الثلاثاء، 15 يونيو 2010

الولايات العربية المتحدة*


نعلم كل العلم بمدي واقع ثورتنا هنا بمصر وهناك بتونس!…ونعلم بمدي المحافظة عليها من الفينة للأخري لضمان نصرنا ورفعة مجد ثورتنا التي أعطت دروسا للعالم أجمع ومازلت تتسابق عليها الأمم شوقا، فأصبحوا يرددون مقاليد مجدنا في إعطاء أكبر مفهوم للحرية فخرا…فنحن لدينا الحرية شيء آخر…حريتنا بحبنا لبعضنا وخوفنا أكثر من نهبها وصدنا لأي حقد حاقد…نحن خلقنا عربا لنتكاتف لنقود العالم، فيشهد ماضينا علي ذلك وسيشهده قريبا حينما ندعوا جميعا إلي (الولايات العربية المتحدة) التي هي صورة يبني عليها وحدة العرب. فإذا نظرنا لحقيقة تلك الوحدة لوجدنا دور الرئيس الراحل- جمال عبدالناصر- في النداء بوحدوية الأقطار العربية لصالح كيان عربي قومي، فيذكر حينما تم الإتحاد بين مصر وسوريا: (لم يكن عبد الناصر متحمسا لوحدة عضوية مع سوريا، ولم يكن يطمح لإدارة شئون سوريا الداخلية ولأن يرث مشاكلها، بل لفكرة التضامن العربي ليس إلا) فحتي لو إفترضنا إن هذا التضامن قائم لحسابه الشخصي فهل سيكفل لنا سلامة المنطقة؟! إن كان الجواب بنعم! فإنه سيضمن لنا فترة إنتقالية نأتي علي مسامعها وضع مباديء التكاتف والتعاضد العربي والذي بدورة سيأخذنا الي مفهوم الإتحاد العربي أو بمعني أعم وأوثق (الولايات العربية المتحدة).

(الولايات العربية المتحدة) ليست جامعة دول عربية جديدة وليست علي غرار الإتحاد الأوربي، المجلس الأوربي، منظمة الدول الأمريكية أو حتي المجتمع الكاريبي فقط…إنما كيان أكبر يشملهم جزء جزء…يحتوي علي أهدافهم ويزيد عليهم الطموحات أضعافا، لكن كيف تتحق تلك الآمال مضاعفة في ذلك الكيان؟! بما إننا العرب جماعة وليس فردا هو من يحكمنا ويحكم مسيرة مجدنا، فنحن الشعوب لدينا مانرجوا نحن إليه، فأهدافنا نبيلة حرة وسديدة تتلخص نقاطها بشكل واقعي وممكن التنفيذ عليها كالتالي:

1.نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية العربية، لكن تظل هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدا، لذا لا يمكن إعتبار هذا الإتحاد على أنه إتحاد فدرالي** حيث إنه يتفرد بنظام سياسي.

2.تفتيت الحدود فيما بيننا ولنكن أفضل حال من الإتحاد الأوربي. نعم لكيانات الشعوب دولة دولة، لكن نحن لا نريد مايسمي بنقاط التفتيش التي بدورها تزيل من روعة إنتمائنا عربا لوطن عربي واحد.

3.ثقافة ولغة موحدة…فنعم للعولمة…نعم لمبتغياتها…ونعم للإنفتاح الشامل الكامل بشروط تحدد وضع لغتنا العربية كلغة رسمية للبلاد. متمثلا في جامعة الدول العربية في الثقافة والتربية والعلوم.
4.سوق عربية حرة مشتركة تضمن حق المنفعة العامة بين الشعوب من الخليج إلي المحيط. متمثلا في مجلس الوحدة الإقتصادية العربية.
5.عملة تداول سوقي مشترك بين الدول وبعضها البعض ولتكن العملة الموحدة بين الشعوب هي (عروبة)…فئات العشرة والعشرين والخمسين والمائة عروبة…وهذا دور (البورصة العربية الموحدة) في التنمية والتطوير من شكليات تداولها في شتي المشاريع الإستثمارية بالمنطقة.
6.سياسة زراعية صناعية تنموية مشتركة وسياسة صيد بحري موحدة. متمثلا في إتحاد المهندسين الزراعيين العرب، إتحاد رجال الأعمال العرب والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.

7.علم خاص بـ(الولايات العربية المتحدة) ليس فقط شعار للإتحاد العربي ككل، وإنما هو أيضاً شعار الوحدة والهوية العربية في إتجاه أوسع.

8.المقر الرسمي: فكما هو الحال بالإتحاد الأوربي نريد عمل عاصمة  تكون مقرا دائما للأمانة العامة  للـ(ولايات العربية المتحدة)، ومدينة أخري مقرا لبرلمانه.
9.رئاسة الإتحاد: تخضع (الولايات العربية المتحدة) لنظام الرئاسة الدورية حيث تتعاقب الدول الأعضاء على رئاسته لمدة 3 سنوات وبإستفتاءات نصف سنوية علي المنظومة العربية الحاكمة انذالك والتي تحدد بمعاهدات عربية مشتركة.
10.هياكل الإتحاد:
-(الإتحاد البرلماني العربي) الذي يتم انتخاب أعضائه مباشرة من قبل ناخبي الدول الأعضاء وله دور تشريعي.
-(المفوضية الإتحادية العربية) وهي الجهاز التنفيذي للـ(ولايات العربية المتحدة).
-(مجلس الإتحاد العربي) وهو الجهاز التشريعي للـ(ولايات العربية المتحدة) ويضم مجالس الوزراء حسب التخصص وممثلي الدول الأعضاء.
-(محكمة العدل) وهي جهاز قضائي يشرف على إحترام التشريعات والقوانين الخاصة بـ(الولايات العربية المتحدة).
-(ديوان المحاسبات) وهو جهاز رقابي يشرف على مراقبة ميزانية (الولايات العربية المتحدة).
- كما سيتم إنشاء عدة أجهزة أخرى على غرار المجلس الإتحاد العربي الذي يتكون من رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، اللجنة الإقتصادية والإجتماعية، البنك المركزي العربي وبنك الإستثمار العربي.

11.شروط العضوية للـ(ولايات العربية المتحدة) ستكون علي النحو التالي:
- شروط سياسية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية وعلى دولة القانون وأن تحترم حقوق الإنسان وحقوق الاقليات.
- شروط إقتصادية: وجود نظام إقتصادي فعال يعتمد على إقتصاد السوق وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن (الولايات العربية المتحدة).
- شروط تشريعية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تقوم بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الخاصة بهذا الكيان الجديد والتي تم وضعها وتبنيها منذ تأسيس (الولايات العربية المتحدة).
12.سيصنف (الولايات العربية المتحدة) إلى ثلاث تصنيفات:
- دول أعضاء(دول مؤسسة).
- دول مرشحة.
- دول عربية أخرى.
13.تبني أهم قضايا الوطن العربي بشكل عاجل وسريع وفي مقدمتها:
- إنهاء مشاكل البلاد من إقصاء كافة الحكومات الغاصبة والدافعة في وضع كيان مصلحة الشعوب العربية علي مهب الريح لتستغيث دول مثل ليبيا، اليمن، سوريا، الأردن والبحرين…إلخ من هول مصائب تلك المنظومات التعسفية.

- دحر معاهدة كامب ديفيد تماما، نظرا لحساسية الموقف بين الجانبين- المصري والكيان الصهيوني- وعدم النية بالأخص من الجانب المصري بالإستمرار بذلك المسلسل الهزلي الذي يلعبه الكيان الصهيوني في مماطلة العقوبات ضده تتمثل في زعزعة عمليات السلام في مصر وشعب مصر وهي كالتالي:

-مسألة محاكمة مجرمي الحرب من الكيان الصهيوني والمتهمين بقضية قتل أسرى من الجيش المصري في حرب أكتوبر.
-مسألة مدينة أم الرشراش والواقعة تحت سيطرة الكيان الصهيوني ويطلق على المدينة اسم (إيلات) من قبل الصهاينة.
-إمتناع الكيان الصهيوني التوقيع على معاهدة منع الإنتشار النووي والتي بدورها تهدد من سلامة وأمن المنطقة.
-قضية الأموال التي تعتبرها مصر- أموال منهوبة- نتيجة استخراج الكيان الصهيوني للبترول في سيناء لمدة 6 سنوات.
- مشكلة فلسطين مع الكيان الصهيوني ووضع الحلول الجذرية التي ترضي الجانبين، والتي لا شك منها هو إرضاء الطرف العربي أولي. فهم(الفلسطينيون) يريدون دولة تستقر بدورها مراسيها بالضفة الغربية وغزة، تكون عاصمتها القدس الشريف.

