يمكن استخدام المدونات الشخصية كطريقة يسجل بها صاحب المدونة ما يخطر له من أفكار يوم كتابة التدوينة. وبالتالي يمكنه مراجعة "المواضيع موضع الاهتمام" التي كانت تشغل فكره في تاريخ معين. ويستخدمها البعض كنظم للجدول اليومي أو لنشر روابط المقالات التي لا يتسع الوقت لقراءتها الآن ومن ثم العودة إليها في وقت آخر.
ورأيت أيضا - بصفتي متابع لعشرات المدونات العربية والإنجليزية - أن الأدباء وكتاب القصة القصيرة أو الرواية يستخدمون مدوناتها الشخصية لتسجيل الأفكار التي قد تنفعهم في المستقبل وقت التأليف، أو لمشاركة القراء في عملية التأليق ذاتها بحيث تكون أقرب للتفاعلية منها للصورة النمطية التي تصور المؤلف وهو يجلس وحيدا منعزلا عن العالم إلا من قلمه وأوراقه أو لوحة المفاتيح!
ولكل ما سبق، فلا مانع أن أكتب كل فترة تدوينة شخصية قصيرة عما قرأته أو سمعته أو شاهدته، وأن أسجل ملاحظة أو اثنين على المادة التي قرأتها، وإن كنت أشك أن تثير مثل هذه التدوينات اهتمام أي أحد غيري، إلا أنها تجربة على أية حال، وسبقني إليها كثيرون غيري.
-----
بدأت كتابة مشروع أدبي جديد. وأنا متفائل للغاية بالتقدم الذي أحرزته خلال اليومين السابقين فيه.
الفكرة بدأت كمحاكاة نثرية لفكرة قصة مصورة شهيرة للمؤلف الفوضوي والإباحي والوثني ألان مور!!.. هو شخصية عجيبة جدا ولا فائدة تربوية تجنى من قراءة مؤلفاته إلا أنها مثيرة للاهتمام ومحبوكة وغزيرة المادة - تاريخيا وأدبيا وفكريا - وجعلته أشهر مؤلف قصص مصورة في العالم اليوم.
لكن الفكرة نفسها لا تحمل أيا من ملامح فكره. فهي أشبه بالإطار العام الذي يمكن استخدتمه لوضع أي شيء داخله، وتختلف النتيجة النهائية بحسب اختلاف المؤلف نفسه.
السلسلة التي أشير إليها هي (عصبة الرجال الخارقين) والتي تحولت إلى فيلم بعد ذلك. League of Extra-Ordinary Gentlemen
وتدور حول إعادة إحياء الشخصيات الأدبية القديمة (مثل دكتور جيكل ومستر هايد، وجيمس بوند وشخصيات رواية دراكولا وروايات هـ ج ويلز العلمية إلخ) ووضعها في عالم واحد وداخل قصة واحدة بحيث تتفاعل مع بعضها البعض!
الفكرة ممتازة. وعندما أردت تطبيقها على الأدب العربي القديم أحزنني ندرة الشخصيات التي يمكني استخدامها!
فالرواية فن أدبي وارد حديثا على العرب، وحتى بعدما عرفوه كانوا يقلدون الروايات الغربية لأنه فن غربي بالأساس. أول رواية إنجليزية بدأت هذا الفن بعد عصر النهضة الأوروبية كانت روبنسون كروزو للمؤلف دانيل ديفو. وهي بداية قوية وعملاقة. وقلما استطاع أحد - في رأي - الوصول لتأثيرها الفذ على القارئ.
طبعا فكرة القصة مأخوذة من قصة فلسفية لابن سينا: حي بن يقظان.. لكن الفن الروائي هو مجرد هامش في قصة ابن يقظان لأن الهدف كان فلسفيا في المجال الأول. على عكس رواية كروزو التي تدقق في التفاصيل وأحداثها مترابطة وممكنة الحدوث.
