الخميس، 9 فبراير 2012

أنا أو الفوضي..؟!




(ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين). صدق الله العظيم.. وموجة تحية إجلال وتشريف وتكريم لشهداء الأمس.. شهداء بور سعيد..!

باديء ذي بدء يحز علي مسامعي ماآلت له الظروف وهزت مشاعري الشجون لما ارتمت له الألوف في غيابة مهالك الفلول! فما أشبه الليلة بالبارحة..! فالمشهد كالتالي: مذبحة تحدث.. مظاهرات عارمة.. إنشقاقات في الصفوف الأمامية.. تعدي علي مؤسسات الدولة.. إنهيار في البنية التحتية.. ثورة أولي ضائعة.. وثورة ثانية مضادة!
فدعوني أعيد عليكم عناصر المشهد لخمس مرات متوالية.. بسبب مشترك والنتيجة تختلف! والحكم لحين إشعار القاريء بحقيقة الجاني...

موقعة الجمل..2 فبراير 2011
حيث قامت تلك المجزرة للإنقضاض على المتظاهرين بميدان التحرير إبان الثورة لإرغامهم على إخلاء الميدان حيث كانوا يعتصمون. 
السبب:
إحتلال ميدان التحرير وإرغام المتظاهرين المعتصمين فيه على مغادرته.. وإجهاض الثورة من حدوثها!
المخططون:
أذناب النظام السابق وكوادر الحزب الحاكم البائد.
النتائج:
كسب المتظاهرون تعاطف الكثير من المصريين بعد موقعة الجمل، ونزل الكثيرون لتأييد المطالب، وكذلك المشاركة في الإعتصام.
الضحايا:
11 قتيلاً من المتظاهرين و2000 جريح على الأقل.

مذبحة ماسبيرو.. 9 أكتوبر 2011
وقد تأججت أحداثها بعد إندلاع أعمال عنف بين مسلمين ومسيحيين بقرية الماريناب التابعة لمركز إدفو بأسوان، وذلك بعد تجمهر عدد من المسلمين حول شرعية كنيسة الماريناب.. كان المسيحيون قد شرعوا في تحويلها إلي كنيسة دون وجه حق للسلطة المحلية بالمحافظة! حتي وصلت صداها أرجاء المعمورة؛ لتخرج علينا من محيط مبني الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو) قادمة من إتجاهات عدة منددة لسلاسل العنف التي أحاطت بتلك القرية.. لتصبح نقطة تحول فارقة هددت أحد أهم مقومات المجتمع المصري وأسباب تفرده.
السبب:
إجهاض الثورة!
المخططون:
الأقاويل ترمي بإتهامها للكيان العسكري بإعتباره متفرد السلطة وصاحب السلاح الرادع في أي وقت وزمان.. ولو مؤقتا! ومنهم من يحملوا السادة الأقباط المشهد الذي وصل لمرمي أعيننا مشبعا بدماء الأبرياء.. ومنهم من استنبط من كونها خيوط خارجية تسللت إلي خلايا بداخل البلاد في شق الصف!
النتائج:
كشف حقيقة العسكري وكشف حقيقة نواياه.. واتضحت الرؤية لدي الكثيرين عما يخطط له المجلس الإنتقالي العسكري!
الضحايا:
فقدت فيها مصر 28 شهيدا منهم 26 من المواطنين المسيحيين و1 من العسكريين، و1 من المواطنين المسلمين، بالإضافة لأكثر من 321 مصاب من المدنيين والعسكريين.

واقعة شارع محمد محمود 19 نوفمبر 2011
وهي تلك التي خرجت علينا من بعد مليونية رفض وثيقة السلمي للموافق 18 نوفمبر في ظل حرص الإسلاميين بعدم الإعتصام ورفض المبيت، لتتركها لفصائل أخري من أهالي الشهداء والمصابين القلة القليلة والتي سهلت لبلطجة العسكري في دس الدسائس وفض قوة الثورة لثاني يوم من رسم هذا المخطط.
السبب:
إجهاض الثورة!
المخططون:
فرضت الأمور نفسها مابين أعمال العسكري السافرة وغموض مواقفها الحازمة في رأب الصدع الثوري بصورة أو بأخري.. ومنهم من نسب بكامل الإتهام للأناركيين وعنجهية الفكر الزائف.. وهذا وإن أتضح من بعد ذلك في رفضهم المشروع الإسلامي، فقد تأكد البعض من كونها سبب فكري بحت.
النتائج:
إستقالة عصام شرف من منصبه رئيسا لمجلس الوزراء.. تاركا ورائه العديد من التساؤلات بما أصاب وما أخطأ!
الضحايا:
راح ضحيتها ٥٥ شهيدا وأكثر من ٦٠٠ مصاب.

حادثة مجلس الوزراء..نهاية ديسمبر
جائت تراكميا من فضهم لإعتصامات أهالي الشهداء والمصابين في شارع القصر العيني.. ومن بعد وفاة أحد المعتصمين.
السبب:
إجهاض الثورة وتهويل المشهد الثوري!
المخططون:
فصائل مندسة من الجهات العسكرية والمخابرات الحربية بالتحديد.. وبعض من رواد الأفكار الفوضوية والتي زادت من حدة تلك الواقعة.
النتائج:
فهم الكثير لمفهوم جديد لم يتسني لهم معرفته مسبقا.. وهو العنصر الآخر.. هم قلة وجدت ترهب في النفوس..! ترغب في فعلك لأسوأ الأمور..! تثابر في نقض العهود..! تختلق الحجج في بسط النفوذ..! تشن حملاتها في تخوين الألوف..! تفرض رأيها فيقولوا مالايفعلون.
الضحايا:
أسفر عن إستشهاد ١٤ و٢٠٠ مصاب.

مجزرة ستاد بورسعيد.. 1 فبراير 2012
وهي تلك المجزرة التي شهدتها مدينة الظلام.. وسجلت شهدائها بأسماء من نور! فمن بعد شوطي لمبارة كرة القدم أظهرا فيه ندا قويا بين فريقي قويين، خرج علينا وقتا إضافيا محتواه الرقعة الخضراء كساحة معركة ومؤشره عقرب الساعات يمر في ساعات بطيئة لانعرف ماذا يخبيء لنا.. وعقرب الدقائق جالسا في مكانه ينتظر رحيله في هدوء من فوق جنبات المستطيل الأخضر.. وعقرب الثواني خرج في أقل من ثوينات الثانية يهتك في زهرات المستقبل وينتشل زهورها بكل عنفوان ويصيبها بجروح قطعية تندب لها الجذور فقد قطفت وحمام دم يسيل من نهودها فتسقي الجميع بركانا من الغضب.. حممها (وأعدوا) وسكنها (ألا تخافوا ولاتحزنوا) وفرحها (استبشروا).
السبب:
إشعاع الفوضي والإنفلات الأمني المنظم.. إجهاض الثورة!
المخططون:
فلول وكوادر النظام السابق البائد.
النتائج:
تعاضد الكثير مع بعضهم البعض.. في نفس الوقت عمليات تخريبية عالية النطاق تظهر لأول مرة في حادثة بمثل ذلك، نشتم علي حسها خطورة الموقف إبان تسليم السلطة قريبا.
الضحايا:
راح ضحيتها ٧٥ شهيدا من المشجعين ونحو ١٠٠٠ مصابا.
إذا الأحداث تتوالي.. ومازالت ترمي بظلالها علي أبنائها.. وإن إختلفت المسميات ومواقيت حدوثها؛ إلا أنها تظهر لنا عدة ظواهر بنّاءة نستشف علي إثرها مجموعة حقائق:
-جائت الأحداث كلها معبرة عن ثورة مضادة مناهضة لشرعية الواقع الثوري الذي يتعايشه شتي إئتلافات وقوي الثورة مستمرة، وبتعاضد البعض رسمت الأحداث بكونها مجازر تنخر في عضدنا.. فهي كإختبار آخر العام؛ حينما توضع أمام أول سؤال ليقيس مدي بداهتك في الإجابة، بالرغم كونه سهلا بسيطا، إلا إن السؤال الذي يليه أكثر مضمونا وأشد تأثيرا.. كما هو الحال بشمولية سيندروم الثورة؛ فكل حدث يأتي أشد فتكا من الذي سبقه، لإنه يعلم مدي ترابطنا وحزمنا لمقتضيات الأمور، حتي وإن وجد الإختلاف في رؤي سائد الموقف!
-تبين من نظرنا في تاريخ الأحداث بأن جميعها.. وبشكل مخيف ويحتاج لنا الدراية أكثر في تطبيق ووضع الحلول الصارمة في بسط نفوذها.. وهي أنها جائت لتعبر عن الترحم والتنغم بحياة المخلوع وأذنابه الخارجين عن السيطرة.. فهم كالكلاب التي ضلت طريقها تنهش في لحم الثورة وتمتص من رحيق أبنائها أغلي مايكون.. بنشع الدماء علي شواطيء الأمل.. حتي مادنوا إليها.. إجتثت هي أرواحهم. ولا حول ولاقوة إلا بالله!
-آخذا بالحقيقة الثانية.. فهم كالكلاب التي ضلت طريقها تنهش في لحم الثورة! نجد وبشكل عام.. بأن كل حادثة ترتبط بالثانية، فالأخري ثم التي تليها وبشكل كارتيزي مرسوم لإجهاض الثورة من إستكمال مسيرتها.. حتي لو تباينت الأساليب والعرائس المستخدمة في تزيين الحفل الدموي المخزي للغاية!
-وبفرضية سلطنة الدولة والتي وقع الإختيارعلي الكيان العسكري حاكما مؤقتا في تسيير أعمال البلاد.. فقد وجدنا تسييسا أكثر ماهو تسييرا ولو جزئيا في نقل السلطات لكيان منتخب يعبر عن الشرعية الثورية الحالمة! فقد أوضح الإعلان الدستوري وطبقا للمادة (61) بإستمرارية المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مباشرة إختصاصته المحددة في الإعلان، لحين تولي كل من مجلسي الشعب والشوري لإختصاصاتهما المحددة وحتي إنتخاب رئيس الجمهورية ومباشرة مهام منصبه كل في حينه، إلا إن النتائج قدمت بما لاتشتهي السفن؛ لنستشف الخمس خطايا المضنية لهذا الكيان الذي يدعي وطنيته وإخلاصة في الحفاظ علي الثورة نظيفة...
1. قتلي وجرحي وإنتهاكات للعرض.
2. مطالب ثورية لم تتحق.
3. وعود لم تري النور.
4. فشل إداري ووضع يزداد سوء.
5. محاكمات يشوبها البطء والشك لإركان النظام البائد.

