‏إظهار الرسائل ذات التسميات Islam. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Islam. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 28 أبريل 2014

الكاثوليك والإسلام

قد تعجب حين تعلم أن الكاثوليك أخذوا إحدى عقائدهم الهامة من المسلمين!
بعد البعثة المحمدية قام الباباوات بإدخال مسألة (الحبل بلا دنس) لدينهم، لما تنبهوا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن مريم وابنها لم يمسهما الشيطان فور الولادة كما يحدث لباقي البشر.
فقال الكاثوليك أن أم مريم (حنة بنت فاقوذ) حبلت بمريم وولدتها فصارت مريم مبرأة من الخطية الأزلية التي يؤمن الكاثوليك بأن كل البشر بولدون بها!!


من الأمور الطريفة أيضا مسألة فاتيما!!
الكاثوليك يقدسون مريم ويرفعونها لمرتبة شبه إلهية.. ويؤمنون بـ"ظهوراتها" الشبحية لهم إلى اليوم..
وفي سنة 1917 قال 3 أطفال أنهم شاهدوها، وظهرت لهم عدة مرات في مدينة برتغالية اسمها فاتيما.
والاسم من أيام حكم المسلمين للأندلس، ويعود لأميرة مغربية اسمها فاطمة.. وطبعا هو اسم ابنة الرسول.
وهذا هو تفسير وجود عدة كنائس ومنظمات كاثوليكية تسمى فاطمة!


السبت، 26 أبريل 2014

تأثر الإمام ابن تيمية بسفر التكوين التوراتي

مما يرد على من يتحسسون حساسية زائدة من دراسة طلبة العلم المسلمين للتوراة وكتب اليهود.

«قبل أن يخلق الله هذه السموات وهذه الأرض وهذا النهار : كان - العرش على الماء
كما قال تعالى : { وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء }
وخلق الله من بخار ذلك الماء هذه السموات
وهو الدخان المذكور في قوله تعالى { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين }
{ فقضاهن سبع سماوات في يومين }
وذلك لما كان الماء غامرا لتربة الأرض وكانت الريح تهب على ذلك الماء
فخلق الله هذه السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش.»
مجموع الفتاوى، الجزء السادس، صـ 597

(لاحظ مسألة أن الماء في البداية كان يغمر الأرض، وكانت الرباح تهب على هذا الماء)
1. في البدء خلق الله السموات والأرض
2. وكانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه.
3. وقال الله: (( ليكن نور ))، فكان نور.
4. ورأى الله أن النور حسن. وفصل الله بين النور والظلام
5. وسمى الله النور نهارا، والظلام سماه ليلا. وكان مساء وكان صباح: يوم أول.
6. وقال الله: (( ليكن جلد في وسط المياه وليكن فاصلا بين مياه ومياه )). فكان كذلك.
7. وصنع الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد
8. وسمى الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح: يوم ثان.
9. وقال الله: (( لتتجمع المياه التي تحت السماء في مكان واحد وليظهر اليبس )). فكان كذلك.
10. وسمى الله اليبس أرضا وتجمع المياه سماه بحارا. ورأى الله أن ذلك حسن.
«سِفر التكوين - أول فقرة في التوراة الحالية - ترجمة اليسوعيين»

وفي المعاجم العبرية التوراتية أن كلمة "روح" في الجملة الثانية تعني: رياح (Wind) أو هواء التنفس (نفخة Breath)


-----
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=334381
(للأسف قامت إدارة ملتقى أهل الحديث بحذف هذا الموضوع دون تبرير أو إخطار!!)

الجمعة، 25 أبريل 2014

اسم ثور الجنة

من أساطير اليهود المذكورة في التوراة حيوانان ضخمان يُضرب بهما المثل في القوة والضخامة.. أحدهما على البر واسمه بهيموث (أي البهيمة) والآخر في البحر واسمه لِوياثان (أي الملتوي)
تفاصيلهما الجسدية مذكورة في سِفر أيوب التوراتي. واليهود يظنون أن البهيموث واللوياثان هما في الحياة الدنيا، مع أن الحقيقة أن أصل المسألة أنهما في الجنة!

ربما لم ترد عليك هذه المعلومة الإسلامية من قبل، إلا أن أصل البهيموث هو حيوان الثور العملاق الذي سيكون طعام أهل الجنة، ومذكور في صحيح البخاري..
وأصل اللوياثان هو حيوان النون العملاق الذي سيكون أيضا ضمن هذا الطعام، كهدية من الله لأول فوج سيدخل الجنة.

الثور اسمه بالام.. والنون بالطبع هو الحوت.
أي أنهما حيوان بري وآخر بحري.
وسيأكل منهما آلاف من الناس.. لكبر حجمهما.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة،
فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم! ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى،
قال:  تكون الأرض خبزة واحدة،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟
قال: إدامهم بالام ونون، قالوا ما هذا؟ قال: ثور ونون، يأكل من زائدة كبدها سبعون ألفا "
البخاري 6520

(2792) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ»
قَالَ: فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ، أَبَا الْقَاسِمِ أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً - كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ،
قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامُ وَنُونٌ، قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ: «ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا»
مسلم


(315) ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي»،
فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟» قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ: «سَلْ»
فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ»
قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ»
قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ»،
قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا»
قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا»
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ. قَالَ: «يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟» قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ؟ قَالَ: «مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ، أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ».
قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى أَتَانِيَ اللهُ بِهِ»

مسلم


ومن هذه الأحاديث نفهم أن:
الأرض نفسها ستتحول لطعام ضيافة يأكله أهل الجنة.. وتصير كرغيف الخبز
أول طعام سيكون طعاما بحريا، وهو أفضل جزء من كبد حوت معين اسمه نون
بعدها سيتم ذبح الثور الذي اسمه بالام، وهو موجود الآن في الجنة يأكل من أرضها

من معاني ألفاظ الحديث:
خبزة: خبز مصنوع من العجين
نُزُل: طعام الضيافة
الإدام: ما يؤكل في الطعام مع الخبز
تحفة: شيء خاص يُتحف به صاحب البيت ضيوفه، كهدية خاصة لعلو منزلتهم عنده
-----

كنت جمعت المزيد من المعلومات عن الموضوع، لكنها ليست بقربي الآن للأسف.. سأضعها في فصل الحيوانات الأسطورية من كتاب( أساطير الأولين والديانات الباطنية )
وأهم ما فيها - حسب ما أتذكر - فقرة من التلمود البابلي تقول أن اللوياثان سيكون مأدبة طعام الصالحين في الآخرة
Talmud - Baba Bathra 75a

هناك أيضا رسم شهير للرسام الباطني ويليام بليك، توضح تصوره لهذين الحيوانين.. حيث يصوّر البهيموث كخرتيت قوي، واللوياثان كثعبان بحري عملاق.

الاثنين، 21 أبريل 2014

تفسير (أدنى الأرض) ليس البحر الميت

لسنين طويلة كنت أسمع أتباع الإعجاز العلمي يقولون أن نبوءة سورة الروم تدل على أن هزيمة الروم كان في "أخفض مكان على سطح الكرة الأرضية"
وهذا من الكذب!
بل هو فرع من توجه فكري ضار، يربط نصوص الوحي بنظريات "علمية" غربية.. لكن هذا ليس موضوعنا الآن.

حقائق المسألة كالتالي:
غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

- الإمبراطورية الرومية البيزنطية النصرانية لاقت هزيمة ساحقة على يد الفرس المجوس
- حزن المسلمون، لأن الروم أهل كتاب والفرس وثنيون
- جاءت البشارة القرآنية بأن الروم سينتصرون على فارس.. مع أن الوضع السياسي وقتها كان بشير لانكسار الروم وقرب انهيار امبراطوريتهم تماما
- عاد هرقل ملك الروم للمشهد بقوة، وانتصر على كسرى ملك الفرس.


تقول الآيات أن الروم تمت هزيمتهم في "أدنى الأرض"
فسرها المفسرون بأنها تعني أقرب أرض الشام لبلاد العرب، أو أقرب أرض الشام لبلاد فارس. أي منطقة على الحدود السياسية.
والشام يشار لها في القرآن كثيرا بكلمة الأرض، كما في سورة الإسراء، وقصة تيه بني إسرائيل.

جاء أتباع مسألة الإعجاز العلمي وقالوا أن أدنى تعني أعمق أو أخفض، وأن أخفض مكان على القشرة الأرضية - في اليابسة - هو البحر الميت (بين فلسطين والأردن حاليا) ، ثم لصقوا هذا التفسير بمسألة هزيمة الروم على يد فارس.

أدى هذا إلى مصيبة كبيرة في رأيي! حيث تلقفه النصارى يشنعون به.. لأنه مخالف للحقائق وللتاريخ.


النبوءة تحققت بأن انتصر الروم على الفرس بعد نزول آيات سورة الروم المكية.. وحدث الانتصار في بضع سنين، أي ما بين الـ 3 إلى الـ 9
لكن هزيمة الروم لم تكن في منطقة البحر الميت أصلا! بل في المعركة الشهيرة، معركة أنطاكية، سنة 613 م
وأنطاكية الآن في تركيا، بالقرب من سوريا. أي بعيدة جدا عن منطقة "أعمق" الأرض.

ولهذا فانتشار تفاسير أتباع الإعجاز العلمي يؤدي إلى تحريف معاني القرآن في عقول المسلمين، وإعطاء شبهات جاهزة لأعداء الإسلام.
=====

مقال ويكيبيديا عن الحروب البيزنطية الساسانية
http://en.wikipedia.org/wiki/Byzantine-Sassanid_War_of_602-628

معركة أنطاكية 613 التي غلب فيها الفرس الروم
http://en.wikipedia.org/wiki/Battle_of_Antioch_(613)

معركة إسوس التي انتصر فيها الروم على الفرس سنة 622
(في تركيا. ومكانها الفعلي حسب المؤرخين ليس إسوس، بل Cappadocia)
https://en.wikipedia.org/wiki/Heraclius'_campaign_of_622

لاحظ أن الفترة الزمنية بين الهزيمة والانتصار هي 9 سنوات.
=====
والآن نأتي لمسألة الآثار المتضاربة حول هذه المسألة.
فبعض الآثار الحديثية تفسر فرحة المسلمين يوم انتصار الروم على الفرس بأنه وافق يوم انتصار المسلمين على المشركين في غزوة بدر، أو يوم صلح الحديبية.
لاحظ أن غزوة بدر كانت 624م ، وصلح الحديبية 628 م .. (أي بعد 11 و 15 سنة بعد هزيمة الروم! مما لا يوافق فترة البضع سنين)

لكن سأطرح هنا فكرة لمن يريد البحث في الموضوع مستقبلا..
هل النص القرآني يقول أن فترة البضع سنين تبدأ من تاريخ هزيمة الروم، أم من تاريخ نزول الآيات نفسها؟!!
=====

هناك أيضا بعد تاريخي هام غفل عنه كثير من المؤرخين المسلمين.. وهو دور اليهود.
فهزيمة الروم كانت بأن تحالف اليهود مع الفرس المجوس ضد النصارى، وساعدوهم في قتال البيزنطيين.
ولك أن تتصور عقاب النصارى لهم بعد استعادة هرقل للقدس!
(اخترع النصارى صياما خاصا للتكفير عن المذابح التي فعلوها في اليهود، اسمه "صيام أسبوع هرقل"، وهو قائم إلى الآن عند أقباط مصر الأرثوذكس!)
والغريب أنه حين حزن المسلمون لهزيمة الروم أهل الكتاب على يد الوثنيين، نجد أن اليهود على العكس تماما، حيث أعانوا الوثنيين ضد أهل الكتاب! مع أنهم يشتركون في الإيمان بنفس "الكتاب" (العهد القديم)
=====
المعارك الطاحنة بين الفرس والروم أهلكت قواهم، فاكتسح المسلمون الروم والفرس بعدها بسنوات!!
وهي عناية إلهية لمن تأملها.
=====
أثناء وبعد حروب الفرس والروم حدث تدنيس ساحة الأقصى، أو ما يسميه اليهود "جبل الهيكل".. والسبب هو أن الفرس تحالفوا مع يهود فلسطين ضد السكان المسيحيين وسمحوا لليهود بالتحضير لإقامة طقوسهم في المكان، مما أشعر المسيحيين بالاضطهاد لكرههم لليهود، فثاروا على اليهود وأحرقوا مكان الطقوس.. وبعد فترة غيّر الفرس سياستهم وتحالفوا مع السكان المسيحيين ضد اليهود. وبعد أن انهزم الفرس تماما وعادت السيادة على الأقصى للروم المسيحيين قام المسيحيون بإهانة مكان الهيكل (ساحة الأقصى) وجعلوه للقمامة والقاذورات!!
فالمكان في الحقيقة ليس مقدسا في المسيحية، بل ينظرون له كأثر يهودي، وأن اليهود "صلبوا الإله" وكفروا بيسوع، إلخ.
ولهذا تجد في قصة عمر بن الخطاب عندما فتح القدس بعد هذه الحادثة بسنوات أن المكان كان في حالة يرثى لها، فمسحه بردائه وصلى فيه
=====


هامش:
تدليس د/زغلول النجار في المسألة يمكن اكتشافه من كلامه التالي:

«...ولكن الدراسات الحديثة تؤكد أن منطقة حوض البحر الميت‏,‏ بالإضافة إلي كونها أقرب الأراضي التي كان الروم يحتلونها إلي الجزيرة العربية هي أيضا أكثر أجزاء اليابسة انخفاضا‏,‏ حيث يصل منسوب سطح الأرض فيها إلي حوالي الأربعمائة متر تحت متوسط مستوي سطح البحر‏,‏ وان هذه المنطقة كانت من مناطق الصراع بين امبراطوريتي الفرس والروم‏,‏
وأن المعركة الحاسمة التي أظهرت جيوش الفرس علي جيوش امبراطورية روما الشرقية‏(‏ الامبراطورية البيزنطية‏)‏ لابد أنها وقعت في حوض البحر الميت‏,‏
وان الوصف بـ أدني الأرض هنا كما يعني أقربها للجزيرة العربية‏,‏ يعني أيضا أنها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضا‏,‏ وهذه الإشارة القرآنية العابرة تعتبر من السبق العلمي في كتاب الله‏,‏ لأن أحدا لم يكن يعلم هذه الحقيقة في زمن الوحي بالقرآن الكريم‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعده‏.‏

ولابد أن كثيرا من معاركهما الحاسمة قد وقعت في أرض الأغوار»»

لاحظ أنه يعرف أن التاريخ لا يقول أن مكان معركة هزيمة الروم كان في منطقة البحر الميت، لكنه يقترح أنه "لا بد" أن المعركة حدثت هناك! كي يستقيم المعنى مع نظريته!

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=334032

الأحد، 20 أبريل 2014

تدليس زغلول النجار

د/ زغلول النجار‬ ليس مجرد مخدوع يقلد الغرب كما كنت أظنه، بل يقوم واعيا بتزييف الأحاديث ونسبتها للرسول ليجعلها توافق نظرياته!!

كتب فصلا في كتاب «الإعجاز العلمي في السنة النبوية» وجعله فيديو مسجل أيضا، يعتمد بشكل أساسي على "حديث" غير موجود أصلا في كتب الحديث!
لا الصحيحة ولا الضعيفة.
ثم نسبه لكتاب أسماه "مسند الإمام الهمداني" ، وهو كتاب غير موجود أساسا!

والناس بحسن نية بدأت تبحث عن مصدر الحديث لتعرف قوته أو ضعفه، لكن بالطبع لا يوجد له أثر.

- من أين أتى عنوان "مسند الهمداني"؟
- هو اسم كتاب مفقود منسوب للطبراني في الكتب القديمة، لم يره القدماء ولم يصل أيضا لعصورنا الحديثة.
والهمداني المقصود في العنوان هو أبو إسحق السَبيعي الهمداني.

المصيبة هنا هي أن زغلول النجار يخدع الناس بتقديم الحديث وكأنه من كلام الرسول فعلا، وأنه موجود في كتب الأحاديث.. مع أنه في الحقيقة "لا أصل له" !!


http://www.ahram.org.eg/archive/2002/11/8/RAMA3.HTM

الجمعة، 4 أبريل 2014

نتق جبل الطور في تفسير ابن عاشور

فهم البعض من تفسير ابن عاشور لآيات حادثة رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل أنه ينفي الرفع الفعلي ويجعله مجرد اهتزاز..
قرأت هذا الكلام في منتدى الألوكة هنا:
http://majles.alukah.net/t17687
وسبب اختياره لهذا التفسير البعيد هو اعتماده على النص التوراتي وحسن ظنه الزائد فيه.
والحقيقة أن النص التوراتي حاول نفي خزي هذا الموقف عن اليهود، وإخفاء الحقيقة، وإظهارهم كأنهم قبلوا التوراة فورا دون تردد، بل وقالوا سمعنا وأطعنا، بدلا من "سمعنا وعصينا" !!

(وأخرج موسى الشعب من المحلّة لملاقاة الله. فوقفوا في أسفل الجبل
وكان جبل سيناء كله يدخن من اجل أن الرب نزل عليه بالنار. وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدا)

سفر الخروج 19: 17

في النص العبري مكتوب "في أسفل الجبل" هكذا (بـ تحتيت ها هَر)
أي تحت الجبل
ومن السياق نفهم أن مقصود كاتبي التوراة أن يفهم القارئ أن بني إسرائيل وقفوا بسفح الجبل.
لكن النص القرآني يقول صراحة أن الجبل نفسه تم رفعه فوقهم، تهديدا وتخويفا، وغطاهم كالظلة.
=====

والآن سأعرض عليكم مصداق القصة القرآنية من كتاب اليهود الآخر.. التلمود!

And they stood under the mount
R. Abdimi b. Hama b. Hasa said: This teaches that the Holy One, blessed be He, overturned the mountain upon them like an [inverted] cask, and said to them,'If ye accept the Torah, 'tis well; if not, there shall be your burial
shabbath 88a

المصدر: التلمود البابلي ، قسم (السبت) ، الورقة 88 أ
الترجمة:
(تفسير نص «ووقفوا أسفل الجبل»)
الحاخام عبديم بن حاما بن حاسا: يعلمنا هذا أن الرب المبارك قلب الجبل فوقهم كالبرميل، وقال لهم: "لو قبلتم التوراة، فحسن.. أما لو رفضتموها، فسيكون هذا مكان دفنكم."


فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم.

السبت، 22 مارس 2014

القرآن والتلمود

ما الصلة بين القرآن والتلمود؟
قد تظن للوهلة الأولى عدم وجود أية صلة بين الكتاب السماوي وكتاب حاخامات اليهود، لكن المسألة أعمق من هذا.

فقد قال الله في القرآن (سورة المائدة 15)
«يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ»
وفي (الأنعام 91)
«قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً»

لاحظ تأكيد القرآن على حقيقة أن اليهود "أخفوا" أجزاء كثيرة من الوحي الذي نزل على أنبياء بني إسرائيل.. أي لم ينشروها في أسفار التوراة المعروفة..
فأين أخفوها يا ترى؟

للأسف "حفظوها" شفهيا وحرّموا تدوينها، بخلا بها واستئثارا.. فكانت النتيجة أنهم حرفوها عن معناها ونسوا تفاصيلها.. بل واخترعوا أجزاء جديدة تداخلت مع الأصل ففسد معنى كثير من النصوص والنبوءات.


ونجد الآن شذرات من هذه النصوص في كتبهم الأخرى غير التوراتية، كالتلمود والترجوم والمدراش.
التلمود كانوا يخفونه، فلم يظهر للناس مطبوعا إلا بعد البعثة المحمدية بفترة..
والترجوم هو ترجمتهم وحواشيهم على التوراة باللغة الأرامية (لأنهم كانوا تركوا العبرية)
والمدراش هو مدارساتهم للنصوص التوراتية، مع الكثير من الإضافات والاختراعات التي تخيلوها للأحداث

وأنزل الله القرآن ليكشف الكثير مما أخفوه، ويؤكد ما صح من هذه النصوص
« وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ » المائدة 48

من أمثلة هذا، مسألة أن من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل كل الناس..
هذا المعنى لن تجده في كتب التوراة، لكن إن بحثت فستجده في التلمود.

FOR THIS REASON WAS MAN CREATED ALONE,
TO TEACH THEE THAT WHOSOEVER DESTROYS A SINGLE SOUL OF ISRAEL,
SCRIPTURE IMPUTES [GUILT] TO HIM AS THOUGH HE HAD DESTROYED A COMPLETE WORLD;
AND WHOSOEVER PRESERVES A SINGLE SOUL OF ISRAEL,
SCRIPTURE ASCRIBES [MERIT] TO HIM AS THOUGH HE HAD PRESERVED A COMPLETE WORLD.
(Sanhedrin 37a)
في قسم ( سنهدرين 37أ ) من التلمود البابلي:
ولهذا السبب تم خلق الإنسان واحدا في البداية، ليعلّمكم أن من يدمّر روحا واحدة من شعب إسرائيل فسيتم عقابه كما لو كان دمر عالما بأكمله..
ومن يحفظ روحا واحدة من شعب إسرائيل فتقضي النصوص بأن يثاب كما لو كان حفظ العالم كله.

[في هوامش طبعة التلمود مذكور أن بعض المخطوطات لم تذكر تخصيص المسألة بشعب إسرائيل فقط. والسبب الواضح للإضافة هو رغبة اليهود في قصر كل النصوص عليهم فقط دون باقي البشر!]

هذا النص التلمودي مذكور في سياق أحكام القاتل، وقصة قايين (قابيل) ابن آدم الذي قتل أخاه.. وهو نفس السياق الذي وردت في الآية القرآنية

« فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ
قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً
وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ »
المائدة 32

لاحظ أن النص القرآني أشار صراحةً إلى أن هذه المسألة كانت مكتوبة ومفروضة على بني إسرائيل.. أي كانت حكما شرعيا متصلا بقصة قتل ابن آدم لأخيه.

لكن اليهود - كالعادة - فعلوا عكس ما أمرهم الله.. فيثيرون الحروب بين الأمم ويتسببون في قتل الآلاف بل والملايين إلى يومنا هذا!


الخميس، 13 مارس 2014

تفسير العثيمين

للشيخ العثيمين رحمه الله تعليقات على تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي)
قام طلبة العلم مشكورين بتفريغها نصيا وتقسيمها على شكل ملفات وورد
وهنا الرابط

وباقي كتب الشيخ المطبوعة تجدها بإذن الله على موقع المكتبة الشاملة هنا



الأربعاء، 5 فبراير 2014

الأحمدية في بريطانيا

استمعت لبرنامج على راديو الـ BBC  عن طائفة "الأحمدية" في بريطانيا.. ويبدو أن خطرهم على العقائد الإسلامية قد زاد جدا!!
فمع أنهم ديانة منفصلة قام الاحتلال البريطاني بنشرها في القرن الـ 19 لتخذيل المسلمين عن الجهاد المسلح ومقاومة المستعمر، إلا أنهم ينسبون أنفسهم للإسلام، وهاجر بعضهم لإنجلترا منذ سنين طويلة لتساعدهم في نشر فكرهم.. حتى أن أول مسجد في بريطانيا كان تابعا للأحمدية!

الأحمدية يعتقدون أن زعيمهم كان نبيا أتى بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.. وأنه "التجسد الثاني" للمسيح!!
وهم من قاموا بنشر فكرة أن محمد ليس "خاتم النبيين" - بمعنى آخرهم وخاتمتهم - بل هو كالخاتم الذهبي، أي أفضلهم.. ولهذا ممكن أن يأتي رسل وأنبياء "صغار" بعده!!
وهم من قام بنشر فكرة أن المسيح عيسى لم يرفعه الله للسماء، بل عاش في الهند لفترة ثم مات من الشيخوخة، ولن ينزل في أحداث آخر الزمان ليقتل الدجال!
وهم أحد من نشر فكرة أن الله ليس في السماء، بل هو يحل في كل الأشياء!
وهم من نشر فكرة أن الجهاد "الأكبر" هو مقاومة النفس، وأن القتال هو "جهاد أصغر".. مع أنه حديث ضعيف، لكنه يخدم توجهاتهم الاستسلامية

هذه الأفكار منتشرة للأسف بين طائفة من "المثقفين" العرب المدعين الانتماء للإسلام، لكن أظنهم يجهلون أن مصدرها هو الديانة الأحمدية التابعة لـ "مرزا غلام أحمد"

http://www.bbc.co.uk/programmes/b03srhz6



الجمعة، 3 يناير 2014

الاستبدال

من واقع الحال في مصر، وبمتابعة المتصدرين للدفاع عن الحق اليوم، أظن أن «سُنّة الاستبدال» قد وقعت على شيوخ الدعوة السلفية!
كما حدث عندما استبدل الله بالعرب خلافةً جديدة يتصدرها الأتراك، وانتقل الحُكم إلى العثمانيين عندما تقاعس العرب المسلمون عن نصرة دين الله.
لم لا نجد شيوخ مصر وعلماءها على كرسي ضيوف قناة الجزيرة يحاربون الظلم العسكري والطغيان الانقلابي؟!
تركوا نصرة المظلوم فتركتهم الجموع الثائرة ونبذتهم، إما بالنسيان الكلي أو الاحتقار.
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ   (سورة محمد، والتي يقال لها سورة القتال)

إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ  (سورة التوبة، والتي يقال لها سورة براءة)



الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

مصر والشيطان الأمريكي



انتبه المثقفون الإسلاميون منذ سنوات إلى بعض ملامح الخطة الأمريكية لتغيير ما يسمى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENA ، أي الدول العربية الإسلامية.
وانتشرت بين مثقفينا كلمة قالها أحد واضعي السياسات الخارجية الأمريكية، عن أن العراق هدف تكتيكي، والسعودية هدف استراتيجي، ومصر هي الجائزة الكبرى.
لكن هناك ضعف في جودة ترجمة هذه الجملة، لأن قائلها لم يستخدم كلمة هدف Goal بل Pivot والتي تعني "محور".. وكان يقصد بها أن هذه الدول الثلاث هي «محاور تغيير شامل» يتم التخطيط له في الشرق الأوسط، وأن التغيير الذي سيتم فيها سيؤدي تلقائيا للقضاء على أي فكر إسلامي معادٍ للغرب، وأن النتيجة - بعد تنفيذ المخطط الذي رسمه قائل تلك الجملة - ستكون "شرق أوسط جديد" و "إسلام جديد" لن يُظهر أتباعه أي مشاعر كراهية للأفعال الأمريكية في بلادهم!

من القائل؟

باحث فرنسي لا يُخفي عداءه للإسلام، وله نفس الميول الاستعمارية/الاحتلالية التي عهدناها في الفرنسيين قديما.
اسمه Laurent Murawiec لوران مورافيتش، ولا عجب أن أفكاره واتجاهاته جعلته يعمل في مركز RAND للبحوث ومؤسسة Hudson ؛ ليتمكن من نشر سمومه في عقليات "صانع القرار" الأمريكي.
ظهر اسمه في 2002 عندما ألقى محاضرة على لجنة السياسات الدفاعية الأمريكية الحكومية، يحثهم فيها على احتلال العراق، وزعزعة السعودية، لأنها "دول راعية للإرهاب الإسلامي".
والحقيقة هي أن أنظمة هذه الدول لم تكن "ترعى إرهابا"، ولا حتى تميل لدعم الحركات الجهادية الإسلامية المشروعة.. إنما قصده كان هو تدمير سكان هذه الدول لا أنظمتها العميلة للغرب بالأساس، كما يعلم الجميع!

لاحظ الظرف التاريخي الذي قيلت فيه المحاضرة لتفهم سياق جملة مورافيتش الشهيرة:

سبتمبر 2001 - أحداث تدمير الأبراج الثلاثة في مركز التجارة العالمي WTC1 WTC2 WTC7 ، وإصابة جزء من مبنى البنتاجون (وزارة الدفاع)
أكتوبر 2001 - تنفيذ الخطة الهجومية المعدة مسبقا بضرب أفغانستان وإسقاط حكم طلبة الشريعة (الطالبان)
يوليو 2002 - يلقي لوران محاضرة presentation على لجنة السياسات الدفاعية الأمريكية، يرسم فيه خطة ضد الدول الثلاث (العراق - السعودية - مصر)
أغسطس 2002 - تسريب صحفي لمحتوى المحاضرة، مع ملف الـ باور-بوينت الذي استخدمه خلالها!
وانتشار آخر شريحة عرض من شرائح المحاضرة الـ 24 ، والتي تقول:
الاستراتيجية الكبرى نحو الشرق الأوسط هي: أن العراق محور تكتيكي، والسعودية محور استراتيجي، أما مصر فهي الجائزة Prize
ديسمبر 2002 – يكتب لوران تفاصيل رؤيته في 76 صفحة، ينشرها معهد هدسون Hudson Institute على موقعه الرسمي فيما بعد
مارس 2003 - احتلال الغرب للعراق وإسقاط نظام صدام حسين
أغسطس 2009 - مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي CFR ينشر مذكرة (الاضطراب السياسي في مصر) عن الثورة المصرية وكيف سيتم التعامل معها، مع توصية بدعم أمريكا والبنتاجون للمجلس العسكري الذي سيتسلم السلطة بعد سقوط مبارك. وعن الضربة القمعية التي سيوجهها الجيش المصري للحركات الإسلامية في حالة فوز الإسلاميين في الانتخابات!
أكتوبر 2009 - موت مورافيتش بالسرطان
يناير 2011 - تفجير كنيسة في الاسكندرية لتبرير حملة أمنية سيقوم بها نظام مبارك ضد الحركات والجماعات الإسلامية.. لكن الثورة تبدأ في اليوم المقرر لها، يوم الشرطة 25 يناير، وتتصاعد الأحداث ويسقط مبارك في فبراير 2011

ما لم يقله أحد حتى الآن

لا شك بالطبع أن أنظمة (عراق-صدام) و(سعودية-آل سعود) و(مصر-مبارك) هي أنظمة عميلة للغرب ومنبطحة لأمريكا، وتابعة لأسيادها في البنتاجون.. لكن لا شك عندي أيضا أن أمريكا تكره هذه الأنظمة وتعمل على إسقاطها وخيانتها كلما سنحت الفرصة، وتوريطها - مع شعوبها - في مصيبة تلو الأخرى!!
المتدثر بأمريكا عريان، كما يقال. ولا "ولاء" حقيقي عند أمريكا تجاه عملائها.
مَن يصير عبئا على الخطة الأمريكية الكبرى يتم التضحية به، مهما كان مطيعا وعميلا متميزا، وطاغية يقمع شعبه تنفيذا لما يأتيه من أوامر سادته!