ولما بحثت عن شخصيات أدبية أخرى يمكن استخدامها وجدت بالطبع ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة. لكن المشكلة أنها قصص ليست عربية الأصل ولا تخدم الهدف الذي أريده من إعادة التعريف بالأدب العربي القديم. فأغلبها قائم على قصص هندية وفارسية تم وضعها في قالب عربي، وأغلبها - لمن لم يقرأ ألف ليلة في نصها الأصلي - ماجنة و"قليلة الأدب" جدا!!
أما ابن المقفع فهو مجرد مترجم لكليلة ودمنة، وغرضه كان نشر أفكار الزنادقة والشعوبية الفارسية في قالب يخدع العرب!
من أين إذن آتي بالشخصيات التي أريدها؟.. يمكنني استخدام شخصية الباشا وعيس ابن هشام من رواية محمد المويلحي: حديث عيسى ابن هشام أو فترة من الزمان. لكنها تدور في زمن محمد علي، ومبتغاي شخصيات من زمن العباسيين مثلا أو ما قاربهم.
وفي النهاية قررت عدم إمكانية تحقيق الفكرة كما أردت، واستخدمت شخصيات جديدة مبتكرة خصيصا للمشروع الأدبي الخاص بي، على أن أبعثر إشارات هنا وهناك لبعض الشخصيات الحقيقية التي عُرف عنها حكايات درامية أو نسب إليها أقوال أدبية مميزة.. والتاريخ العربي حافل بأمثال هؤلاء. فيمكن استخدام تاريخ ابن كثير المسمى البداية والنهاية، أو الاعتماد على موسوعة نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري وما نقله من "نوادر" أدبية أبطالها عرب، وخصوصا ما نقله هو عن أغاني الأصفهاني رأسا.
عندما يتطور أمر هذا المشروع الأدبي بصورة أكبر سأخبركم عنها إن شاء الله.
-----
أسمع هذه الأيام سلسلة صوتية ممتازة للراحل بيل كوبر، الذي اغتالته الحكومة الأمريكية في وضح النهار بعد 11 سبتمبر ببضعة أيام. والرجل باحث في أمور الجماعات السرية المنتشرة في أمريكا بشكل كبير، ومتخصص في تاريخها. وكان له برنامج إذاعي شهير اسمه Hour of the Time وخلاله نشر هذه السلسلة التي تقع في 42 حلقة، مدة الواحدة ساعة تقريبا، وأسماها Mystery Babylon
لكن لا أنصح بها من لا يعرف بالفعل مبادئ ما يسمى بنظريات المؤامرة، وإلا تاه المستمع بين المواضيع المتعددة ولم يستطع الربط بينها لتكوين صورة عامة للمسألة.
ويمكنك قراءة تدويناتي السابقة عن الموضوع والتي تجدها باسم: نحو نظام عالمي جديد 1 - 2 - 3 - 4
-----
أتابع أيضا هذه الأيام سلسلة Comic books تصدرها DC Comics بعنوان The New 52 ، وإلى الآن مستواها العام جيد.
بالطبع لا أتابع كل الـ 52 سلسلة!! لكن أركز على قصص باتمان و Swamp Thing لأنها أكثر نضجا من باقي السلاسل، وتناقش مسائل مختلفة عن قصص سوبرمان وأشباهه التي توجه غالبا للأصغر سنا.
وأتعجب فعلا من مواضيع القصص. فهل يعلم أولياء الأمور أن أطفالهم يشترون قصصا تحوي هذه المشاهد المفزعة والأفكار المتطرفة غالبا والراديكالية؟!.. فن القصص المصورة فقد براءته، وتحول إلى نوعية الحبكات التي تستخدمها هوليوود في أفلامها مؤخرا.
-----
أظن هذا القدر يكفي كتدوينة أولى شخصية.. وإلا دخلت في أمور أخرى ستصيبك بالملل غالبا.
إلى اللقاء.
سلامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق