بما أن موريتانيا جزء من هذا الجسد المسمى.. الأمة العربية فكان من البديهي أن تمتد هذه الثورة العربية إلى موريتانيا, فزيادة على أن الدول العربية توحدها اللغة والتاريخ المشترك والجغرافيا يوحدها "الهم", فهم الإنسان العربي واحد فالمعاناة واحدة والأنظمة متشابهة..! فكلما وليت وجهك شطر عاصمة عربية وجدت ظلما وقهرا وغبنا وفسادا, فالمواطن العربي يعيش في ظل إفقار متعمد وتجهيل مبرمج ومدروس وكبت ووصاية من طرف نظام عميل.
فبعد هروب التونسي "بن علي" انتشرت الفرحة بين هذه الجماهير وبلغوا حد النشوة عند سقوط الطاغية الثاني "مبارك", حيث خرجوا في الشوارع ابتهاج وفرحا بذالك الحدث الجلل...
بداية الحراك الشبابي في موريتانيا ومطالبه:
بدأ الحراك الشبابي في موريتانيا إفتراضيا مثل ماحدث في بقية الدول العربية حيث قام بعض نشطاء "الفيس بوك" بوضع دعوة للخروج والتظاهر في يوم الخامس والعشرين من فبراير ولاقت هذه الدعوة إقبالا كبيرا هال الداعين نفسهم والمراقبين السياسيين, ورفع الشباب الملبي لهذه الدعوة شعارات تدعوا للتغيير الجذري والإصلاح والتحول إلى دولة القانون والمؤسسات, وتعديلات دستورية تقلص الصلاحيات الإلهية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية, ورفع وصاية العسكر عن إرادة الشعب, وإنهاء الزواج القائم بين العسكر ورجال الأعمال, ومطالب أخرى.. مثل رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع مطالب الحركات النقابية, مضاعفة المعاشات والرواتب الحالية للموظفين في القطاع العام والخاص وتسوية الأوضاع غير القانونية للعقدويين والعمال غير الدائمين في القطاعين العام والخاص, الإعتماد على الكفاءات الوطنية في المؤسسات الأجنبية العاملة بموريتانيا, إعتماد سياسة إسكان تضمن حصــول المواطن على سكن لائق, إعتماد سياسة التمييز الإيجابي تجاه الشرائح الإجتماعية المهمشة ووضع سياسات إجتماعية تستهدف "آدوابة" تعليما وصحة, الصرامة في تطبيق القوانين المجرمة للعبودية وبلورة برامج جادة للقضاء النهائي على العبودية وكل مخلفاتها, تقييم عام لقطاع التعليم والخروج بإستراتيجية محددة تكون محل إجماع وطني تمكن القطاع من لعب دوره الحضاري وتمكنه من توفير خدمة تعليمية تتناسب مع متطلبات السوق, دعم أسعار الأدوية وفرض رقابة صارمة على توريدها وتخزينها وبيعها ومعاقبة المتلاعبين بها, ووقف استنزاف الثروات المعدنية وخاصة الذهب والنحاس وكذلك الثروات السمكية من خلال مراجعة العقود المجحفة وإعادة التفاوض لاستفادة الشعب من ثرواته المنهوبة, إعتماد سياسة جادة لمحاربة الفساد تتهيكل على مبادئ موضوعية و ذات فعالية مستديمة, تطهير النظام المصرفي لضمان لعب دوره في خدمة تنمية البلاد, العمل على تحقيق الإكتفاء الذاتي في المحاصيل الزراعية الأساسية, الوقف الفوري للإستيلاء على الأراضي الزراعية القائم حاليا في الضفة, وقف تدهور الوسط البيئي وإجبار الشركات المضرة بالبيئة على تغيير أساليب استغلالها وإعادة تأهيل المناطق المتضررة...وقد استمر هذا الحراك أسابيع بصفة سلمية وأخذ يزداد يوما بعد يوم وتتنوع فئاته العمرية والعرقية إلى أن أصبح نسخة مصغرة عن الجماهير الموريتانية.