التاريخ يخبرنا بوضوح أن صدام تم التلاعب به، والسماح له بغزو الكويت، مع وعد بالتغاضي عن المسألة. فلما فعل، ضربوه وهدموا قدرات العراق العسكرية. ثم سمحت أمريكا له بالبقاء في الحكم، على أن يكون طاغية مستبدا ديكتاتورا، يحارب الإسلام ويدعو للمنهج البعثي.
والسبب هو أن موعد العراق لم يكن قد حان بعد.
فلما جاء الوقت، وبدأ صدام يستشعر أن أمريكا ستضربه مرة أخرى نهائية، حاول بكل الطرق وبشتى الوسائل إظهار ولاءه التام للمخابرات الأمريكية، وأنه سيقوم بكل ما يطلبون.. لكنه فهم متأخرا حقيقة الوضع.
لآخر لحظة قبل احتلال العراق في 2003 كانت مخابرات العراق تستعطف مندوبي الـ CIA في العراق، وتقول لهم أنها ستقدم كل الأسماء التي تعرفها من الجهاديين الإسلاميين إلى أمريكا كهدية، وستقوم المعتقلات والسجون بالعمل بأقصى قدراتها على تعذيب المعتقلين واستخراج المعلومات المطلوبة، إلخ.
لكن خطة الضربة وما سيتبعها من احتلال كانت مرسومة بالفعل.. فالأمر ببساطة لا تحكمه العواطف بل الخطط والمصالح.
It's just business, nothing personal!

إحدى موظفات المخابرات الأمريكية في العراق تعجبت من رفض رؤسائها للعروض العراقية الانبطاحية. اسمها كان سوزان لينداور Susan Lindauer وتقول أنها حاولت إيقاف الحرب المرتقبة ثم فهمت أن "الأسباب الإعلامية" لاحتلال العراق لا صلة لها بالحقيقة!
فلا كان هناك أسلحة دمار شامل كيماوية ولا نووية.. ولا كان للعراق دور في أحداث 11 سبتمبر كما حاولت بعض قنوات الإعلام الأمريكي خداع بسطاء الأمريكان.. ولا كان صدام - كما كانت قناة فوكس نيوز التابعة للجمهوريين تشير بسذاجة - يدعم تنظيم القاعدة! بل على العكس، وكما يعرف كل باحث، كانت القاعدة تبغض النظام العراقي وتصفه بالكفر.
تم اعتقال سوزان دون محاكمة، تطبيقا لقانون الطوارئ الأمريكي الجديد الذي تم "تمريره" سريعا أيام بوش بعد 11 سبتمبر بحجة محاربة الإرهاب. ثم تم حبسها في مصحة عقلية لما تعذر تقديمها للمحاكمة. لأن وجودها مطلقة السراح أثناء الحملة الإعلامية الكاذبة التي كانت تطلقها أمريكا لتبرير الاحتلال كان سيؤثر سلبا على عملية الخداع الكبرى التي أريد فيها لبسطاء الأمريكان الاقتناع بوهم أسلحة الدمار الشامل العراقية!
ولما تم الغزو بنجاح تم إطلاق سراحها.. وإن لم تعد بالطبع لعملها في الـ CIA .. بل نشرت كتابا عن المسألة، وتقدم الآن برنامجا إذاعيا على الإنترنت لمحاولة فضح باقي الألاعيب المخابراتية الأمريكية.

فأمريكا صنعت صدام واستغلته في قمع العراقيين ومحاربة الإسلام وإضعاف العراق وتهجير العقول.. ثم أسقطته لما قضت وطرها منه، لأنه غير مناسب للمرحلة.
فوقت صدام كان المطلوب وجود حاكم قمعي سلطوي ديكتاتوري.. أما المرحلة الجديدة فكانت تتطلب العكس تماما. عدم وجود حاكم يجمع في يده السلطة، بل عدة ولايات متفرقة متنازعة متحاربة، وتفتيت، وتفجيرات شيعية-سنية إلخ.
وإلى الآن يحرص الأمريكان على عدم ظهور حاكم قوي عراقي، حتى لو كان طاغية تابعا لهم!

هذه كانت قصة العراق ببساطة. وربما نراها تتكرر في سوريا أيضا، بحكم أن سوريا - مثل العراق - تنتمي لأفكار حزب البعث المعادية للإسلام . فنظام بشار الأسد أثبت طاعته التامة للغرب، وفي نفس الوقت قدرته على الحفاظ على واجهة مزيفة تصوره كعدو للغرب ولإسرائيل.
إذ نجح نظام الأسد في إثبات ولائه عن طريق نسيانه مسألة استعادة أرض الجولان المحتلة، وحمايته للحدود الإسرائيلية بمنع أي عمليات فدائية ضد اليهود قد تحاول المرور عبر الحدود السورية-الإسرائيلية
وسكت عندما مرت الطائرات الصهيونية فوق قصره الرئاسي في العاصمة دمشق!
ومع كل هذا سيأتي وقت القضاء عليه قريبا، كصدام حسين. لكن بعد أن يتم استغلاله في إنهاك الشعب السوري، وتدمير بنية سوريا كما تم مع بنية العراق، كي لا تشكل سوريا – مهما كان حاكمها المستقبلي – أي خطر حقيقي على إسرائيل!
خطط استباقية محسوبة.. باردة في تعاملها مع أرواح البشر. وهي جزء مما يسمى الجيو-بوليتيك، أي الخطط الاستراتيجية الكبرى التي تشمل مناطق واسعة وبلدان متجاورة وفترات زمنية أطول من الخطط الاستراتيجية المحلية القصيرة المعتادة.

إن أمريكا لم تقف بصدق مع حليفها مبارك في الساعات الأخيرة لنظامه، وهي أيضا لم تكن صادقة في حلفها مع نظام صدام.. المهم عند هؤلاء المخططين هو الشعوب نفسها وكيفية السيطرة عليهم وتوجيههم.. فلو انتهى دور مبارك يتم إخراجه من المشهد والإيعاز لقادة الجيش المصري بتنحيته.. وإذ لم ينتهِ بعد دور نظام بشار في إنهاك قوى بلده وتدمير كل ما يمكن تدميره، يتم السماح له بالاستمرار بعض الوقت، وحجب أي تدخلات عسكرية أوروبية قد تحسم الموقف سريعا، ثم عندما يأتي وقته المحسوب يتم إسقاطه.

محاضرة لوران كانت صريحة أكثر من اللازم، وكشفت أسلوب تعامل أمريكا مع الحكام العرب الطغاة، وكيف يتم استدراجهم لتنفيذ خطط لا تعود بالنفع الشخصي عليهم ولا على شعوبهم.
ويبدو أن المخابرات الأمريكية عندها قسم خاص بدراسة نفسية الحكام العرب بدقة لمعرفة "مداخلهم" و"مفاتيح" التلاعب بهم!
ولا يتم "تصعيد" أحدهم للمناصب العليا إلا بعد التأكد من قدرة أمريكا على التحكم فيه والتلاعب به والعزف على أوتار عيوبه الشخصية، كحب الزعامة أو الضعف أمام النساء أو الخوف من فضيحة في ماضيه، إلى آخر ما نعرفه من طرقهم.
(ولا تظن هذا الأسلوب مقتصرا على الزعامات فقط.. بل استخدمه أمن الدولة في مصر للتحكم في رؤوس الجماعات والحركات الشعبية قدر المستطاع)
وأظن أن الكثير من القرارات الهوجاء والسريعة الغريبة التي نراها من طغاة العرب – كمبارك والسيسي – هي مجرد رد فعلهم استجابة لطلبات وضغوط وإلحاحات وتهديدات أمريكية.. يقال لهم إملاءات وقرارات واجبة التنفيذ فيفعلونها خائفين طائعين.
يقول لوران بعنجهية أنه يجب على أمريكا أن تأمر نظام آل سعود، ولو بالتهديد الصريح، أن يتوقفوا عن دعم الأفكار الإسلامية في إعلامهم.. وأن يغلقوا كل المؤسسات والجمعيات الخيرية الإسلامية..
فهل يا ترى جاءت لحسني مبارك أوامر مماثلة عندما أغلق القنوات الإسلامية قبل ثورة يناير؟!
وهل يا ترى جاء للمجلس العسكري والسيسي أوامر مماثلة عندما أغلقوا القنوات الإسلامية بعد الانقلاب، ثم صادروا أموال الجمعيات الخيرية الإسلامية الطبية والإعانية؟!

ذُل العِمالة

يا حكام العرب إنكم أغبياء، لا ترون أنكم تقتلون مصادر قوتكم بأيديكم!
عندما حاول نظام صدام في اللحظات الأخيرة تجنب الغزو الأمريكي الوشيك قام بقمع وتعذيب الإسلاميين في أقبية سجونه، لعل المخابرات الأمريكية ترضى عنه وترى مدى "اجتهاده" في محاربة "الإرهاب"!
وأظن نفس الشيء حدث في يناير 2011 في مصر، عندما رأينا بوادر حملة أمنية يدبرها حبيب العادلي وعمر سليمان ضد الحركات الإسلامية.. حتى قال بعض ضباط أمن الدولة لبعض الإخوة الإسلاميين أن القضاء عليكم سيبدأ خلال أيام، خصوصا بعد عملية تفجير كنيسة القديسَين بالإسكندرية التي تم تدبيرها لتكون مبرر الضربة القمعية!
قد تكون تلك الضربة هي محاولة نظام مبارك الأخيرة لإرضاء أمريكا بعد أن استشعر أنها ستتخلى عنه في مظاهرات يوم 25 يناير المرتقب والذي كان يتم الإعداد له علنا على صفحات الفيسبوك.
ضع نفسك في موقف هذا النظام الطاغي الفاسد لترى كيف يعبث بهم أسيادهم!
فمن ناحية، هو مستسلم تماما لأمريكا ويعلم أن مصيره مرتبط برضاها وتنفيذه لأوامرها.. ومن ناحية أخرى هو في حالة شك دائمة في نواياها، خصوصا بعد سوابقها في التخلي عن حلفائها.
وللأمريكان مثل شعبي لمثل هذا الموقف، يقول

No rest for the wicked
أي لا راحة للأشرار!

أما نحن فنشبهه بما جاء في آية 16 من سورة الحشر:
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين

فيا نظام بشار الأسد، لن ينفعك أنك تخلصت من أسلحتك الكيماوية لإرضاء الغرب.. فكل ما فعلته هو تأخير ضربتهم المرتقبة لك. فمرادهم أن يستمتعوا برؤية إلى أي مدى ستذل نفسك أمامهم، قبل أن يوجهوا لك الطعنة الأخيرة.
لو كان صدّام عاد لرشده في اللحظات الأخيرة لكان عليه إخراج المعتقلين المسلمين المجاهدين من السجون ليكونوا خط دفاع ضد الغزو الأمريكي، بدلا من الجيش العلماني الذي فر بعد ساعات معدودة من بدء المعركة!
فهل يصبر على القتال إلا من له مبدأ وإيمان ودين؟!..
كيف لجيش مصر أن يقتل المسلمين وهو يعلم أنهم سيكونوا أول من يساعده إن تعرضت البلد لخطر الغزو؟!
هل ميوعة اليساريين والعلمانيين ستنفع امرأة حرة مسلمة عندما تتوسع إسرائيل مرة أخرى على حساب حدودنا؟!.. لا والله. لن ينفعها إلا شباب الإسلاميين في سيناء وعلى حدود الوطن الأربعة.
ومع هذا نرى استدراج أمريكا وإسرائيل لفسدة الجيش المصري بجعلهم يقتلون بأيديهم شباب سيناء المجاهد، وكأنها عملية تطهير لأي عقبات قد تواجه إسرائيل عندما تقرر احتلالنا!
هل هناك غباء أكثر من هذا؟!

السعودية

النظام السعودي حليف لأمريكا.. ماله في بنوكها، وجنودها على أرضه تحمي نفطه، ومع ذلك لا نستبعد إطلاقا أن تكون أمريكا في نفس الوقت تعمل على إسقاط آل سعود عندما "يأتي وقتهم" وتحين خطة نشر الفوضى في بلاد الحرمين!
سيستخدم الأمريكان الشيعة في شرق السعودية لإثارة الاضطرابات، ثم يستخدمون هذه الورقة للضغط على آل سعود لمزيد من التنازلات، وخصوصا التنازلات الفكرية والاجتماعية الساعية لعلمنة عقليات الشباب السعودي وصرفه ناحية الثقافة الأمريكية.. ثم بعدما يقدمون أكثر ما يستطيعون من تنازلات سيتم التضحية بهم كمن سبقهم.. ويستمر المخطط بخطى سريعة نحو الهاوية المرسومة لنا!

والأنظمة القمعية السعودية والمصرية تستشعر أن التغيير قادم لا محالة، وترى أن ثورات الربيع العربي كانت أداة أمريكا لبدء تنفيذ خطة تغيير الشرق الأوسط الكبرى.. ولهذا يتعاون آل سعود والمجلس العسكري الانقلابي لقتل روح الثورة وإخماد أي ميول لدى الشعوب نحو أي تغيير!
يرجو طغاة مصر والسعودية أن تنسى أمريكا مخططها التغييري وتتركهم على عروشهم القديمة، ويعدونها بمزيد من الانبطاح والتبعية والعمالة إن تخلت عن مخطط نزعهم ونشر الفوضى في بلادهم!

لكن الشعوب الحرة ترفض كلا الخيارين.. فلا تريد تنفيذ مخطط الفوضى الأمريكي، ولا تريد استمرار حكم الطغاة. بل نريد الخيار الثالث.. لا فوضى ولا استبداد.. بل ثورة تصحيحية فكرية نابعة من عندنا، وبلا أي رؤوس "مستوردة" يزرعها الغرب في بلادنا لتقود حراكنا الثوري وتوجهه إلى وجهة لا نريدها.. كأمثال البرادعي الأمريكي صاحب مشروع تغيير عقيدة الجيش المصري لتكون مهمته الوحيدة هي الحرب على "الإرهاب" لا معاداة الصهاينة!

مصر

لو كنتُ أنا الآن في وضع أمريكا لاستخدمت غباء وفساد قادة الجيش المصري في إضعاف البلد اقتصاديا، وتكوين بذور يمكن تنميتها في أي وقت لإثارة وإشعال فوضى مخططة مدروسة.. ولاستخدمت أسلحتهم التي أعطيهم إياها في قتل كل من أعرف أنه لن "يطاوعني" فيما أريد تنفيذه في مصر في المستقبل.
لو كنتُ أمريكا لضربتُ كل الجماعات الإسلامية ببعضها.. ونشرت بينهم العداوة والبغضاء.. ولفرقت أهل مصر شيعا.. وجعلتهم يقتلون أبناءهم بأيديهم ويحرقون من قال ربي الله.. حتى إذا جاء الوقت المعلوم، أدخل البلد والطريق سالك أمامي، بلا عقبات ولا مقاومة فكرية أو فعلية.. ولبدأت عهدا جديدا من الاحتلال يشبه ما فعلته الامبراطورية البريطانية في السابق!
وما بدأ الاحتلال الإنجليزي إلا بعد إضعاف البلد فترة عرابي والخديوي الفاسد والاقتصاد المثقل بالديون الخارجية!

كلمة أخيرة

لو لم تفهم الرؤية التي عرضتها في هذا المقال فالعيب ليس عندي، بل في عدم قدرتك على الخروج من أسر قناعات مسبقة وعاطفية تكونت لديك نتيجة للأحداث. يجب أن تبعد قليلا عن تفاصيل المشهد لتراه بوضوح، وتطور رؤيتك العامة لوضعنا الحالي، كجزء من حركة التاريخ.
لا تكن ضيق الأفق قصير النظر، واترك لنفسك مجالا لرؤى جديدة، حتى وإن كانت مختلفة عما ألفته واعتدت عليه.
كن منتبها لما يحاك ويدبّر، لكن تأكد أن تدبيرهم هو نفسه تدميرهم. وكل ما أمرنا الله به هو الإعداد.. لأن التجهيز سيُرهب العدو الخفي الذي يتآمر علينا ونحن في غفلتنا جاهلين به أصلا!
اقرأ إن شئت: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل
ترهبون به عدو الله وعدوكم
وآخرين من دونهم لا تعلمونهم
الله يعلمهم.

مصادر واقتباسات

في عرض الباور-بوينت المصاحب لمحاضرة لوران مورفيتش سيئة الذِكر إشارة لمسألة التقسيم الحالي للدول العربية.
فمن المعروف أن الامبراطورية البريطانية والفرنسيين قاما بتقسيم الدول فيما بينهم فيما يعرف باتفاقية سايكس-بيكو. سايكس كان من إنجلترا وبيكو من فرنسا، والفريسة كانت الدول العربية الإسلامية التي صارت بلا قائد بعد انقلاب الجيش التركي العلماني على الخليفة السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله.
كانت فترة سيئة للمسلمين بشكل عام.. سقوط الخلافة، ووعد بلفور، وإعلان الحماية البريطانية على مصر، وغيرها من النكبات..
ولما تم تقسيم الحدود الجديدة للدول العربية، تم أيضا تجهيز طاقم جديد من الحكام ليقوم بمعاونة الاحتلال والاستعمار على تنفيذ مخططاتهم للمنطقة.
ولما رحل الاستعمار كان رحيله ظاهريا فقط، لأنه ترك بدائل عميلة تحكم بلادنا، وتنفذ نفس سياساته لكن بمسميات مختلفة.
ويقول لوران أن هذا التقسيم الذي وضعته بريطانيا انتهت فائدته الآن، ولهذا يجب إعادة التشكيل والتقسيم من جديد، وهذه المرة برعاية أمريكية!
“تقسيم دول الشرق الأوسط تم بتصميمات بريطانية سنة 1917 ليحل محل امبراطورية الخلافة العثمانية وقتها، والآن صار منتهي الصلاحية”
“الدور الذي تم صناعة دولة السعودية من أجله انتهى.. فصارت أيضا منتهية الصلاحية obsolete”
“سنوجه إنذارا لآل سعود ليتوقفوا عن دعم أي مدرسة أصولية، أو عالم أو مسجد في العالم. وعليهم أيضا التوقف التام عن نشر أي مواد إعلامية ضد أمريكا أو الغرب أو إسرائيل. وعليهم أيضا حظر وتفكيك كل المؤسسات الخيرية الإسلامية داخل المملكة السعودية، ومصادرة أموالها”
“يجب على آل سعود قمع وعزل كل من له صلة بالأفكار الإرهابية، حتى لو كان داخل أجهزة المخابرات السعودية ذاتها”
“بعد القضاء على حكم آل سعود سيكون البديل الذي سيتسلم الأماكن المقدسة الإسلامية هو الهاشميين في الأردن”

الأفكار السابقة كانت من المحاضرة التي قدمها لوران للأمريكان ليرسم سياساتهم الواسعة في السعودية. لكن تفصيل أفكاره تجده في دراسته التي نشرها معهد هدسون..
“مبارك سمح لبعض الأفكار الإسلامية بالانتشار في المجتمع المصري.. وأعطى للأصوليين بعض الحرية في مخاطبة الجماهير”
“السياسة الأمريكية ستكون خاطئة إن ارتكزت على انتهازية مبارك وسمحت له بالبقاء في الحكم طالما سيقوم بنفسه بقمع الإسلاميين. مصر يجب أن يتم تغييرها محوريا وإعادة تشكيلها بعد الحرب التي ستشنها أمريكا على العراق"
(لاحظ أن هذا الكلام كان في 2002 قبل غزو العراق بشهور)
“إن مصر، بعدد سكانها، وتاريخها، ووضعها، وقدراتها المستقبلية، هي المكان الذي سيتم فيه تقرير مصير العالم العربي"
“لكن لا يجب أن يتم البدء في العمل على مصر إلا في المرحلة الأخيرة.. بعد أن يتم إسقاط صدام، وكسر سوريا وحزب الله، وإذلال السعوديين. ساعتها سيحين وقت التعامل ضد الطاغية المصري الفاشل عديم النفع!”

ثم يختم دراسته بجمل واضحة صريحة:
“لكي نقضي تماما، كأمريكيين، على الإرهاب العربي والإسلامي، يجب أن يتم تحويل الشرق الأوسط بشكل كامل"
“لنفعل كما فعلنا عندما واجهنا خطر النازيين والسوڤييت. علينا أن نعيد تشكيل المنطقة العربية، ثقافةً وديانةً!.. وهي مهمة صعبة لكنها ثمن النصر"
“نتيجة حربنا على الإرهاب ستكون مبهرة.. إذ سيصبح العرب جزءا من الغرب في النهاية. وكل الآلام والاضطرابات التي ستحدث ليتم هذا الأمر هي ضرورية لعملية (الخلق)!”


للمزيد من النصوص والمقالات الخاصة بالموضوع، انظر هذه الروابط:

The PowerPoint That Rocked the Pentagon
http://www.slate.com/articles/news_and_politics/press_box/2002/08/the_powerpoint_that_rocked_the_pentagon.single.html

Does Anyone Remember Egypt: The Prize
http://www.cnbc.com/id/41385785

An Alternative Strategy for the War on Terrorism
by Laurent Murawiec
http://www.hudson.org/index.cfm?fuseaction=publication_details&id=2869

الاضطراب السياسي في مصر Political Instability in Egypt
http://aboutsalama.blogspot.com/2012/05/political-instability-in-egypt.html

http://en.wikipedia.org/wiki/Laurent_Murawiec

د. عبد العزيز كامل (مصر ومخاطر التدويل ) 30 ديسمبر 2013
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=192533967614142&id=100005726197635




سلامة المصري «مصر والشيطان الأمريكي» 31 ديسمبر 2013

الجمعة، 18 أكتوبر 2013

من الفتوحات المكية لابن عربي

الفتوحات المكية لابن عربي
الباب التاسع - في معرفة وجود الأرواح المارجية النارية

وجعل الأرضَ كالأهل وجعل السماء كالبعل
والسماء تلقي إلى الأرض من الأمر الذي أوحى الله فيها كما يلقي الرجل الماء بالجماع في المرأة
وتبرز الأرض عند الإلقاء ما خبأه الحق فيها من التكوينات على طبقاتها

(يقول أن المطر من السماء هو مثل المني الذي يخرج من الرجل ليخصب المرأة، ويكون نتيجة التخصيب هو خروج نبات الأرض. وكلمة الأهل تعني الزوجة، وكلمة البعل تعني الزوج)

فكان من ذلك أن الهواء لما اشتعل وحمي اتقد مثل السراج
وذلك اللهب هو اشتعال النار الذي هو احتراق الهواء وهو المارج
وإنما سمي مارجاً لأنه نار مختلط بهواء وهو الهواء المشتعل
فإن المرج الاختلاط ومنه سمى المرج مرجاً لاختلاط النبات فيه

(هنا يشير إلى أول عنصرين من العناصر الخيميائية الفلسفية الأربعة، النار والهواء)

فهو من عنصرين هواء ونار أعني الجان
كما كان آدم من عنصرين ماء وتراب عجن به فحدث له اسم الطين كما حدث لامتزاج النار بالهواء اسم المارج

(هنا يتكلم بصراحه عن المعتقد الباطني الذي بثه الشيطان في عقول الخيميائيين منذ قديم الزمان، عن أن الكون كله مكون من العناصر الأربعة.. ثم يوضح النظرية التي استند عليها إبليس عندما رفض السجود للمخلوق الآدمي الطيني، لأن الشيطان يرى نفسه أفضل وأعلى لأنه مخلوق من خليط من الريح الحارة ولهيب النار)

ففتح سبحانه في ذلك المارج صورة الجان

(ربما تكون كلمة "فتح" هي خطأ في مخطوطة الكتاب، وأنه كان يقصد كلمة "نفخ"، كما تم نفخ الروح في آدم)

فبما فيه من الهواء يتشكل في أي صورة شاء
وبما فيه من النار سخف وعظم لطفه وكان فيه طلب القهر والاستكبار والعزة

(يقصد هنا تحليل طبيعة الجن وخصائصهم. فيرى أن قدرتهم على تغيير أشكالهم منبعها من العنصر الهوائي فيهم، وأن قدرتهم على تصغير أحجامهم بحيث يجرون من الإنسان مجرى الدم منبعها هو العنصر الناري فيهم. وكلمة "سخف" معناها صغر حجمه، وكلمة "لطيف" تعني في العربية الدقيق والرفيع، ومنها جاء اسم اللطيف الخبير والذي يعني: الذي يعلم أدق الأمور وأخفاها وأصغرها)

فإن النار أرفع الأركان مكاناً ولها سلطان على إحالة الأشياء التي تقتضيها الطبيعة

(هنا يشير إلى تقديم الباطنية لعنصر النار، وترى هذا في أنهم يرمزون إليه بمثلث يشير لأعلى، في حين أن الماء يرمزون إليه بمثلث مقلوب يشير لأسفل)

وهو السبب الموجب لكونه استكبر عن السجود لآدم (عندما أمره الله عز وجل) بتأويل أداه أن يقول: أنا خير منه
يعني بحكم الأصل الذي فضل الله به بين الأركان الأربعة. وما علِم أن سلطان الماء الذي خُلق منه آدم أقوى منه، فإنه يُذهبه، وأن التراب أثبت منه للبرد واليبس

(لكن هنا يعود ويحاول إظهار أفضلية الإنسان على الجن، فيقول أن الماء له القدرة على إطفاء النار، وأن التراب قد يكون أفضل من الهواء لأنه أكثر ثباتا)

فلآدم القوة والثبوت لغلبة الركنين اللذين أوجده الله منهما وإن كان فيه بقية الأركان (ولكن ليس لها ذلك السلطان) وهي الهواء والنار
كما في الجان من بقية الأركان ولذا سمي مارجاً ولكن ليس لها في نشأته ذلك السلطان.

(يقول أن العناصر الأربعة تدخل في خلق كل من الإنس والجن، لكن الطبيعة النارية الهوائية هي السائدة في الجن على الطبيعة المائية الترابية، والعكس في البشر. وأنا أرى أن محاولة التوفيق بين النظريات الفلسفية الخيميائية والنصوص القرآنية الخاصة بالخلق هي محاولات تلفيقية وفاشلة. فالـ "قواعد" الفلسفية هي من اختلاق البشر وغالبا من اختلاق أمم وثنية كالإغريق وفلاسفتهم سقراط وأفلاطون وأرسطو، أما كلام الله فواضح صريح، وهو حق لا يأتيه الباطل أبدا)

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

Sabily

If you are a Muslim who uses Ubuntu, then you'll need to add this repository to your Software Sources:

https://launchpad.net/~sabily.team/+archive/ppa

The "Sabily Team" has produced many useful Islamic programs, to read, study and listen to Qur'an.

You may also use OTHMAN Quran Browser to copy qur'anic verses to a document..


الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

برنامج القرطاس - بديل المكتبة الشاملة

برامج يستخدمها طلبة العلوم الشرعية ومقارنة الديانات:

- المكتبة الشاملة Shamela.ws

- برنامج القرطاس، لقراءة كتب الشاملة على أنظمة اللينكس



برنامج DAVAR3 - Scripture Study Tool
يعمل على لينكس باستخدام برنامج Wine المحاكي لبيئة الويندوز




الخميس، 11 يوليو 2013

موقف حزب النور من الانقلاب العسكري - رؤية شرعية واقعية

موقف حزب النُّور من الانقلاب العسكري (رؤية شرعيَّة واقعيَّة)
27 شعبان 1434هـ - علوي بن عبدالقادر السقاف

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد محمدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعد:

فإنَّ المنهج السَّلفيَّ هو منهج أهل السُّنة والجماعة، والذي هو في حقيقته يمثِّل الإسلام المحض، فكلُّ مَن اعتنقه فهو سلفيٌّ، وهو ليس حِكرًا على حزب، أو جماعة بعينها، فكلُّ مَن اتَّبعه وانتهجه وانتسب إليه فله نصيبٌ من هذا بقدْر اتباعه لقواعده وأصوله، وبقدْر قُربه وبُعده، وإصابته وخَطئه، ومِن القواعد الأساسيَّة لهذا المنهج: (أنَّ كلَّ أحد يُؤخذ من قوله ويرد إلَّا النبيَّ المعصوم صلَّى الله عليه وسلَّم)، وعلى هذا سار عملُ العلماء والأئمَّة في كلِّ وعصر ومِصر؛ قال ابن القيِّم رحمه الله - بعدما اعترض على رأي لشيخ الإسلام الهرويِّ -: (شيخُ الإسلام حبيبٌ إلينا، والحقُّ أحبُّ إلينا منه، وكلُّ مَن عدا المعصوم صلَّى الله عليه وسلَّم فمأخوذٌ من قوله ومتروك،....) ثم قال: (ولولا أنَّ حقَّ الحقِّ أوجب من حقِّ الخَلق، لكان في الإمساك فُسحةٌ ومتَّسع) ((مدارج السالكين)).

وهذه المقالة هي من هذا الباب؛ فلولا أنَّ حقَّ الحقِّ أوجب من حقِّ الخلق، لكان في الإمساك فسحةٌ ومتَّسع، لكن - وبعد تجاوزات تلوَ تجاوزات من بعض المنتسبين للمنهج السلفيِّ - ما بات السُّكوت يسع بلْ ما بات يجوز، وتخطئة حزب أو جماعة، أو عالم أو شيخ أو داعية، لا يَعني اتِّهامه في دينه أو غير ذلك، وفرْقٌ بين المتأوِّل وغيره، ولا يلزم من حُسن الظنِّ السُّكوتُ عن الخطأ؛ وخطأ العالم أو المنتسب للمنهج السلفيِّ أعظمُ من غيره؛ لما فيه من تضليل العامَّة، وإساءة ظنِّهم بالمنهج، كما أنَّ خطأ الواحد منهم لا يصحُّ (بل لا يجوز) أن يُنسب لكلِّ مَن يَنتسب للمنهج، فضلًا عن أن يُنسب للمنهج نفسه!

ومن قواعد المنهج السلفيِّ البدهيَّة: أنَّ الرُّجوع إلى الحقِّ واجب، والاستمرار على الخطأ بعد وضوحه وظهوره أعظمُ خطأً وخطيئةً من الخطأ الأوَّل، وعُذره أصعبُ!
ومِن أمثلة مَن وقع في الخطأ حزب النور السَّلفي التابع لجماعة الدَّعوة السلفيَّة بالإسكندرية في مصر، منذ دخول الحزب في اللُّعبة السِّياسيَّة وتأييده لليبروإسلامي عبدالمنعم أبو الفتوح، وانتهاءً بمساهمته في وضع خارطة مستقبل مصر والإطاحة بالرَّئيس الشرعي المنتخَب محمَّد مرسي، وأمور أخرى بينهما كثيرة.
وقد استمعتُ قبل يومين كلمةً للشيخ ياسر برهامي - أحد أكبر زعماء الدَّعوة السلفيَّة مظلَّة حزب النور - يُبرِّر فيها موقف الحزب، والذي شارك ممثِّل منه (جلال مرة - أمين الحزب) مع شيخ اﻷزهر، وبابا اﻷقباط، والبرادعي، وذلك تحت إشراف القائد العامِّ للقوات المسلَّحة الفريق أوَّل عبدالفتاح السِّيسي، ولقد هالني ما سمعتُه من الشَّيخ ياسر في كلمته المشار إليها من تبريرات واهية، وأسباب غير مقنِعة، تجاهل فيها أنَّ مِثل هذا التصرُّف يُزعزع رابطتَه بالمنهج السلفيِّ، ويَقلعها من جذورها!

وسوف أُجمل ما ذكره الشَّيخ في تِسع نقاط، وأُبيِّن خطورتها ومزالقها:

أولًا: برَّر الشيخُ فِعلَهم هذا أنَّه جاء حقنًا لدماء المسلمين، وردَّده كثيرًا، واستشهد بأحاديثَ عن حُرمة دم المسلم، وحمَّل جميع اﻷحزاب السِّياسيَّة والجماعات اﻹسلاميَّة المؤيِّدة للرئيس كلَّ قطرة دم تسقُط؛ بسبب عدم قَبولهم وخضوعهم ﻹرادة الشَّعب الذي نزل معارضًا للرئيس.
وقد نسي الشيخُ - أو تناسى- الدِّماء التي ستُسفك بسبب الانقلاب العسكريِّ الذي شارك فيه الحزبُ، والتي بدأنا نسمع عنها من اليوم الأوَّل الذي وقع فيه الانقلاب؛ فهل سيتحمَّل حزب النور كلَّ قطرة دم تسقط بسبب مشاركتهم الظالمة في هذا الانقلاب؟! وماذا لو سبَّب هذا اﻻنقلابُ - ﻻ قدَّر الله - المئات أو اﻵلافَ من القتْلى، أو حربًا أهليَّة طويلة المدى؟ أﻻ يتحمَّل الحزبُ وِزرَه؟!

ثانيًا: ذكر الشيخ أنَّ العسكر قد تعهَّد لهم بعدم مسِّ الشريعة.
وغريبٌ أن يصدُر هذا من زعيم لتيَّار سلفي عريض في مصر، وقد تناقض الشيخُ في كلمته هذه القصيرة؛ حيث ذكر هنا أنَّ الجيش تعهَّد بعدم مسِّ الشريعة، وبعدها بدقائق ذكَر وهو يعدِّد فائدة وجودهم في اﻻجتماع: أنَّهم أقنعوا الحضور بتعطيل الدستور مؤقَّتًا بدلًا من إلغائه كليَّةً، وهذا يعني أنَّ هذا الجيش الذي تعهَّد بعدم مسِّ الشريعة أراد أن ينقُض الدستور الذي فيه رائحةُ الشَّريعة! بل نقضَه وعطَّله مؤقتًا، وبهذا يكون قد مسَّ الشريعة قبل أن ينفضَّ الاجتماع. ثم إنَّ المجلس العسكريَّ حَكم مصر قرابة عام ونِصف؛ هل حَكم فيها بالشَّريعة؟! وإبرازه لبابا الأقباط والبرادعي المصرِّحينِ برفض الشَّريعة، قرينةٌ واضحة على موقفهم من تطبيق الشَّريعة، ثمَّ ألا يعلم الشيخ أنَّ المؤسَّسة العسكرية المصريَّة مؤسسة قديمة لها مشروعها المتناغم مع الغرب ولها كثيرٌ من المصالح في داخل البلاد وخارجها والتي ستصطدم حتمًا مع أي مشروع آخر يدعو إلى تغيير الحال في مصر إن تمكن من ذلك؟! فكيف يُـوثَق بمن هذا حاله؟! وهل سيترك الجيش مشروعهم القديم المتجذر في المؤسسة لينفِّذوا رغبة الشعب حال خروجهم في الميادين، أم أنه سيستغل الشعب وبعض التيارات الوطنيَّة والإسلامية لتحقيق أهدافه؟!

ثالثًا: ثم تحدَّث الشيح عن نزول ملايين المعارضين، وذكَر أنَّهم ليسوا كلُّهم فلولًا وﻻ علمانيِّين، وأنَّه كان ﻻ بدَّ من النُّزول على رغبة هذه الجماهير، وإلَّا سُفكت دماء ... إلخ.
وهذا الكلام فيه صواب، وفيه مغالطة
 فأمَّا الصَّواب: فنعَمْ خرجت أعدادٌ كبيرة من المصريِّين تطالب بإسقاط الرِّئاسة، ونعم ليسوا كلُّهم فلولًا ولا علمانيِّين

وأمَّا المغالطة هنا - والتي أهملها الشيخ تمامًا - فهي: مَن الذي أخرج هذه الجماهير؟ ومَن الذي جيَّش لها، وأنفق عليها ملايين الجنيهات منذ أشهر، بل وتوعَّد بها؟ وماذا عن الجماهير اﻷُخرى المضادَّة لهم والمؤيِّدة لشرعيَّة الرَّئيس؛ أليست أكثرَ بشهادة كلِّ مبصِر، وخاصَّة في اليوم التالي؟! بل لو أنَّ قائلًا قال: إنَّ الانقلاب العسكريَّ قد يكون هو السببَ الأقوى والمباشر في سفك الدِّماء؛ لأنَّ الملايين المحتشدة المؤيِّدة لمرسي قبل الانقلاب لا يمكن أن ترضَى بالانقلاب، وسيقاومونه كثيرًا - لَمَا جانب هذا القائل الصَّواب، بل الواقع التالي للانقلاب شاهدٌ لصحَّته.

رابعًا: ذكر الشَّيخ أنَّهم سَعَوا في إقناعهم بتعطيل الدستور مؤقَّتًا بدﻻً من إلغائه، وأنَّ هذه إحدى مناقب المشاركة في وضْع خارطة المستقبل.
وقد ذكرتُ التناقض بين هذا وبين تعهُّد العسكر بعدم مسِّ الشريعة، وأضيف هنا: أنَّه ليس هناك فرقٌ ألبتةَ بين تعطيل الدُّستور مؤقَّتًا وبين إلغائه؛ ﻷنَّ القوم لو أرادوا تطبيق الدستور لما عطَّلوه مؤقَّتًا، لكنَّهم وافقوا على تعطيله مؤقَّتًا لامتصاصِ غضبة الجماهير، وبعد اﻻنتخابات سيأتي رئيسٌ جديد، وحكومة جديدة، ودستور جديد.

خامسًا: استشهد الشيخ بحادثة مقتل عثمان رضي الله عنه، وأنَّه منَع الصَّحابة من الدِّفاع عنه؛ خشيةَ إراقة الدِّماء، وأنَّه كان يجب على الرئيس مرسي فِعل ذلك.
وهذا استشهاد مع الفارق، بل الفوارق، وخشية اﻹطالة أكتفي بفارق جوهريٍّ واحد، وهو: أنَّ عثمان رضي الله عنه رضِيَ أن يُقتل؛ حتى ﻻ يَقتتل المسلمون بسببه ﻻ بسبب الدِّين، فهو على يقين أنَّ حُكم الشَّرع في زمنه ليس متوقِّفًا على حياته، وأنه إذا قُتل لن يأتي كافر أو زِنديق يحكُم المسلمين وفيهم أكابرُ الصَّحابة، وفي مُقدِّمتهم عليٌّ رضي الله عنه، أمَّا في حادثة مصر هذه، فاﻷمر مختلف تمامًا؛ فعزْلُ مرسي الآن يعني إقصاءَ الحُكم اﻹسلاميِّ في هذه المرحلة، نعَمْ لو كان الخلاف بين مجموعة من الإسلاميِّين الذين يرغبون في تطبيق الشَّرع، وكان الحُكم بينهم لا يخرج عنهم، لصحَّ اﻻستشهاد، ولقلنا: ﻻ يجوز أن تُسفك الدِّماء بسبب فلان أو فلان، لكن ما أحوجَنا إلى دقَّة الفقه والاستنباط، وخاصَّة عندما تدلهِمُّ الخطوب، وتُثار الفتن!
ثم إنَّ هذا استشهاد غير موفَّق وفي غير محلِّه، بل الصَّواب أنَّه يُستشهد بفِعل عثمان رضي الله عنه على صِحَّة ما فعَلَه الرئيس، لا على خِلافه كما زعم الشَّيخ؛ فمُحمَّد مرسي سلَك مسلك الخليفة الراشد عثمان بن عفَّان رضي الله عنه في رفْضِه التنازُل عن الحُكم، ولو أدَّى هذا إلى سَجنه أو حتَّى قتْله، وحزب النُّور أقربُ في موقفه هذا إلى موقف قتَلَة عثمانَ رضي الله عنه.

سادسًا: تحدَّث الشيخ عن أنَّهم عرَضوا على الرِّئاسة حكومة ائتلاف تُرضي الجميع، فرفضتْ الرِّئاسة ذلك.
ومعنى حكومة ائتلاف (وهو مطلب غربيٌّ كما في سوريا اﻵن) أن تتشكَّل الحكومة من جميع أطياف المجتمع: اﻹخوان، والسلفيِّين، والليبراليِّين، والعلمانيِّين، واﻷقباط، والمستقلِّين، ومن اﻷحزاب اﻷخرى اليَساريَّة وغيرها؛ فكيف يصدُر هذا من زعيم وقائد أكبر حِزب أو جماعة سلفيَّة في مصر، مع تنافي هذا الأمر مع ثوابت المنهج السَّلفيِّ مِن أنَّه لا يجوز تولية الكافر على المؤمن ولايةً عامَّة؟! فإنْ كان ذلك من باب أخفِّ الضَّررين؛ فهل هذا أخفُّ ضررًا أم بقاء الرئيس محمَّد مرسي على ما في فترة حُكمه من أخطاء أو مؤاخذات؟!

سابعًا: تحدَّث الشَّيخ عن استمساكهم بالشَّريعة، وقال: لم نتنازل عن الشَّريعة.
وﻻ أدري عن أيِّ شريعة يتحدَّث؟! فإذا كان الدُّستور الذي ينصُّ على تطبيق الشريعة - على ما فيه من مخالفات جِسام - قد عُطِّل العمل به بموافقتهم! وإذا كان الرئيس الجديد الذي توافقوا عليه مجهولًا لا يُعرف حاله،  وإذا كانت خُطَّة المستقبل وضعها خائنٌ، وعلمانيٌّ، ونصرانيٌّ؛ فعن أيِّ شريعة يتحدَّث الشَّيخ؟! لكن من باب حُسن الظن الواجب نقول: لعلَّه يعني لم يتنازلوا عن الشَّريعة نظريًّا واعتقادًا؛ ﻷنَّ هذا الفِعل كفر ورِدَّة، أمَّا عمليًّا وتطبيقًا، فلا شكَّ أنَّهم - بفعلهم هذا ومشاركتهم هذه - أسْهموا في تقويض محاولة تطبيق الشَّريعة.

ثامنًا: تحدَّث الشيخ عن المصالح والمفاسد، وأنَّ ما فعلوه كان لتقليل المفاسد والشُّرور.
ومبدأ تقليل المفاسد والشُّرور مبدأ إسلاميٌّ أصيل، لا نختلف عليه، لكنْ أيُّ مصلحة في خَلْع رئيس مسلِم تمَّتْ بيعته من قِبل المصريِّين، والبديل علمانيٌّ أو ليبراليٌّ؟! وأيُّ مصلحة في وَأْد التَّجرِبة الإسلاميَّة السياسيَّة؟! وأيُّ مصلحة في تعطيل أفضل دُستور مرَّ على مصر في الزَّمن الحاضر؟!

تاسعًا: ثمَّ ذكر أنَّهم اتُّهموا بموالاة أعداء الله، ونفَى عن نفسه وحزبه هذه التُّهمة.
ورغم أنَّ الواجب حسن الظنِّ بهم، إلَّا أنَّ اﻻجتماع مع أعداء الله من النَّصارى والعلمانيِّين، ووضْع خُطَّة - أو على اﻷقلِّ الموافقة على خُطة - تنصُّ على عزل رئيس مسلِم بُويع من قِبل الشَّعب، مقابلَ الإتيان برئيس أحسن أحواله أنَّه مجهولٌ وغامض، ومعيَّن من قِبل العسكر، لا يمكن أن يُفسَّر إلَّا أنَّه مواﻻة، بل قد يكون فيه نوعُ مُظاهرة ﻷعداء الله على المؤمنين، وفي المظاهَرة معنى النُّصرة، وهي أعظمُ من المواﻻة، ولكنَّنا نتأوَّل لهم، غفَر الله لنا ولهم.
وقد كان بإمكان حِزب النُّور اعتزالُ هذا اﻷمر إنْ كان اشتبه عليهم، ولم يعرفوا فيه الحقَّ من الباطل، كما فعل بعض اﻹسلاميِّين وبعض طلبة العلم السلفيِّين.
ولا أدري كيف غابت المعاني القرآنية عن الشَّيخ وزعماء الحزب، وأعداء الله تعالى هم هم؛ {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: 167] فـ {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8]، وينفقون أموالهم، ويتَّخذون كلَّ وسيلة، ويمكرون كلَّ مكرٍ وحيلة؛ لأنَّهم {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [الصف: 8]؟! ولكن الله تعالى لهم بالمرصاد، وهو سبحانه {مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].
وكيف غاب عنهم ما استقرَّ من منهج أهل السُّنة والجماعة من عدم جواز الخُروج على الحاكِم المسلم الذي لم يُرَ منه كفرٌ بواح؟! وهو مَن رضي به المسلمون، واستتبَّ له الأمر، سواء بالتغلُّب أو الانتخاب أو التَّعيين.
لكن قد يغترُّ إنسانٌ بقوَّته أو ماله، وتغترُّ جماعة بكثرة أتباعها، ويغترُّ حزب بفوزه في انتخابات، فيُنسي هذا الاغترارُ مثلَ تلك المعاني الربَّانيَّة، والأصول المستقرَّة.
وممَّا يوجب على المرء الكتابة في هذا الموضوع ما لاكتْه بعضُ الألسن، ودنَّست به الأوراقَ أحبارُ بعض الأقلام باتِّهام المنهج السَّلفي والتيَّارات السلفيَّة في مصر الحبيبة بما أقدم عليه حزبُ النور، مع العِلم أنَّه مجرَّد حزبٍ سلفيٍّ من أحزاب سلفيَّة أخرى، صحيح أنَّه أكبر الأحزاب السَّلفيَّة في مصر، لكن بمجموع الأحزاب والجماعات والأفراد السلفيِّين في مصر ليس هو أكثرَها، فالمنهج السلفيُّ في مصر تيَّار جارف، والحمد لله، وأتباعه كثيرون، ولا يُمكن لحزب أن يحتكرَه لنفسه؛ فمِن الهيئات والجماعات والأحزاب السَّلفية في مصر، والتي لا تؤيِّد حزب النور في سعيه للانقلاب العسكريِّ، ويؤيِّدون شرعيَّة الرَّئيس المنتخَب (على اختلاف بينهم في بعض الرُّؤى والتوجُّهات):

1- الهيئة الشرعيَّة للحقوق والإصلاح، ومن أبرز علمائها السلفيِّين:
على السالوس، وطلعت عفيفي، ونشأت أحمد، وعُمر بن عبد العزيز القريشي، ومحمَّد عبد المقصود عفيفي، والسيِّد العربي، ومحمَّد يُسري، وحازم أبو إسماعيل وقد أصبح الآن يتبعه جموعٌ غفيرة.

2- جبهة علماء الأزهر، وفيها كوكبةٌ من علماء الأزهر الشُّرفاء.

3- مجلس شورى العلماء (وفيهم عددٌ من علماء أنصار السنة المحمدية بمصر)، ومن أبرز أعضاء المجلس: جمال المراكبي، وعبد الله شاكر، ومصطفى العدوي، ووحيد عبد السَّلام بالي، وسعيد عبد العظيم، وأبو إسحاق الحويني، ومحمَّد حسان، ومحمَّد حسين يعقوب.

4- الجبهة السلفيَّة (وهي رابطة تضمُّ عدَّة رموز إسلاميَّة وسلفيَّة مستقلَّة،  كما تضمُّ عدَّة تكتُّلات دعوية من نفس الاتجاه، ينتمون إلى محافظات مختلفة في جمهورية مصر العربية)، ومن أبرزهم: خالد السَّعيد، وهشام كمال.

5- الجماعة الإسلاميَّة (حزب البناء والتنمية)، ومن أبرز قادتهم: كرم زهدي، وعبود الزُّمر، وطارق الزُّمر، وصفوت عبد الغني، وأسامة حافظ، وعصام دربالة، وعاصم عبد الماجد، وعبد الآخر حماد، وغيرهم.

6- حزب الأصالة السلفي: ويرأسه حاليًّا إيهاب شيحة.

7- حزب الوطن السلفي: ويرأسه عماد عبد الغفور ونائبه يسري حماد.

8- التيار الإسلامي العام: ورئيسه حسام أبو البخاري.

9- كثير من أهل سيناء، والذين يغلب عليهم المنهج السَّلفي، مثل: تحالف القوى الإسلاميَّة والوطنيَّة والسياسيَّة والثوريَّة بشمال سيناء.

10- سلفيون انشقُّوا عن حزب النور وخالفوا آراء الحزب: كعضو الهيئة العليا للحزب محمَّد عمارة، وإيهاب عُمر مسؤول الدعوة السلفيَّة في شمال سيناء الذي انضم إلى المتظاهرين المؤيدين للرئيس محمد مرسي، وأحمد أبو العنين رئيس الدعوه السلفيه بمحافظة الدقهليه، الذي صرَّح أن انشقاقه من الحزب بسبب تعاونه مع النصارى والعلمانيين ضد الإسلام.

11- كما أنَّ هناك قوى وتحالفات وطنيَّة غير الإخوان والسلفيِّين شكَّلت (الائتلاف الإسلامي)، ويضمُّ جميع الأحزاب الإسلاميَّة عدَا حزب النور، وهدف الائتلاف كما نصُّوا عليه: حماية  الشَّرعيَّة، وعودة الرئيس محمَّد مرسى إلى  منصبه؛ لأنَّه الرئيس الشرعيُّ للبلاد.
هذا داخل مصر، أمَّا خارجها فجمهور علماء أهل السُّنة ودُعاتهم لا يقرُّون حزب النور فيما ذهب إليه، يُعرف ذلك من تصريحاتهم وخُطبهم وكتاباتهم وتغريداتهم على (تويتر).

وختامًا: ليُعلم أنَّه ليس فيما ذكرته تزكية للعملية الديمقراطية، ولا لجماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة أو محمد مرسي أو الدستور الأخير بل لأن هذه المعركة الشَّرسة، وهذا التَّخطيط الإبليسي المقصود منه مواجهة التيَّار الإسلامي ككلٍّ، وإحباط المشروع الإسلامي برُمَّته، وإفشال أوَّل تجرِبة في هذا العصر لإقامة حُكم إسلاميٍّ في مصر.
ولا شكَّ أنَّ دين الله تعالى ظاهر منصور، والله غالب على أمره، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 171 - 173].

والواجب على المسلمين وعلى الدُّعاة إلى الله في كلِّ حين، وفي مِثل هذه الأوقات على وجه الخصوص أنْ يتذكروا النُّصوص الآمرة بالاجتماع على الحقِّ، والنَّاهية عن الفُرقة، وأن يتعالَوْا على مصالحهم الحزبيَّة وعلى خلافاتهم الشخصيَّة، وأن يتَّهم الفردُ نفسه، وتتهم الجماعة رأيَها في الفُرقة، وأن تصحِّح نظرتها ومنطلقاتها وموقفها بالاستماع إلى غيرها من أهل الغَيرة على الإسلام، وأن يُطبِّقوا حقيقة فقه الأولويات، ومعرفة خير الخيرين من شرِّ الشرَّين، فالمسلم خيرٌ من العلمانيِّ، والحاكمُ الذي تتحقَّق فيه شروط الولاية خيرٌ من الحاكم الذي لا يَستوفي هذه الشُّروط، بل قد يستجمع نواقضَها! ومن القواعد الفقهيَّة المقرَّرة: أنَّ الخير الناجز لا يُترك لمفسدة متوهَّمة، و لا يُترك حقٌّ ثابت لمتُوهَّم.

وكلمةٌ أخيرة لعلماء وقادة الدعوة السلفية بالإسكندرية:

إنَّ أشدَّ ما نخشاه هو أن يؤثِّر هذا الموقف السياسي الأخير لحزب النور على الدعوة السَّلفية التي كانت لها جهودٌ عظيمة وآثارٌ طيبة ليس في الإسكندرية فقط بل في مختلف أنحاء مصر وخارجها، ونؤكد على ضرورة استمرار الدعوة السلفية في الجانب الدعوي والتربوي مع استدراك الأخطاء التي وقعوا فيها في العمل السياسي والرجوع لأهل العلم واستشارتهم في المسائل الجسام التي تتعلق بالأمة.

كما ندعوهم إلى الانضمام إلى مؤيدي الشَّرعية من الإسلاميين وغيرهم، والسرعة في تدارك الأخطاء قبل فوات الأوان لتجنب مزيد من الخسائر، والمبادرة بإعلان رفض الانقلاب على الرئيس المنتخب بعد أن ظهرت بوادر الاستبداد والإقصاء للإسلاميين بغلق القنوات الفضائية المؤيدة للشرعية، والاعتقالات، وترشيح رموز العلمنة لرئاسة الحكومة، وغير ذلك، فهؤلاء القوم لا عهدَ لهم ولا أيمانَ لهم، وما اتَّخذوهم إلَّا كغطاء لما يكيدونه لمصر، وكلُّنا أملٌ في أوبةٍ حميدة لإخواننا وهذا هو الظنُّ بهم أنَّهم رجَّاعون للحقِّ، وقَّافون عند حدود الشَّرع، وبما لهم من سابقة في الدَّعوة إلى الله تعالى، وتعليم النَّاس الخير، وهذا من محاسن المنهج الذي ينتسبون إليه.

اللهمَّ اجمع كلمة المسلمين على الحقِّ.
http://www.saaid.net/arabic/711.htm

الجمعة، 14 يونيو 2013

مدونة عمرو عبد العزيز: اليهود و الذين أشركوا

إذا نظرت لحال المسلمين على مستوى العالم بأجمعه لا على مستوى قوميتك الضيقة أو بلدك المحدودة لعرفت لماذا جعل الله اليهود و المشركين ألد أعداء المسلمين ..
لكن حال اﻷولين هو إدارة الدفة من اﻷنفاق كالمعتاد ، بينما حال اﻵخرين هو الضرب في اﻷطراف البعيدة عن قلب اﻷمة فيستخفي حالهم عن المتقوقعين في مركزية العرب للتاريخ اﻹسلامي ..
أما قوى الشرك الصريح (شرك عبادة اﻷصنام و اﻵلهة المصطنعة) فقد قامت بمجازر تفوق المعقول في المسلمين .. لكن أي مسلمين ؟
هذه هي المشكلة !
صنعت ذلك في مسلمي الهند .. في مسلمي الصين .. في مسلمي أفريقيا .. في مسلمي بورما و الدول الهندوصينية .. في كل مكان إمتلكت فيه القوة و القدرة على حرقهم أحياء فعلت بلا تردد مع أقل خروج لهم على قوانين الشرك و الطواغيت ..
لكن مركزية القراءة العربية للتاريخ لا ترى هذا بصورة قوية .. فتضخم عداوة من لم يفعل ربع مجازر الباقين .. و قد تجعله فوقهم .. لا لشئ سوى ﻷن المجازر اﻷخرى تمت فيما يسمى بـ (أطراف العالم اﻹسلامي) !
و لا ينتبه العرب على ما يبدو إلى أن أكبر كارثة في تاريخهم اﻹسلامي العربي جاءت من التتار المشركين .. و ظلت حادثة التتار ألماً و جرحاً لا يندمل بما صنعوه من مذابح همجية .. لقد ذاق العرب لمرة واحدة فقط جزءاً مما يتذوقه أهل (أطراف العالم) من المسلمين فظل الجرح غائراً في نفوسهم .. فما بالك بمن يعيشون تحت جناح هؤلاء ؟
أما اليهود فهم قوم خطورتهم في الغالب لا مرئية صراحة .. لقلة عددهم و تشتتهم عبر التاريخ و عبر القارات .. مع ذلك تبقى عظيمة الأثر .. خاصة و هم أصحاب باع عجيب في إفساد العقائد و تحريفها عن مسارها بإظهار اﻹنضواء تحت رايتها .. فتجد كثير من اﻹنحرافات الخلقية و الدينية كان منشؤها عندهم .. فمبدأ الشيعة حسب التاريخ اﻹسلامي كان من يهودي .. و مبدأ الشيوعية كان من يهودي .. و مبدأ التفسيرات الجنسية لسلوك اﻹنسان كان من يهودي .. و مبدأ تأليه عيسى كان من يهودي ..
إذن خطورة اليهود التي جعلها الله في أعلى المراتب لا يصح قياسها بحجم قتلاهم من المسلمين بالنسبة إلى غيرهم من اﻷعداء ، بل قياسها يكون بمعرفة حجم إفسادهم و إنشاءهم لعقائد مهلكة أدت لتدمير و هلاك ملايين البشر و منهم المسلمين .. و هم من هذه الجهة لا يتفوق أحد عليهم أبداً .. لهم أياد سوداء على تاريخ العقائد البشرية كلها و المسلمين أولهم .. ليس فقط المسلمون من أتباع خاتم اﻷنبياء بل و المسلمون من أتباع عيسى عليه السلام الذين ضلوا وراء مؤلهيه ..
غير فقط أسلوب القياس من (حجم الدمار المباشر) إلى (حجم الدمار العقائدي غير المباشر) ستجد أن اليهود ليسوا جناة في حق المسلمين فقط .. بل جناة في حق البشرية كلها ..