-لنستخلص بتلك الحقيقة الغائب مفهومها للكثيرين، فقد ترسمت الخطط في كون المجلس العسكري الإنتقالي سببا ومسببا في نفس الوقت 
بتلك المجازر التي أخذت في طياتها عبق زهور الحاضر والمستقبل! فهو يلعب علينا لعبة قذرة مفتعلة بمبدأ (العصا والجزرة)، فيعطي (العصا) لمن عصا حتي لو كان من الصبا فتسلم يد بيد لقوات عسكرية أقرب ماتكون سرية تلعب علينا في الخفاء سواء ميري أو ملكي سيان..! أما (الجزرة) فيتملكها صاحب الأمر ومجلسه الموقر المبجل ليتلاعبوا بنا يميناً ويساراً كاليويو تُحير حاملها؛ فهم الـ(19 ذئبا) يخلقون أنصاف الفرص في فرض بعض من بنات أفكارهم البائدة في رسم خطتهم الشنعاء في جعل البلاد تمر تحت لهيب الهولوكوست.. ولتكن الدعوة للإضراب في 11 فبراير المقبل دعوة خائن لصهر المعدن علي المرفق فيثبط حركة سواعدنا طلبا في الهدف المنشود المحتوم لصناعة الأمل في ظل أزمة البلاد الحالية القاحلة.. فلا تنسوا فتتناسوا بأن هؤلاء شرذمة المماليك هم أعوان إبليس.. إبليس الذي يفرض تحكماته من علي نعشه المتحرك وخازني النار جمال وعلاء.. فيحدثنا قائلا: إما أنا أو الفوضي! دمتم في رعايته.
الكاتب والناقد السياسي/ ميمد شعلان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق