ثم تصير "هبآءً مَّنثُوراً"

ويقول تفسير الرازي: "اعلم أن هذا هو العلامة الثالثة لقيام القيامة وهي تسيير الجبال"
وقال الشنقيطي في تفسير "أضواء البيان"  والألوسي في تفسير "روح المعاني" نفس الشيء بإسهاب وتوضيح.
-----
والجبال وقتها ستكون منفصلة عن الأرض كما أن السحاب بعيد عن سطح الأرض. وستسير الجبال في مجموعات مجتمعة مقتربة من بعضها كما يفعل السحاب. وستكون مكونة من مجموعة من الجزيئات الصغيرة الترابية كما يتكون السحاب من جزيئات مائية. وسيراها الناس تنتقل من مكانها كما نرى السحاب يتحرك من مكانه مبتعدا عنا، إلى آخر التشابهات.


هامش:
سلسلة «تخاريف وتحاريف أتباع الإعجاز العلمي» بدأت بتدوينة عن تحريف زغلول النجار لمعنى آية "غُلبت الروم في أدنى الأرض" هنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_22.html
وهنا:
http://aboutsalama.blogspot.com/2014/04/blog-post_20.html
والموضوع تمت مناقشته في ملتقى أهل الحديث هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=2083925
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=334032


هامش2:
رأيت بعض الاعتراضات من بعض أعضاء ملتقى أهل الحديث، وكان أبرزها قول القائل: ( تحسبها جامدة يفيد أن ذلك في الدنيا لأن الآخرة لا يوجد بها ظن)
والرد عليه ببساطة هو الإشارة لهذه الآيات:
1- وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى
أي أن الناظرين سيحسبون الناس سكارى، لكنه حسبان على غير الحقيقة.. كما سينظر الناس للجبال فيحسبونها ثابتة مع أنها ستكون ذرات تراب متحركة كالسحاب.

2- يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ - المجادلة 18
وهو ظن وحسبان خاطئ منهم يوم القيامة، لا حقيقي.

3- ويقول ابن كثير، في تفسير النبأ 20:
(( "وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً" كقوله تعالى: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ}
وكقوله تعالى: "وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ"، وقال ههنا "فَكَانَتْ سَرَاباً" أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر. ))
وهذه الآية مرتبطة بآية "مرور الجبال" أشد ارتباط، بل تكاد تكون مطابقة لها في وصف الحدث!
ففيها ذكر تحريك الجبال، كما في آية النمل
وفيها ذكر حدث من أحداث يوم القيامة
وفيها ذكر مسألة أن الناظر سيرى شيئا فيظنه شيئا آخر، كظاهرة السراب في الصحراء، تماما كما سيرى الناس يوم نفخة الفزع الجبال فيحسبونها جامدة مع أنها ستكون في الحقيقة متحركة!

هامش3:
اعتراض آخر رأيته، وخلاصته: أن (قوله تعالى {صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} امتنان من الله تعالى بصنعته، والله لا يمتنُّ بصنعته يوم القيامة؛ إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا)

والإجابة على هذا هي أن مبعث الخطأ وسوء الفهم عند القائلين أن ("صنع الله الذي أتقن كل شيء" تشير أن الحدث دنيوي) هو ظنهم أن مراد الله من الآية هو "الامتنان"!!

يقول أبو السعود في إرشاد العقل السليم:
(( صُنْعَ ٱللَّهِ : مصدرٌ لمضمونِ ما قبله أي صنعَ الله ذلك صُنعاً على أنَّه عبارةٌ عمَّا ذُكر من النَّفخِ في الصُّورِ وما ترتَّب عليهِ جميعاً قُصد به التنبـيه على عظَمِ شأنِ تلك الأفاعيلِ وتهويلِ أمرِها والإيذانُ بأنَّها ليستْ بطريقِ إخلالِ نظامِ العالمِ وإفسادِ أحوالِ الكائناتِ بالكُلية من غيرِ أنْ يدعوَ إليها داعيةٌ أو يكونَ لها عاقبةٌ بل هي من قبـيلِ بدائعِ صُنعِ الله تعالى المبنية على أساسِ الحكمةِ المستتبعةِ للغاياتِ الجميلةِ التي لأجلِها رُتبت مقدماتُ الخلقِ ومبادىءُ الإبداعِ على الوجهِ المتينِ والنَّهجِ الرَّصينِ كما يُعرب عنه قولُه تعالى "ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء" ))

وفي تفسير السعدي:
(ومن هوله أنك { تَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } لا تفقد شيئاً منها، وتظنها باقية على الحال المعهودة، وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ، وقد تفتت ثم تضمحل وتكون هباءً منبثاً. ولهذا قال: { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ} من خفتها وشدة ذلك الخوف وذلك "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" فيجازيكم بأعمالكم)

فمعنى السياق كله هو إبراز قوة الله وعظمته وقدرته على الجبال الراسخة + إظهار هول الموقف ومشاهده المفزعة.
كما يقول ابن كثير: "صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ" أي يفعل ذلك بقدرته العظيمة.

ومن مشاهد القيامة الأخرى التي ستظهر فيها صنعة الله وإتقانه، مشهد إعادة تركيب أجساد الموتى من "عجب الذنب"..
فكما خلق الجبال قوية ثابتة لا تتحرك في الدنيا سيقدر عليها في الآخرة ويجعلها لا ثابتة ولا قوية! بل متحركة وكالعهن المنفوش.

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الإخوان والكنيسة

تعامل الإخوان مع "الفنانين" والكنيسة ذكرني بمسألة أن من حاول إرضاء الناس عن طريق إغضاب الله، غضب الله عليه وأغضب الناس من هذا الشخص!!
أي عامله بعكس ما كان يريد.
ومن أغضب الناس وهو يحاول إرضاء الله، رضي الله عنه ثم أرضى هؤلاء الناس عنه!

زيارات وفود الإخوان للمسيحيين في كنائسهم لم تشفع لهم، وها نحن نرى الكنيسة أكبر محرض على قتل الإخوان!!
ومداهنة الإخوان المسلمين للفنانين والإعلاميين ومحاولة "استمالتهم" واتقاء شرهم، أدت إلى ما رأيناه من تكالب الفنانين ضد الإسلاميين!!



الأحد، 4 مايو 2014

بولس

قام الله بتخليص رسوله عيسى من براثن أعدائه، بعد أن قام اليهود - كعادتهم مع الأنبياء والرسل - بمحاولة قتله.
فالتفت اليهود تلقائيا لأتباع عيسى، يريدون القضاء عليهم تماما ومحو ما جاء به آخر أنبياء بني إسرائيل.
(اسم عيسى في العبرية يعني: الله يخلصه، يهوشوع/يشوع/يوشع)

من كان أعداء عيسى؟
- سكان فلسطين من اليهود (بني إسرائيل) وحكام فلسطين وقتها من الرومان الوثنيين.

كيف كان المجتمع الإسرائيلي وقتها؟
- كان اليهود منقسمين على أنفسهم بدرجة كبيرة، إلى فئات دينية متعارضة. للأسف كان الأغنياء والأعيان متعاونين مع المحتل الروماني ومحبين لثقافته، كما فعلوا مع المحتل اليوناني الإغريقي من قبل.. وكان الذين يتحكمون في الهيكل هم فئة تسمى الصدّوقيين، وكانوا يكفرون صراحة بعقيدة اليوم الآخر وفكرة الحساب يوم القيامة!
وكانت هناك فئة أخرى ترد على هؤلاء، وهي فرقة الفَرّيسيين، المعتزلة، وهم حاخامات اليهود الذين أرادوا السيطرة على عقول بني إسرائيل وتكبيلها كما يفعل الكهنة في كل زمان. والفريسيون كانوا يحاربون الأنبياء لأن الأنبياء كانوا يفضحون التحريفات التي وُضعت على التوراة، في حين أن الفريسيين أرادوا حماية هذه التحريفات والاتزام بها لأنها نتيجة جهد 500 سنة من التأليف والتحريف الذي قام به أجدادهم منذ عادوا من السبي البابلي!

وكانت توجد فئة ثالثة قليلة العدد مغلوبة على أمرها وهي فئة المسلمين، المؤمنين فعلا بالتوراة الحقيقية كما أنزلها الله على موسى، ومنهم طبعا زكريا ويحيى وعمران أبو مريم.

عندما بعث الله عيسى بن مريم عرف اليهود أنه رسول، لكن رفضوا اتباعه. والسبب هو أنهم أرادوا رسولا يؤكد ما حرّفوه، لا رسولا يصحح ما أفسدوه!
أرادوا قائدا عسكريا يقضي على المحتل الروماني ويجعل اليهود أسياد العالم، فوجدوه رسولا يريد أولا تصحيح عقيدتهم الفاسدة وتحسين أخلاقهم المنحرفة!
وجود عيسى وأتباعه كان يهدد طبقة أثرياء اليهود المتحالفين مع الرومان، والمحبين للوثنية الإغريقية و"الحضارة" الغربية..
وفي نفس الوقت، وجود عيسى وأتباعه يهدد النفوذ الديني الذي كان يتمتع به الفريسيون وسط أتباعهم من بني إسرائيل.
ولكل هذه الأسباب - وغيرها - قرر اليهود القضاء على عيسى وأتباعه.
يقول المؤرخون المسلمون أن يحيى تم قتله، وزكريا تم قتله، وعيسى رفعه الله إليه قبل نجاح اليهود والرومان في قتله.
لكن أتباعه المؤمنون أنه رسول الله كانوا لا يزالون على قيد الحياة. فكيف يا ترى تعامل معهم اليهود والرومان بعد عيسى؟!
اضطهدوهم بالطبع.. وكادوا أن ينجحوا في إبادتهم.. وظن اليهود أن الله لن يبعث رسولا مرة أخرى.

اليهود يريدون مسيحا يحكم العالم ويُخضع كل الأمم له، ويجعل اليهود أسياد الجميع.. ويسمونه المسيا أو ها-مشيح.. وللأسف لم يعجبهم عيسى ولم يعجبهم محمد، ولن يجدوا ضالتهم إلا في المسيح الدجال!
(يتبعه سبعون ألف من يهود أصبهان، عليهم الطيالسة)

لكن حملة الإبادة لم تنجح 100% ، فقام اليهود بتنفيذ خطة أخرى ماكرة وهي هدم الدين من داخله، وتحريف رسالة عيسى عن طريق التسلل إلى قلوب أتباعها!
أرسل اليهود شخصا واحدا لأداء هذه المهمة الصعبة.. بولس!
ربما يكون من أرسله هو مَجمع السنهدرين اليهودي، أو الفرقة الباطنية اليهودية التي كانت قائمة على تحريف التوراة.. لا نعرف الآن على وجه الدقة.

من هو بولس؟
- اسمه اليهودي شاول Saul (على اسم الملك اليهودي الصالح شاول الذي كان على أيام النبي صموئيل. واسم شاول في القرآن هو طالوت)
كان بولس يهوديا، فريسي بن فريسي، وفي نفس الوقت كان رومانيا، معه الجنسية الرومانية ويخضع للحماية الرومانية!
مهمته كانت تعقب أتباع عيسى وقتلهم وتعذيبهم. ثم قرر التحول ظاهريا للمسيحية لإفسادها من داخلها.
بولس كان مثقفا وفيلسوفا ومطلع على الثقافات الغربية.. وكتب رسائل كثيرة هي أساس النصرانية الحالية.
ففي حين كان عيسى عليه السلام رسولا إلى بني إسرائيل فقط، يذكرهم بالله وبالتوراة، قام بولس بتغيير هذا وقرر نشر فكرة أن عيسى كان إله وابن إله، وأن رسالته لا يجب أن تقتصر على اليهود بل تنتشر في أوروبا بين الرومان!
أتباع عيسى رفضوا هذه الأفكار، وأرادوا التمسك بحقيقة أن عيسى كان رسولا بشريا من الله إلى بني إسرائيل، كما يقول الإنجيل على لسانه: ما بعثت إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة.
لكن بولس كانت تدعمه قوى أخرى جعلت رأيه ينتصر، وبالتالي نجد اليوم أن المسيحية مقرها هو الڤاتيكان في روما بإيطاليا!
فالرومان - بعد شد وجذب - أعجبتهم أفكار بولس، ووجدوها توافق هواهم الوثني، وأساطيرهم عن الآلهة وأبناء الآلهة!
لاحظ ناقدو الأناجيل أن بولس كان الرومان يعاملونه باحترام ويحرسونه ويتركوه يكلم العامة حتى أثناء القبض عليه! ومن هنا ترى سبب توجه بعض الباحثين الأجانب لتأكيد فكرة أنه كان عميلا رومانيا يقوم الرومان بـ"تمثيلية" القبض عليه لإظهاره في صورة البطل!
قصة بولس الموجودة في الأناجيل تنتهي فجأة دون ذكر مصيره، ولهذا قامت الكنيسة بنشر فكرة أن الرومان أعدموه، مع أنه لا توجد وثائق تاريخة تشير لهذا!
والظاهر أنه اختفى عن الساحة بعد أن أدى دوره المنوط به، وبدأت المسيحية بشكلها الجديد في البروز.