رحلة القمع:
إلا أنه مع مرور الزمن ومع تطور الحراك بدأ النظام يتخوف من أن يكون بداية النهاية له, وقرر في الثامن من مارس قمع هذا الشباب وإجهاض هذا الحلم حيث واجه هذا الشباب السلمي بكل همجية وقسوة واعتقل عددا من النشطاء ومتهن كرامتهم, إلا أن الشباب ظل صامدا يراوغ بوقفات أسبوعية نوعية, ولكن مع استمرار قمع النظام للحراك تضائل الحضور للوقفات وهذا ما أدى إلى قيام الشباب باستراحة محارب.. وأعلنوا عن يوم غضب جديد في الخامس والعشرين من أبريل, وبدئوا التعبئة له ابتكروا وسائل جديدة واقتبسوا من إخوانهم العرب ودرسوا تجاربهم وقاموا بالإتصال بهم من أجل إنجاح الحراك والإستفادة من خبرتهم وخصوصا المصريون والتونسيون وذهبوا إلى أحزمة الفقر ونشروا فيها فكرتهم.. أعدوا فيديوهات دعائية ليوم الغضب لاقت رواج كبيرا على الشبكة العنكبوتية.. وطورا خطابهم.. وانفتحوا على كل القوى الحية في القطر الموريتاني؛ وحصدوا النتيجة في يوم الخامس والعشرين من إبريل حيث رجع الحراك لألقه وقوته وإبهاره وعاد إلى السكة مرة أخرى فكان يوما إستثنائيا حيث سيطروا على شارع جمال عبد الناصر أكبر شارع في القطر الموريتاني بحشود غفيرة متنوعة الأعراق والأعمار مطالبة بالتغيير الجذري, وكان رد النظام سريعا حيث أطلق عليهم أجهزته الأمنية وسامتهم مر القمع من مسيلات للدموع ومعاملة وحشية, واعتقلت مجموعة منهم واختطفت أخرى وأنكرت اعتقالها, وأعلن الشباب وكرد منهم على القمع الذي وجهوا به واعتقال رفاقهم عن نيتهم الإعتصام حتى يتحرر كل من اعتقل واختطف, وفعلا قاموا باعتصامهم وكان إعتصاما نوعيا حيث تضامن معهم بعض نواب البرلمان والحقوقيين والفاعليين في المجتمع المدني وفضوه بعد أن أطلق سراح كل الشباب..! و كان لإعتقال الشباب صدا كبيرا خصوصا في الشبكة العنكبويتة حيث تضامن معهم ناشطيها العالميين بشكل ملفت, وبعد فض الشباب لاعتصامهم أعلنوا عن يوم للرفض في الرابع والعشرين من مايو والتغيير المرجو, فبدئوا بالتنسيق مع أصحاب المظالم وزيارات ميدانية لأحزمة الفقر ووضعوا نقاطا جديدة للتعبئة حتى أنهم بدئوا بالتفكير في التعبئة في المدن الداخلية للقطر من أجل أن يعم الحراك على سائر تراب موريتانيا وأن يأخذ زخما أكبر.
وفي يومه قام النظام الموريتاني بإرسال بعض "البلطجية" التي تحمل السلاح الأبيض"على المتظاهرين في محاولة منه إلى إرعابهم وثنيهم عن الخروج..
وكردة فعل على هذا التصرف دخل نشطاء الحركة في اعتصام مفتوح في ساحة مايو في نواكشوط...وبمالموافق لـ 6/7 /2011 قام نشطاء 25 فبراير بتنظيم وقفة إحتجاجية أمام البرلمان وقام بعضهم بدخول البرلمان أثناء التصويت على اتفاقية للصيد بين موريتانيا وشركة صينية يتنازل فيها النظام عن حقوق الموريتانيين ونددوا بالتصويت على هذه الإتفاقية مما أدى إلى إعتقالهم.