- إنهاء حالات الفوضي التي تعم البلاد بين الرافدين بشكل معاهدات وإتفاقيات مبرمة بين الحكومة العراقية وحكومة باراك أوباما من جهة…هذا ومن جهة أخري إخلاء سبيل كافة المعتقلين عند حكومة المالكي وضمان حفظ الأمن في المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة الإتحادية في بغداد في أقرب ممكن.نذكر منها: مناطق من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك.
- حل مشكلة جنوب السودان وإعادة بناء السودان شمالا وجنوبا تحت مسمي واحد (جمهورية السودان) إحدي دول (الولايات العربية المتحدة) المنضمة حديثا.
- واجب التفكير في التحرير هضبة الجولان من أيادي المحتل الغاصب في سوريا. فنكاد نجن من تباطؤ الأنظمة السياسية في إرجاع هذا الجزء الغالي الي الأراضي السورية، فمنذ حرب أكتوبر 1973 لم يحاول السوريون- ولو مجرد المحاولة-  تنفيذ عمليات ضد المحتل الصهيونى، كالعمليات الفدائية التى كان يقوم بها المصريون أثناء احتلال الصهاينة لسيناء، أو كالعمليات الإستشهادية التى قام بها حزب الله فى لبنان ضد المحتل الصهيونى لجنوب لبنان- بمساعدة سورية- وهذا غريب أيضا…أو تلك التى يقوم بها الفدائيون فى فلسطين المحتلة، على الرغم من الإستفزازت المتكررة للعدو الصهيونى.

- إنهاء طائفية البلاد في لبنان وتحسين أحوال المعيشة لإرضاء كافة الأطراف وبشكل عقلاني تتفق عليه كافة الفصائل، فالطوائف والعرقيات في لبنان تنمو بشكل متباين فيما تقلص الهجرة الخارجية والداخلية بعد كل حرب التعداد السكاني والتوزيع الجغرافي لتواجد الطوائف.

- فض النزاع المغربي الموريتاني علي خلافات خارجية بدورها ستعيق الحياة بين الدولتين سياسيا وإقتصاديا دون طبعا التطرق لوجود تداخلات عسكرية مضنية ستكون شاهدة عليها التاريخ بشكل مخزي خطير.
- مناهضة القرصنة الصومالية وكل من تسبب في وضع الصومال علي المحك الدولي، وفض روح الخنوع بالبلاد والإعزاز بقدر من الإنجاز في مجاراة عجلة التنمية كما هو الحال بدول الجوار.

لأختتم كلامي متسائلا! هل حقا بلاد العُرب أوطاني وكل العُرب إخواني…ومهما وضعوا سدود وفوارق سنظل نرسم خرائط بيضاء؟! هل ستكون بيضاء حدها بحر ومحيطان…وصقر شامخ حامي لا يهاب؟! أحلام سنسعد بها حينما تزف لنا أخبار وحدة أوطاننا…أثابنا الله وإياكم.
————————————————————————————
*مقالة (الولايات العربية المتحدة) هي مقدمة دراسة جدوي لمشروع الوحدة العربية الذي سينشر عما قريب…
**شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمه دستوريا بين حكومة مركزية ووحدات حكومية صغيرة(أقاليم وولايات)، ويكون كلا المستويين من الحكومة معتمد أحدهما علي الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والقضائية والتنفيذية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.

————————————————————————————
البِـــــــــــــــــــــــك…

الأحد، 13 يونيو 2010

الخاطرة التاسعة والعاشرة والحادية عشر (الإخلاص)