في تاريخنا الإسلامي شخصية مماثلة لبولس، أرسلها اليهود أيضا في بدايات الإسلام لتحريف الإسلام من داخله، وأقصد بالطبع ابن سبأ اليهودي الذي ادعى دخوله الإسلام وحاول نشر فكرة تأليه علي بن أبي طالب!
كما نشر بولس فكرة تأليه عيسى.

-----
تقول الأناجيل أن بولس واجه مقاومة شديدة لأفكاره من شخص يسمى يعقوب أخو المسيح.
وسبب الخلاف هو أن بولس اقترح هدم كل الشرائع اليهودية السابقة، كتحريم أكل الخنزير، ووجوب الختان، إلخ.. لكن يعقوب وأتباعه قالوا أن عيسى لم يحارب التوراة وشرائعها الأصلية، فلا يجب تغيير الثوابت اليهودية، وأن على الأتباع الداخلين في المسيحية أن يلتزموا بشرائع التوراة.
لكن بولس أراد أن يقوم بتيسير دخول الرومان الوثنيين للمسيحية الجديدة التي اخترعها، ويعرف أن الختان لن يناسب ذوقهم، فأراد تغيير الدين ليوافقهم.
ونجح كما نعرف.. فالكنيسة اليوم لا تعترف بالشرائع اليهودية.

الخميس، 1 مايو 2014

تركيا

سفينة نوح استقرت على جبل الجودي. الجودي في تركيا، ولاية شرناق.
هزيمة الفرس للروم المذكورة في القرآن كانت في معركة أنطاكية. أنطاكية في تركيا.
الرسول تنبأ بفتح المسلمين للقسطنطينية لأهميتها. وهي طبعا في تركيا.
خليفة المسلمين كان مكانه لحوالي 400 سنة متواصلة هو تركيا.

هجوم أعداء الإسلام على تركيا لم يأتِ من فراغ!! بل لأنها دولة محورية في تاريخ العالم والمسلمين


تصحيح القرآن لأسماء التوراة

نجد في القرآن أحيانا أسماء نشعر من السياق أنها موجودة لدلالة معينة، وهي تصحيح بعض الأسماء المغلوطة الموجودة في التوراة.
مع أن القرآن في الغالب - عكس كتاب اليهود - لا يهتم بالتفاصيل السردية التي لا تخدم السياق. فنجده مثلا لا يذكر اسم ابني آدم، بل ولا يذكرهما حديث نبوي واحد صحيح، مع أن النص العبري يركز على المسألة ويوضح - حسب رأي مؤلفي التوراة - سبب التسمية!
ففي حين نجد أن التوراة تقول أن الاسمين كانا قايين وهابيل، لا نجد القرآن ولا الحديث يذكرهما.. (ولا أعرف من أين جاءت كلمة قابيل أصلا، على الرغم من شهرتها وانتشارها بين الناس وكأنها حقيقة!!)

فلماذا اهتم القرآن بتوضيح أن اسم أبي إبراهيم هو آزر، مع أن النص العبري يسميه تارح؟! بالتأكيد ذكر الاسم وتصحيحه له دلالة ما.
ولماذا اهتم القرآن بتوضيح أن مكان استقرار سفينة نوح هو الجودي، مع أن التوراة تقول أنه كان جبال أرارات؟!
لا أعرف الإجابة على هذين السؤالين، لكن أعرف أن الكلمات القرآنية لا تأتي عبثا دون طائل.

=====
هامش:
مكان جبل الچودي هو منطقة جزيرة ابن عمر في تركيا، ولاية شرناق، بقرب حدود تركيا مع كل من العراق وسوريا.
وكانت القصص المسيحية قديما في المنطقة تقول أن نوح هبط على الجودي فعلا.. لكن بمرور الوقت طغى النص التوراتي الذي يقول (أرارات) على هذه الحقيقة التاريخية التي تناقلها سكان المنطقة.
مكان جبل أرارات هو في تركيا أيضا لكن بعيدا عن الجودي. أرارات هو بالقرب من حدود تركيا مع كل من إيران وأرمينيا.