قامت الحركة بوقفات يومية أمام البرلمان والإدارة الجهوية للأمن إلى أن تم إطلاق سراح رفاقهم.. وبعد ذالك قامت الحركة بإطلاق حملة أسمتها "الحملة الوطنية لإنقاذ الثروة السمكية", هدفت من خلالها إلى فضح إتفاقية الصيد التي أبرمت الحكومة مع الشركة الصينية, وقامت بوقفات إحتجاجية متواصلة في مدينة نواكشوط وعاصمة موريتانيا الإقتصادية "نواذيبو" وكذالك عقد ندوات تشرح خطورة الإتفاقية, إلا انه مع كثرة القمع الموجه تجاه نشاطات الحركة والإختراقات الأمنية لها, واختطاف بعض العناصر الأمنية التي قفزت من خلال ماسمي منسقية 25 شباب فبراير على نضال الشباب الموريتاني ومتاجرتها به, حيث قابل بعض عناصرها الجنرال الإنقلابي محمد ولد عبد عزيز وصرحوا للإعلام أنهم دخلوا في حوار معه مما سبب صدمة لبعض من كانوا يعتقدونهم مناضلين من أجل الحق.. ونتيجة لذالك قرر نشطاء الحركة الصادقين.. أن يجلسوا مع ذواتهم ويقيموا التجربة, إلا أن البذرة التي قامت الحركة بزراعتها أتت أكلها..! فثقافة الإحتجاج أصبحت منتشرة في الشارع الموريتاني فحتى بعد كمون نشاط الحركة لم يخلوا نواكشوط ولا ولايات موريتانيا الداخلية من التظاهر السلمي المطالب بالحقوق...وكذالك بدأ "الزنوج" بالتحرك ضد الإحصاء السكاني وهم الذي كانوا مرعوبون من التحرك منذ زمن بعيد.
بعد أشهر من الكمون أطلقت حملة عائدون بتاريخ 2 أكتوبر وأسست موقعا إلكترونيا يأرشف للحركة ويتحدث باسمها وافتتحوا أنشطتهم الجديدة بوقفة رمزية أمام البرلمان, حملوا خلالها نعشه وقاموا أيضا بوضع حمار أمام البرلمان كتبوا عليه نائب في الأغلبية الرئاسية ووضعوا فوقه مجسما لخريطة موريتانيا كتبة عليه وطن للبيع...وكذالك قامت الحركة في يوم عيد الشرطة بوقفة أمام الإدارة الجهوية للأمن ضد القمع الوقفة التي تسببت في قيام النظام بإلغاء الإحتفال بعيد الشرطة...وكذالك وكرد فعل من نشطاء الحركة على محاولة النظام العسكري الموريتاني تجميل صورته وبث صورة مغلوطة عنه, وذلك من خلاله تبني فكرة لقاء للمدونين العرب الذي شاركوا في الربيع العربي؛ قامت الحركة بحملة مع مدونين موريتانيين ضد هذا الملتقى وفعلا نجحوا في إقناع المدونين العرب بعدم القدوم وتجميل النظام الموريتاني البائد.
وقامت الحركة كذلك بعدة نشطات كان آخرها إهداء نواب الأغلبية الرئاسية طبلا وذالك خلال وقفة نظمتها الحركة أمام البرلمان.
علاقة الحركة مع الأحزاب :
علاقة الحركة بالأحزاب والقوى السياسية هي علاقة إحترام وتعاون في إطار العمل من أجل مصلحة البلد. وتشدد الحركة على أنها ليست تابعة لأي حزب أو تيار أو حركة سياسية أو أيديولوجية سواء اتفقت من عدمها معهم في الأفكار أو الأساليب.
الحركة تفتح ذراعها لكل مساعدة من القوى الوطنية الموريتانية من أجل التغيير المرجو.. والحركة تحضر الآن للخروج في حشد كبير يوم الخامس والعشرين من فبراير القادم 2012 من أجل قول "لا لحكم العسكر".. "عيش حرية عدالة إجتماعية".. وجعله بداية للتغيير الجذري في موريتانيا.
روابط من نشاط الحركة :
"
"
-----
روابط من القمع :
روابط لصور من نشطات الحركة :