الخاطرة التاسعة و العاشرة والحادية عشر
من سلسلة سلامة القلب
الإخلاص
******
الإخلاص في اللغة :-
-------------------
خَلَصَ الشيءُ بالفتح يَخْلُصُ خُلوصاً، أي صار خالِصاً. أي صفى وزال عنه شوبه
وخَلَصَ إليه الشيءُ: وصَلَ.
وخلَّصْتُهُ من كذا تَخْليصاً، أي نجّيته فتَخَلَّصَ.
وخُلاصَةُ السمنِ بالضم: ما خَلَص منه.
والمصدر منه .الإخلاصُ (ا.هــ) ( لسان العرب )
فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه من الأخلاط والأوشاب.
والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية.
وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء.
وقال الفيروز أبادي: أخلص لله ترك الرياء.
كلمة الإخلاص كلمة التوحيد، والمخلصون هم الموحدون والمختارون ،
وأما تعريف الإخلاص في الشرع:- فكما قال ابن القيم –رحمه الله -:
هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أن تقصده وحده لا شريك له.
وتنوعت عبارات السلف فيه، فقيل في الإخلاص:
أن يكون العمل لله تعالى، لا نصيب لغير الله فيه.
إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.
تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
تصفية العمل من كل شائبة.
وقيل: هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
( خاطرة الإخلاص ،الدكتور أحمد فريد )
إذاً المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عزوجل،
ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله. قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) البينة من الآية : 5 ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي) الزمر14. {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162 (ا.هـــ) (1)
أهمية الأخلاص:-
لا يقبل الله عز وجل عملاً من الأعمال حتى يتوفر فيه
شرطان فالأول: هو الإخلاص وهو شرط الباطن،
والثانى: هو متابعة سنة الرسول- صلى الله عليه وسلم - وهو شرط الظاهر، ودل على هذا المعنى كتاب
الله المنزل وسنة النبى المرسل - صلى الله عليه وسلم.قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا}الملك من الآية :2 قال الفضيل بن عياض ،رحمه الله:- هو أخلصه واصوبه فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل,وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل . وقال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}الكهف من الآية :110
فالعمل الصالح هو الموافق للسنة وعدم الشرك هو الإخلاص.
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ}النساء من الآية :
125 فإسلام الوجه هو الإخلاص، والإحسان هو متابعة سنة النبى – صلى الله عليه وسلم. والإخلاص شرط لقبول العمل الصالح الموافق لسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وقد أمرنا الله عز وجل به فقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}
البينة من الآية : 5 وعن أبى أمامة قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ :-
"أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ " لَا شَيْءَ لَهُ " فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "‏ ‏لَا شَيْءَ لَهُ " ثُمَّ قَالَ "‏ ‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ " (2)
وعن أبى سعيد الخدرى – رضى الله عنه - عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال فى حجة الوداع:
" ‏ نَضَّرَ ‏ ‏ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا ‏ ‏يُغِلُّ ‏ ‏عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ " .(3)
والمعنى: أن هذه الثلاثة تستصلح بها القلوب، فمن تخلق بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.
ولا يتخلص العبد من الشيطان إلا بالإخلاص لقول الله عز وجل: {إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}ص الأية :83 . (ا.هــ) (4)
و قال ابن الجوزي رحمه الله ، في صيد الخاطر:
(ومتى نظر العامل إلى التفات القلوب إليه فقد زاحم الشرك نيته؛ لأنه ينبغي أن يقنع بنظر من يعمل له، ومن ضرورةالإخلاص ألا يقصد التفات القلوب إليه، فذاك يحصل لا بقصده بل بكراهته لذلك... فأما من يقصد رؤية الخلق بعمله فقد مضى العمل ضائعاً؛ لأنه غير مقبول عند الخالق ولا عند الخلق؛ لأن قلوبهم قد ألفتت عنه، فقد ضاع العمل، وذهب العمر ) صيد الخاطر ص 122(ا.هـ)
عزة الإخلاص وصعوبة تحصيله :
مما لا شك فيه أن تخليص الأعمال من شوائب حظوظ النفس من الرياء ، والتسميع ، وحب المدح والثناء ..
وغيرها من الآفات والشهوات أمر شاق على النفوس ، ولهذا قيل : أشد شيء على النفس الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب .
وقيل : تخليص الأعمال على العمّال أشد عليهم من جميع الأعمال . أن تحقيق الإخلاص عزيز ، لذا فإنه يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناءه ، وبعده،حتى يكون عمل العبد لله.
فالمخلصون كما ذكر ابن القيم-:"أعمالُهم كلُّها لله، وأقوالُهم لله، وعطاؤهم لله، ومنعُهم لله، وحبُّهم لله، وبُغضُهم لله؛ فمعاملتُهم ظاهراً وباطناً لوجهِ الله وحدَه لا يريدون بذلك من الناسِ جزاءً ولا شكوراً، ولا ابتغاءَ الجاهِ عندَهم، ولا طلبَ المحمدةِ والمنزلة في قلوبِهم، ولا هرباً من ذمِّهم. بل قد عَدُّوا الناسَ
بمنزلةِ أصحابِ القبورِ؛ لا يملكون لهم ضرّاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً. فالعملُ لأجلِ الناسِ وابتغاء الجاهِ والمنزلة عندهم ورجائهم للضرِّ والنفعِ منهم لا يكون من عارِفٍ بهم البتة؛ بل من جاهلٍ بشأنِهم وجاهلٍ بربِّه؛ فمن عرفَ الناسَ أنزلَهم مَنازلَهم، ومن عَرفَ اللهَ أخلصَ له أعمالَه وأقوالَه وعطاءَه ومنعَه وحُبَّه وبُغضَه". (ا.هــ) (5)
الأسباب المعينة على تحقيق الإخلاص :
1- هو تعظيم الرب سبحانه وتعالى ويقين العبد باطلاع الرب عز وجل عليه ، وعلمه سبحانه بمكنونات
الصدور : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ }غافر19.
2- نسيان رؤية الخلق ، بمعنى ألا يقيم للناس وزناً عند تعامله مع ربه سبحانه وتعالى ، فيحرص على
رضا ربه دون نظر إلى مدح الناس أو ذمهم .
3- إخفاء العمل ، فكلما كان العمل بين العبد وبين ربه كان ذلك أقرب إلى الإخلاص ،
ولهذا وجدنا كثيراً من السلف يخفون أعمالهم عن الخلق مخافة الرياء . وما أحلى قول نبينا ــ صلى الله عليه وسلم ــ في السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا : " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه "(6)
4- الإكثار من دعاء الله أن يرزق العبد الإخلاص ، وأن يعيده من الرياء ، ومن أجمع الأدعية في ذلك :
"اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلمه ، وأستغفرك لما لا أعلمه ". (7)
تبيهات في مسألة الإخلاص
1- متى يكون إظهار العمل مشروعاً؟
قال ابن قدامة: {فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات}
قال: وفي الإظهار فائدة الاقتداء، ومن الأعمال ما لا يمكن الإسرار به كالحج والجهاد، والمظهر للعمل ينبغي أن يراقب قلبه حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي بل ينوي الإقتداء به {إذاً ينبغي أن نحسن نياتنا في الأعمال المظهرة لندفع الرياء وننوي الإقتداء لنأخذ الأجر}، قال ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك، ومثل الذي يظهره وهو ضعيف كمثل إنسان سباحته ضعيفة فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم فأقبل إليهم فتشبثوا به وغرقوا جميعاً.
المسألة فيها تفصيل:
الأعمال التي من السنة أن يكون عملها سرّاً يسرّ.
الأعمال التي من السنة أن يظهرها يظهرها
.
الأعمال التي من الممكن أن يسرها أو يظهرها، فإن كان قوياً يتحمل مدح الناس وذمهم فإنه يظهرها
وإن كان لا يقوى فيخفي، فإذا قويت نفسه فلا بأس في الإظهار لأن الترغيب في الإظهار خير. ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يظهرون بعض أعمالهم الشريفة ليقتدى بهم كما قال بعضهم لأهله حين الاحتضار (( لا تبكوا علي فإني ما لفظت سيئة منذ أسلمت)). قال أبو بكر بن عياش لولده (( يا بني إياك أن تعصي الله في هذه الغرفة فإني ختمت القرآن فيها اثنتا عشرة ألف ختمة)) من أجل موعظة الولد، فمن الممكن أن يظهر المرء أشياء لأناس معينين مع بقاء الإخلاص في عمله لقصد صالح.
2- ترك العمل خوف الرياء، وهذا منزلق كشفه الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما. قال النووي: من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مرائي" لأنه ترك لأجل الناس" لكن لو ترك العمل ليفعله في الخفاء. فمن ترك العمل بالكلية وقع في الرياء، وكذلك من كان يستحب في حقه إظهار العمل فليظهره كأن يكون عاملاً يقتدى به أو أن العمل الذي يعمله المشروع فيه الإظهار.
3- أن من دعا إلى كتم جميع الأعمال الصالحة من جميع الناس ؛ هذا إنسان خبيث وقصده إماتة الإسلام، لذلك المنافقون إذا رؤوا أمر خير وسموه بالرياء، فهدفهم تخريب نوايا المسلمين وأن لا يظهر في المجتمع عمل صالح، فهؤلاء ينكرون على أهل الدين والخير إذا رؤوا أمراً مشروعاً مظهراً خصوصاً إذا أظهر عمل خير معرض للأذى فيظهره احتسابا لإظهار الخير فيستهدفه هؤلاء المنافقون فليصبر على إظهاره ما دام لله ، قال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ}التوبة79 .
ينبغي أن نفرق بين الرياء ومطلق التشريك في العمل، فمتى يبطل العمل ؟ إذا حصل تشريك فيه ، ومتى يأثم ؟ ومتى لا يأثم؟
1- أن يعمل لله ولا يلتفت إلى شيء آخر ( أعلى المراتب).
2- أن يعمل لله ويلتفت إلى أمر يجوز الالتفات إليه ، مثل رجل صام مع نية الصيام لله أراد حفظ صحته، ورجل نوى الحج والتجارة، ورجل جاهد ونظر إلى مغانم، ورجل مشى إلى المسجد وقصد الرياضة، ورجل حضر الجماعة لإثبات عدالته وأن لا يتهم، فهذا لا يبطل الأعمال ولكن ينقص من أجرهاـ والأفضل أن لا تكون موجودة ولا مشركة في العمل ولا داخلة فيه أصلاً.
3- أن يلتفت إلى أمر لا يجوز الالتفات إليه من الرياء والسمعة وحمد الناس طلباً للثناء ونحو ذلك:
أ- إذا كان في أصل العمل فإنه يبطله كأن يصلي الرجل لأجل الناس.
ب - أن يعرض له خاطر الرياء أثناء العمل فيدافعه ويجاهده، فعمله صحيح وله أجر على جهاده.
جـ - أن يطرأ عليه الرياء أثناء العمل ولا يدافعه و يستمر معه وهذا يبطل العمل.
4- أن يكون عمله الصالح للدنيا فقط، فيصوم لأجل الحمية والرجيم ولا يطلب الأجر، ويحج للتجارة فقط، ويخرج زكاة أموال لتنمو، ويخرج للجهاد للغنيمة ، فهؤلاء أعمالهم باطلة كما قال تبارك وتعالى (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً ) الإسراء18
5- أن يكون عمله رياءً محضاً، وبالرياء يحبط العمل بل ويأثم به الإنسان، لأن هناك أشياء تبطل العمل ولا يأثم صاحبها كخروج ريح أثناء الصلاة، ومن الناس من يرائي في الفتوى للأغنياء والوجهاء وقد يكون لضعفه أمامهم.
(8)
من ثمرات الإخلاص :
-----------------
للإخلاص فضائل عظيمة وآثار جليلة ، منها :
1- تعظيم العمل ، وتكثير الثواب :
فقد يكون العمل في ذاته يسيراً أو صغيراً لكن يعظم أجره بالنية الصالحة، قال الله عز وجل : (وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )البقرة261 قال ابن كثير : أي بحسب إخلاصه في عمله . ويقول ابن المبارك ــ رحمه الله ــ رُبَّ عمل صغير تعظمه النية ، ورب عمل كبير تصغره النية .
2- حفظ القلب من الخيانة والحقد :
قال النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ : " ثَلَاثٌ لَا ‏ ‏يُغِلُّ ‏ ‏عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ (أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق) إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ " (9).
3- حفظ الأمة وتحقيق النصر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها ، بدعوتهم ، وصلاتهم ، وإخلاصهم " .
(10)
4- حفظ العبد من الآفات المهلكة :
قال الله عز وجل : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) يوسف24
5- النجاة من الشدائد :
ففي حديث الثلاثة الذين انسد عليهم الغار أنهم توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم التي فعلوها ابتغاء وجه الله ، ففرَّج الله عنهم.(11)
6- الحفظ من تسلط الشيطان :
قال الله سبحانه وتعالى حاكياً عن إبليس قال الله سبحانه وتعالى حاكياً عن إبليس {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } ص: 82،83
7- رفعة الدرجات :
قال صلى الله عليه وسلم : " قَالَ إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً " (12) حديث مرض سعد بن أبي وقاص في حجة الوداع – رجح بن حجر كون هذه الواقعة في حجة الوداع وليس فتح مكة (فتح الباري شرح صحيح البخاري)وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنك لن تخلف فتعمل عملا ) فالمراد بالتخلف : طول العمر والبقاء في الحياة بعد جماعات من أصحابه . وفي هذا الحديث : فضيلة طول العمر للازدياد من العمل الصالح , والحث على إرادة وجه الله تعالى بالأعمال . والله تعالى أعلم (ا.هـ) صحيح مسلم بشرح النووي . ‏
8- الفوز بالجنة :
قال صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة " .(13)
(14)
علامات الإخلاص
الحماس للعمل للدين.
أن يكون عمل السر أكبر من عمل العلانية.
المبادرة للعمل واحتساب الأجر.
الصبر والتحمل وعدم التشكي.
الحرص على إخفاء العمل.
إتقان العمل في السر.
الإكثار من العمل في السر.(ا.هــــ) (15)
نماذج من السلف
نقل ابن عبد البر في التمهيد قصة تأليف مالك لموطأه فقال: (قال المفضل بن حرب: أول من عمل الموطأ عبد العزيز بن الماجشون: عمله كلاماً بغير حديث، فلما رآه مالك قال: ما أحسن ما عمل ولو كنت أنا لبدأت بالآثار ثم شددت بالكلام، ثم عزم على تصنيف الموطأ فعمل من كان بالمدينة يومئذ من العلماء الموطآت فقيل لمالك: شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله؟ فقال: ايتوني به فنظر فيه ثم نبذه وقال: لتعلمن ما أريد به وجه الله تعالى. قال: فكأنما ألقيت تلك الكتب في الآبار) ا.هـ وروي أنه لما ألف مالك موطئه قيل له: ما الفائدة في تصنيفك؟ فقال: (ما كان لله بقي)، ذكر ذلك السيوطي في تدريب الراوي. قلت: سبحان الله اندثرت تلك الموطآت ولم يبق إلا موطأ مالك، (ا.هــ) (16)
------------------------------------------------
(1) (سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الإخلاص)
(2) ( رواه النسائى/ كتاب الجهاد/ باب من غزا يبتغي الأجر والذكر/ وحققه الألبانى / السلسلة الصحيحة /برقم 52 / حسن ).
(3) (رواه الترمذى / كتاب العلم عن رسول الله / باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع / وصححه الألبانى/ صحيح الترمذي / برقم2658 / صحيح ) . (4) موضوع الإخلاص / للدكتور : أحمد فريد
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=125&aid=1935
(5) الإخلاص نجاة للأبد :- ماهر السيد .
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=76924
(6) (أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الزكاة / باب فضل إخفاء الصدقة /حديث رقم 1712).
(7) (حققه الألباني / صحيح الجامع / حديث رقم 3731/ صحيح) .
(8)( سلسلة أعمال القلوب – للشيخ محمد صالح المنجد - عبادة الإخلاص – طبعة الكترونية ص 10،11 ).
(9) (رواه الترمذى / كتاب العلم عن رسول الله / باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع / وصححه الألبانى/ صحيح الترمذي / برقم2658 / صحيح ) . (10 ) (حققه الألباني / صحيح الجامع / حديث رقم: 2388 / صحيح) .
(11) (أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار/ باب ‏قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال‏ /حديث رقم 4926). (12) .( أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب المغازي/ باب حجة الوداع/ حديث رقم 4057 ) صحيح). (13) (أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب الصلاة/ باب ‏استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي‏ /حديث رقم 578). (14) مقالة الإخلاص نجاة للأبد / كتبه ماهر السيد . http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=769)24
(15) (سلسلة أعمال القلوب للشيخ محمد صالح المنجد / عبادة الإخلاص) (16) موضوع / ما كان لله بقى .. الإخلاص في التأليف / عبدالمجيد المنصور http://www.dorar.net/art/193