الثلاثاء، 26 مارس 2013

المُلكُ الجبري الديمقراطي

عمرو عبد العزيز قال ما كنت أريد قوله بالضبط، لذا أعيد نشر مقاله هنا



" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت" - صدق رسول الله .. 
إن المراحل التي حددها الرسول في حديثه عن الأمة واضحة جداً .. مرحلة النبوة ، مرحلة الخلافة الراشدة و تنتهي بنهاية عهد الخلفاء الراشدين .. مرحلة الملك العضوض و تبدأ بعهد الدولة الأموية و تنتهي بنهاية مُلك العثمانيين .. ثم مرحلة المُلك الجبري .. نهاية الملكية و بداية الحكام الظلمة المفروضين على المسلمين بشكل آخر غير الأسلوب الملكي المتعارف عليه تاريخياً .. تليها مرحلة الخلافة الأخيرة الختامية ..
فأين مرحلة (الديمقراطية) التي نعيشها الآن في ذلك التقسيم ؟ هل تخلصنا حقاً من المُلك الجبري و أصبح بمقدرة المسلمين اختيار حكامهم بحق ؟ هل حققت لنا الديمقراطية ذلك ؟
الحقيقة أن المسلمين لازال قرار اختيار حكامهم بأيدي القوى العالمية الحاكمة .. لكنها فقط غيرت وسائل اختيار الحكام .. فبدلاً من جعل أمر اختيار الرجل الجديد موكلاً الى جماعة مغلقة تقوم بوظيفة حماية أسس العلمانية و المصالح الغربية - غالباً ما تكون هي الجيوش الحديثة - فانها جعلت الشعب يختار هو بنفسه حاكماً من ضمن ثلة معينة يمكن التحكم في انتقائها بالتهديد العسكري السري أو غيرها من وسائل .. ثم لاحقاً تستخدم وسائل الاعلام بكثافة لتضليل الشعب و توجيهه الى مسار معين ليختار ما تريده القوى العالمية أو من يمكنها على الأقل التفاهم معه ..
اننا بأبسط مقياس رئيسي للديمقراطية ، ألا و هو اختيار الشعوب لحكامها ، نعيش كذبة كبرى .. فلا نحن نختار حكامنا حقاً و لا نختار مسارنا و لا نتحكم في مصائرنا .. 
حقيقي أن الحريات في النظام الديمقراطي أفضل لكنها حريات الكلام و الأفعال الغير مؤثرة ، لا حريات السياسة القوية و الأفعال التي تبني الأمم و تُخرجها من تبعيتها و ذُلها .. 
هل يُمكنك أن تختار حاكماً يطالب بتخصيب اليورانيوم و صنع قنابل ذرية دون عقاب دولي صارم ؟ و من أول جهة داخلية ستمنع اختيار مثل هذا الحاكم ؟
هل يمكنك أن تختار حاكماً يطالب بصنع دبابات و طائرات بكثافة دون عقاب دولي صارم ؟ و من أول جهة داخلية ستمنع اختيار مثل هذا الحاكم ؟
هل يمكنك أن تختار حاكماً يطالب بالخروج من المنظومة المالية العالمية دون عقاب دولي صارم ؟ و من أول جهة داخلية ستمنع اختيار مثل هذا الحاكم ؟
هل يمكنك أن تختار حاكماً يطالب باعلان دعم الجهاد ضد المحتلين المغتصبين دون عقاب دولي صارم ؟ و من أول جهة داخلية ستمنع اختيار مثل هذا الحاكم ؟

اذن فأي حرية تلك التي حصل عليها المسلمون في النظام الديمقراطي ؟ 
انهم لم يحصلوا على حرية حقيقية يمكنها صنع تهديد .. فلنتكلم كثيراً .. لا مشكلة .. و لترصد الأجهزة الأمنية كلامنا دون تدخل غشيم مُبكر كما كان يحدث في الماضي .. 
لكن ان جاوزت حدود الواقع الديمقراطي الذي رسمه لك الآخر العالمي فأنت تعرف عقابك .. الوسيلة الأمنية الرئيسية للنظام الديمقراطي (الاعلام) ستضربك بقسوة .. فان لم تنحن فيمكن معالجة أمرك بعد ذلك بشكل أو بآخر فالحيل الديمقراطية كثيرة و أكثر قدرة من الحيل القمعية .. القمع هو آخر وسائل الترشيد عندما تبدي تصلباً و عناداً لا يلين ..
هذا طبعاً غير التلاعب في الانتخابات نفسها بصور لا يُمكن رصدها .. مثلاً في الانتخابات الأمريكية التي نجح بها بوش الابن قام الجمهوريون فيها بصنع تلاعب في قواعد بيانات المواطنين يُبطل أصوات الآلاف .. فإذا كان الحزب الديمقراطي الأمريكي يعتمد بصورة كبيرة على أصوات السود في تركيبة المصوتين له ، فليتم التلاعب في أصوات هؤلاء السود بطرق ملتفة شديدة الذكاء .. 
هل أنت (جون) الذي قام بعمل مخالفة سير في الولاية المجاورة .. نعم القانون يعطيك الحق في التصويت .. لكن قام (البعض) بالتلاعب في قواعد البيانات بحيث تتحول هذه (الجنحة) الى (جناية) تجعل صوتك يُمنع من الاحتساب ! لماذا ؟ ربما حدث خطأ يا سيدي !
لكن المفاجأة عندما تنظر بصورة احصائية للمشهد من أعلى فتجد أن كافة الذين حدث معهم هذا الخطأ (العفوي) في هذه الولاية كانوا من السود فقط ! ثم تتبع مسار الشركة التي قامت بوضع قاعدة البيانات المعيوبة هذه فتجدها مرتبطة بالجمهوريين !
هذا مثال من عشرات الأمثلة .. لكن لماذا يصمت الديمقراطيون هناك ؟ هل هم مجرد حمائم ؟
كلا .. ليسوا كذلك قطعاً .. بل و لا تفسير لصمتهم سوى أنهم يقومون بأفعال مماثلة في أماكن أخرى ! لتتحول الانتخابات (الديمقراطية) الحرة الى فرصة للتلاعب متى جاءت الفرصة .. حريصين على ألا يبدو هذا التلاعب مستفزاً غبياً .. و هكذا يعيش الشعب الأمريكي سعيداً في ظلال الديمقراطية التي تعيشها الآن بعض الشعوب المسلمة !

إذن من يختار حُكام المسلمين في الأنظمة الديمقراطية حقاً ؟
إنه مجلس للشورى يرأسه القطب الأوحد و يضم الجماعة الوظيفية التي تحفظ له مصالحة بقوة السلاح (الجيش) ثم بعد ذلك يجئ مقعد العضو المُتغير (حسب الارادة الشعبية الموجهة!) و هو الحاكم الديمقراطي الداخلي .
إن العضو الثالث هو الأقل قدرة لأنه عضو مؤقت ليس له قدرة حقيقية مالم يقم بصنع معجزة تتلخص في اقناع الجماعة الوظيفية الحامية بأن تتبعه مهما كانت التضحيات .. ربما لهذا حافظت لجان العوائق الأولية لاختيار المرشحين على ألا يدخل مرشح يحظى بشعبية كبيرة  أو القدرة البلاغية على صنعها مستقبلياً مما قد يهدد حصص المشاركين في المجلس الحاكم !
إن أمريكا تكره الحكام ذوي الشعبية مهما كان حجم ولائهم لها .. لابد من أن يشعر الحاكم التابع لها و العضو الثالث في مجلس الشورى أنه مهدد دائماً بورقة أمريكية بديلة تجعله يقاتل من أجل نيل رضاها .. ناهيك طبعاً عن أنها لن توافق على دخول مرشح ذو توجه مخيف الى المعركة أساساً .. ذكرى هتلر و الليندي و شافيز و لومومبا الآتين بالديمقرطية لاتزال تؤرقها و لن تقبل بالمغامرة بها في بلد تكمن أقوى نقطة في أهميتها العالمية المُركبة أنها تحمي الدولة الصهيونية .. و كما قال جون ستيوارت الأمريكي ساخراً عندما وجد مرشحاً شيخاً مصرياً للرئاسة في انتخابات 2012 : اننا لم نجعل عندكم ديمقراطية لهذا .. الديمقراطية عندكم مصنوعة لتأتي برجال مثلنا ! مثلنا ! 
اذن فالمُلك من حيث كونه (حفظ مصالح طبقة معينة ارستقراطية و جبر الشعوب على حكام مفروضين من داخل هذه الطبقة يثبتون أركان النظام القائم كما هو) لازال ثابتاً في جوهره لم يتغير .. و انما تغيرت أساليب اختيار المَلك الجبري .. بدلاً من ملك (مُحدد) مفروض بالقهر يصبح ملك (مُحدد) مفروض لكن يوحى عن طريق الاعلام الى الشعب بأنه يختاره بحرية !
إن الديمقراطية التي تعيشها بعض الشعوب الاسلامية حالياً ليست سوى حلقة جديدة من مرحلة (المُلك الجبري) التي ذكرها رسول الله في حديثه الشهير ..
لكن كيف يتم استبدال (المُلك الجبري القمعي) بالـ (مُلك الجبري الديمقراطي) ؟
إذا كانت الأجهزة الأمنية هي خط الدفاع و الهجوم الأول و الرئيسي في الأول ، فما هو خط الدفاع و الهجوم الرئيسي في الثاني ؟
انه الاعلام .. و الديمقراطية بشكل عام لا تُفهم الا بفهم دور الإعلام بداخلها .

_________________

(توطيد المُلك الجبري الديمقراطي)
التجزيئية و الفورية .. نتاجهما المسلم الضائع السلبي :

فلتتأمل هذه الأخبار المتتالية التي تنزل في خلال ساعات قليلية للمواطن :
خبر " قانون جديد للمساعدة في ضبط المسألة الفلانية "
خبر " ثورة كبيرة رداً على قانون كذا "
خبر " مسيرات رداً على قانون كذا "

أخبار متتالية فورية .. آلاف الأحداث المتعاقبة بلا توقف .. أحداث في مدينة معينة .. أحداث ساخنة في البرلمان .. الرئاسة تصنع مشكلة .. انقلاب قطار .. حادثة اغتصاب ..
الاعلام ينقل الأحداث باستمرار .. يقوم بتقديم تفسير سريع جداً لكل حادثة على حدة ثم ينتقل الى الأمر التالي بلا توقف .. مشهد جنوني مشتبك متتالي يعيش المسلم غير قادر على ملاحقته لفرط سرعته .. 
هذه هي (الفورية) و تعني نقل أخبار فورية سريعة بصورة جنونية و لا تتوقف .. و (التجزيئية) و تعني تقسيم الأخبار الى قطع صغيرة لكل منها تفسير بسيط سريع يُنسى بسرعة البرق ثم يتم الانتقال الى ما يليه من خبر (فوري) له تفسير (تجزيئي) !
يعتبر هربرت شيلر أن (التجزيئية و الفورية) هما من أشد أساليب وسائل الاعلام وطأة في تضليل الأمريكان .. و هما مستخدمتان على نطاق واسع في الأنظمة الديمقراطية (أنظمة وسائل الأمن الاعلامي) .. 
ما نتيجة هاتان السياستان الاعلاميتان ؟ انه المواطن السلبي الضائع .. مواطن غير قادر على الحصول على تفسير منطقي و صورة (كلية) حقيقية للمشهد السياسي الجاري أمامه .. أخبار كثيرة جداً لا يتم تقديم رابط معقول بينها تتركه حائراً مشتتاً .. 
لكن ماذا اذا رغبت وسائل الاعلام في توجيهه في لحظة ما الى قضية معينة بنفس هاتان السياستان ؟ انها تنجح بشدة وقتها لأن المواطن فجأة يجد تفسيراً يريحه أخيراً من سلبيته و عدم فهمه !
مثلاً تم استخدام هذه الوسيلة التوجيهية قبل الحرب الثانية الانتقامية على الشيشان في نهاية التسعينيات .. يمكن اعتبار روسيا وقتها كانت أكثر (انفتاحاً و ديمقراطية) من الاتحاد السوفيتي القديم .. روسيا ما بعد البروسترويكا و الجلاسنوست بالتأكيد مختلفة بشكل ما .. لهذا تم استخدام وسيلة اعلامية من وسائل (الأمن الاعلامي الديمقراطي) :
فجأة حدثت تفجيرات للأبنية الروسية .. اختطاف للمواطنين .. قتل للبعض ..
عشرات الحوداث التي انفجرت في روسيا راحت تتابع و تتالى كالنافورة في وسائل الاعلام مما أصاب المواطنين بالجنون و الذعر .. في النهاية قدمت وسائل الاعلام كبش الفداء المطلوب ذبحه : انهم الشيشانيون البربر الأوغاد ! فجأة أصبحت تلك الجمهورية الصغيرة التي لا تملك على أرضها مليوني مواطن مصدر الرعب و الهلع للدب الروسي الى درجة وصوله الى أعماق أحشائه .. الى موسكو نفسها !
صدق المواطنون طبعاً و كان لابد أن يصدقوا فالحملة الاعلامية كانت كبيرة و ناجحة .. ثم بدأت حرب الابادة الروسية للشيشانيين التي قُتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين بمباركة الشعب الروسي المُضلل .. طبعاً انكشف بعد هذا - بسبب سيولة روسيا في هذا الوقت - أن الحوادث الارهابية كانت من تدبير الكي جي بي لدرجة أنه عند اختطاف الفرنسي "فنسنت كوشيتل" ممثل مدير هيئة الإغاثة بالأمم المتحدة - وهو الاختطاف الذي ألصقه الكي جي بي بالشيشانيين كالمعتاد - لم يضيع الفرنسيون وقتهم مع هذا الكذب لفارغ و تحدثوا مع الروس مباشرة الى درجة تدخل الرئيس الفرنسي جاك شيراك بنفسه لينجح في الافراج عن مواطنه في النهاية من قبضة الروس !
اذن " التجزيئية و الفورية" تُستخدمان طوال الوقت في الأنظمة الغير معتمدة على "الأمن القمعي" كوسيلة لجعل الشعب مُضللاً تائهاً سلبياً لا يُدرك حقيقة الصورة الكلية لبلده .. هذا في وقت السلم .. أما في وقت الرغبة في تحقيق هدف ما يتم استخدامهما أيضاً بصورة تُزيد من تضليل المواطن كي يُشارك في الايمان بأهداف "السادة السياسيين" ..
فهل المجتمع المسلم ما بعد الثورات في ظل بعض الدول التي اعتمدت النظام الديمقراطي بعيد عن هذا ؟
ألا تستخدم كلاً من "الفورية و التجزيئية" على نطاق سياسي واسع لتضليله ؟
بل ألا تعتمد الأنظمة الديمقراطية نفسها على هذه "الفورية و التجزيئية" لكافة القضايا فيتوه المواطنون لأيام في مناقشات سوفسطائية على قوانين بسيطة فارغة ؟!
كانت الشعوب المسلمة بعد الثورة قد بدأت تنتفض مطالبة بالشريعة كمطلب واضح جداً .. الملايين تحركت في لحظة ما فماذا حدث بعدها ؟
التجزيئية و الفورية .. عشرات المواقف المتتالية و عشرات المخاطر التي ما ان ينتهي المسلم من عبور احداها حتى يجد الأخرى تحاول دهمه .. قانون معين سيشكل خطراً مستقبلياً .. نقاش في وسائل الاعلام عن قضية معينة تشكل خطراً على المسلمين .. تحركات سياسية تهدد طوال الوقت المطالبين بها .. حوادث جزئية و مخاطر متتالية يتم نقلها بصورة فورية لخلق هلع دائم و انتصارات خادعة يتم اكتشاف زيفها فيما بعد فتُزيد من سلبية المسلم اليائس من هذا التلاعب .. انه غير قادر على تكوين صورة كليه كاملة للموقف بسبب تتابع الأحداث و نقل الاعلام لها مباشرة بصورة فورية .. هكذا يقاتل في معارك جزئية فور ظهورها تلهيه طوال الوقت عن ما يحدث حقاً في الصورة الكلية للدولة و الأمة .. ثم وقت الحاجة يتم عمل تضليل كبير له برسم معسكرين وهميين في (المسار الديمقراطي) ليختار أحدهما بينما الصورة الكلية توضح أن المعسكرين لهما نفس الناتج و نفس المصير من حيث تحقيق مصالح (هيئة الحاكمين العليا)!
القارئ لكل هذا قد يهز رأسه في فهم و حماسة لكن المشكلة الحقيقية أنه مع تنوع المخاطر و جاذبية وسائل الاعلام الديمقراطية فانه سينشغل لا محالة بعد وقت قصير بمئات الأخبار (الفورية) ليعيش أسيراً مرة أخرى في قفص (التجزيئية) عاجزاً عن ابصار الصورة الكلية ! عاجزاً عن رؤية واقعه الحقيقي ، وبالتالي عاجزاً عن رؤية حدوده المرسومة بدقة !

_______________

(القدرة على رسم حدود الواقع هي القدرة على السيطرة) !
هذه الجملة العميقة الذكية التي قالها جيري روبين (الناشط الثوري الأمريكي) منذ زمن لو تم استيعابها جيداً لسهل فهم السياسة العالمية في مسألة الديمقراطية المُقدمة لدول العالم الثالث بشكل عام و عالم ما بعد الثورات العربية المسلم بشكل خاص .. وليس في الأمر نظرية مؤامرة ضد المسلمين بشكل خاص ، فالأمريكان مثلاً يستخدمون نفس هذا المبدأ في تضليل شعبهم نفسه ! (لا أمر شخصي في الموضوع انما هو عمل يا صديق) كما يقول المثل الأمريكي البراجماتي !
إن حدود واقعك في الديمقراطية سيكون تشكيل أحزاب .. ولوج العملية السياسية .. تقديم تنازلات تعزز فرصتك كمرشح يرضى عنه مجلس شورى الحكم .. الوصول لمكتب مجلس الشورى للجلوس سنوات أربع لابد أن تُبدي فيها الأدب و الطاعة كي يتم التجديد لك ! ثم تخرج لتُفسح المجال لغيرك بعد انتهاء مدتك !
يؤمن البعض أنه لن يتنازل أبداً .. و الحقيقة أن الدخول الى لعبة أطرافها معروفة جداً كهذه هو تنازل كبير في حد ذاته .. فبينما قد يُعذر حزب آخر مُغفل بعدم درايته بأطراف اللعبة و حقيقة مجلس الشورى الحاكم .. يبدو هذا الاعتذار واهياً بالنسبة لمن يعرف كافة الأطراف و يُصر برغم ذلك على الاشتراك فيها ..
طبعاً لا يوجد شئ اسمه الحتمية في مثل تلك المسائل .. الله وحده علام الغيوب و قد ينصر اناساً تظهر يقينك في فشلهم .. التاريخ الاسلامي فيه عشرات الأمثلة لإناس لم يكونوا بنفس النقاء العقائدي لأشخاص آخرين و مع ذلك جعل الله النصر على أيديهم .. لقد فشل صحابة و مجاهدين أتقياء في فتح القسطنطينية و نجح في فتحها رجل آخر في جيشه التباس ببدع .. لا توجد حتمية تاريخية حقيقية تسمح باليقين في فشل أو نجاح أي مسار .. 
لكن هل يعني ذلك أن تسمح لنفسك بأن يتلاعب بك (الآخر) ؟ أن تسمح لنفسك بعدم كسر حدود الواقع المرسوم و بالتالي عدم الخروج من سيطرته ؟ 
لقد قامت الثورة الايرانية الناجحة بعمل شئ جنوني بينما البلد لازالت هشة واهنة .. لقد قامت من فورها بمحاصرة السفارة الأمريكية بعد نجاح الثورة فشغلت الأمريكان بأنفسهم و بمعتقليهم عن تدبير المؤامرات و بالتالي قطعت يد القوى العالمية المتلاعبة .. رفض الايرانيون مُبكراً جداً أن يكون حاكمهم المُختار مُجرد عضو ذليل في مجلس الشورى العالمي ، خاصة بعد أن كانوا قد قتلوا قادة الجيش و أذابوه فلم يعد لديهم سوى حاكم واحد مُختار من قبلهم .. صحيح أن أمريكا عاقبتهم فيما بعد بتحفيز صدام على الهجوم لكن ايران صمدت و خرجت في النهاية أقوى و أكثر استقلالاً ..
بينما صمد البلاشفة السوفييت في وجه جيوش الأرض و عملائهم الداخليين مضحين بالملايين من أجل نموذج اعتقدوه هو (اليوتوبيا) الأرضية التي تحكم فيها البروليتاريا الفقيرة .. 
لماذا يصمد السوفييت الفقراء الضعفاء من أجل تحقيق حلمهم المادي الفاسد أمام حرب أهلية و غزو من بريطانيا و أمريكا و ألمانيا و اليابان و تشيكوسلوفاكيا و فرنسا و صربيا و اليونان و ايطاليا و الصين بينما نخاف نحن من مجرد حرب مع دولة ضعيفة هشة مثل اسرائيل ؟ هل تهددنا بالإبادة النووية ؟ هل يخاف المسلمون حقاً الموت في سبيل الله ؟ كيف يخاف المسلمون الموت النووي بينما لم يخشاه الفيتناميون في صراعهم مع الأمريكان ؟ كيف يخاف المسلمون الابادة و الجوع و قد صمد من لا يؤمن بإله مثل البلاشفة الحمر في وجه كل العالم بصمود و تمنوا الموت بلا خوف و لا وجل ؟ كيف استطاع هتلر اقناع شعبه بأن لا سبيل للرضوخ أكثر من هذا للإذلال الأوروبي و أن الموت الكريم في سبيل الاستقلال أفضل من العيش الذليل تحت جناح التبعية ؟ كيف استطاع هؤلاء الصمود هكذا مهما كانت التضحيات الشعبية بينما المسلمون و المطالبون بالشريعة من أهل الساسة يخافون اللعب "خارج حدود الواقع المرسوم" كيلا يصيبهم و يصيب شعوبهم الأذى ؟
إن الواجب الحقيقي لنا كشباب مسلم أن نفهم أولاً زيف الأنظمة الديمقراطية في دولها عامة و في دول العالم الثالث و الاسلامي خاصة .. أن نتعرف جيداً على حدود الواقع المرسوم و نحاول كسرها و الخروج من نطاقها بطرح حلول أخرى تهدم التبعية و تهدم الزيف .. أن نأخذ بنصيحة نيكسون الرئيس الأمريكي الشهيرة "عندما تخسر باستمرار عليك أن تغير قواعد اللعبة " .. نعم ، علينا أن نسعى لتغيير قواعد اللعبة كلها أساساً .. و فوق كل ذلك .. أن نُبدي مهارة في إستغلال هامش الحرية الممنوح حالياً لصنع تصور و نموذج واضح لتفكيك أكذوبة الديمقراطية  .. ولكن مع الحرص على ألا نستسلم ، فالنظام الديمقراطي مُعتمد على التنويم الشعبي و الايحاء القوي و التضليل المستمر و قد أثبت الواقع أنه أصعب في الهدم من النظام القمعي الديكتاتوري .. و في نفس الوقت نحرص على ألا ينتابنا الكِبر فنهاجم بضراوة مبالغ فيها اخواننا الغارقين في محاولات كسر الواقع الحالي بفلسفات أخرى .. لا أحد يعلم يقيناً هوية من سينجح في النهاية  .. لكن الأكيد أن من يتنازل منا عن دينه لن ينقلنا الى المرحلة الأخيرة من الحديث النبوي الشهير .. لن ينقلنا الى ما بعد (المُلك الجبري الديمقراطي) .. 
الى مرحلة الخلافة الختامية ..

الأربعاء، 6 مارس 2013

تأمل في حد الزنا

ليس على المسلم معرفة الحكمة وراء كل أمر إلهي وتشريع، لكن التدبر في الأحكام الإسلامية يزيد المؤمن إيمانا ويخاطب المعترض بحجج عقلية تُلزمه.
ومن الأحكام المعروفة التي يثور حولها الجدل كل فترة هو حد جريمة الزنا Adultery
وخلاصته أن المسلم أو المسلمة الذي ثبت الجرم في حقه، ولم يمكن درء الحد بشبهة، يقوم الحاكم بجلده إن كان أعزب وبرجمه إن كان متزوجا.
هذا هو المعروف للأغلبية من الناس. لكن المسألة لها تفصيل في النوع الثاني.. فالرجم لا يكون على المتزوج\المتزوجة فقط بل على الثيب بوجه عام.. أي الذي سبق له الزواج، ويصير وصفه أنه "محصَن"

فالمطلقة الزانية والأرمل الزاني يكون عقابهما الرجم أيضا.
وهنا أتذكر طريقة البعض في تبرير الحكم المشهور )أن غير المتزوج يكون عقابه أخف من المتزوج( بأن الشهوة غلبته ولم يجد متنفسا طبيعيا كالذي يجده المتزوج، وبالتالي فالمتزوج قد زاد في تعديه وإجرامه فيستحق عقوبة مغلظة.

لكن هذا التبرير يسقط بعد أن عرفنا أن الأرملة والمطلق يرجمان أيضا مع أنهما كالأعزب، أي لا يوجد أمامهما سبيل للمعاشرة الزوجية الحلال.
وما أراه أن المسألة قد تشير إلى التحول النفسي الذي يتم للمرء بعد الزواج ومعرفة أن الهالة التي يحاط بها الجنس مبالغ فيها جدا، وأن المعاشرة تتحول مع الوقت إلى ميكانيكية تناقض الصورة الرومانسية التي يحلم بها الشخص الأعزب.. وبهذا يكون عقاب الذي فعل الفاحشة (بعد أن سبق له الزواج وتلاشت الهالة التي كانت لديه عن المسألة قبل الزواج) هو عقابا مغلظا، لأنه تعدى بعد أن عرف تهافت المسألة، على عكس الأعزب الذي لا يزال واقعا تحت تأثير الصورة الخارجية المبالغ فيها للمعاشرة الزوجية.

وحتى هذا التفسير الذي أطرحه يحتاج توثيقا وأدلة فقهية.. فلو وجدت بعد البحث مثلا أن لقب "الثيب" ينطبق أيضا على حالة الذي تزوج لكن فارق زوجه قبل الخلوة والمعاشرة، وبالتالي ينطبق عليه حد الرجم على الرغم من أنه لم يمارس الجماع فعليا، فسينهار التفسير بالتبعية.
وهي مسألة لم أدرسها أو أبحث عن تفاصيلها بعد. 1

والخلاصة أن بعض المبررين للأحكام يعطون الفرصة لأصحاب النفوس الضعيفة لأن يطلبوا دائما "الحكمة من الأمر الشرعي الفلاني" وكأنهم يربطون الطاعة بفهم غرض الإله من المسألة!!.. وهو أمر جارح للعقيدة ودليل على ضعف الإيمان في أحوال كثيرة.
-----


(1) إضافة
وجدت بعد البحث أن مجرد عقد الزواج دون معاشرة فعلية لا يؤدي إلى استحقاق الفرد لوصف "المحصن" أو الثيب، وبالتالي لا يرجم إن زنا. وربما يبدو هذا لأول وهلة مؤيدا لتفسيري الذي عرضته، لكن المزيد من التحقق يعارض هذا.

"فالمحصن الذي حده الرجم هو الحر البالغ الذي قد وطئ زوجة في قُبلها في نكاح صحيح".. أما الذي سبق له الزنا مثلا فلا ينطبق عليه وصف الإحصان!.. إذن المسألة ليست معلقة بتفسيري الخاص بـ "معرفة حقيقة المعاشرة الجنسية"
فالشخص الأعزب الذي زنا عدة مرات لا ينطبق عليه حد الرجم ما دام لم يتزوج زواجا شرعيا صحيحا.
في حين أن الذي تزوج بالفعل ولو ليوم واحد ثم ماتت زوجته أو طلقها ينطبق عليه الرجم إن زنى بعد ذلك في أي فترة من حياته.

ويمكنك أيضا أن تتأكد أن المسألة ليست كما حاولت أنا تفسيرها لمعرفة الحكمة وراءها، إن علمت أن المسألة يبدو أن لها أبعادا أخرى لم نصل إليها بعد.. حيث أن الفرد المسلم الذي يجامع جارية أمة في ملك يمينه - وهو حلال - لا ينطبق عليه أيضا وصف المحصن، وبالتالي لا يرجم إن زنا!

وبعد كل هذا ترى أن تفسير اختلاف عقوبة الزاني المحصن عن غير المحصن غير مرتبط بالضرورة بما يظنه الكثيرون من أن المتزوج الذي زنى عقوبته أكبر لأنه ترك الحلال المتوفر وذهب للحرام..وغير مرتبط أيضا بفكرة أن من عرف الجماع ولو لمرة فقد ذهبت منه الهالة التي يحيط الأعزب بها المسألة..
وبهذا نعود لنفس الفكرة التي قصدتها.. فمعرفة الحكمة من الحكم الشرعي ليست شيئا متوفرا دائما، وما علينا إلا السمع والطاعة والتسليم لخالق البرية، فهو أعلم بصالحها من نفسها.