الثلاثاء، 8 يونيو 2010

حجية أحاديث الآحاد

حجية أحاديث الآحاد
أقسام الحديث من حيث وصوله إلينا وكثرة طرقه ورواته :
ينقسم الحديث بهذا الاعتبار إلى قسمين :
متواتر
و آحاد
فالمتواتر : ما رواه عدد كثير تُحيل العادة تواطؤهم على الكذب .
وعُرّف بأنه : ما رواه جمع كثير من أول الإسناد إلى آخره .
واشترطوا فيه : أن يكون مستندهم الحس كـ ( سمعنا – رأينا ... ) .


وينقسم المتواتر إلى قسمين :
متواتر لفظاً ؛ كحديث : من كذب عليّ مُتعمّداً فليتبوأ مقعده من النار .
متواتر معنى ؛ كأحاديث رفع اليدين في الدعاء ، وأحاديث المسح على الخفين ،
وأحاديث نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، وظهور المهدي ، وغيرها .
وهذا النوع من الأحاديث يُفيد العلم الضروري ، أي القطعي اليقيني .
والآحــــاد :
هو ما لم يجمع شروط المتواتر .
وهو أنواع بحسب عدد طرقه :
أ – مشهور ، ويدخل تحته : المستفيض .
ب – عزيز
جـ - غريب
وهذه تحتاج إلى تعريفات وتفريعات وتفصيلات .
وحديث الآحاد - عند أهل السنة - حجة بنفسه في العقائد والأحكام .
ولذا فإن العلماء يتكلّمون عن حديث الآحاد في كتب العقائد كثيراً ، وذلك لكثرة من يُخالف في ذلك من أهل البدع .
قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية :
وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة ، وهو أحد قسمي المتواتر ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاع ، كخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما الأعمال بالنيات . وخبر ابن عمر رضي الله عنهما : نهى عن بيع الولاء وهبته . وخبر أبي هريرة : لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، وكقوله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وأمثال ذلك ، وهو نظير خبر الذي أتى مسجد قباء وأخبر أن القبلة تحولت إلى الكعبة فاستداروا إليها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل رسله آحادا ، ويرسل كتبه مع الآحاد ، ولم يكن المرسل إليهم يقولون لا نقبله لأنه خبر واحد . انتهى .

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكتفون بخبر الواحد ، ويعملون بموجبه ، كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال : إني لقائم أسقيها - أي الخمر - أبا طلحةَ وأبا أيوبَ ورجالاً من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا ، إذ جاء رجلٌ ، فقال : هل بلغكم الخبر . قلنا : لا . قال : فإن الخمر قد حُرِّمَتْ . فقال : يا أنس ! أرِقْ هذه القِلال ، قال : فما راجعوها ولا سألوا عنها بعد خبرِ الرجل .
فهذا رجل واحد ، ولم يُسمّ في الرواية ، ولم يُذكر أنه مُرسل من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك قبلوا خبره ، بل وعملوا بمقتضاه .
قال ابن عبد البر – رحمه الله – :
وأما أصول العلم فالكتاب والسنة ، وتنقسم السنة إلى قسمين :
أحدهما إجماع تنقله الكافة عن الكافة ، فهذا من الحجج القاطعة للأعذار إذا لم يُوجد هناك خلاف ، ومَنْ ردّ إجماعهم فقد ردّ نصّـاً من نصوص الله يجب استتابته عليه وإراقة دمـه إن لم يتب ؛ لخروجه عما أجمع عليه المسلمون ، وسلوكه غير سبيلهم جميعاً .
والضرب الثاني من السنة : خبر الآحاد الثقات الأثبات المتصل الإسناد فهذا يوجب العمل عند جماعة علماء الأمة الذين هم الحجة والقدوة ، ومنهم من يقول : يوجب العلم والعمل جميعاً . انتهى .
وقال ابن حزم – رحمه الله – :
فصح بهذا إجماع الأمة كلها على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيضا فإن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي صلى الله عليه وسلم يجزي على ذلك كل فرقة في علمها كأهل السنة والخوارج والشيعة والقدرية ، حتى حدث متكلمو المعتزلة بعد المائة من التاريخ ، فخالفوا الإجماع في ذلك .
وقال أيضا : خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوجب العلم والعمل معا . انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – بعد أن ذكر تقسيم الأخبار ، وذكر المتواتر فقال :
ومن الحديث الصحيح ما تلقاه المسلمون بالقبول فعلموا به ، كما عملوا بحديث الغرة في الجنين ، وكما عملوا بأحاديث الشفعة ، وأحاديث سجود السهو ، ونحو ذلك ؛ فهذا يفيد العلم ، ويُجزم بأنه صدق ؛ لأن الأمة تلقّـته بالقبول تصديقا ، وعملا بموجبه ، والأمة لا تجتمع على ضلالة ، فلو كان في نفس الأمر كذبا لكانت الأمة قد اتفقت على تصديق الكذب والعمل به ، وهذا لا يجوز عليها . انتهى .

وقال ابن حجر – رحمه الله – :
الخبر المحتفّ بالقرائن يُفيد العلم خلافاً لمن أبى ذلك .
وللشيخ الألباني – رحمه الله – كتاب بعنوان : الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ، وله رسالة أخرى بعنوان : وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شُبه المخالفين .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – :
والحق الذي نراه ونعتقده أن كل حديث آحادي صحيح تلقته الأمة بالقبول من غير نكير منها عليه ، أو طعن فيه ، فإنه يُفيد العلم واليقين ، سواء كان في أحد الصحيحين أو في غيرهما ، وأما ما تنازعت الأمة فيه ، فصححه بعض العلماء وضعّـفه آخرون فإنما يُفيد عند مَنْ صححه الظن الغالب فحسب ، والله تعالى أعلم . انتهى .

والله تعالى أعلم .
الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
منقول
منتديات الإرشاد للفتاوى

فتاوى هامة تخص الأسماء المستعارة بالمنتديات

فتاوى هامة تخص الأسماء المستعارة بالمنتديات ...
السؤال1:
فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً لدي سؤال وهو ما حكم التسمّي بهذه الاسماء :
حبيبة الله - حبيبة الرحمن - حبيبة المصطفى-
نفع الله بعلمك يا شيخ وجزاك عنا خير الجزاء
الجواب :
لا يجوز التسمّي بهذه الأسماء .
أما الأسماء الأولى (حبيبة الله - حبيبة الرحمن - حبيبة المصطفى)
فلِما فيها مِن الـتَّزْكِيَة ؛ لأن من يتسمّى بها يَزعم أنه حبيب الله ، أو حبيب النبي صلى الله عليه وسلم
فلا يجوز التسمية بحبيبة الله.فإن التسمي بـ (حبيبة الله ) مكروه وقد سمت صحابية ابنتها برة أي تقيةـ
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغير الاسم إلى زينب.
فالاسم ينبغي أن لا يشعر بأن الإنسان يزكي نفسه
وقد سبق بيان أدلة ذلك في الجواب رقم:
9253.
ولمعرفة جماع الأسماء المكروهة والممنوعة، راجع فتوى رقم:
12614.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
وأين له صِحّة هذه الدعاوى ؟

السؤال2:
هل يجوز إطلاق العشق في حق الله ؟ كقول بعضهم "إني أعشق الله"
أو "قلبي عاشق لله"
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى،
لأن الألفاظ الشرعية ينبغي أن يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله تعالى
أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد هذا اللفظ في شيء من نصوص الوحي
ولا على لسان أحد من الصحابة رضوان الله عليهم .
وإنما جاء بلفظ المحبة،
كقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه [البقرة: ة165] .
وقوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...
الحديث رواه البخاري ومسلم .
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان : ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف،
كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختص به ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات،
ولهذا لا يذكر فيها العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى.. وقد يذكر لفظ المحبة كقوله تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه
[المائدة: 54] .
والحاصل، أن المسلم ينبغي له أن يتقيد بالألفاظ الشرعية ولا يجوز له أن يطلق ألفاظا في حق الله تعالى لم ترد في الكتاب ولا في السنة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 22296.
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د . عبدالله الفقيه

السؤال3:
ما حكم التسمي بهذه الأسماء المستعارة عبر المنتديات ؟
عاشقة الجنة - عاشقة الفاروق,عاشق الشهادة/عاشق الجنة/
عاشق الرسول / عاشق النبي / عاشق القرآن/ عاشق المدينة /
عاشق مكة/ عاشق قطر/ عاشق الكويت / عاشق المجد / عاشق
الرياضيات / عاشق العلم/ عاشق الإسلام/عاشق الشهادة -عاشقة الدعوة
أي كل مايتعلق بكلمة عاشق وعشق ؟
هل يجوز إطلاق العشق في حق الله ؟ كقول بعضهم "إني أعشق الله" أو "قلبي عاشق لله"
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعشق هو إلافراط في الحب، ويكون في عفاف الحب ودعارته، والأصل فيه الرجل يعشق المرأة.
قال ابن القيم: العشق والشرك متلازمان وإنما حكاه الله عن المشركين من قوم لوط، وعن امرأة العزيز
، وذكر الشيخ بكر أبو زيد عن أكثر أهل العلم المنع من إطلاقه على الله أو على رسوله خلا فا للصوفية
( راجع معجم المناهي اللفظية ) ،
أما حب البلدان وغيرها فالأولى التعبير عنه بالحب لا العشق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
في حق مكة:( ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
وقوله: أحد جبل يحبنا ونحبه. رواه البخاري.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
السؤال4 :
إحدى الأخوات في ساحات الركن الحوارية تسمت بـ
"كتكوتة الجنة" فهل في هذا بأس؟
الإجابة:
خيال خصب وظريف!!
لكن فيه إشكال أن الجنة من أمر الغيب، ونسبة شيء إليها بغير دليل
-حتى لو كان اسم- فيه ما فيه. أنصحها أن تغيره تأدبا على الأقل؛ أعني تأدبًا فيما يتعلق بإيماننا بالغيب.
والله أعلم.
المفتي: حامد بن عبد الله العلي

السؤال5:
إحدى الأخوات في ساحات الركن الحوارية تسمت بـ
"حفيدة المصطفى".
فهل في ذلك شيء قياساً على "حفيدة عائشة" أو "أحفاد خالد وصلاح الدين" ؟
الإجابة:
لا. لا يجوز هذا؛ لأنه يوهم الناس أنه من أهل البيت،
لكن عندما يقول
أحفاد خالد بن الوليد أو صلاح الدين يعلم المخاطب
أنه يقصد الانتساب إلى البطولة الإسلامية المتمثلة في رمزية الاسم.
والتسمي بـ "حفيدة عائشة" لا بأس بذلك، لأن المخاطبين يعلمون أنها ليست حفيدة نسب، بل هي نسبة رمزية،
ولأن عائشة رضي الله عنها لم تنجب وهذا معروف،
فليس لها أولاد من النسب أصلاً. والله أعلم.
المفتي: حامد بن عبد الله العلي

السؤال6:
التسميه باسماء مستعاره بخالطها مثلا
((الحلو -- المزيون--الدلوعه --المزيونه))
على نطاق الرجال والنساء ايضا ماحكمها ومااثرها على الجنسين
وأيضا حكم ترحيب النساء بالرجال والعكس ايضا
كقول البعض للاخر نورت المنتدى
ومالى ذالكالرجاء التفصيل في هذا
بارك الله فيكم وسدد الله خطاكم وجزاكم الله جناته
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة لله وبركاته
هذا كله يخالف الآداب التي أمرنا بها في العلاقة بين الجنسين
ذلك أن الله تعالى قد بين في آيتين من كتابه تلك الآداب : ـ
الآية الأولى قوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )
والآية الثانية قوله تعالى ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )
وتدل الآيتان على ثلاثة آداب ، وهدفين مقصودين من تشريع
هذه الآداب :
الأدب الأول : أن يكون الخطاب عند الحاجة ( إذا سألتموهن متاعا ).ـ
والأدب الثاني : يكون من وراء حجاب أي تكون المرأة متحجبة غير متبرجة.ـ
والأدب الثالث : أن تتحدث المرأة حديثا جادا محتشما ليس فيه تمييع ولا تجميلى وترقيق للصوت.
أما الهدفان المقصودان من هذه الآداب ،
فهما : تطهير قلوب المؤمنين من دنس الفواحش ،
وتحذير المرأة المحتشمة من الذين في قلوبهم مرض
إذن يجب أن يكون الحديث عند الحاجة فقط ،
وعلى قدرها ، ومن وراء حجاب ، وبلا خضوع من القول
فالواجب أن يتحلى المسلم وكذا المسلمة بالادب والوقار
والحشمة والاسماء الدالة على ذلك ،
والابتعاد عما يثير الشبهة والريبة ، وما يستميل القلوب من الكلمات والالفاظ التي يزينها الشيطان ،
ولو تذكر الانسان أنه لايرضى لاخته أو ابنته أن تخاطب بلفظ ما أو حتى بطريقة ما فيها إثارة ،
لأحجمه ذلك أن يسلك هذا السبيل مع بنات الناس
وننوه هنا إلى أن الرجل الذي يعرف معنى العفة ،
والذي تلقى أدب الاسلام وعرف قيمة الأخت المسلمة ومكانتها في الإسلام ،
يترفع بفطرته عن أن يبدو منه أي لفظ أو لهجة أو أسلوب خطاب يبدو فيه أنه يستميل بخضوع وميوعة فتاة
أو أمرأة لاتحل له ، وكذلك المرأة ،
ولايسلك هذا السبيل المشين إلا من في قلبه مرض ومن انحطت مرتبته في العفة ،
فهو يتطلع بقلب مريض زين فيه الشيطان حب المعصية والله المستعان .
الشيخ:- حامد العلي

السؤال7:
لدي سؤال عن امرأة أطلقت على نفسها اسماً في أحد المنتديات العامة، ه
ذا الاسم أثار في نفسي نوعاً من الشك من ناحية جوازه من عدمه، والاسم هو (أسيرة القرآن)،
فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء،
ونفع بكم وبعلمكم الإسلام والمسلمين.
الجواب:
لا ينبغي أن تتسمى بهذا الاسم؛ لأنه لفظ محتمل لما يُحمد وما يُذم،
فأسيرة القرآن تعني أن القرآن أسرها، وما معنى أن القرآن أسرها،
هل ذلك على وجه التبرم بما في القرآن من أوامر ونواهي تقيد الإنسان عن الانطلاق في شهواته
أم أن ذلك مقول على وجه التمدّح بالعمل بالقرآن، فيكون ذلك من الإعجاب بالعمل والاغترار،
وكل هذا وذاك مذموم، فالواجب ترك التكلف وترك الدعاوى الباطلة التي تحتمل الغلو والمبالغة،
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، والله أعلم.
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك

السؤال8:
الأعضاء يستخدمون أسماء مستعارة، ولكن بعضهم يستخدم أسماء كافرة، فما ردكم؟
الجواب:
أما ما يتعلق بالتسمي بأسماء مستعارة كافرة فلا يجوز التسمي بأسماء الكفار ،
سواء كان مستعاراً أو حقيقياً بل يجب البعد عنها ،
فإن ذلك دليل على محبتهم ، بل يجب التسمي بأسماء المسلمين ، وقد قال -سبحانه- : ( هو سماكم المسلمين من قبل ) ،
وعلى أصحاب المواقع التنبيه على ذلك.
نسأل المولى - عز وجل- التوفيق للجميع . والله أعلم.
د. خالد القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

السؤال9 :
هل يعد التسجيل في المنتديات باسم مستعار والمشاركة بهذا الاسم كذب خاصة
وهذا الاسم لايمت لك بصله ككنية او لقب؟
ياثم صاحب هذ الاسم المستعار عندما يسب ويشتم ويغتاب؟
الجواب :
بالنسبة للتسجيل باسم مُستَعار المحذور أن ينتسب الشخص إلى غير أبيه
وهذا سبقت فيه فتاوى
وأما مُجرّد اسم مُستعار فلا يأثم صاحبه .
والكُنية أولى وأحسن ، لأنها من السنة
وسبق الجواب عن سؤال :
هل اتخاذ الكُنى من السنة ؟
والإنسان مُؤاخَذ بما يقول ويَكتُب ، ولو كَتَب ذلك تحت اسم مُستعار .
والله أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم

السؤال10:
ما حكم التسمي بمثل هذه الأسماء في المنتديات ؟
زعفران الجنة وعصفورة الجنة وأمثالها .. ( الأسماء التي فيها نسب للجنة )
هل في مثل هذه الأسماء تزكية أو شبهة أم لا حرج فيها ؟
الجواب:
يُشمّ منها ذلك ، لأنها تنسب نفسها إلى الجنة .
فكأن في ذلك تزكية أنها من أهل الجنة .
نعم . التفاؤل مطلوب والرجاء كذلك ،
وكذلك الخوف والوجل .
ولما مات طفل صغير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
قالت عائشة أم المؤمنين : فقلتُ : طوبى له ! عصفور من عصافير الجنة .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوَ لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار ، فَخَلَق لهذه أهْلاً ، ولهذه أهلا ؟
رواه مسلم .
وفي رواية له : قالت : دُعِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صَبي من الأنصار ،
فقلت : يا رسول الله طُوبى لهذا ! عصفور من عصافير الجنة لم يَعمل السوء ولم يُدْركه .
قال : أو غير ذلك يا عائشة ؟ إن الله خَلق للجنة أهلاً خَلَقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، و
خَلَق للنار أهلا خَلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم

السؤال11:
هل يجوز استعمال آيات قرآنية أو بعض منها كأسماء مستعارة في المنتديات
أو في أي مكان آخر؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن للتدبر والتفكر والعمل بما فيه واتباعه،
قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [صّ:29].
وقال الله تعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155].
والآيات في هذا كثيرة معلومة، فينبغي توقير القرآن وإنزاله المنزلة اللائقة به واحترامه وتعظيمه
لأنه كلام الله جل وعلا. واستعمال الآيات القرآنية كأسماء مستعارة في المنتديات ونحوها
قد يفضي إلى امتهان القرآن الكريم،
فمثلاً لو سمى إنسان نفسه في المنتدى "وتوكل على الحي الذي لا يموت"،
وقام مشارك آخر في المنتدى للرد عليه في مسألة ما وتخطئته، فإنه سيرد على هذا الاسم
"وتوكل على الحي الذي لا يموت"، وهذا فيه ما لا يخفى
من وضع كتاب الله عز وجل في قائمة الرد والامتهان.
فعلى هذا لا يجوز استعمال آيات قرآنية كأسماء مستعارة في المنتديات ولا في غيرها صيانة
لكتاب الله عز وجل. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه

منقول

الجمعة، 4 يونيو 2010

مما ورد في صورة الإخلاص .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما ورد في صورة الإخلاص
الإخلاص صفة الرحمن

قال‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ‏‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏،قال: ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرٌو ‏، ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ أَبِي هِلَالٍ ‏، ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏حَدَّثَهُ عَنْ ‏ ‏أُمِّهِ ‏ ‏عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَكَانَتْ فِي حَجْرِ ‏ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ :-

(‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَعَثَ رَجُلًا عَلَى ‏ ‏ سَرِيَّةٍ ‏ ‏وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ ‏ ‏بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ‏ ‏فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).

(أخرجه البخاري /في الجامع الصحيح /كتاب التوحيد / باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد /حديث رقم 6827)

الإخلاص تعدل ثلث القرآن

حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ :
(رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ ‏ ‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ‏ ‏يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ‏ ‏إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ).

(أخرجه البخاري /في الجامع الصحيح /كتاب الأيمان والنذور /باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم /حديث رقم 6152)

الإخلاص وقصر في الجنة

عن أنس الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(‏ ‏مَنْ قَرَأَ ‏ ‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ‏ ‏حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ).
(حسنه الألباني /في السلسلة الصحيحة/ الجزء الثاني /
صفحة رقم 136 /حديث رقم 589)

الاثنين، 31 مايو 2010

العافية لا يعدلها شيء.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العافية لا يَعْدِلُها شيء

منذ فترة ليست بالقصيرة والخواطر تتواردني أن أكتب حول قول من لا ينطق عن
الهوى صلى الله عليه وسلم : سلوا الله العافية .
وقوله عليه الصلاة والسلام : أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية . رواه البخاري ومسلم .(1)
بل عـدّ النبي عليه الصلاة والسلام العافية أفضل ما أُعطِيَ العبد ،
فقال : سلوا الله العافية فإنه لم يعط عبد شيئا أفضل من العافية . رواه الإمام أحمد وغيره .(2)
وكُنت أقف حيناً مُتأمِّلاً ، وأحياناً مُعتبِراً ، وحينا ثالثاً مُتسائلاً :
لماذا العافية وحدها ؟
وأين تكون العافية ؟
العافية .. عافية في الجسد .. وعافية في الولد .. وعافية في المال .. وفوق ذلك كلّه : العافية في الدِّين .
عافية الجسد .. وأنت تمشي على الأرض ولك وئيد ! وصوت شديد !
بَـزَقَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في كَـفِّـه فوضع عليها إصبعه ، ثم قال :
قال الله : ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه ؟
حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد ، فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ ، حتى إذا بلغت التراقي
قلتَ : أتصدق ! وأنّى أوَان الصَّدَقـة . رواه الإمام أحمد .(3)
عافية الجسد .. وأنت تنظر للبعيد
عافية الجسد .. وأنت تسمع للهمس
عافية الجسد .. وأنت تنام ملء عينيك
عافية الجسد .. وأنت تقوم وتقعد
عافية الجسد .. وأنت تتنفّس
عافية الجسد وأنت تنطق وتتكلّم وتُعبِّر عما تُريد
هنا .. تذكّرت موقفين :
أما الأول فهو لشيخ كفيف .. دُعِي إلى تخريج حَفَظة لكتاب الله .. فألقى كلمته ، ثم قال كلِمة ..
قال : ما تمنّيت أني أُبصِر إلا مرتين :
مرّة حينما سمعت قول الله تبارك وتعالى :
( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) لنظُر إليها نَظَر اعتبار ..
وهذه مرّة ثانية لأرى هؤلاء الحَفَظَة ..
يقول مُحدِّثي وقد حضر المشهد : لقد أبكى الجميع ..
هل تأملت هذا المشهد لرجل أعمى يتمنّى نعمة البصر لينظر فيها في موقفين فقط ؟
وأما الموقف الثاني : فهو لشاب أصمّ أبكم .. خَرَج يوماً مع بعض أصحابه ،
وكان منهم من يُتقِن لُغة الإشارة فيُترجم له ..
وفي الطريق مرُّوا بمجموعة من الشباب اجتمعوا على لهو وغناء وطرب ..
وقف الشباب بِصُحبة الأصمّ .. ترجَّلُوا من سيارتهم .. استأذنوا ثم جَلَسوا ..
تكلّموا .. تحدّثوا .. ذكّروا .. وعَظُوا .. انتهى الكلام .. همُّوا بالانصراف ..
أشار إليهم الأصمّ أن انتظروا قليلاً .. أشار إلى صاحبه المترجم أن يُترجم ..
تحدّث الأصمّ بلغة الإشارة .. ثم تَرجَم صاحبه ..
لقد قال لهم : أتمنّى أن لي لساناً ينطق .. لأذْكُر الله به ..
لقد وَقَعتْ كلماته على قلوب الجالسين ..
وأثّرت فيهم حتى لامَسَتْ شِغاف قلوبهم ..
رغم أنه لم يتكلّم ..
ومع أنه لم ينطق ..
إلا أن كلماته كان لها وقعها على نفوس الحاضرين .
أما عافية الولد .. ففي صلاح قلبِه وقالبه
وفي استقامته وهدايته ..
وفي أن تُمتّع به ..
حتى إذا شبّ وترعرع تمنّيت أن تَدْفَع عنه بالراحتين وباليَدِ ..
كما قال أبو الحسن التهامي في ابنه :
لو كنتَ تُمنَع خـاض دونك فتية *** مِنّـا بحار عوامل وشِفَارِ
فَدَحَوا فُويق الأرض أرضاً من دَم *** ثم انثنوا فَبَنَوا سَمَاء غُبارِ
فإذا نَـزَل القضاء ضاق الفضاء ..
وأما العافية في المال ففي بركته .. وفي نمائه .. وفي أن يكون مصدره حلالاً ، ومصرفه حلالاً ..
وأن يُحفَظ من كل آفـة ..
وأما العافية التي هي فوق كل عافية .. فعافية الدِّين ..
العافية في الإيمان .
العافية في الثبات على دين الله عزّ وجلّ .
العافية في اليقين .
العافية في السلامة من الوسواس .
العافية في القلب من كل شُبهة وشهوة ، فيكون كالمرآة الصقيلة لا يضرّها ما مرّ على ظاهرها .
العافية في العلم والخشية .
لذا كان يُقال : من عُوفِي فليحمد الله .
تواردت هذه المعاني في خاطري حينما دَخَلت قسم الإسعاف والطوارئ بأحد المستشفيات
فهذا يئنّ .. وذاك يصرخ من شِدّة الألـم
وثالث في غيبوبة
ورابع قد شُجّ وجهه
وخامس ينـزف جُرحـه
فعلمت عِلم يقين .. أن العافية والسلامة لا يَعدِلهما شيء ..
فاللهم لك الحمد على العافية ..
ولك الحمد على كل نعمة أنعمتَ بها علينا في قديم أو حديث ، أو خاصة أو عامة ، أو سرٍّ أو علانية ..
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرِّضـا ..
لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ،
ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ..
لك الحمد على العافية .. ونسألك العافية في الدنيا والآخرة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه حين يمسي وحين يصبح :
"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ،
اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ومن يميني وعن شمالي ومن فوقي ،
وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي" . رواه الإمام أحمد وابو داود وابن ماجه . (4)

منقول
كتبه الشيخ/ عبد الرحمن السحيم حفظه الله
منتدى الإرشاد للفتاوى الشرعية

-----------------------------------------------------------------------
(
1) أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب الجهاد والسير /باب لا تمنوا لقاء العدو / حديث رقم 2801
(2) أخرج الترمذي / حققه الألباني / صحيح الترمذي / كتاب الدعوات / باب / حديث رقم 3558 / حسن صحيح .
(3) أخرجه السيوطي / حققه الألباني / صحيح الجامع /حديث رقم: 8144/صحيح.
(4) أخرجه أبو داود / حققه الألباني / صحيح أبي داود / كتاب الأدب / باب ما يقول إذا أصبح / حديث رقم 5074

تابع مفسدات القلب ...فضول المخالطة


تابع مفسدات القلب - فضول المخالطة
معنى الفضول :-
فإن الفضول جمع فضل، والفضل في اللغة: المزية... والزيادة من كل شيء.. والبقية من الشيء لا يحتاج لها.. قال ابن منظور في اللسان: وسمي حلف الفضول تشبيها له بحلف قام قديماً بمكة على يد رجال من جرهم كلهم يسمى الفضل.. فقيل له: حلف الفضول جمعاً لهؤلاء، فكما يقال: سعد وسعود، يقال: فضل وفضول.
والفضول غلب استعماله على ما لا خير فيه حتى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى، والفضولي: هو من يشتغل بما لا يعنيه، نسبة له إلى الزيادة عن الحاجة أو البقية من الشيء... وهو عند أهل العلم من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي، لكون تصرفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية. انظر لسان العرب والموسوعة الفقهية.
(1)
معنى المخالطة:-
المخالطة :- يعني الخلاط بين شيئين، فقد تطلق على الشركة بين الشريكين في مالهما، وإذا أريد بها المعانقة فالمراد أن المتعانقين اختلط أحدهما بالآخر والتصق به، قال صاحب القاموس: خالطه مخالطة: مازجه.. والخليط المشارك وخالطه الداء خامره
(2)
فضول المخالطة
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد – المجلد الثالث .
إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة وكم زرعت من عداوة وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر .

أحدها: من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر وهم العلماء بالله تعالى وأمره ومكايد عدوه وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله .

القسم الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من

القسم الثالث : وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا ومع ذلك فلا بد من أن تخسر عليه الدين والدنيا أو أحدهما فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربا عليك فإذا فارقك سكن الألم ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحى العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض .
وبالجملة فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا .


القسم الرابع: من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله الداعون إلى خلافها {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} فيجعلون البدعة سنة والسنة بدعة والمعروف منكرا والمنكر معروفا إن جردت التوحيد بينهم قالوا تنقصت جناب الأولياء والصالحين وإن جردت المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين وإن وصفت الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير قالوا أنت من المشبهين وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر قالوا: أنت من المفتنين وإن اتبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا: أنت من أهل البدع المضلين وإن انقطعت إلى الله تعالى وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا قالوا أنت من المبلسين وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم فأنت عند الله تعالى من الخاسرين وعندهم من المنافقين فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم وأن لا تشتغل بإعتابهم ولا باستعتابهم ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم فإن عين كمالك كما قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني فاضل .
(3)
يتبع
إن شاء الله
~~~**~~~**~~~**~~~**~~~**~~~
نكمل بحول من الله وقوة
ومتى نعتزل الناس ومتى نخالط ؟
العزلة في زمان الفتن

~~~~~~~
في الحديث الذي رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها ( 7088 ) كتاب الفتن ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن ) . وروى مسلم في صحيحه نحوه ( 1888 ) عن أبي سعيد الخدري أيضاً رضي الله عنه الله عنه أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ. قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ) .
قوله : (شَعَفَ الْجِبَالِ ) أي : رؤوس الجبال . وَأَمَّا ( الشِّعْب ) : فَهُوَ مَا انْفَرج بَيْن جَبَلَيْنِ . قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( 13/34) : وَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا ; بَلْ الْمُرَاد الانْفِرَاد وَالاعْتِزَال , وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالا لأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا اهـ.
والحديث يدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الاختلاط بهم ، في حال خوف المسلم على دينه لكثرة الفتن ، بحيث إنه لو خالط الناس لا يأمن على دينه من أن يرتد عنه ، أو يزيع عن الحق ، أو يقع في الشرك ، أو يترك مباني الإسلام وأركانه ، ونحو ذلك .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/42) : وَالْخَبَر دَالّ عَلَى فَضِيلَة الْعُزْلَة لِمَنْ خَافَ عَلَى دِينه اهـ .
وقال السندي في حاشيته على النسائي (8/124) : فِيهِ أَنَّهُ يَجُوز الْعُزْلَة بَلْ هِيَ أَفْضلُ أَيَّام الْفِتَن اهـ .
وفي الحديث الثاني المذكور آنفاً جعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم المؤمنَ المعتزلَ يتلو المجاهد في سبيل الله في الفضيلة ، قال الحافظ في الفتح- فتح الباري ( 6/6 ) : وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤْمِن الْمُعْتَزِل يَتْلُوهُ فِي الْفَضِيلَة لأَنَّ الَّذِي يُخَالِط النَّاس لا يَسْلَم مِنْ ارْتِكَاب الآثَام ، وَقَدْ تكون هذه الآثام أكثر من الحسنات التي يحصلها بسبب اختلاطه بالناس . ولكن تفضيل الاعتزال خاص بحالة وقوع الفتن اهـ بمعناه .(ا.هــ)
(4)

مثال للفتن التى يعتزل الناس فيها

~~~~~~~~~~~~
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في الفتوى رقم 3260 بعنوان ( حكم العزلة عن الناس )
قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنما يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن يعني فتن الشهوات التي يُرقق بعضها بعضًا كالفتنة بالنساء، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء * وكقوله: اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ** وهكذا ما ابتُلي به كثيرٌ من الميل إلى المُردان والافتتان بهم، وهكذا الفتنة بالدنيا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: والله ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم الدنيا أن تُبسط عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوا فيها، فتُهلككم كما أهلكتهم *** وهكذا ما انتشر بين الناس من الحقد والحسد والغيبة والنميمة والتناحر والتقاطع والتهاجر والتدابر الذي حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين الأقارب وحتى حصل هذا التقاطع من بعض الصالحين وحملة العلم فيعصي أحدهم أبويه ويمتنع عن خدمتهما ويُفضل أصدقاءه وزملاءه ويمتنع من إخبار أبويه بما يطلبانه مع أن مُخالطة أولئك الأصدقاء والزملاء تقدح في الدين ويقع بها الكثير في الآثام والمُحرمات، فنقول إذا كانت العُزلة يسلم بها الإنسان على دينه وعلى نفسه فإنها أفضل من المُخالطة التي يتساهل فيها الإنسان ويقع في المُحرمات ويرتكب الكبائر أو يُشاهد المعاصي والعُصاة ويُجالسهم ولا يستطيع أن يُنكر عليهم، ففي هذه الحال يُفضَّل الاعتزال والابتعاد عن هؤلاء العُصاة وأهل الفساد ليسلم على دينه وعرضه، ولا يرى المعاصي ولا أهلها،
(5)
وأما العزلة في غير وقت الفتن وخوف المسلم على دينه فاختلف العلماء في حكمها ، وذهب الجمهور إلى أن الاختلاط بالناس أفضل من العزلة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- أن ذلك هو حال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم ، والأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليهم ، وجماهير الصحابة رضي الله عنهم . شرح مسلم للنووي ( 13/34) .
2- ما رواه الترمذي ( 5207 ) وابن ماجه ( 4032 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2035 ) .
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه ( 2 / 493 ) : الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنْ الْمُعْتَزِل اهـ
وقال الصنعاني في سبل السلام ( 4/416 ) : فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة اهـ
3- ما رواه الترمذي (1574) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا . فَقَالَ : لَوْ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ ، وَلَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ( لا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا . أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ الْجَنَّةَ ؟ اغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ . مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1348).
4- ما يحصله المسلم في المخالطة من المصالح الشرعية من مَنَافِع الاخْتِلاط بالناس كَالْقِيَامِ بِشَعَائِر الإِسْلام وَتَكْثِير سَوَاد الْمُسْلِمِينَ وَإِيصَال أَنْوَاع الْخَيْر إِلَيْهِمْ مِنْ إِعَانَة وَإِغَاثَة ونَحْو ذَلِكَ . وشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَالْجَنَائِز وَعِيَادَة الْمَرْضَى وَحِلَق الذِّكْر . . . وَغَيْر ذَلِكَ . فتح الباري ( 13/43 ) شرح مسلم للنووي (13/34). والله الموفق ، والله تعالى أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . (6)
~~~*~~~*~~~*~~~*~~~

(1)الشبكة الإسلاميةhttp://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/

ShowFatwa.phplang=a&Id=93938&Option=Fatwa

(2)الإسلام سؤال وجواب للشيخ / محمد صالح المنجد

http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=114749&Option=FatwaId
(3) http://www.ibnalqayem.com/life/227-91.htm موقع ابن القيم رحمه الله

(4) الإسلام سؤال وجواب فتوى

http://www.islam-qa.com/ar/ref/13835

(5) موقع الشيخ ابن جبرين رحمه الله

http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=3260&parent=786
* (أخرجه ابن ماجة / وحققه الألباني/ صحيح سنن ابن ماجة / كتاب الفتن / باب فتنة النساء/ حديث رقم 3998 / صحيح )
** (أخرجه مسلم / المسند الصحيح / كتاب ‏الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار‏/ باب ‏أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان‏ / حديث رقم 4925 )
*** ( أخرجه البخاري / الجامع الصحيح / كتاب الرقاق / باب ‏ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها‏ / حديث رقم 5945)
(6) الإسلام سؤال وجواب فتوى للشيخ محمد صالح المنجد